لبنان: تحذيرات لبنانية من توطين اللاجئين.. وسلام يرفض البحث في الموضوع

وزير الخارجية يعتبر النزوح رافدًا للإرهاب.. والراعي: غياب رئيس للبلاد جعل بلادنا سائبة

طفلة لاجئة تجلس خارج خيمتها في مخيم للاجئين السوريين في منطقة البقاع (رويترز)
طفلة لاجئة تجلس خارج خيمتها في مخيم للاجئين السوريين في منطقة البقاع (رويترز)
TT

لبنان: تحذيرات لبنانية من توطين اللاجئين.. وسلام يرفض البحث في الموضوع

طفلة لاجئة تجلس خارج خيمتها في مخيم للاجئين السوريين في منطقة البقاع (رويترز)
طفلة لاجئة تجلس خارج خيمتها في مخيم للاجئين السوريين في منطقة البقاع (رويترز)

لا يزال هاجس توطين اللاجئين يقلق قسما من اللبنانيين رغم تأكيدات جهات رسمية عدة أن هذا الأمر غير قابل للنقاش وعلى رأسهم رئيس الحكومة تمام سلام، الذي رفض البحث في هذا الموضوع مع أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون في زيارته الأسبوع الماضي إلى لبنان وفق ما أكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«الشرق الأوسط». إذ وبعدما اتهم وزير الخارجية جبران باسيل بعض المسؤولين بالتواطؤ في هذه القضية، معتبرا أن اللبنانيين باتوا يتكلمون عن الموضوع كأنه أمر طبيعي، واصفا النزوح بأنه رافد أساسي لتغذية الإرهاب، أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي أن غياب رئيس للجمهورية يجعل من لبنان أرضا سائبة، سهلة لتوطين النازحين واللاجئين، وقال في عظة عيد الفصح يوم أمس: يرفض «لبنان الرسمي» أن تكون عودتهم «طوعية».
وفي هذا الإطار، أكد مصدر وزاري شارك في لقاءات أمين عام الأمم المتحدة في بيروت، لـ«الشرق الأوسط» أن «مسألة توطين السوريين لم تطرح من قبل المسؤول الدولي، كما أن الحكومة اللبنانية ليست بوارد مناقشة أي طرح من هذا القبيل مع أي جهة إقليمية أو دولية».
وهو ما أكّد عليه أيضا وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «هذا الموضوع لم يطرح في اللقاءات التي جمعت بان كي مون مع رئيس الحكومة تمام سلام والوزراء بحضور أيضا وزير التربية إلياس بوصعب، الذي هو ضمن فريق باسيل السياسي»، موضحا «بل على العكس تعمّد سلام استباق أي إمكانية لطرح الموضوع بتأكيده رفض لبنان مبدأ التوطين وتأكيده الحرص على عودة اللاجئين إلى بلدهم». وأكّد «هناك إجماع وتوافق من قبل كل الأفرقاء السياسيين على رفض البحث بهذا الموضوع». ووصف درباس كلام باسيل بـ«الفوضى السياسية» التي يحاول البعض افتعالها، مضيفا: «لا أعلم سبب هذه الهجمة التي تأتي في وقت نشهد فيه محاولات إيجابية لحلّ الأزمة السورية».
من جهته، قال المصدر الوزاري «يبدو أن هجوم باسيل هو بسبب رفض بان كي مون زيارته في وزارة الخارجية»، مؤكدا أن «مساعدة النازحين السوريين ماديا لا علاقة لها بمزاعم التوطين التي يثيرها بعض الأطراف في لبنان من قبيل التشويش وإثارة الغبار السياسي». وشدد على أن «لبنان الذي رفض توطين الفلسطينيين هو حتمًا ضد أي بحث يتناول توطين النازحين السوريين». وقال: «لا أحد يستطيع فرض شروط على لبنان، وإذا كان رئيس الحكومة تمام سلام يطالب بدعم مالي ليخفف عن خزينة الدولة جزءًا من أعباء النازحين، فإن هدفه من ذلك أيضًا حماية الاقتصاد وبقاء لبنان صامدًا إلى حين بلورة الحل في سوريا، مع التأكيد على أن لا يكون أي حل على حساب لبنان».
وكان باسيل قال: «التلكؤ بعودة النازحين هو تواطؤ» والسكوت عن هذا الموضوع جريمة، مطالبا باتخاذ إجراءات سيادية لمنعه». واتهم بعض المسؤولين بـالصمت عن عدم عودة النازحين لأسباب داخلية مذهبية وفئوية وحتى لأسباب على علاقة بالانتخابات السورية.
وأضاف: «لا يمكن فكّ ارتباط الإرهاب بالنزوح، فالأخير يخلق الفوضى والبؤس، مما يؤدي إلى تغذية الإرهاب بأشكال عدة». واعتبر باسيل أن زيارة بان كي مون مع كل ما رافقها من أخطاء هي تفصيل من ضمن المقاربة الدولية لموضوع النازحين السوريين، واستنكر الوعود بالمساعدات وسأل «أين المساعدات التي وعد بها لبنان لتخطي المشاكل الناجمة عن النزوح ومساعدة السوريين؟ لقد قررت المنظمات المانحة استبدال المساعدات بإعطائنا قروضًا من البنك الدولي. هل هكذا تكون المساعدة؟».
وكشف وزير الخارجية أنّ إحدى الشركات أرسلت برقية إلى وزارة الخارجية تريد فيها أن تسأل عن إمكانية بدء تسيير رحلات لنقل نازحين من أراضيها إلى لبنان».
وجاء كلام باسيل بعد زيارة أمين عام الأمم المتحدة إلى لبنان حيث التقى عددا من المسؤولين وبحث معهم قضية اللاجئين والأزمة الرئاسية. وقد عمد باسيل الذي كان يفترض أن يكون في استقباله إلى إرسال ممثل عنه بسبب «حالة وفاة في العائلة».
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أكد أن المجتمع الدولي سيدعم اللاجئين السوريين الذين يستضيفهم لبنان مؤقتا، حتى يتمكنوا من العودة إلى بلادهم بسلام.
وقال في مؤتمر صحافي عقده ورئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم ورئيس البنك الإسلامي للتنمية أحمد محمد علي المدني، في بيروت: «لبنان يستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم بالنسبة إلى الفرد الواحد».
ولفت إلى أن الشراكة بين لبنان والأمم المتحدة والبنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية، أتاحت «تصميم مرفق ابتكاري للتمويل بشروط ميسرة لفائدة لبنان بحيث سيكون في مقدور الحكومة بفضل هذا المرفق أن تستثمر في المجالات ذات الأولوية التي ستوفر المعونة للمحتاجين وتحقق الاستقرار للبلد».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.