لا مكان للأنشطة الداعمة لـ«حزب الله» في موريتانيا.. بعد تصنيفه إرهابيًا

مسؤول برلماني في نواكشوط لـ«الشرق الأوسط»: المد الإيراني خطر على أفريقيا.. ونلعب دورًا في الحد منه

لا مكان للأنشطة الداعمة لـ«حزب الله» في موريتانيا.. بعد تصنيفه إرهابيًا
TT

لا مكان للأنشطة الداعمة لـ«حزب الله» في موريتانيا.. بعد تصنيفه إرهابيًا

لا مكان للأنشطة الداعمة لـ«حزب الله» في موريتانيا.. بعد تصنيفه إرهابيًا

لم يعد هنالك مكان في موريتانيا لأي نشاط داعم لـ«حزب الله» اللبناني أو أي منظمة ذات طابع مؤيد له، وذلك بموجب قرار رسمي صادر عن السلطات الموريتانية، التي صنفت الحزب «منظمة إرهابية» وفق تصريح لوزير الإعلام الموريتاني محمد الأمين ولد الشيخ، بعد خروجه من اجتماع للحكومة في نواكشوط.
وزير الإعلام الذي كان يتحدث أمام جمع من الصحافيين المحليين والدوليين، قال إن موريتانيا قررت تصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية تماشيا مع القرار الصادر عن مجلس وزراء الخارجية بجامعة الدول العربية، كما أكد أن السلطات لن تسمح بأي نشاط موال للحزب فوق أراضيها. وكانت السلطات الموريتانية قد منعت الأسبوع الماضي تنظيم ندوة سياسية في العاصمة نواكشوط لحزب التجديد الديمقراطي الذي يرأسه وزير سابق في الحكومة، دعا إليها عددًا من السياسيين والمثقفين والصحافيين من أجل إظهار الدعم لـ«حزب الله»، والتعبير عن رفض تصنيفه منظمة إرهابية.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» قال رئيس لجنة الشؤون الإسلامية والثقافية في البرلمان الموريتاني محمد عبد الرحمن ولد الطلبة إن «قرار تصنيف موريتانيا لـ(حزب الله) كمنظمة إرهابية نابع من سيادتها الكاملة»، وأضاف: «موريتانيا دولة عربية ويلزمها ما يلزم الدول العربية، ومن حقها اتخاذ هذا القرار والعمل بهذا التصنيف في إطار إجماع عربي».
وعلى الرغم من أن القرار الموريتاني بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية يأتي انسجامًا مع قرار صادر عن جامعة الدول العربية، فإنه في نفس الوقت يستجيب لدعوات كثيرة أطلقها مسؤولون وسياسيون موريتانيون سبق أن حذروا من خطورة «المد الإيراني» في موريتانيا، وتزايد المتعاطفين مع «حزب الله» في الشارع الموريتاني.
وكانت تقارير غير رسمية قد أشارت خلال السنوات الأخيرة إلى سعي إيران لخلق موطئ قدم لها في موريتانيا، باعتبارها بوابة المغرب العربي والعالم الأفريقي، وذلك من خلال بعض الشخصيات المحسوبة عليها والتي تبذل جهدًا كبيرًا وتعمل في صمت من أجل خلق أتباع لها في المجتمع الموريتاني، مع تركيز كبير على المناطق التي تعاني من الجهل والفقر.
من أشهر الشخصيات الموالية لإيران في موريتانيا رجل يدعى بكار ولد بكار، وسبق أن ظهر في أكثر من مرة مع عدد من المرجعيات الإيرانية، وأعلن في بعض المناسبات أنه يتبع للمرجعية السيستانية وملزم بتطبيق أي فتوى أو قرارات صادرة عنها، كما سبق وأن أعلن عام 2014 أن عدد أتباعه في موريتانيا وصل إلى خمسين ألف شخص. في غضون ذلك ارتفعت أصوات في موريتانيا تطالب السلطات باعتقال بكار ولد بكار، لأنه يشكل خطرًا على المجتمع الموريتاني، كما أنه استضاف في موريتانيا شخصيات لبنانية معروفة بأنشطتها الواسعة لنشر الأفكار الإيرانية في غرب أفريقيا.
وعلى الرغم من أن السلطات الموريتانية ظلت وإلى وقت قريب تتغاضى عن أنشطة بكار ولد بكار التي يقوم بها تحت غطاء جمعية ثقافية، فإن بعض المصادر تشير إلى أنه نجح حتى الآن في ضم شخصيات مهمة إلى جمعيته، من ضمنهم رؤساء ثلاثة أحزاب سياسية وعدد من الصحافيين والشخصيات الثقافية؛ فيما يخطط لبناء حسينية في إحدى مقاطعات نواكشوط الفقيرة.
وفي سياق الحديث المتزايد عن انتشار المد الإيراني في غرب أفريقيا، قال النائب البرلماني محمد عبد الرحمن ولد الطلبة إنه «من المعروف أن بلدان غرب القارة الأفريقية تعتنق المذهب السني المالكي، ومحاولة نشر المذهب الشيعي تشكل خطرًا على تماسك هذه المجتمعات المسلمة والمسالمة، وسيؤدي إلى فساد العقيدة الإسلامية الصحيحة»، وفق تعبيره.
وأشار ولد الطلبة في حديثه مع «الشرق الأوسط» إلى أن «موريتانيا تلعب دورًا مهمًا في مواجهة المد الإيراني في غرب القارة الأفريقية، وبإمكانها أن تلعب أدوارًا أكبر للحد من الخطر الإيراني في المنطقة إذا حظيت بالدعم من بقية بلدان العالم الإسلامي وخاصة المملكة العربية السعودية»، قبل أن يضيف: «لقد سبق وأن أثرت مخاوف النخبة الموريتانية من المد الإيراني، مع المسؤولين السعوديين خلال زيارتي الأخيرة للمملكة، وأتمنى أن يتواصل التعاون بين مختلف البلدان الإسلامية السنية للحد من هذا الخطر الداهم».
القرار الموريتاني الأخير بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية أثار موجة ردود فعل واسعة في الشارع الموريتاني، خاصة في أوساط المثقفين والكتاب الذين اعتبروا أنه «تأخر كثيرًا» ولكنه ضروري للحفاظ على تماسك ووحدة المجتمع الموريتاني، وفي هذا السياق يقول الكاتب الموريتاني باباه ولد التراد إن إيران تشكل خطرًا حقيقيًا على الدول العربية حيث «استطاعت أن تصل إلى العمق العربي وتحتل الكثير من العواصم العربية عن طريق التجنيد المطلق لأحزاب طائفية كحزب الدعوة في العراق، و(حزب الله) في لبنان الذي استخدمته إيران كرأس حربة في المنطقة وأحدثت بواسطته خللا طائفيا، لذلك فليس مفاجئا للمراقبين وخاصة المنصفين منهم اتخاذ ذلك القرار الجوهري».
ويقول ولد التراد في مقال تداولته الصحف المحلية بنواكشوط أمس الثلاثاء، إن خطر المد الشيعي في أفريقيا أصبح واضحًا ولا لبس فيه، مشيرًا إلى أن السلطات النيجيرية أعلنت في مايو (أيار) 2013 عن «تفكيك خلية تابعة لـ«حزب الله» اللبناني، في إطار سعي إيران لإقامة معسكرات لأفارقة باسم (حزب الله)»، مؤكدًا أن جميع المبررات موجودة «لاعتبار (حزب الله) منظمة إرهابية، ولمطالبة بعض الحقوقيين بفرض أشد العقوبات على الشخصيات الموالية له، ومنعهم من دخول البلاد العربية والإسلامية وحظر التعامل الاقتصادي مع الشركات التابعة للحزب بهدف محاصرة أنشطته الإرهابية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».