عملية تحرير الموصل على بعد 7 كيلومترات من الضفة الشرقية لدجلة

مصادر عسكرية: نواجه صعوبات في إجلاء المدنيين

جنود عراقيون يطلقون صاروخا صوب مواقع تنظيم داعش في مخمور جنوب الموصل أمس (رويترز)
جنود عراقيون يطلقون صاروخا صوب مواقع تنظيم داعش في مخمور جنوب الموصل أمس (رويترز)
TT

عملية تحرير الموصل على بعد 7 كيلومترات من الضفة الشرقية لدجلة

جنود عراقيون يطلقون صاروخا صوب مواقع تنظيم داعش في مخمور جنوب الموصل أمس (رويترز)
جنود عراقيون يطلقون صاروخا صوب مواقع تنظيم داعش في مخمور جنوب الموصل أمس (رويترز)

رغم شن تنظيم داعش هجمات مضادة لإيقاف تقدم القوات العراقية باتجاه الجانب الأيسر من ناحية القيارة جنوب مدينة الموصل، فإن قوات الجيش العراقي ومقاتلي الحشد العشائري من أبناء محافظة نينوى وبإسناد من قوات البيشمركة وطيران التحالف الدولي، تمكنت أمس من صد هجمات التنظيم، والتقدم باتجاه إكمال المرحلة الأولى من عمليات تحرير محافظة نينوى المتمثلة في تحرير كل الأراضي الواقعة على ضفة نهر دجلة، بينما فُتحت ممرات لتأمين عملية إجلاء سكان القرى التي تدور فيها المعارك.
وقال آمر كتيبة المدفعية التابعة لـ«الفرقة 15» من الجيش العراقي، العقيد لطيف طه الموسوي، لـ«الشرق الأوسط»: «نواصل تقدمنا باتجاه تحرير مناطق جنوب الموصل. الهدف المحدد لنا في المرحلة الأولى هو الوصول إلى ضفة نهر دجلة، ونحن الآن نبعد عن ضفة النهر (الشرقية) نحو 7 كيلومترات، وتمكنا خلال اليومين الماضيين من تحرير مناطق واسعة»، مضيفا أن «تنظيم داعش منهار تماما، والقوات العراقية تواصل تطهير المناطق منه ومطاردته».
بدوره، قال رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة نينوى، محمد إبراهيم، لـ«الشرق الأوسط» إن المعارك ما زلت مستمرة بين القوات العراقية التي تساندها قوات البيشمركة وطيران التحالف الدولي، وإن تنظيم داعش في الجانب الأيسر من ناحية القيارة، وإن مسلحي التنظيم شنوا عدة هجمات عن طريق استخدام السيارات المفخخة لاستعادة عدد من القرى التي حررتها القوات الأمنية، أول من أمس، إلا أنهم فشلوا ولم يتمكنوا من إحراز أي تقدم.. «قوات الجيش والحشد العشائري تمتلك الآن زمام المبادرة، وهي في تقدم مستمر، وعمليات التحرير تتواصل تدريجيا». وأضاف محمد أن تنظيم داعش «فخخ كل المنازل والأبنية والطرق في القرى المحررة، وهذا ألقى على عاتق القوات المحررة مسؤولية إنقاذ الأهالي، وهناك صعوبة لإنقاذهم في ظل تواصل المعارك، وبالتالي بعد عملية تطهير هذه المناطق، قد تبدأ عملية أخرى لتحرير ما تبقى من القرى وصولا إلى ضفة نهر دجلة».
وعن كيفية إجلاء السكان المدنيين من المناطق التي تدور فيها المعارك، أوضح محمد قائلا: «هناك عدة ممرات آمنة إلى حد ما لإجلاء المدنيين، وحتى الآن أُجليت نحو 70 عائلة وأسكنت في مخيمات خاصة للنازحين في قضاء مخمور (جنوب شرقي الموصل)».
في غضون ذلك، ذكر مسؤول كردي أمس أن تنظيم داعش بدأ حملة اعتقالات واسعة في صفوف الموصليين للزج بهم في جبهات القتال واستخدامهم دروعا بشرية لصد الهجمات في جنوب المدينة. وقال مسؤول إعلام الفرع الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل، سعيد مموزيني، إن التنظيم اعتقل أمس «أكثر من 220 مواطنا موصليا، بينما أعدم 14 مواطنا آخر رميا بالرصاص وسط الموصل، كما استعاد التنظيم جثث أكثر من 54 من مسلحيه الذين قتلوا في المعارك جنوب المدينة، وغالبيتهم من المسلحين العراقيين». وأكد أن التنظيم «فقد قوة المواجهات المباشرة، لذا هو الآن يستخدم التفخيخ والهجمات الانتحارية والسيارات المفخخة لصد الهجمات، وكذلك يستخدم المدنيين دروعا بشرية».
وكان الجيش العراقي أعلن أول من أمس أن هذا التقدم هو الخطوة الأولى في عملية أطلق عليها «فتح» تهدف لتحرير محافظة نينوى بالكامل. وحسب وكالة «رويترز»، فإن مسؤولين عراقيين يقولون إنهم سيستعيدون الموصل هذا العام، لكن كثيرين في أحاديث خاصة يتساءلون عما إذا كان الجيش الذي انهار جزئيا حين اجتاح تنظيم داعش ثلث البلاد في 2014، سيكون جاهزا في الموعد المناسب. ولا تزال المدينة أكبر مركز سكاني يسيطر عليه التنظيم المتشدد، وقد عزلتها قوات البيشمركة من 3 جهات، وتتمركز على مسافة أقل من 15 كيلومترا من مشارفها الشمالية. والهدف الأول هو استعادة القرى الواقعة إلى الشرق من نهر دجلة، ثم بلدة القيارة المنتجة للنفط على ضفته الغربية وهي مركز لـ«داعش» تربط الموصل بأراض يسيطر عليها التنظيم إلى الشرق قرب الحويجة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».