الخارجية المصرية ترفض انتقادات البرلمان الأوروبي لملفها الحقوقي وتصف موقفه بـ«غير المنصف»

قالت إن «التزام الحكومة باحترام حقوق الإنسان والحريات التزام أصيل لا حياد عنه»

الخارجية المصرية ترفض انتقادات البرلمان الأوروبي لملفها الحقوقي وتصف موقفه بـ«غير المنصف»
TT

الخارجية المصرية ترفض انتقادات البرلمان الأوروبي لملفها الحقوقي وتصف موقفه بـ«غير المنصف»

الخارجية المصرية ترفض انتقادات البرلمان الأوروبي لملفها الحقوقي وتصف موقفه بـ«غير المنصف»

رفضت وزارة الخارجية المصرية، أمس، استباق البرلمان الأوروبي نتائج التحقيقات حول حادث مقتل طالب إيطالي في القاهرة، وإصداره بيانا يدين مصر. واعتبرت أن إقحام قضية مقتل الطالب الإيطالي في قرار يتناول أوضاع حقوق الإنسان في مصر يحمل «إيحاءات مرفوضة». وأعرب المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم الخارجية، عن أسفه لصدور قرار البرلمان الأوروبي بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر «بهذا الشكل غير المنصف».
وقال أبو زيد إن ما جاء في البيان لا يتفق مع حقيقة الأوضاع في مصر، ويعتمد على أحاديث وادعاءات مرسلة لا تستند إلى أي دلائل، مشيرا إلى أنه من المؤسف أن تتعامل مؤسسات تشريعية عريقة مثل البرلمان الأوروبي مع اتهامات غير موثقة وتقارير إعلامية مرسلة على أنها حقائق وأدلة دامغة تصدر على أساسها قرارات البرلمان.
وكان البرلمان الأوروبي أدان الخميس الماضي «تعذيب وقتل» الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، مطالبا السلطات المصرية بالتعاون في التحقيقات وتقديم الجناة إلى العدالة في أسرع وقت. ووافق البرلمان بالإجماع على قرار خاص بأوضاع حقوق الإنسان في مصر، حيث رفض القرار 10 أعضاء من أصل 598 عضوا.
ويشير بيان البرلمان الأوروبي والبيان المصري إلى حادث مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي اختفى في القاهرة أواخر شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، قبل العثور على جثته وعليها آثار تعذيب وصفت بـ«الوحشية» أوائل فبراير (شباط) الماضي، ورغم مرور نحو شهر على الواقعة فلم تتوصل التحقيقات المصرية إلى الجناة.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية إن التزام الحكومة المصرية باحترام حقوق الإنسان والحريات التزام أصيل لا حياد عنه، وإن التعذيب جريمة منصوص عليها بوضوح لا يحتمل الشك في الدستور المصري، وإنه كان يأمل أن يتم البناء على ما تضمنه القرار من إعادة التأكيد على استراتيجية العلاقات المصرية الأوروبية، ودعم جهود مصر في مكافحة الإرهاب، ودعم الشراكة الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي ومصر، لإصدار قرار أكثر توازنا يحمي ويصون ويدعم العلاقات الأوروبية المصرية ولا يقوضها أو يشكك في صلابتها.
ولفت أبو زيد إلى أن ادعاءات الاختفاء القسري في مصر قد تم الرد عليها بالفعل من جانب السلطات المصرية المعنية، وتم إثبات أن الغالبية العظمى منها لمتهمين محبوسين على ذمة قضايا محددة وموثقة وليست حالات لاختفاء قسري مثلما يتم الادعاء، بالإضافة إلى كثير من الادعاءات الأخرى بشأن الاعتقالات والتضييق على الحريات الواردة في القرار.
ولم يكتف البيان الأوروبي بانتقاد قتل ريجيني، لكنه أدان أيضا حالات الاختفاء القسري وأحكام الإعدام الجماعي بمصر، ودعا الحكومة إلى وقف قرار إغلاق مركز «النديم»، ووضع نهاية للتحرش بالمنظمة المصرية للحقوق والحريات.
وشكت منظمات حقوقية في مصر من التضييق، كما منعت السلطات الأمنية خلال الشهور الماضية عددا من نشطاء العمل الحقوقي من السفر، كما طالب المجلس القومي لحقوق الإنسان (شبه الحكومي) بإيضاحات بشأن حالات اختفاء قسري لعشرات الأفراد خلال الشهور الماضية.
وكان البيان الأوروبي طالب مصر بتقديم المعلومات والأوراق اللازمة للسلطات الإيطالية، لضمان تحقيق مشترك سريع وشفاف وحيادي في قضية مقتل ريجيني. وقال البرلمان الأوروبي، في بيانه، إن «البرلمان يندد بشدة بتعرض المواطن الإيطالي جوليو ريجيني للتعذيب والقتل في ظروف مشتبه بها».
ونفت وزارة الداخلية المصرية ما تداولته بعض وسائل الإعلام والصحف الغربية حول إلقاء عناصر أمنية مصرية القبض على ريجيني قبل مقتله، وقالت إن المعلومات المتوافرة بشأن مقتل ريجيني تطرح جميع الاحتمالات، من بينها الشبهة الجنائية أو الرغبة في الانتقام لدوافع شخصية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».