استبعد مستثمرو صناعة مياه الشرب المعبأة في السعودية، رفع أسعار المنتجات الفترة المقبلة جراء ارتفاع تكاليف التشغيل، وعلى رأسها تكلفة الكهرباء والوقود، مرجعين ذلك لشدة المنافسة التي يشهدها هذا القطاع في السوق السعودية، وكي لا تفقد شركات مياه الشرب المعبأة حصتها السوقية، خاصة أن الطلب عليها يحقق نسبا عالية طيلة العام.
ويؤكد مستثمرون سعوديون أن حجم الطلب على القطاع يفوق العرض، مما يجعل هذه القناة الاستثمارية متعطشة لتدفق رؤوس الأموال الجديدة، ووفقًا لبعض التقارير فإن شركات المياه الغازية على مستوى العالم، التي تعبئ المياه في الوقت الحالي تحقق إيرادات من المياه المعبأة تفوق تلك التي تحققها من المشروبات الغازية، أي أن النمو الهائل للقطاع مستمر عالميًا ومحليًا.
ويرى محمد الفاضل، مالك مصنع مناهل القصيم للمياه الصحية، أن عدد مصانع مياه الشرب السعودية (التي تتراوح بحدود الـ100 مصنع) ليست بالكافية لتغطية حجم الطلب المتزايد، قائلاً: «نحتاج ألف مصنع للمياه، فكميات الطلب في فصل الصيف عالية جدا، ولا نستطيع تغطيتها»، وأكد أن ارتفاع تكاليف التشغيل من المتوقع أن يؤثر بشكل كبير على القطاع، خاصة بالنسبة لارتفاع تكلفة الكهرباء. ويتابع الفاضل حديثه لـ«الشرق الأوسط» مستبعدا زيادة أسعار منتجات المياه جراء هذا الارتفاع في تكاليف الإنتاج، قائلا: «من المفترض أن تكون هناك زيادة سعرية، لكن المشكلة أن المنافسة كبيرة جدا في القطاع»، مشيرًا إلى أن ربحية الشركات أصبح ضعيفا مقارنة بالسابق «سابقا كنا نربح في كرتون المياه الواحد من ريالين إلى ريالين ونصف، الآن بالكاد نربح نصف ريال عن الكرتون».
وحذر من أن استمرار التحديات التي تواجه القطاع قد تؤدي إلى تسرب المستثمرين إلى الدول الخليجية المجاورة، مطالبًا بضرورة إعادة فتح باب التصدير لدول الخليج في فصل الشتاء، لتصريف الفائض من الإنتاج، حيث إن السعودية واعتبارا من عام 2012 أوقفت تصدير مياه الشرب بأنواعها بهدف تغطية الطلب المحلي المتنامي على هذه المياه.
وتجدر الإشارة إلى أن مصانع مياه الشرب المعبأة تتفاوت طاقتها الإنتاجية بشكل كبير جدا، إذ أن بعض هذه المصانع لا ينتج إلا نوعا واحدا فقط، بينما المصانع الكبيرة التي تمتاز بإنتاجيتها الضخمة لا تتجاوز حدود الخمسة مصانع تقريبًا، بحسب الفاضل، الذي يرى ضرورة خفض نسبة السعودة في القطاع لتحفيز الاستثمارات في صناعة مياه الشرب، والعمل على تذليل معوقات هذه الصناعة.
من جهته، يرى محمد الغامدي، مدير عام مصنع الحرمين لتحلية المياه، أن قطاع تصنيع مياه الشرب المعبأة تأثر بارتفاع تكلفة الكهرباء بصورة كبيرة، قائلا: «هذا الارتفاع قلص من توقعاتنا في الموازنات من ناحية الهامش الربحي، لكنها زيادة معقولة إلى حد ما، ونأمل أن لا تزيد مستقبلا، أما أن يكون ذلك سببا في خروج المستثمرين من السوق المحلية، فلا أتوقع ذلك».
وأوضح الغامدي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك عدة عوامل تعيق مسألة رفع أسعار منتجات مياه الشرب المعبأة، قائلا: «توجد شركات ومصانع صغيرة، بعضها غير مسجل وتدار من قبل العمالة الوافدة الذين يلعبون في سوق مياه الشرب، ووجودهم يعيق رفع السعر في القطاع، لكن الزيادة واردة لدى المدى البعيد بالنسبة للشركات المعتبرة ذات الجودة والنوعية العالية».
وبحسب دراسة حديثة أطلعت «الشرق الأوسط» عليها، أعدتها منظمة الخليج للاستشارات الصناعية، بعنوان (صناعة وتجارة مياه الشرب المعبأة في دول مجلس التعاون الخليجي)، فإن السعودية تضم نحو 96 مصنعا يعمل على إنتاج مياه الشرب المعبأة بما فيها مصانع المرطبات التي تنتج مياه الشرب كمنتج ثانوي، أي بنسبة 52.5 في المائة من إجمالي عدد المصانع العاملة في دول مجلس التعاون، وحازت السعودية على 79.2 في المائة من إجمالي قيمة الاستثمارات المتراكمة في صناعة مياه الشرب المعبأة بدول الخليج.
وتظهر الدراسة تفاوت كميات الاستهلاك من دولة خليجية لأخرى حسب عدد السكان والعادات السائدة وغير ذلك، وتعتبر السعودية من أكثر دول المجلس استهلاكا لمياه الشرب المعبأة، وذلك بسبب ارتفاع عدد سكانها من جهة؛ ومتطلبات مواسم الحج والعمرة من جهة ثانية، حيث قدر استهلاكها عام 2013 بنحو 9.2 مليار لتر، أي بنسبة 65.1 في المائة من إجمالي الاستهلاك الظاهري لدول المجلس.
ومن المتوقع أن تستهلك السعودية نحو 13.8 مليار لتر بحلول 2020. بحسب هذه الدراسة، أي بنسبة 65 في المائة تقريبا من مجموع استهلاك دول مجلس التعاون، تليها الإمارات بنسبة 23 في المائة، أي أنهما سوف يستهلكان قرابة 88 في المائة من مياه الشرب المعبأة في دول المجلس، وتتوزع النسبة الباقية وقدرها 12 في المائة على دول المجلس الأخرى.
في حين تكشف منظمة الخليج للاستشارات الصناعية (جويك) عن ازدياد عدد المصانع العاملة في إنتاج مياه الشرب بشكل ثانوي من 106 مصانع عام 2003 إلى 183 مصنعا عام 2013. وبالمقابل فقد ازدادت استثماراتها التراكمية من 446 مليون دولار إلى أكثر من 1.6 مليار دولار خلال الفترة نفسها، مما يشير إلى ضخامة المشروعات الجديدة التي تمت إقامتها خلال الفترة القليلة الماضية لمواجهة الطلب المتزايد على مياه الشرب المعبأة. وأشارت المنظمة إلى ارتفاع عدد القوى العاملة في هذا القطاع من نحو 10 آلاف عامل إلى 25.6 ألف عامل وللفترة نفسها.
شركات مياه الشرب في السعودية تستبعد رفع الأسعار
القطاع يمتلك فرصًا واعدة للاستثمار
شركات مياه الشرب في السعودية تستبعد رفع الأسعار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة