هجوم «داعش» على الفصائل الإسلامية يكسر هدوء هدنة شمال حلب

مقاتلو المعارضة يشتبكون مع قوات روسية ونظامية في ريف اللاذقية

طفلة في حي دمشقي تسيطر عليه المعارضة تطل من باب قربه لافتة تعلن عن صالون للتجميل وعبارة تحذيرية من وجود قناص قريب على الجدار (رويترز)
طفلة في حي دمشقي تسيطر عليه المعارضة تطل من باب قربه لافتة تعلن عن صالون للتجميل وعبارة تحذيرية من وجود قناص قريب على الجدار (رويترز)
TT

هجوم «داعش» على الفصائل الإسلامية يكسر هدوء هدنة شمال حلب

طفلة في حي دمشقي تسيطر عليه المعارضة تطل من باب قربه لافتة تعلن عن صالون للتجميل وعبارة تحذيرية من وجود قناص قريب على الجدار (رويترز)
طفلة في حي دمشقي تسيطر عليه المعارضة تطل من باب قربه لافتة تعلن عن صالون للتجميل وعبارة تحذيرية من وجود قناص قريب على الجدار (رويترز)

نفّذ تنظيم «داعش» هجومًا على فصائل المعارضة المسلّحة في بلدة يان يبان في ريف حلب الشمالي، مما عكّر صفو الهدوء الذي تنعم به هذه المنطقة منذ بدء سريان الهدنة قبل 17 يومًا. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الهجوم «تزامن مع اشتباكات بين الطرفين في منطقة دوديان، في محاولة من التنظيم للتقدم في المنطقة، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف الطرفين».
وفي حلب، شهد محيط السكن الشبابي في حي الأشرفية، مواجهات بين الفصائل الإسلامية المسلّحة من جهة، ووحدات حماية الشعب الكردي من جهة أخرى، حيث قضى القيادي في إحدى الفصائل الإسلامية عمر سندة نتيجة المعارك، كما قصفت الفصائل الإسلامية تمركزات لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في بلدة تل رفعت وقرية عين دقنة بريف حلب الشمالي.
أما ريف اللاذقية الذي لم ينعم بالهدوء، فبقي مسرحًا للعمليات العسكرية، وأعلن المرصد السوري أن اشتباكات دارت أمس بين غرفة عمليات قوات النظام بقيادة ضباط روس، بالإضافة إلى القوات النظامية والمسلحين الموالين لها من جهة، وبين «الفرقة الأولى الساحلية» وحركة «أحرار الشام» و«أنصار الشام» و«الفرقة الثانية الساحلية» والحزب الإسلامي التركستاني و«جبهة النصرة» وفصائل إسلامية من جهة أخرى، في محوري جب الأحمر وكبانة في ريف اللاذقية الشمالي، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف الطرفين.
إلى ذلك، تقدمت قوات النظام أمس على جبل القلعة الاستراتيجي في منطقة جبل التركمان في ريف اللاذقية الشمالي قرب الحدود التركية، بعد اشتباكات مع فصائل المعارضة، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوفهما. ونقل «مكتب أخبار سوريا المعارض» عن عضو المكتب الإعلامي بالفرقة الأولى الساحلية رستم صلاح، أن القوات النظامية «تمكنت من السيطرة على جبل التركمان بعد سبع محاولات اقتحام شنتها خلال ساعات قليلة، تصدت فصائل المعارضة لـ6 منها، ثم أُجبِرت على الانسحاب، بسبب القصف العنيف الذي تعرضت له مناطق تمركزها». وقال صلاح: «الاشتباكات والقصف أديا إلى مقتل ثلاثة من مقاتلي المعارضة وجرح 12 آخرين، فيما لم تعرف خسائر القوات النظامية». ويتمتع جبل القلعة بأهمية استراتيجية بسبب إطلالته على قريتي أوبين واليمضية الخاضعتين لسيطرة المعارضة، كما أنه يطلّ على الطريق الواصل إلى المعبر الحدودي مع تركيا، والمشفى الميداني في اليمضية، ويعد نقطة مهمة لمن يسيطر عليه من الطرفين بسبب ارتفاعه.
وفي مدينة دير الزور، قتل وأصيب عدد من المدنيين أمس، جراء استهداف تنظيم «داعش» بقذائف المدفعية حيي الجورة والقصور الخاضعين لسيطرة القوات النظامية وسط مدينة دير الزور.
وأوضح الناشط الإعلامي في دير الزور سعد السيد من دير الزور، أن التنظيم «استهدف بثماني قذائف محلية الصنع وهاون مبنى مديرية البيئة والحديقة في حي القصور، ومبنى البريد في حي الجورة، مما أدى إلى مقتل خمسة مدنيين وإصابة ستة آخرين بجروح، كما أسفر القصف عن دمار بالأبنية السكنية وغيرها من الممتلكات»، مشيرًا إلى أن «التنظيم استهدف يوميا وعلى مدى الأسبوع الماضي، الأحياء الخاضعة لسيطرة القوات النظامية وسط المدينة، مما أدى لسقوط قتلى وجرحى وأضرار بالممتلكات». ولفت السيد إلى أن الطيران الحربي النظامي «شنّ أربع غارات على أحياء الحويقة والرشدية والعرضي الخاضعة لسيطرة (داعش) وسط دير الزور، أسفرت عن جرح ستة أشخاص، إضافة إلى دمار كبير بالممتلكات».
التصعيد الميداني انسحب أيضًا على الغوطة الشرقية، حيث دارت معارك بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة والفصائل الإسلامية من جهة أخرى، في محيط بلدة الفضائية في منطقة المرج في الغوطة الشرقية، فيما تعرضت قرية حرستا القنطرة لقصف من قبل مدفعية النظام. وأعلن ناشطون أن «كتائب الأسد نفذت حملة مداهمات لمنازل في قرية عين منين بالقلمون الغربي، واعتقلت عددًا من المواطنين، من أبناء البلدة».
الجبهة الجنوبية كانت مسرحًا للتصعيد العسكري أيضًا، حيث أصيب مدنيون جراء سقوط صاروخ أرض - أرض على درعا البلد، فيما اغتال مسلحون مجهولون 3 عناصر من فصيل مقاتل في بلدة الحارة بريف درعا، بإطلاق النار عليهم ولاذوا بالفرار، في حين سقطت قذيفة أطلقتها قوات النظام على منطقة في أطراف مدينة إنخل بريف درعا، ولم ترد معلومات عن سقوط إصابات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».