صلاح عبد السلام يوقظ «الخلايا النائمة»

سيناريوهات متعددة لكنها بمجموعها تثبت أن الإرهاب أزمة عالمية

صورة  من الهوية الشخصية  لصلاح عبد السلام
صورة من الهوية الشخصية لصلاح عبد السلام
TT

صلاح عبد السلام يوقظ «الخلايا النائمة»

صورة  من الهوية الشخصية  لصلاح عبد السلام
صورة من الهوية الشخصية لصلاح عبد السلام

انخرط المحللون في قراءات متعددة للتفجيرات الدامية التي شهدتها بروكسل والتي تفتح مرحلة جديدة في أزمة الإرهاب التي باتت غير مرتبطة بمكان أو زمان أو آيديولوجيا محددة، بل بات يعبر عن موجات عدمية وأزمة هوية عميقة بعد أن فشلت كثير من الدول الأوروبية في مهمة الاندماج لفترات طويلة شملت الجيل الثالث من المهاجرين الذين يعيشون «عزلة شعورية» مشابهة لتلك التي دعا إليها سيد قطب في حديثه عن الأجيال الفريدة. سبب التكهنات التي يطلقها الخبراء والباحثون حول التفجيرات الأخيرة هو توقيت حدوثها بعد أربعة أيام على اعتقال الشرطة البلجيكية للمواطن الفرنسي صلاح عبد السلام بعد اشتباك بينهما، بعد أن ثبت في التحقيقات أنه المشتبه به الرئيسي الوحيد على قيد الحياة في هجمات باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) التي استهدفت استاد كرة قدم ومقاهي وقاعة موسيقية والتي كشفت عن نوع جديد من الإرهاب المحلي وليس العابر للقارات، ومن أشخاص ينتمون إلى شبكات متكاملة في التنسيق ونقل الأسلحة واكتشاف الثغرات القانونية واستغلال التسهيلات الحدودية بين دول الاتحاد الأوروبي الذي يعني استهداف أي دولة منه خطرًا على كل الدول مفتوحة الحدود والثقافات والحريات العامة.
توقيت العملية قد يوحي بعلاقتها باعتقال صلاح عبد السلام إلا أن طريقة الأداء واستهداف الأماكن المختلفة يوحي بأن الهجوم ترافق مع اعتقال عبد السلام أو تم التعجيل به، إلا أنه خطط له من قبل بفترة كافية، وهذا الاحتمال يؤكد أن تنظيم داعش. والإرهاب الفوضوي يقوم بالتخطيط لعمليات افتراضية إلى أن يحين التوقيت الملائم لها. وأحد المسارات التي سيتخذها التحقيق هي احتمال أن يكون الهجوم ردًا على اعتقال عبد السلام، لكنه كان على الأرجح في طور الإعداد قبل اعتقال عبد السلام، إضافة إلى الخوف من أي ضغوط على صلاح للإيقاع بالخلية، وهو ما أوحى به التصريح البلجيكي بأنه بدا متعاونًا جدًا معهم. ويترشح في الدلالة على استعجال الإرهابيين حال قيامهم بهذه العملية هو عدم وجود ميديا مصاحبة كالتي ينتجها تنظيم داعش مع كل عملية كبيرة بهدف التحشيد لأتباعها حول العالم، واستقطاب المزيد من الأنصار، كما هو الحال من كل الأطراف التي تستفيد من العمل الإرهابي لدعم رؤيته الخاصة، وربما كان تصريح ترامب المرشح المزعج للولايات المتحدة عن أن عدم تعذيب الإرهابيين هو سبب استمرار العمليات!
الخبراء يؤكدون أننا بإزاء موجات جديدة من الإرهاب الفردي الفوضوي الذي يبدو متشابهًا في كل مرة كما كان الحال مع مثال البراح والأخوين الشيشانيين، فالإرهاب النوعي الضخم المعتمد على الشبكة والخبرة في طريقه للأفول، ليس بسبب انحسار مصادر التلقي للتطرف الديني أو تغير في رؤية واستراتيجية «داعش»، وباقي الجماعات الإرهابية، بل للإجراءات الأمنية المشددة، ثم بدرجة أكبر انحسار مصادر التمويل المالي ومراقبة الحدود واستنزاف العناصر القيادية في حروب مناطق التوتر، كما أن «داعش» الآن يعيش مرحلة «إعادة البناء» في دول الثورات ومناطق التوتر. مكمن الخطوة هو في تعقيد وصعوبة علاج المرحلة الجديدة من الإرهاب «الفردي» المرتبط بالهوية القلقة، حيث لا يمكن التنبؤ بتحول القناعة في ظل غياب الأسرة، وأيضًا الإعلام البديل لخطابات التطرف، كما أن مناخ العولمة وتلاشي الحدود حتى في ظل الاهتمام بالمسائل الأمنية سيلقي بظلاله على هذا النوع من الإرهاب، فالفرد «المأزوم» هو الضحية الناتجة من صراعات كبيرة قد تفقده معنى ذاته، وبالتالي ينجرف نحو التطرف بدافع الهوية القلقة المصابة بغضب عارم تجاه الذات والآخر حتى من دون أن ينخرط في تجربة دينية متطرفة أو يتعرف على مجموعات إرهابية، العالم الافتراضي حينها سيتحول إلى مصدر ممتاز لطبخ الفكرة وإنضاجها وتحويلها إلى فعل متى ما وجد الدافع الذي عادة ما يرتبط بوصوله وضعه النفسي للذروة، وهو الأمر الذي سيغيب معه أي دافع سياسي أو انتقامي محدد غير عزلة الهوية القلقة.
الجدير بالذكر أن حياة الأشخاص الواقعين في هذا النوع من «الإرهاب الفوضوي» لا تشي بالكثير مما يفيد في تحليل الحالة خارج إطار الهوية القلقة وأزمة الاندماج، عبد السلام البالغ (27 عامًا) شخص بسيط وهادئ من مواليد بروكسل لعائلة من أصول مغربية عاش في ضاحية مولنبيك التي تشبه الضواحي المعزولة للأقليات غير المندمجة بسكانها العرب والمسلمين، وحتى وقوعه في براثن المخدرات والاتجار بها لا يعد أمرًا غريبًا على هذا النوع من الشخصيات العدمية التي تعاني من مشكلات نفسية أكثر من موجة تدين أو تبني آيديولوجية سياسية راديكالية، رسالة عبد السلام بسيطة وواضحة، الإرهاب وباء لا يمكن أن يتخلص العالم منه ما دامت أسبابه باقية.



مرشح موالي لروسيا يتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا

كالين جورجيسكو المرشح لمنصب الرئيس يتحدث لوسائل الإعلام في بوخارست (ا.ب)
كالين جورجيسكو المرشح لمنصب الرئيس يتحدث لوسائل الإعلام في بوخارست (ا.ب)
TT

مرشح موالي لروسيا يتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا

كالين جورجيسكو المرشح لمنصب الرئيس يتحدث لوسائل الإعلام في بوخارست (ا.ب)
كالين جورجيسكو المرشح لمنصب الرئيس يتحدث لوسائل الإعلام في بوخارست (ا.ب)

أثار مرشح مؤيد لروسيا مفاجأة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا، بحصوله على نتيجة متقاربة مع تلك التي حققها رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا مارسيل شيولاكو، وفق ما أظهرت نتائج جزئية.

فبعد أن أعطته استطلاعات الرأي أقل من 10 في المئة من نوايا التصويت في بادئ الأمر، حصل كالين جورجيسكو (62 عاماً) المنتمي إلى اليمين المتطرف والمويد لروسيا، على ما يقرب من 22 في المئة من الأصوات، في مقابل 21,1 في المئة لمنافسه شيولاكو، بعد فرز 90 في المئة من الأصوات.

وإذا ما تأكّد هذا الاتجاه، سيتواجه الرجلان في الجولة الثانية المقررة في 8 ديسمبر (كانون الأول).

وحلّت إيلينا لاسكوني (52 عاماً)، وهي رئيسة بلدية مدينة صغيرة تترأس حزباً من اليمين الوسط، في المركز الثالث بحصولها على 16,6 في المئة من الأصوات، أمام المرشح القومي جورج سيميون الذي حصل على 14,5 في المئة.

ويرى خبراء أن اليمين المتطرف استفاد من مناخ اجتماعي وجيوسياسي متوتر في هذه الدولة الموالية للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي والواقعة على حدود أوكرانيا. ويشكل ذلك زلزالاً سياسياً في هذا البلد البالغ عدد سكانه 19 مليون نسمة.

وأدلى الرومانيون بأصواتهم الأحد في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية وسط ارتفاع التضخم ومخاوف بسبب الحرب في أوكرانيا المجاورة.