الرعد بعد العاصفة.. أدوار سعودية جديدة

من اجتراح الحلول السياسية إلى التحالف وصولاً إلى الحشد العسكري

الرعد بعد العاصفة.. أدوار سعودية جديدة
TT

الرعد بعد العاصفة.. أدوار سعودية جديدة

الرعد بعد العاصفة.. أدوار سعودية جديدة

ما زالت أصداء تصريح المتحدث والمستشار العسكري لوزير الدفاع السعودي «العميد أحمد عسيري» عن استعداد الرياض للقتال في سوريا برًا، وسط تأكيدات بأن التدخل العسكري السعودي «إن تم» سيكون محدودًا، وسيستهدف تنظيم داعش ضمن تحالف دولي من شأنه تقوية هذا التدخل ومنحه الشرعية القانونية.
تقف السعودية عند حدود التلويح بالتدخل البري أو ببناء تحالف إسلامي عربي بهدف مكافحة الإرهاب؛ بل ذهبت أبعد من ذلك في نصرة الشعب السوري حيث طالبت بإنشاء لجنة تحقيق تدعمها الأمم المتحدة إلى إحالة نظام الأسد وتنظيم داعش إلى محكمة الجنايات الدولية أو لمحكمة جرائم حرب متخصصة لارتكابهما جرائم ضد الإنسانية بحق المدنيين السوريين، وطالب مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبد الله المعلمي، الجمعية العامة بتولي قيادة العمل في المسألة السورية، والضغط على مجلس الأمن لاتخاذ اللازم لوقف جرائم النظام، وقد سبق ذلك موقف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الذي دعا بدوره إلى تسليم المعارضة السورية صواريخ مضادة للطيران، موضحًا في الوقت نفسه أن هذا القرار يعود إلى «التحالف الدولي». مؤكدًا سياسة الحزم التي تنتهجها المملكة في قطع دابر الإرهاب وتقويض استقرار الأوطان بقوله: «نعتقد أن إدخال صواريخ أرض جو سيغير موازين القوى على الأرض»، ورد بـ«نعم» على سؤال حول ما إذا كان يؤيد تسليم هذا النوع من الأسلحة إلى المعارضة.
ثوابت سياسية
وقبل محاولة قراءة هذا السلوك السعودي الحازم تجاه الأزمة في سوريا، يجب التأكيد على أن المملكة تنطلق من ثوابت سياسية مشفوعة بعدم تجاوز الشرعية الدولية ولذلك فإنها لن تخوض حربًا برية دون تفويض دولي تجنبًا للتبعات القانونية أو الوقوع في فخ التدخل السيادي الذي تمارسه إيران على سبيل المثال، ولذلك تحرص السعودية منذ لحظة إعلان إمكانية التدخل البري أن هذا التدخل مشروط التحالف الدولي وليس بشكل منفرد.
تحرك السعودية عسكريًا هو رسالة مفادها أنه لا يحق لأي أحد من الأطراف الإقليمية أو الدولية الانفراد بالحل في سوريا، كما أن اتخاذ قتال «داعش» كذريعة لضرب المعارضات المعتدلة المكونة من أبناء الشعب السوري هو جريمة يجب أن تتوقف ولا يمكن أن تستمر ذريعة روسيا وإيران باتخاذ «داعش» حجة لتدمير المعارضة السورية الوطنية، التي لا علاقة لها بالجماعات المتطرفة والمقاتلين الأجانب، بل إن إضعاف «داعش» بالقضاء على معظم كوادره التنظيمية، مما سيعزز حالة المقاومة السورية المستهدفة من الإرهابيين كما هو الحال أيضًا من لدن قوات نظام الأسد وحلفائه.
إنقاذ المعارضة
تسعى المملكة بهذا الإعلان إلى إنقاذ المعارضة السورية المعتدلة وتغيير معادلات الأرض، وفي هذا السياق ينبه «أندرياس كريغ» المتخصص في الدراسات الدفاعية بكلية لندن على أن حزم السعودية الجديد يعني أنها «مستميتة للقيام بشيء ما في سوريا»، مضيفًا: «إن المعارضة (المعتدلة) تواجه خطر التعرض لهزيمة كبيرة في حال سيطرت قوات النظام على حلب، خصوصًا بعدما تمكنت الميليشيات الداعمة للنظام السوري من السيطرة على بلدات عدة وقطع طريق إمداد رئيسي لمقاتلي المعارضة يربط مدينة حلب بالريف الشمالي حتى تركيا، بغطاء جوي روسي».
بالتأكيد فإن السعودية لا تنوي فتح جبهة عريضة أو دائمة في الأراضي السورية، بل على الأرجح هو أشبه بالعلاج بالكي في آخر مراحل المرض، بعد أن تيقنت الدبلوماسية السعودية أن فرصة التوصل إلى حلّ سلمي للأزمة السورية محدودة جدا، ومع ذلك فيتوقع أن يكون التدخل السعودي الذي لم تعلن تفاصيله بشكل واضح حتى الآن محدودًا بكسر الانفراد الروسي الإيراني مع النظام على الأرض في سوريا، وهو الأمر الذي تحسس منه ملالي طهران التي أطلقت عدتها الإعلامية عبر حزمة متناقضة من التصريحات حول التدخل السعودي البري ما بين التنديد والتهديد ومحاولة إبداء قدرتها على التعاون في حال طلبت السعودية ذلك.
النظام الأسدي على لسان وزير خارجيته وليد المعلم كان الأكثر صراخًا تجاه الموقف السعودي الجديد حيث أطلق تهديداته التي تذكرنا بعبارات الصحّاف إبان الغزو الأميركي للعراق، متوعدًا كل من يدخل الأراضي السورية بالعودة في تابوت إلى بلاده.
مياه راكدة
الموقف السعودي الجديد حرّك المياه السياسية الراكدة وحاول إيقاظ حالة السبات التي تعاني منها الولايات المتحدة الأميركية فيما يخص الملف السوري، فقد تلقى الأميركيون الخبر بتفاؤل وترحيب، وصرح المتحدث باسم قيادة القوات الأميركية في الشرق الأوسط الكولونيل باتريك رايدر بأن إعلان السعودية للتدخل دليل على أنها تبحث عن سبل لتعزيز مشاركتها في التحالف ضد تنظيم داعش.
والحال أننا بإزاء تدخل سعودي عسكري وسياسي ولوجيستي قد يمنح الفرصة الأخيرة للشعب السوري المغلوب على أمره، والذي لا يزال يدفع الثمن باهظا إزاء تبلّد المجتمع الدولي، أن تسعى المعارضة السياسية في الخارج، مدعومة بالإنجازات على الأرض، إلى إغراء المناخ السياسي الدولي بأنها «البديل» المؤهل لقيادة البلاد، بعد أن اكتسب «النظام الأسدي»، ويا للأسف، شرعية الخيار الأسوأ في دوائر كثيرة الآن تتحدث عن قلقها من رحيله، في سابقة سياسية ستكون لها آثارها في المنطقة؛ فالاحتفاظ بشرعية نظام نكّل بشعبه وقتل منهم ما يقترب من حدود المائة ألف، فصل جديد في طبيعة علاقة الدولة القطرية بالقوى الدولية، عدا أنه، وعلى مرأى ومسمع الجميع، اجترّ «لبنان» عبر حليفه ميليشيا حزب الله إلى تفكيك منطق بنية الدولة اللبنانية، عبر دخول مكوّن سياسي عسكري كحزب الله للقتال في سوريا، ولاحقا تأديب اللبنانيين المعترضين على ذلك أمام السفارة الإيرانية، وقتل أحد المتظاهرين على طريقة العقاب المباشر، الذي يبعث أكثر من رسالة للداخل والخارج.
والسؤال هنا، عن المعارضة السورية ودورها في تخفيف صلف المجتمع الدولي ليس بغرض تحميلها جزءا من المسؤولية، بقدر ما أنه بحث عن حلول سياسية خارج دائرة القتال على الأرض.
مرحلة مفصلية
الأكيد أننا إزاء مرحلة مفصلية تقودها السعودية اليوم على مستوى السياسة الخارجية بشكل غير مسبوق، وبسبب تداعي الأحداث في المنطقة الذي أفضى إلى وضع سياسي في غاية التعقيد بين دول منهارة وأخرى منهكة من آثار فشل الربيع العربي وثالثة مستهدفة من التمدد الإيراني ووكلائه وبلدان باتت مرتعًا للإرهاب بكل أشكاله وأنواعه من الإرهاب الطائفي إلى الأقليات إلى الإرهاب الأممي الذي تقوده «داعش» بعد «القاعدة» إلى الإرهاب المعولم بسبب تحولات في أهداف الجماعات المتطرفة المؤمنة بالتغيير المسلح وإقامة دولة إسلامية أصولية من شأنها أن تكون مظلة لكل المقاتلين الراديكاليين بغض النظر عن انتماءاتهم الضيقة.
استهداف الداخل
ويمكن القول إن إعلان السعودية نيتها في التدخل المباشر لحل الأزمة السورية ومحاربة إرهاب «داعش» في مناطقه بعد أن بات يرسل أفراده المهووسين بالموت من أجل دولة البغدادي إلى الداخل السعودي ومحاولة استغلال الفراغ السياسي في اليمن وبناء قاعدة جماهيرية عريضة، وهو ما يعني أن يحاول التنظيم الهجرة إلى تلك الديار أو تكثيف حضوره وتحويل عاصمته إلى ليبيا، وتريد السعودية أن تقضي على التنظيم في عقر داره ومركز قوته دون تركه يتمدد بشكل أخطبوطي في أكثر من بلد ترتفع فيه جاذبية دعايته الأصولية المتشددة.
أهمية التحالف
ومن المهم هنا التأكيد على أهمية التحالف الإسلامي الذي تشكل قريبًا بقيادة سعودية والذي يهدف إلى توحيد الجهود والرؤى في مكافحة الإرهاب بدءًا من تعريفه وتقييم الحالة التي يمر بها ووصولاً إلى قطع الطريق على الدعاية الفكرية والثقافية والتغلغل الاجتماعي قبل استهداف الكوادر على الأرض بعمليات بريّة واسعة، وهو جزء من سيناريو الحل، لكنه ليس كل الحلّ الذي تتضافر فيه الجهود من كل فئات المجتمع وليس تضخيم العبء على الأجهزة الأمنية لوحدها التي تنوء بإرهاب الفوضى، حيث تحاول «داعش» العبث بأمن المنطقة وخصوصًا الخليج عبر بوابة الطائفية.
موقف التدخل المباشر في سوريا لم يأت من فراغ، فهو امتداد لموقف السعودية الثابت تجاه المشروع الإيراني في المنطقة، الذي بدأ تشكل الرؤية السعودية فيه مبكرًا منذ إعلانها ضرورة رحيل نظام بشار الأسد، ودعم المعارضة المعتدلة ومعارضة التدخل لصالح تثبيت النظام أو اقتطاع جزء من الأراضي السورية لإنشاء دولة علوية كما يذاع هذه الأيام، كما أنه من جهة أخرى يقطع الطريق على انفراد روسيا برسم حدود التدخل والحل في سوريا واستهداف المدنيين بغارات جوية وتوسيع مناطق نفوذ النظام وفك ضغط مواجهته عبر استهداف المعارضة المعتدلة. شهد عصر الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز عددًا من الإنجازات في مجالاتٍ عدة، منها السياسة الخارجية لبلاده؛ فقد أطلق شرارة الوحدة الخليجية، ونجح في ترتيب البيت الخليجي، وعاصر مرحلة جديدة يُؤمل أن يتحقَّق الاستقرار خلالها في جمهورية مصر العربية، وشهد إعلان الحرب على ما يُسَمَّى بتنظيم داعش ضمن تحالف عسكري خارج حدود الدولة في سابقة لم تعهدها السياسة السعودية.
عهد جديد
عهد خادم الحرمين الملك سلمان بدأ بمنعطفات مفصلية في تاريخ المنطقة، واستقبل في بداية تسنمه لزمام الحكم عددًا من الملفات والأزمات الإقليمية والدولية، لكنه وفق خبرته الطويلة في العمل السياسي منذ عهد المؤسس استجاب للتحديات ومارس صناعة القرار ودشن عهدًا جديدًا شعاره الحزم على مستوى الداخل والخارج، وإعادة الأمل للمناطق المنكوبة، وأولوية الإنسان السعودي في الداخل فوق كل اعتبار.
مرحلة حزم شاملة
أطلق الملك سلمان مرحلة الحزم وقام بتعيينات منذ البداية في مناصب أمنية ودفاعية لتحصين وضعية الاستقرار التي يعرف الخليجيون فضلها بعد أن عصفت بالمنطقة انهيارات الربيع العربي، وتحول كثير من المواقع إلى مناطق هشة لنمو الإرهاب والميليشيات المسلحة بشقيها السني والشيعي، لذلك لم يكن من المستغرب هذا الاهتمام المبكر في عهد الملك سلمان بالبعدين الأمني والدفاعي بعد استفحال البيئة المنتجة للإرهاب في مناطق التوتر، كما أن هذا التحرك هو سعي حثيث لطرح استراتيجيات احترازية في التعامل مع تداعيات التنظيمات الإرهابية كـ«القاعدة» و«داعش» والحوثيين (أنصار الله) إضافة إلى انتهاكات الميليشيات والأحزاب الشيعية بدءًا بحزب الله ووصولاً إلى الميلشيات الشيعية في العراق التي هشمت مفهوم الدولة المستقلة في عراق ما بعد الغزو الأميركي.
ومن المرجح أن تبادر المملكة بعد انتهاء عاصفة الحزم في اليمن وبدء إعادة الأمل، وبدء العمليات ضد تنظيم داعش في مناطق التوتر، أن تبادر إلى التأثير في دعم سياسات السلام والأمن الدولية وأخذ مكانها الطبيعي في المجتمع الدولي وقيادة العالم الإسلامي إلى مزيد من الاعتدال ومحاربة التطرف تتبعها واشنطن.
إضاعة وقت
للأسف أصبحت كل أزمات المنطقة مرتبطة بشكل ما بمآلات الأزمة السورية، ربما لهذا السبب تحديدا أدرك الأسد ضرورة استثمار حالة «الفزع» التي يعيشها المجتمع الدولي تجاه سوريا بمحاولة التحذير من انهيار الوضع كلما تقدم وضع المعارضة، كما أن حالة الطمأنينة بين «داعش» والنظام ودخول الميليشيات الشيعية على الخط زادا من تعقيد الوضع.
أولوية طهران
وإذا كانت أولوية طهران هي بقاء الأسد، بما يمثله ذلك من الحفاظ على مكاسبها في المنطقة، وعلى رأسها إبقاء فعالية حزب الله في لبنان، فإن من المهم الآن خلق طبقة سياسية مؤمنة بشعار «سوريا للجميع»، بما يعنيه ذلك من الحفاظ على التنوع العرقي والسياسي والمذهبي في سوريا ما بعد الأسد، التي ستعاني كثيرًا من استقطاب كل أولئك المهاجرين الذين قاسوا الويلات للهروب من نيران الحرب. وبحسب ليز سلاي، مراسلة «واشنطن بوست»، فإن سوريا أصبحت أكبر مصدر للاجئين في العالم منذ أكثر من أربعة عقود، ومن يتابع تقارير مجموعات الأزمات الدولية حول الأطفال السوريين، سيدرك أي مستقبل قاتم ينتظر المنطقة، لا سيما مع جنوح كثير منهم إلى تيارات العنف والتطرف في محاولة للعيش الآمن في جوف الوحش كما يعبر «بيتر هارلينغ» في تقريره الأخير عن وضعية الأطفال السوريين داخل مناطق التوتر: «هنا جيل بأكمله محروم من أي شيء يحلمون به أو يؤمنون به».
هيمنة الإرهاب
التعويل على القوى الغربية في الملف السوري أقرب لإضاعة الوقت، ومع ذلك يجب أن يتم الضغط لخلق حملة دولية رادعة وقوية بهدف حماية ما تبقى من الشعب والمدنيين لا يبدو الأمر سوى استنزاف للوقت والمزيد من الدماء، وتضخم حالة العنف وتحويلها إلى جزء من الحياة اليومية، وقد تفاقم الوضع في المناطق التي تخضع لهيمنة الجماعات الإرهابية، التي لا ترى في نفسها جماعات إصلاح سياسي بل قوى معسكرة تسعى عبر الإرهاب الطويل إلى تأسيس لدولة عابرة للحدود، وهو ما يجعل اختيار الأولويات في هذه المرحلة أمرًا صعبًا للغاية.. لكن البداية الفعلية لمستقبل سوريا هي رحيل نظام الأسد، فهو السبب الرئيسي وكل ما عداه مجرد أعراض لأزمات مزمنة تعيشها المنطقة منذ عقود.

أضغط هنا لمزيد من التقارير والتحقيقات والحوارات بشأن مناورة رعد الشمال



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».