هاجس الخلاف الروسي ـ الغربي حول أوكرانيا يخيم على مفاوضات إيران

المتحدث الأوروبي يؤكد غياب أي أثر سلبي.. ولقاء «بناء» بين ظريف وآشتون

هاجس الخلاف الروسي ـ الغربي حول أوكرانيا يخيم على مفاوضات إيران
TT

هاجس الخلاف الروسي ـ الغربي حول أوكرانيا يخيم على مفاوضات إيران

هاجس الخلاف الروسي ـ الغربي حول أوكرانيا يخيم على مفاوضات إيران

حاولت الدول الكبرى، ومن بينها روسيا والولايات المتحدة، أن تطرح خلافاتها العميقة حول أوكرانيا جانبا خلال الجولة الجديدة من المحادثات حول البرنامج النووي الإيراني التي بدأت ظهر أمس في فيينا بين إيران ودول مجموعة 5+1.
وهذا هو الاجتماع الثاني من أصل سلسلة اجتماعات مقررة بين إيران ودول مجموعة 5+1 هذا العام، والهادفة إلى إيجاد اتفاق نهائي لنحو عقد من المواجهة بين إيران التي تتمسك بحقها في الطاقة النووية المدنية والدول الكبرى التي تشتبه في سعيها لحيازة السلاح الذري. كما من شأن الاتفاق أن يلغي نهائيا تهديدات الحرب.
وقال مايكل مان المتحدث باسم مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إن القوى العالمية لم تشهد أي أثر حتى الآن للتوتر مع روسيا بسبب منطقة القرم الأوكرانية على المحادثات النووية مع إيران. وقال مان للصحافيين: «لم ألحظ أي أثر سلبي.. نحن مستمرون في عملنا ونحن متحدون». وقالت وكالة الأنباء الإيرانية، إنه من المتوقع أن تستمر الاجتماعات يومين حول برنامج تخصيب اليورانيوم في إيران وعلى رأس ذلك قضية مفاعل أراك الذي يعمل بالماء الثقيل الذي سينتج بلوتونيوم يمكن استخدامه في رؤوس حربية إذا جرى بناء تسهيلات إضافية، وافقت إيران في نوفمبر الماضي على وقف العمل في المفاعل، لكنها رفضت تفكيكه بالكامل، بينما يجري طرح فكرة تعديل طريقة عمله إلى الماء الخفيف، الذي يقول الخبراء إنه مخاطره أقل في إنتاج البلوتونيوم.
وقال المعلق الإيراني هرميداس بافاند لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يتوقع تحقيق اختراق في هذه الجولة، وإن هدف المفاوضات هو الوصول إلى خريطة طريق تمهد للوصول إلى اتفاق نهائي.
وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف التقى نظيرته الأوروبية كاثرين أشتون صباحا. ووصف محيط أشتون اللقاء بـ«البناء».
وحتى اليوم، وعلى الرغم من الاختلافات حول سوريا وقضايا أخرى، فإن القوى الست (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، الصين، روسيا وألمانيا) وقفت في جبهة موحدة حول هذا الملف. ولكن الأحداث الأخيرة في أوكرانيا أنتجت الأزمة الأسوأ في العلاقات بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة، وهو ما يثير مخاوف من تأثير ذلك على مفاوضات الملف النووي الإيراني.
وقال مارك فيتزباتريك، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية والذي يعمل اليوم في معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن، والذي يبدي تشاؤما حول احتمال التوصل إلى اتفاق مع إيران، إن المواجهة الحالية جعلته «أكثر تشاؤما».
وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «من غير المرجح أن يضحي الروس من أجل الوحدة (الدولية) حول القضية الإيرانية». وأضاف أنه أصبح لدى الإيرانيين اليوم سبب إضافي للمماطلة في مفاوضاتها مع الدول الست.
وبدوره، قال مسؤول أميركي رفيع المستوى ومطلع على المحادثات مع إيران الأسبوع الماضي، إن الدبلوماسيين «يتمنون ألا تخلق الأزمة الصعبة جدا في أوكرانيا مشكلات لتلك المحادثات».
وحتى قبل اندلاع الأزمة الأوكرانية، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدأ بالتفاوض مع إيران حول اتفاق ضخم يقضي بشراء موسكو للنفط الإيراني مقابل قيام روسيا ببناء مفاعلين نوويين جديدين في إيران.
وسيقوض ذلك جهود واشنطن لقطع مورد الدخل الإيراني الأساسي، وهي الاستراتيجية التي لجأت إليها أساسا لدفع إيران نحو طاولة المفاوضات.
وبدوره، عد مارك هيبز من معهد «كارنيغي للسلام العالمي»، أن «اتفاق المقايضة الهائل» هذا يتيح لموسكو توسيعه قدر ما تشاء للحصول على «امتيازات إضافية من إيران».
وأضاف هيبز أن بإمكان روسيا أيضا «تتصرف بطريقة أحادية وتعطل المفاوضات فالخيار يعود لبوتين».
وبموجب اتفاق نوفمبر، فإن إيران جمدت أجزاء أساسية من برنامجها النووي مقابل رفع جزئي للعقوبات ووعد بعدم فرض عقوبات جديدة. وعلى الرغم من أن الاتفاق قابل للتمديد، فإن مدته تنتهي في 20 يوليو (تموز) المقبل.
ولم تفكك إيران أي قطعة من معداتها النووية بشكل ثابت ولا يزال الجزء الكبير من العقوبات المفروضة عليها من الأمم المتحدة والدول الغربية ساري المفعول، ويخسرها مليارات الدولارات من عائداتها النفطية أسبوعيا.
وتريد مجموعة 5+1 من إيران اليوم أن تقلص نهائيا، أو لفترة زمنية طويلة، نشاطاتها النووية، بحيث يكون من الصعب عليها في المستقبل تطوير السلاح النووي.
ويتطلب ذلك من إيران تخفيض عدد أجهزة الطرد المركزي لديها الضرورية لتخصيب اليورانيوم، الذي من الممكن أن يستخدم لأهداف سلمية ولتطوير القنبلة الذرية. كما يتطلب منها الموافقة على عمليات تفتيش دولية موسعة لنشاطاتها.
ولكن وحتى لو قوبلت إيران برفع العقوبات عنها، يبقى من غير المرجح أن يقبل المحافظون المتشددون والمقربون من المرشد الأعلى آية الله عي خامنئي بتلك القيود.
كما أنه سيكون من الصعب إقناع المحافظين الجدد في أميركا وإسرائيل (القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط وغير المعلنة) بأي اتفاق تحافظ إيران من خلاله على بعض بنيتها التحتية النووية.
وفي هذا الصدد، قال الخبير الإيراني في منظمة الأزمات الدولية علي فايز، إن «الاتفاق النهائي لن يلبي مطالب الطرفين كاملة».
وأوضح أنه «على الغرب أن يتعايش مع عدد من أجهزة الطرد المركزي الإيرانية (لإنتاج المواد النووية) أكبر مما يعده مناسبا، أما إيران فعليها أن تقبل برفع للعقوبات أقل مما تتمنى».
القضايا الرئيسة في ملف الخلاف النووي

* تخصيب اليورانيوم: تخلت القوى الغربية فعليا عن فكرة حمل إيران على وقف كل أنشطة تخصيب اليورانيوم التي تخشى تلك القوى أن يكون هدفها صنع قنابل ذرية لكنها تريد الحد منها.
* تقول إيران إنها تنقي اليورانيوم لصنع وقود لمحطات الطاقة النووية وتستبعد إغلاق منشأتي تخصيب اليورانيوم في نطنز وفوردو.
* لدى إيران الآن زهاء عشرة آلاف جهاز للطرد المركزي تدور بسرعة الصوت لزيادة نسبة النظير الانشطاري في خليط اليورانيوم ويقول الخبراء الغربيون إن هذا العدد يجب خفضه إلى بضعة آلاف.
* تريد الولايات المتحدة وحلفاؤها حرمان إيران من إمكانية الوصول بسرعة إلى اكتساب القدرة على صنع قنبلة نووية.

بحوث الطرد المركزي
* تطور إيران نماذج جديدة من أجهزة الطرد المركزي في نطنز.
* بمقدور الأجهزة الحديثة تخصيب اليورانيوم بمزيد من السرعة.
* تقول إيران إن من حقها اكتساب التكنولوجيا النووية للاستعمالات المدنية.
* يسمح الاتفاق المؤقت لإيران بمواصلة أنشطة البحث والتطوير الحالية.
* من المرجح أن تسعى القوى العالمية لفرض قيود صارمة على أنشطة البحث والتطوير.

أراك
* يخشى الغرب أن ينتج مفاعل البحوث الذي يعمل بالماء الثقيل في أراك البلوتونيوم الذي يمكن استخدامه وقودا لقنبلة نووية.
* تقول إيران إن المفاعل صمم لإنتاج النظائر المشعة للأغراض الطبية.
* يقول الخبراء الغربيون إن المفاعل يمكن تعديله لتهدئة المخاوف بخصوص إمكان صنع قنبلة من خلال خفض قدرته أو تغيير نوع الوقود مثلا.
* قالت إيران إنها يمكن أن تعدل المفاعل لكنها لم تذكر تفاصيل.

تحقيق وكالة الطاقة الذرية
* تحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في احتمال أن تكون إيران أجرت أبحاثا بخصوص طريقة صنع قنبلة ذرية وتنفي إيران ذلك.
* يقول المسؤولون الغربيون إنه لا بد لإيران من التصدي لهذه المزاعم في إطار أي تسوية للنزاع الأشمل. لكنهم لم يوضحوا ماذا ينبغي لها أن تفعل تحديدا.

العقوبات
* تريد إيران رفع الإجراءات العقابية المفروضة عليها على وجه السرعة.
* من المرجح ألا تفعل القوى الكبرى ذلك بموجب أي اتفاق إلا بطريقة تدريجية.



مصرع 18 مهاجراً في غرق قارب مطاطي جنوب كريت

عناصر خفر السواحل في اليونان يحملون أكياساً تضم جثث مهاجرين غرقى (رويترز)
عناصر خفر السواحل في اليونان يحملون أكياساً تضم جثث مهاجرين غرقى (رويترز)
TT

مصرع 18 مهاجراً في غرق قارب مطاطي جنوب كريت

عناصر خفر السواحل في اليونان يحملون أكياساً تضم جثث مهاجرين غرقى (رويترز)
عناصر خفر السواحل في اليونان يحملون أكياساً تضم جثث مهاجرين غرقى (رويترز)

لقي ما لا يقل عن 18 مهاجراً حتفهم أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط في قارب مطاطي، بعدما انقلب جنوب جزيرة كريت، وفق ما أعلنت السلطات اليونانية، السبت.

وقالت السلطات إن سفينة تجارية تركية عابرة عثرت على القارب الذي غمر نصفه في الماء أمس؛ حيث جرى إنقاذ ناجيين اثنين، فيما تتواصل عمليات البحث عن آخرين.

وتُعدّ اليونان إحدى نقاط الدخول الرئيسية إلى الاتحاد الأوروبي للأشخاص الفارين من النزاعات والفقر في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، وكثيراً ما تشهد هذه الرحلات وقوع حوادث مميتة.

وكانت الرحلة القصيرة، ولكن الخطيرة من السواحل التركية إلى الجزر اليونانية القريبة، في قوارب مطاطية أو صغيرة غالباً ما تكون في حالة سيئة، تُعدّ الطريق الرئيسي للهجرة. إلا أن تكثيف الدوريات وعمليات إعادة المهاجرين أسهما في تراجع محاولات العبور. وفي الأشهر الأخيرة، تزايدت محاولات الوصول من ليبيا إلى جزيرة كريت.

ولم تُحدد السلطات بعد الجهة التي أتى منها القارب.

وتُشارك سفينة وطائرة من وكالة حماية الحدود الأوروبية (فرونتكس) ومروحية تابعة لخفر السواحل اليوناني و3 سفن تجارية في عملية البحث.


​ «الترويكا» الأوروبية تُكثّف مشاوراتها وسط مخاوف من ضغوط أميركية على أوكرانيا ​

ستارمر وزيلينسكي وماكرون يحضرون اجتماعاً في تيرانا بألبانيا يوم 16 مايو 2025 (أ.ب)
ستارمر وزيلينسكي وماكرون يحضرون اجتماعاً في تيرانا بألبانيا يوم 16 مايو 2025 (أ.ب)
TT

​ «الترويكا» الأوروبية تُكثّف مشاوراتها وسط مخاوف من ضغوط أميركية على أوكرانيا ​

ستارمر وزيلينسكي وماكرون يحضرون اجتماعاً في تيرانا بألبانيا يوم 16 مايو 2025 (أ.ب)
ستارمر وزيلينسكي وماكرون يحضرون اجتماعاً في تيرانا بألبانيا يوم 16 مايو 2025 (أ.ب)

لا تُوفّر الاتصالات المتسارعة لوضع حد للحرب في أوكرانيا صورة واضحة لما آلت إليه حتى اليوم، نظراً للتصريحات الأخيرة المتضاربة الصادرة عن الأطراف المعنية بالحرب.

فمن جهة، أعلن كيث كيلوغ، المبعوث الأميركي الخاص لأوكرانيا، في كلمة له السبت في «منتدى ريغان للدفاع الوطني»، أن التوصل إلى اتفاق يُنهي الحرب أصبح «قريباً جداً» وما زالت دونه «الأمتار العشرة النهائية». وبحسب كيلوغ، فإن عقبتين رئيسيتين ما زالتا عالقتين، هما مصير منطقة الدونباس الأوكرانية التي تطالب موسكو بضمها بالكامل، بما في ذلك الأراضي لم تسيطر عليها عسكرياً، ومصير محطة زابوروجيا للطاقة النووية الأكبر في أوروبا. وبرأيه أنه «إذا حللنا هاتين القضيتين، فإن بقية الأمور ستسير بشكل جيد نسبياً»، مُضيفاً: «نحن على وشك الوصول... نحن قريبون جداً، جداً».

روبيو متحدّثاً خلال اللقاء بين الوفدين الأوكراني والأميركي في هالانديل بيتش بفلوريدا يوم 30 نوفمبر (أ.ف.ب)

في المقابل، نقلت وسائل إعلامية روسية عن يوري أوشاكوف، مستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومفاوضه الرئيسي في الملف الأوكراني الأحد، أنه يتعين على الولايات المتحدة «أن تجري تغييرات جدية، بل جذرية» في مقترحاتها بشأن أوكرانيا. وقال أوشاكوف لقناة «آر تي» التلفزيونية الروسية إن الجهود المبذولة لصياغة النصوص الخاصة بأوكرانيا ما زالت في «مراحلها المبكرة». وتجدر الإشارة إلى أن أوشاكوف شارك في اجتماع الساعات الخمس في موسكو، الأسبوع الماضي، إلى جانب الرئيس بوتين، مع المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجارد كوشنر. وبحسب مصدر دبلوماسي أوروبي في باريس، فإن كلام أوشاكوف، إذا كان يعكس حقيقة المفاوضات الروسية - الأميركية، يعني أن الطرفين «ما زالا بعيدين عن التوصل إلى اتفاق، علماً بأن المقترحات الأميركية تميل بشدة إلى جانب موسكو».

زيلينسكي وحيداً

رغم التضارب البيّن في تقدير التقدم الحاصل في المفاوضات، فإن الترويكا الأوروبية؛ بريطانيا وفرنسا وألمانيا، تستشعر الهلع من التقارب الأميركي - الروسي من جهة، ومن احتمال أن تعمد إدارة الرئيس دونالد ترمب إلى فرض حل لا يضمن المصالح الأوكرانية.

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماعهما في لاهاي على هامش قمة الحلف الأطلسي 25 يونيو الماضي (د.ب.أ)

وهذا التخوف يفسر تداعي واستعجال الترويكا لعقد قمة جديدة في لندن، هذه المرة، بدعوة من رئيس الوزراء كير ستارمر وحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني ميرتس، وبالطبع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. واللافت أن الأربعة تشاوروا مطولاً بداية الشهر الحالي بمناسبة الزيارة التي قام بها الأخير إلى باريس، وما تبعها من جولة اتصالات واسعة مع كبار القادة الأوروبيين ومع الفريق الأميركي المفاوض.

وما يقلق الأوروبيين، بحسب مصدر الإليزيه، استبعادهم من المفاوضات، «ما يعني ترك زيلينسكي وحيداً بمواجهة ضغوط فريق الرئيس دونالد ترمب». كما يعني أن أي اتفاق يتم إبرامه بعيداً عنهم «لن يأخذ بعين الاعتبار أمن الدول الأوروبية ومصالحها». ولخص وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني بات ماكفادن جانباً من المخاوف بوصف ذلك «اللحظة الراهنة» بأنها «محورية للغاية. الجميع يريد انتهاء الحرب، ولكنهم يريدون أن يتم ذلك بطريقة تمنح أوكرانيا حرية الاختيار في المستقبل».

خلفيات مخاوف «الترويكا»

على ضوء هذين العنصرين، يمكن فهم خلفيات ما كشفت عنه مؤخراً صحيفة «دير شبيغل» الألمانية مع فحوى مكالمة هاتفية جرت الأسبوع الماضي بين ماكرون وميرتس بشأن أوكرانيا، حيث قال الأول إن «هناك احتمالية أن تخون الولايات المتحدة أوكرانيا فيما يتعلق بالأراضي، دون وضوح بشأن الضمانات الأمنية».

الرئيسان الفرنسي ماكرون والأوكراني زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني ستارمر ونظيره البولندي تاسك والمستشار الألماني ميرتس في كييف يوم 10 مايو (إ.ب.أ)

ولما سُئلت مصادر قصر الإليزيه عن صحة ما نشرته «دير شبيغل»، اكتفت بالقول إن ماكرون لم ينطق بهذه الكلمة؛ أي خيانة. لكن الأهم أن الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً «الترويكا»، غير مطمئنة «لمزاجية» ترمب في إدارة الملف الأوكراني. وكان الأوروبيون قد اطمأنوا نسبياً بعدما عدّوا أنهم نجحوا في تعديل الخطة الأميركية الأصلية المكونة من 28 بنداً، بعد اجتماعات جنيف التي حرصوا على الوجود فيها إلى جانب الوفد الأوكراني.

وعدّت «الترويكا» أن إرغام أوكرانيا على التخلي عن كامل مقاطعة دونباس، ومنع كييف من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ورفض موسكو نشر قوات أوروبية - أطلسية على الأراضي الأوكرانية، وامتناع واشنطن عن الالتزام بتوفير ضمانات أمنية لأوكرانيا لجهة ردع روسيا عن مهاجمتها لاحقاً وبعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار أو اتفاق سلام، كل ذلك يشكل عوامل تثير القلق.

صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز)

بيد أن ما فاقم المخاوف الأوروبية هو ما ورد في وثيقة «الاستراتيجية الأمنية الأميركية» التي نشرت الجمعة، التي تعد أن لأوروبا «توقعات غير واقعية» بالنسبة لنتائج الحرب، وأن واشنطن سوف تعمل على تعزيز «المقاومة السياسية للمسار الحالي» لأوروبا. وما يزيد الطين بلة، أن رؤية الوثيقة لأوروبا ليست من النوع الذي يدعو الأوروبيين إلى الاستكانة لوقوف أميركا إلى جانبهم، أو لمدى قوة الرابط الأطلسي والبند الخامس من معاهدة الحلف التي تنص على الدفاع عن أي عضو فيه يتعرض لاعتداء خارجي.

مصير الأصول الروسية

من هذه الزاوية، يمكن تفهم الاستعجال الأوروبي لمشاورات إضافية.

وتعاني «الترويكا» من وضع غير مريح لها، إذ إنها لا تستطيع، من جهة، الوقوف بشكل واضح وصلب بوجه الرئيس ترمب لتخوفها من ردود فعله، ومن أن ينفض يديه من الملف الأوكراني. كما أنها، من جهة ثانية، لا يمكنها قبول طروحاته والسير بخطته بسبب المخاطر والنتائج المترتبة عليها حاضراً ومستقبلاً.

زيلينسكي وستارمر خلال لقاء «تحالف الراغبين» في لندن يوم 24 أكتوبر (إ.ب.أ)

لذا، فإنها في «منزلة بين المنزلتين»، حيث تؤيد من دون حماسة وتعارض بلطف. ولم يتضح بعدُ أبعاد قول مسؤول أميركي الجمعة إن واشنطن توصلت مع كييف إلى «إطار لترتيبات أمنية». ولا شك أن هذه المسألة ستكون رئيسية في قمة الاثنين في لندن.

ثمة مسألة أخرى ملحة يتعين على الأوروبيين بتّها سريعاً، وتتناول مصير الأصول الروسية المجمدة في مؤسسة «يوروكلير» المالية في لوكسمبورغ، التي يرغب الأوروبيون باستخدام 90 مليار يورو منها لتقديمها، خلال عامي 2026 و2027، بشكل قروض لأوكرانيا لتمويل ماليتها ومجهودها الحربي.

وبالنظر لرفض بارت دي ويفر رئيس وزراء بلجيكا، وفاليري أوبان، المديرة العامة للمؤسسة المالية، المسّ بالأصول الروسية لما يترتب على ذلك من تبعات مالية واقتصادية وقانونية، فإن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وميرتس اجتمعا مطولاً مساء الجمعة مع دي ويفر وأوبان لإقناعهما بقبول استخدام الأصول المذكورة. بيد أن الأخيرين ما زالا يعارضان، رغم الوعود التي أغدقها ميرتس وفون دير لاين. وسيكون ملف الأصول مطروحاً لدى انعقاد قمة الاتحاد الأوروبي يومي 18 و19 من الشهر الحالي في بروكسل.


«رمادية وعزلة»... ساركوزي يصدر كتاباً يصف فيه تجربته داخل السجن

الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (أ.ف.ب)
TT

«رمادية وعزلة»... ساركوزي يصدر كتاباً يصف فيه تجربته داخل السجن

الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (أ.ف.ب)

اتسمت الأسابيع الـ3، التي قضاها الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في السجن بالعزلة والرمادية، وفق ما أظهرت مقتطفات نُشرت السبت من كتاب جديد له يصدر قريباً، ويصف فيه تجربته وراء القضبان.

وأصبح ساركوزي البالغ 70 عاماً أول رئيس في تاريخ فرنسا الحديثة يدخل السجن بعد إدانته بالحصول على أموال لحملته الانتخابية الرئاسية عام 2007 من الزعيم الليبي معمر القذافي.

وحُكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات، لكنه حصل على إفراج مشروط برقابة قضائية بعد 20 يوماً فقط من دخوله زنزانته.

ووضع ساركوزي كتاباً من 216 صفحة بعنوان «مذكرات سجين» من المقرر أن يصدر في 10 ديسمبر (كانون الأول)، وقد نشرت كثير من وسائل الإعلام الفرنسية مقتطفات منه، السبت.

الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي خلال جلسة محاكمته (إ.ب.أ)

وكتب ساركوزي في إحدى الفقرات: «سيطر اللون الرمادي على كل شيء، والتهم بشراهة كل شيء، وغطى كل سطح»، متابعاً: «كنت سأعطي كل شيء مقابل أن أتمكن من النظر عبر النافذة أو للاستمتاع بمشاهدة السيارات وهي تمر».

وفي ليلته الأولى داخل الزنزانة، ركع ساركوزي وصلى بعد مشاهدة مباراة كرة قدم.

سجن «لا سانتيه» وسط باريس الذي نُقل إليه ساركوزي (رويترز)

وقال: «جاء الأمر طبيعياً. بقيت على هذه الحال لدقائق عدة. دعوت الله أن يمنحني القوة لأتحمل صليب هذا الظلم».

وكان ساركوزي الذي تولى الرئاسة بين عامَي 2007 و2012، بحماية ضابطَي أمن في السجن، وظلَّ حبيس زنزانته لمدة 23 ساعة يومياً، باستثناء أوقات الزيارة.

وكتب: «كثيراً ما يقال إن المرء يتعلم في أي عمر. وهذا صحيح لأنني تعلمت كثيراً في سجن لا سانتيه، عن الآخرين وعن نفسي أيضاً».

كان نظامه الغذائي في محبسه يتكوَّن من «منتجات الألبان وألواح حبوب الشوفان والشعير والمياه المعدنية وعصير التفاح وبعض الحلويات».

الشرطة ترافق السيارة التي أقلت الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي بعد إطلاق سراحه من السجن بباريس... نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)

وفي مقابلة مع صحيفة «لوفيغارو»، كشف ساركوزي عن أنه خطَّ الكتاب بمعظمه في أثناء وجوده خلف القضبان «بقلم حبر جاف على طاولة خشبية صغيرة يومياً»، وأنهاه بعد إطلاق سراحه في 10 نوفمبر.

ولا يزال ساركوزي شخصية مؤثرة في اليمين الفرنسي على الرغم من المشكلات القانونية التي طاردته منذ مغادرته منصبه.

ويشدد ساركوزي على براءته، ومن المقرر أن تبدأ محاكمته الاستئنافية في مارس (آذار).