«أسبوع الفن الإسلامي» بلندن في عامه الأربعين

تاريخ السلاطين والمحاربين عبر القطع الأثرية .. «سوذبي» تقدم في مزادها أكثر من 200 قطعة مغلفة بطابع عثماني قوي

18
18
TT

«أسبوع الفن الإسلامي» بلندن في عامه الأربعين

18
18

يبدأ في لندن خلال أسبوعين موسم مزادات الفن الإسلامي أو ما يُعرف بـ«أسبوع الفن الإسلامي»، وبالنسبة لدار «سوذبي» فالمناسبة تكتسب أهمية زائدة، فالدار ستحتفل بمرور أربعين عامًا على إطلاق أسبوع الفن الإسلامي، حيث افتتحته الملكة إليزابيث الثانية في «سوذبي»، أبريل (نيسان) عام 1976. ولكن تاريخ بيع المقتنيات الإسلامية في «سوذبي» يمتد لأبعد من ذلك التاريخ، حيث باعت الدار مجموعة من المصاحف والمخطوطات الإسلامية للمرة الأولى في عام 1755 ضمن مزادها للكتب والمخطوطات الغربية والشرقية.
وعلى خلفية تاريخية مليئة بالإبداع والجمال والقطع الإسلامية التاريخية تقيم «سوذبي» موسمها للفن الإسلامي خلال هذا الشهر (19 إلى 21 أبريل) ويضم مزاد فنون العالم الإسلامي ومزاد الفن الاستشراقي ومزاد الكتب الذي يقدم مكتبة المعماري العراقي محمد مكية وزوجته مارغريت. وخلال جولة مع بنيديكت كارتر مدير قسم الفن الإسلامي بالدار استعرضت «الشرق الأوسط» عددًا من أجمل القطع النادرة التي يتضمنها المزاد المقبل. وبالتجول ما بين الأرفف والأسطح التي شغلتها القطع المختلفة داخل مكاتب المختصين في قسم الفن الإسلامي، تتألق القطع وتتنافس لجذب العين، ولكني ألجأ لعين وخبرة كارتر لمعرفة المزيد.
يبدأ كارتر بالإشارة إلى مجموعة ضخمة ونادرة من قطع الشطرنج التي تعود للعالم العربي وإيران كانت ملكًا للاعب وحكم الشطرنج الألماني لوثر شميدت الذي حمل عشقًا خاصًا للعبة ولاقتناء قطع الشطرنج التاريخية القيمة. يشير كارتر إلى أن مجموعة شميدت تضم قطعًا: «لم تظهر في أسواق التحف من قبل»، ويضيف أن اللاعب العالمي اقتنى في مكتبته 50 ألف كتاب عن الشطرنج وقطع اللعب من العالم الإسلامي. وتضم مجموعة شميدت قطعتين من البلور الصخري تعودان لمصر في العصر الفاطمي (القرن الحادي عشر) وتقدر الدار قيمة تقديرية لهما ما بين 8 آلاف إلى 30 ألف جنيه إسترليني. أما القطع الأخرى في المجموعة بعضها مصنوع من الحجر تعود لوسط آسيا وبلاد فارس.
ويشير كارتر لباب خشبي من مقتنيات أوكتاف بوريللي بيه وهو محام وصحافي كان مقربا من الخديو في مصر ومن الدوائر الفرنسية هناك في نهاية القرن الثامن عشر. يظهر بوريللي باللباس العربي من خلال صورة أرشيفية ضمها «كاتالوغ» المزاد، ويشير كارتر إلى أنه كان مولعًا بالحضارة المصرية. نعرف أنه قام بشراء بابين ضخمين من العصر المملوكي (القرن الرابع عشر) واستخدمهما في بيته، بعد أن وضع لهما إطارات خشبية صُنعت في فرنسا. نرى من خلال الصور تفاصيل الحفر على الخشب المضفر بالعاج والخط العربي الذي زين أعلى الباب. ومن المجموعة نفسها يعرض لنا كارتر إناء لحمل الماء مصنوعًا من خزف إزنيك من اللون الأزرق صُنع في تركيا في القرن السادس عشر، تجمله أغطية من الفضة أضيفت للقطعة في عام 1930. القطعة نادرة جدًا كما نعرف وتستمد شكلها من حافظات للماء استُخدمت في الدولة العثمانية، وتميزت بالنقوش البدوية واستخدام الجلد.
نمضي إلى جانب آخر مهم في كل المزادات الإسلامية، وهو قسم الأسلحة والعتاد، فيُعرض أمامنا سيف يعود لمحارب في الحروب الصليبية صنع خلال العهد المملوكي نهاية القرن الرابع عشر. يتميز السيف بالنقوش المختلفة على نصله، من بينها حفر على شكل حصان إلى جانب ختم الترسانة والكتابة التي تدل على أنه صنع بأمر من «سيدنا ملك القواد سيف الدين أريستاي»، وهو حاكم الإسكندرية في الفترة ما بين 1400 - 1401م، وتم إهداء السيف للترسانة في الإسكندرية في عهده. من قسم الأسلحة هناك عدد من الخناجر، منها خنجر يعود للعصر المغولي في الهند بمقبض من اليشم يحمل نقشًا على هيئة عنقود من العنب. وآخر يعود أيضًا لفترة المغول في القرن السابع عشر بمقبض من العاج شكل على هيئة رأس حصان.
في ركن آخر، يشير كارتر إلى صندوق خطاط من العهد العثماني مصنوع من عظام السلحفاة والصدف والعاج والنحاس. يتميز بالنقوش على هيئة أقواس بداخلها شجرة مثمرة، يشير كارتر إلى أن هذا الطابع من النقش كان مميزًا للقطع المصنوعة في القرن السادس عشر. القطعة كانت مهداة لأحد السفراء الأجانب في تركيا من السلطان عبد المجيد في القرن التاسع عشر وظل بحوزة عائلته. يسترعي انتباهي صندوق خشبي آخر بديع التفاصيل وبالاقتراب منه يمكننا رؤية رسوم لأشخاص وأشجار وحيوانات كلها من العاج الأبيض والملون. الصندوق من مجموعة صنعت في الهند أو البرتغال وتحمل النقوش أشخاصًا يرتدون الملابس الأوروبية وهم من البرتغال حسبما يؤكد كارتر. وقد يتميز الصندوق أكثر بتنوع النقوش والرسومات التي تضم كائنات أسطورية مجنحة تحمل بين مخالبها أفيال صغيرة.
من الهند تبرز قطعة ثمينة من الجواهر تستخدم كحلية على عمامة السلطان، وتمثل نموذجًا استثنائيًا على تصميم واستخدام الجواهر في العهد العثماني خلال القرن الـ18. الحلية مرصعة بقطع الماس والزبرجد والياقوت مزينة بريش من ذيل الطاووس. ولا تنتهي الجولة بين محتويات المزاد بعد، فهناك إبريق من الفضة على عمادات ملتفة حول بعضها كالحبال ويحمل الإبريق نقوشًا دقيقة لأزهار وأوراق شجر، وبينها ختم السلطان عبد الحميد الثاني، وإلى جانبها دائرة تحمل اسم عباس حلمي باشا والتاج المصري. القطعة حسب تاريخها المكتوب مهداة من السلطان العثماني لعباس حلمي باشا آخر خديو لمصر والسودان. الإبريق معد للاستخدام لتبريد المشروبات عبر أسطوانة داخله تملأ بقطع الثلج.
ومن المخطوطات التي يزخر بها المزاد هناك واحدة من ضم موسوعة للعلوم الطبية بتوقيع محمد بن الحسين أبي القاسم من بلاد ما وراء النهر ومهداة للسلطان «غياث الدنيا والدين». المخطوطة تدور حول استخدامات الأدوية وتكويناتها.
رغم أن الجولة لم تشمل جميع القطع في المزاد، فبعضها كان ضخمًا جدا مثل الأبواب المملوكية وبعضها الآخر كان خارج البلاد، فإن النماذج التي اطلعت عليها كان بها من الجمال والتاريخ ما يدهش ويرسم فصولاً من تاريخ مضى بسلاطينه ومحاربيه وبشواته.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.