غراهام بوتر.. مدرب قاد أوسترسند من الدرجة الرابعة إلى الأولى في 5 سنوات

إنجليزي مثل نموذجًا نادرًا وفعل المستحيل في «مدينة الشتاء والثلوج» السويدية

غراهام بوتر.. من سوليهال إلى مدرجات كاملة العدد ونجاح بين ثلوج السويد («الشرق الأوسط»)
غراهام بوتر.. من سوليهال إلى مدرجات كاملة العدد ونجاح بين ثلوج السويد («الشرق الأوسط»)
TT

غراهام بوتر.. مدرب قاد أوسترسند من الدرجة الرابعة إلى الأولى في 5 سنوات

غراهام بوتر.. من سوليهال إلى مدرجات كاملة العدد ونجاح بين ثلوج السويد («الشرق الأوسط»)
غراهام بوتر.. من سوليهال إلى مدرجات كاملة العدد ونجاح بين ثلوج السويد («الشرق الأوسط»)

من الواضح أن الزوجين الإنجليزيين الرائعين لم يكونا سائحين، ومن ثم، فمن ذا الذي أحضرهما إلى «مدينة الشتاء» السويدية؟ هل كانا مستعدين بالشكل الملائم للعيش في الشمال المتجمد؟ هل استطاعا أن يفهما التحدي الذي يواجههما؟
كان لدى سكان المدينة القلقين كثير من الأسئلة، ولم يكونوا مطمئنين تماما إلى الإجابات. يتذكر غراهام بوتر: «عندما وصلنا، كان الناس ودودين فعلا. كنت أخرج مع زوجتي، وكانوا يتساءلون لماذا جئنا إلى هنا. وعندما أخبرتهم بدوا على الفور قلقين أو حائرين، وقالوا لنا إن مهمتنا (لا طائل منها) أو (مستحيلة)، أو كانوا يقولون: (أنتم مجانين)». كان هناك إجماع طاغ على أنه دخل إلى قضية لا فائدة منها، لكن – بعد 5 سنوات و3 ترقيات – قاد بوتر أوسترسند طوال الطريق من الدرجة الرابعة في الكرة السويدية إلى الظهور للمرة الأولى في تاريخه في دوري الدرجة الأولى «ألسفينسكان». يقول الظهير السابق: «لحسن الحظ كنت ساذجا بما يكفي ومتفائلا لدرجة تمنعني من تصديق ما كنت أسمعه. كنت أشعر دائما بأن شيئا استثنائيا يمكن أن يحدث». أصبح هذا الاعتقاد حقيقة تماما مساء الاثنين، عندما زار فريق صغير من المدينة الشمالية التي يتركز اهتمامها على الرياضة (يبلغ عدد سكانها 45 ألفا وتبعد مسيرة 6 ساعات شمال ستوكهولم) فريق هاماربي في المباراة الافتتاحية للموسم الجديد من الدوري السويدي.
«في البداية كان لدينا عدد من المشجعين يصل لنحو 500»، يقول بوتر الذي نجح في جذب 6500 متفرج بنهاية الموسم وانتقل الآن إلى ملعب جديد يسع 10 آلاف متفرج». ويضيف: «ثقافة كرة القدم لم يكن لها وجود هنا، فهي مدينة الشتاء، وكانت تقدم دائما لاعبين في رياضة التزلج، لكن الأولاد والفتيات الصغار الآن يلتحقون بمدارس كرة القدم، وكما ترى، فإن الأطفال يركضون حولنا وهم يرتدون قمصان النادي. لدي ابن في السادسة من العمر، ومن الرائع أن ترى أصدقاءه يرتدون هذه القمصان».
بوتر أيضا أب لتوأمين عمرهما 9 أشهر، ولا شك في أنهما سيسمعان يوما ما بأهمية مباراة يوم الاثنين الافتتاحية. إنها لحظة تاريخية بالنسبة إلى نادي أوسترسند، وستكون لحظة للفخر من دون شك للمدرب صاحب الـ40 عاما، ابن مدينة سوليهال الإنجليزية، الذي سبق له اللعب في صفوف برمنغهام وستوك وويست بروميتش، ويورك، وماكلسفيلد، ولعب 8 مباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليغ) مع ساوثهامبتون. ونتيجة للملل من كثير من القوالب التدريبية «والأعراف الثقافية» التي حددت معالم حياته بوصفه محترفا، أكمل بوتر دراسته في الجامعة المفتوحة، ليحصل على درجة في العلوم الاجتماعية وهو لا يزال لاعبا. وأدى هذا لشغله عدة مواقع تتعلق بكرة القدم، أولا في جامعة هال؛ حيث حصل على إعارة بصفته مديرا فنيا لفريق غانا للسيدات في كأس العالم 2007 في الصين، ثم جامعة ليدز ميتروبوليتان. في ليدز أتم درجة الماجستير في القيادة والذكاء الشعوري، وهي درجة ساعدته بشكل رائع في معظم المواقع الإدارية التي تولاها.
يقول بوتر: «من دون تلك الخبرات في التعليم العالي، ما كنت لأستطيع القيام بهذا العمل. لقد أكسبني هذا توجها أكثر شمولا، حيث تتعرض معتقداتك الثقافية للاختبار، وفي بعض الأحيان تنقلب رأسا على عقب».
يأتي الطقس بعد ذلك.. يبدأ تدريب أوسترسند استعدادا للموسم في يناير (كانون الثاني)، وقد تعلم بوتر سريعا أنه في حين أن تأثير تيار الخليج قد يخفف من قسوة المناخ في مثل هذه المناطق بالغة الارتفاع، فإن الرياح القطبية التي تهب من بحيرة ستور سجون العملاقة، تظل مهيمنة. يقول: «عندما تصل درجة الحرارة إلى 25 درجة تحت الصفر، يكون الطقس رائعا، وتلاحظ ذلك. لكن في معظم الوقت يكون الطقس مختلفا وأرق وأكثر برودة وجفافا من إنجلترا».
ومع هذا، فالأحوال الجوية تمثل تحديا كبيرا لفريق بوتر الذي يضم مجموعة منتقاة من اللاعبين من غانا ونيجيريا وجزر القمر وكوريا الجنوبية والمكسيك والولايات المتحدة والبوسنة وإسبانيا وإنجلترا. يقول بوتر: «كان لدي لاعبان قادمان من غانا. عندما ركبا على متن الطائرة في أكرا كانت درجة الحرارة تتجاوز الـ30 درجة مئوية، وعندما وصلا إلى هنا كانت درجة الحرارة 30 درجة أيضا.. ولكن تحت الصفر».
من أحدث الوجوه المنضمة إلى الفريق جمال بلاكمان، وهو حارس مرمى شاب موهوب، قدم على سبيل الإعارة من تشيلسي، وهو ينضم إلى مواطنه جيمي هوبكت، وهو متدرب سابق في صفوف يورك ساعد إبداعه وأهدافه في دفع مسيرة أوسترسند للترقي. وقد كانت هناك خطة لأن يضم النادي كثيرا من اللاعبين الشباب من شمال أفريقيا، مع تعهد من الحكومة الليبية في وقت من الأوقات بضخ 47 مليون جنيه إسترليني لتحويل مركز طليعي إلى أكاديمية للناشئين. وعندما دخلت ليبيا في حالة من الفوضى، لم يفاجأ بوتر بعدم وصول أي من هذه الأموال من ليبيا. يقول: «ما لم تحصل عليه مطلقا، لا تفتقده أبدا». من دون هذه الأموال، خلق بوتر مشهدا ثقافيا مبهرا، لم يضمن فقط أن يتحول أوسترسند إلى جزء أصيل من المجتمع المحلي، وإنما ساعد اللاعبين على تجنب الاستسلام للملل والعزلة.
وحتى الآن، تعاون فريق بوتر في تأليف كتب، وإقامة معرض فني، والتمثيل في مسرحيات والرقص، وفي ما يمكن أن يكون واحدا من أكثر مشاريعه طموحا حتى اليوم، فقد شاركوا في تقديم نسخة من «بحيرة البجع». يقول: «لست متأكدا كيف كان سيكون مصير أفكارنا في إنجلترا. لكننا نحاول أن نطور الأفراد بصفتهم بشرا مستنيري العقول وليس مجرد لاعبي كرة. ويعد تثقيف اللاعبين وجعلهم جزءا من المجتمع شيئا في غاية الأهمية. أود أن يخرج الناس من منطقتهم المعتادة وأن أعلمهم الاعتماد على زملائهم في الفريق».
وبالنظر إلى تحول سياسة السويد تجاه الهجرة وأزمة اللاجئين، إلى موضوعات ساخنة في أوسترسند – حيث حمل البعض الأجانب مسؤولية موجة من الاعتداءات على سيدات البلدة مؤخرا – يساهم النادي في بناء الجسور عبر إشراك اللاجئين في أنشطة المجتمع. ومن مكانه مديرا فنيا خارج خطوط الملعب، فإن تصميم بوتر على عدم التفكير بأحادية يعني أن يتحول فريقه بسلاسة بين طريقة «3 - 5 - 2» وهي طريقة نادرة في بلد ما زالت «4 - 4 - 2» هي الطريقة السائدة فيه، واللعب بـ4 مدافعين. وحتى الآن أثبتت هذه المعادلة نجاحا، لكن بوتر الذي يمثل نموذجا نادرا للمدرب الإنجليزي الناجح في الخارج، يعترف بأن الموسم الجديد يمثل تحديا كبيرا.
يقول: «ربما كانت مرونتنا وتكيفنا مع اللعب بـ3 مدافعين في الخلف مفتاح نجاحنا. وعلينا أن نواصل ترجمة الكرة الإيجابية والهجومية إلى نتائج. سيكون هذا صعبا، لكن هذه فترة تاريخية للنادي، ورائع أن نكون جزءا منها».



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».