السعودية من استيراد السلاح إلى التصنيع الحربي

تستهدف في عام 2020 تحقيق الاكتفاء الذاتي من قطع الغيار الحربية

السعودية من استيراد السلاح إلى التصنيع الحربي
TT

السعودية من استيراد السلاح إلى التصنيع الحربي

السعودية من استيراد السلاح إلى التصنيع الحربي

تسعى الدول لتحقيق أمنها الوطني بشتى السبل والوسائل المتاحة، لتأمين كيان الدولة والمجتمع، وأولى درجات تحقيق الأمن الوطني الاعتماد على قواها وقدراتها الذاتية فقط، لتحقق أعلى درجات الاستقلال، لذلك سعت السعودية مبكرًا للاعتماد على نفسها بما لديها من القدرة البشرية والبنية التحتية لإنشاء مصانع حربية لأسلحة ثقيلة وقطع الغيار العسكرية، وتوقيع اتفاقيات وتحالفات، بهدف تصنيع وإنتاج وتطوير طائرات، ويعزز ذلك الخبرة الطويلة، وتوافر المال والعنصر البشري والعلاقات التي تربطها بالدول الصانعة.
أصدر الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن أمرًا بإنشاء المصانع الحربية عام 1949م. وقد جرى في الثامن من سبتمبر (أيلول) 1950م توقيع اتفاقيتين تنصان على التفاصيل الخاصة بتزويد المصانع بالأجهزة والمُعدات والآلات اللازمة للعمل، وكان الهدف من إنشاء ذلك الصرح الصناعي المهم تحقيق الاكتفاء الذاتي للقوات المُسلحة السعودية والقطاعات العسكرية الأخرى، وتأمين حصولها على الذخائر والأسلحة والاحتياجات العسكرية الضرورية، بالإضافة إلى دعم وتشجيع المساعي الرامية لتوظيف الأيادي العاملة الوطنية السعودية، مع تَبنّي أحدث التقنيات والنظم الصناعية المُتاحة.
وفي عام 1951هـ تم وضع حجر الأساس لإنشاء مصنع الأسلحة، تم افتتاحه على يد الملك سعود بن عبد العزيز في عام 1954هـ، وقد شهدت تلك الفترة بذل جهودٍ حثيثة من أجل اكتساب الخبرات والتقنيات اللازمة من جهة، ولتدريب منسوبي المصانع التدريب الأمثل لضمان نجاح سير عمليات الإنتاج من جهة أخرى. وتوالى بعد ذلك افتتاح مصانع ومرافق أخرى ودخول منتجات جديدة في خطوط الإنتاج من الذخائر والأسلحة والقنابل.
ولدفع مسيرة التصنيع الحربي أصدرت الحكومة السعودية قرارا بتحويل المصانع الحربية إلى مؤسسة عامة للصناعات الحربية عام 1986م، وكانت من أهم الأسس الاستراتيجية للمؤسسة للتعاون مع القطاع الخاص المحلي والخارجي خصوصا في مجال التصنيع المشترك، ويتكون هيكل الإنتاج الحربي السعودي من مؤسستين أساسيتين، هما: الهيئة العامة للصناعات الحربية، ومؤسسة الصناعات العسكرية.
فقد تأسست الهيئة العامة للتصنيع الحربي في عام 1982. وتضم خمسة مصانع للأسلحة والمعدات الحربية (ترسانة الخرج)، وتقوم بإنتاج الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وذخائرها، وكذلك ذخائر المدفعية، ولديها مصنع لتجميع الدبابة (ليوبارد - 2) بالتعاون مع ألمانيا، ومصنع لتجميع قطع غيار وهياكل الطائرات، بالتعاون مع شركة «بوينغ» الأميركية، ومصنع لإنتاج أجهزة الاتصالات.
أما مؤسسة الصناعات العسكرية فقد تأسست في عام 1985م، وتتبع لها الشركات الخاصة التي تعمل في مجال الإنتاج الحربي، مثل إنتاج الشاحنات، وعربات القتال المدرعة، وأجهزة اللاسلكي العسكرية.
ويعد برنامج درع السلام من أهم البرامج التي تتيح القيادة والتحكم والاتصالات ونظام الإنذار المبكر، الذي تم إنجازه في عام 1996م. وبتكلفة 5.6 مليارات دولار، ويتضمن 164 موقعًا داخل المملكة. يغطي نظام درع السلام كامل السعودية، إضافة إلى مملكة البحرين، ومن المتوقع أن يشهد توسعة مستقبلية ليشمل جميع دول مجلس التعاون الخليجي.
وفي عام 2011 تم الإعلان عن خطط لإنشاء ستة عشر مفاعلاً للطاقة النووية على مدى العشرين عامًا المقبلة بتكلفة تبلغ أكثر من ثمانين مليار دولار.
وقاد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، برئاسة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودية إلى صناعة الطائرات، وذلك بإعلان الرياض عن تحالف عالي المستوى لإحدى الشركات العائدة للمجلس مع شركة أوكرانية، يهدف إلى تصنيع وإنتاج وتطوير طائرات. وبموجب هذا التحالف ستقوم «مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية»، وشركة «أنتونوف» بتطوير وتحسين أداء الطراز الحالي لطائرة «أنتونوف» (AN – 32) إلى طائرة حديثة مزودة بأحدث المحركات والإلكترونيات، وقادرة على المنافسة مع مثيلاتها بالاستخدام من حيث معدل استهلاك الوقود وقدرة الإقلاع والهبوط بمختلف البيئات، وستملك السعودية جميع حقوق ملكية التصاميم الهندسية والفكرية لهذه الطائرة التي سيطلق على الطراز الجديد منها اسم (AN - 132)، وسيتم اختبارها في سماء المملكة خلال عام ونصف العام.
واستطاعت السعودية أن تصنّع وتوفر نحو 80 في المائة من متطلبات القوات المسلحة المشاركة في «عاصفة الحزم» بأيدٍ وطنية خالصة، في أكبر شراكة بين المؤسسة العسكرية والقطاع الخاص، تستهدف تحقيق الاكتفاء في منتجات التصنيع الحربي، وفتح المجال للقطاع الخاص للاستثمار في القطاع.
وشهدت العاصمة السعودية الرياض، في 21 - 2 - 2016م، انطلاق أكبر مظاهرة صناعية بمنطقة الشرق الأوسط، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في إطار التوجه نحو الاكتفاء من التصنيع الحربي وتنويع الاقتصاد وتعظيم الصادرات الوطنية. وافتتحت وزارة الدفاع معرض القوات المسلحة لدعم توطين صناعة قطع الغيار (أفِد) في دورته الثالثة، الذي يتيح أكثر من أربعين ألف فرصة استثمارية جديدة في هذا المجال، وأكثر من ألف و300 فرصة استثمارية من الأصناف المساندة المتخصصة في القطاع الطبي.
ويهدف المعرض إلى تلبية متطلبات القوات المسلحة، والمحافظة على الجاهزية من خلال إيجاد علاقة استراتيجية مع القطاع الخاص، طويلة المدى، في مجال توطين الصناعة والاستفادة من القدرات والإمكانات المحلية، وتعزيز التواصل بين وزارة الدفاع والشركات الكبرى والمصانع الوطنية، في تحقيق هذا التوطين ودعم الصناعة الوطنية، وتطوير الإنتاج بما يتوافق مع المعايير العالمية.
وفي 27 مارس (آذار) من العام الحالي، افتتح الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي، ورئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما في محافظة الخرج (70 كيلومترا شمال غربي الرياض) الأحد الماضي مصنعا لإنتاج القذائف بالمؤسسة العامة للصناعات العسكرية، الذي ينتج كثيرا من القذائف، بالإضافة إلى الطائرات من دون طيار، ويشمل المجمع تسعة مبان صناعية خصص كل مبنى لعملية إنتاجية محددة مثل التجهيز والتعبئة والتجميع والتغليف والمعالجات الحرارية، والمجمع الصناعي الثاني ينتج القذائف العسكرية بدءا من القذائف ذات العيار المتوسط مثل قنابل الهاون عيار «60 ملم، و81 ملم، و120 ملم»، ومرورا بقذائف المدفعية عيار «105 ملم، و155 ملم» وحتى القذائف الثقيلة مثل قنابل الطائرات التي تتراوح أوزانها من 500 رطل حتى ألفي رطل.
وتتجه السعودية نحو تنفيذ استراتيجية بعيدة المدى للأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، التي تستهدف أن تقترب في عام 2020 من تحقيق الاكتفاء الذاتي من قطع الغيار الحربية.
وأكد خبراء عسكريون واقتصاديون سعوديون أن السعودية لديها القدرة البشرية والبنية التحتية لإنشاء مصانع حربية لأسلحة ثقيلة وقطع الغيار العسكرية، ويعزز ذلك الخبرة الطويلة وتوافر المال والعنصر البشري والعلاقات التي تربطها بالدول الصانعة. وقالوا إن السعودية تعد الصناعة العسكرية هدفا استراتيجيا لها لحماية أمنها الوطني.



العرب يعقدون «الوزاري السيبراني» الأول… والرياض مقراً للمجلس

صورة تذكارية لوزراء الأمن السيبراني العرب خلال اجتماعهم الأول في العاصمة السعودية الرياض (وام)
صورة تذكارية لوزراء الأمن السيبراني العرب خلال اجتماعهم الأول في العاصمة السعودية الرياض (وام)
TT

العرب يعقدون «الوزاري السيبراني» الأول… والرياض مقراً للمجلس

صورة تذكارية لوزراء الأمن السيبراني العرب خلال اجتماعهم الأول في العاصمة السعودية الرياض (وام)
صورة تذكارية لوزراء الأمن السيبراني العرب خلال اجتماعهم الأول في العاصمة السعودية الرياض (وام)

احتضنت العاصمة السعودية الرياض، الاثنين، الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني، وذلك بحضور المسؤولين المعنيين بمجال الأمن السيبراني في الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.

وشهد الاجتماع توقيع «اتفاقية المقر» وبموجبه تكون الرياض مقراً دائماً لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، وشدّد ‏المهندس ماجد المزيد، محافظ «هيئة الأمن السيبراني» السعودية، على أن ترحيب القادة بإنشاء مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، يأتي تأكيداً لأهمية الأمن السيبراني في صناعة التنمية والرخاء والاستقرار، فضلاً عن كونه ركناً أصيلاً في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليّين، مشيراً إلى حرص القادة العرب على أهمية تعزيز التعاون العربي المشترك في هذا القطاع.

وافتتح أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أعمال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، وثمّن جهود السعودية «التي بادرت بإنشاء هذا المجلس المهم»، وأضاف: «في هذا الوقت بالتحديد الذي يشهد العالم فيه تحديات وتهديدات مربكة في مجال المعلوماتية والأمن السيبراني، مما يجعل العمل العربي الجماعي الوسيلة المثلى لبناء نظام متين نقف فيه كعرب معاً في هذه الجبهة الخطيرة».

وأشاد المتحدث باسم الأمين العام، بـ«جهود السعودية ومبادرتها الرائدة لإنشاء هذا المجلس المهم»، معرباً عن تطلّعه إلى أن يمثل المجلس الجديد «إضافةً نوعية لمنظومة العمل العربي المشترك، بما يعكس سعي الدول العربية في مواكبة ما يشهده قطاع التكنولوجيا من تحولات وتطورات متسارعة في السنوات الأخيرة».

وأوضح جمال رشدي، المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن السنوات الأخيرة شهدت اهتماماً وتركيزاً من الجامعة العربية وأجهزتها ومجالسها المتخصصة على بعض الملفات المرتبطة بتطورات ومتطلبات العصر الحديث، مثل قضايا التغير المناخي والاقتصاد الرقمي والأمن السيبراني، وتابع «هذا الاهتمام والجهد الذي بُذل، نتج عنه كثير من الأفكار والمقررات التي جرى تبنيها واعتمادها على مستوى القادة في أكثر من مناسبة».

ورأى رشدي أن ذلك «يُساعد المجلس الجديد على الاستفادة من مخزون الخبرات العربية المتراكمة في هذا المجال»، بالإضافة إلى البناء على الأفكار والمقررات الصادرة عن الأجهزة والمجالس المتخصصة، لتأسيس إطار عربي موحد لمكافحة الجرائم الإلكترونية وحماية الفضاء السيبراني العربي. على حد وصفه.

من جانبه نوّه المهندس عبد الرحمن آل حسن، نائب محافظ الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في السعودية، بالتفاعل الكبير من الدول العربية للمشاركة في أعمال المجلس، وتوقيع اتفاقية المقر مع جامعة الدول العربية، مشيراً إلى عزم بلاده على مواصلة هذه الجهود بما يحقق النمو والازدهار للمنطقة العربية.

وشهد الاجتماع، توقيع «اتفاقية المقر» بين السعودية وجامعة الدول العربية، لتكون العاصمة السعودية الرياض مقراً لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، كما ناقش الاجتماع ضمن جدول أعماله عدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بين الدول العربية، على غرار إعداد الاستراتيجية العربية للأمن السيبراني، وإقامة التمارين السيبرانية المشتركة، ومجموعة من أوراق العمل المقدمة من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، بهدف تعزيز التعاون في مجال الأمن السيبراني على المستوى العربي.

كان قادة الدول العربية قد اعتمدوا النظام الأساسي لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الـ33، الذي انعقد في العاصمة البحرينية المنامة، في مايو (أيار) الماضي، ورحب مجلس الجامعة بمبادرة السعودية بإنشاء مجلس وزاري يختص بشؤون الأمن السيبراني، وتضمّن النظام الأساسي للمجلس أن يعمل تحت مظلة مجلس الجامعة، ويتخذ من مدينة الرياض في السعودية مقراً دائماً له، ويكون للمجلس أمانة عامة ومكتب تنفيذي في دولة المقر.