ماذا يعني اختلاف القانونيين حول «المباراة القضية»

حالة «القادسية والاتحاد» ستجبر اتحاد الكرة السعودي على تعديل لوائحه

الحكم الدولي تركي الخضير قد يكون سببًا في إصلاح اللائحة بعد خطئه الكبير في «المباراة القضية» (تصوير: محمد المانع)
الحكم الدولي تركي الخضير قد يكون سببًا في إصلاح اللائحة بعد خطئه الكبير في «المباراة القضية» (تصوير: محمد المانع)
TT

ماذا يعني اختلاف القانونيين حول «المباراة القضية»

الحكم الدولي تركي الخضير قد يكون سببًا في إصلاح اللائحة بعد خطئه الكبير في «المباراة القضية» (تصوير: محمد المانع)
الحكم الدولي تركي الخضير قد يكون سببًا في إصلاح اللائحة بعد خطئه الكبير في «المباراة القضية» (تصوير: محمد المانع)

لا يزال قرار لجنة الاستئناف القاضي بإحالة قضية مباراة القادسية والاتحاد إلى رابطة دوري المحترفين السعودي للبت فيها هو الحدث الأبرز في الأيام الماضية بعدما عادت القضية للواجهة من جديد بفضل قرار اللجنة، خاصة مع ترقب أنصار جماهير الاتحاد بصدور قرار إعادة المباراة على أمل تحقيق الانتصار واعتلاء الصدارة.
قرار لجنة الاستئناف الأخير أثار جدلا كبيرا حول قانونية إحالة المباراة لرابطة دوري المحترفين السعودي، وهي جهة تنظيمية لا قضائية من شأنها البت في أمور قانونية، وهو الأمر الذي اتفق معه جل القانونيون من خارج منظومة اتحاد كرة القدم السعودي.
القضية التي تأخرت كثيرا باتت ذات أطراف كثيرة، وذلك بعدما أكد نائب رئيس الهلال عبد الرحمن النمر أنهم في مجلس الإدارة يترقبون مصير احتجاج فريق الاتحاد على مواجهة فريق القادسية، موضحًا في حديثه التلفزيوني أنه «في حال إعادة مواجهة الاتحاد والقادسية سنحتج على مواجهتنا مع الاتحاد».
كما أعلن معدي الهاجري رئيس نادي القادسية في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»: «أنهم موافقون على إعادة مباراتهم أمام الاتحاد بفضل الخطأ الذي ارتكبه حكم المباراة تركي الخضير على أن تعاد مباراتنا أمام الرائد التي أعقبتها بجولة واحدة».
حديث نائب رئيس الهلال ورئيس القادسية والمطالبة بإعادة المباريات التي أعقبت مباراة الاتحاد مع القادسية تأتي لارتباطها بقرارات إيقاف لعدد من اللاعبين الذين حرموا من المشاركة في الجولة التي تليها أو حتى استفادوا من انقضاء عقوبة الإيقاف في مباراة القادسية والاتحاد وشاركوا في الجولة التي أعقبتها.
وبعيدًا عن الأطراف الجديدة التي دخلت على القضية يبدو أن وجهة القضية الأنسب قد تتجه للجنة الانضباط بحسب آراء القانونيين، وهي الجهة القضائية التي رأت في البداية أنها ليست ذات اختصاص بالقضية لتحال إلى لجنة المسابقات والتي أصدرت قرارا بعدم إعادتها إذ بنت ذلك بتقرير حكم المباراة ورأي رئيس لجنة الحكام عمر المهنا ومدير دائرة التحكيم الإنجليزي هاورد ويب لكن نادي الاتحاد استأنف ضد القرار لينجح في نقضه عبر قرار لجنة الاستئناف التي أحالته بدورها إلى الرابطة لتحدث ضجة كبرى بشأن ذلك.
المحامي خالد البابطين الذي ترأس قبل فترة قليلة رئاسة لجنة الانضباط قبل أن يتم إبعاده من قبل تنفيذية اتحاد كرة القدم لأسباب متعددة قال عن هذه القضية: وجود مادة صريحة لمعالجة القضية صعب، مضيفًا: «القضية من اختصاص لجنة الانضباط وفقا للمادة 85 / 2 وأرى فوز الاتحاد بثلاثة أهداف نظيفة لكن هذا القرار يترتب عليه أمر آخر، وهو اعتبار الهلال فائزا أمام الاتحاد كون الأخير أشرك لاعبا كان يجب أن يكون موقوفا في حال أبطلت نتيجة القادسية والاتحاد».
مواصلا البابطين حديثه المفصل عن القضية الأكثر جدلا هذه الفترة، حيث كتب على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «دائما تستجد وقائع لا يوجد مادة قانونية تحكمها بشكل صريح إلا أن هذا لا يمنع معالجتها بطريقة ذكية كالقياس على قواعد قانونية مناسبة»، مضيفا: «البطاقة الحمراء وخطأ الحكم الواضح في عدم إشهاره مسألة انضباطية وتدخل في اختصاص لجنة لانضباط ولا يسوغ الاجتهاد مع وجود النص في المادة 85 / 2».
موضحًا البابطين في هذا الشأن: «استغلال اللاعب وإدارة فريقه لغفلة الحكم على النحو السابق يعد انتهاكا صارخا لمبدأ اللعب النظيف يجب أن تتصدى له لجنة الانضباط»، مضيفا: «نفترض أن المباراة أعيدت وكسبها فريق القادسية، هذا يعني أن قوانين كرة القدم تشجع الفرق على انتهاك مبدأ اللعب النظيف».
واختتم البابطين حديثه عن الخطأ الذي ارتكبه لاعب القادسية أيضًا بجوار حكم المباراة، موضحا: «لم ينفرد حكم المباراة باقتراف الخطأ وإنما صاحبه تعمد اللاعب وإدارة القادسية في اغتنام غفلة الحكم لترتيب الضرر»، مضيفًا: «الخطأ الذي ارتكبه الحكم هو خطأ واضح في قرار انضباطي ويدخل في صلاحيات لجنة الانضباط وتتميز القاعدة القانونية بكونها مجردة، وتنتهي هذه الميزة متى خشي القانوني تبعات التجرد، القرار العادل بوجهة نظري فوز الاتحاد بثلاثة لصفر». وعاد البابطين ليوضح تبعات قرار إعادة المباراة موضحًا: «إعادة المباراة من الناحية القانونية يعني إلغاء المباراة السابقة واعتبارها كأن لم تكن، ومن ثم إلغاء كافة ما ترتب على المباراة السابقة من آثار قانونية».
وأضاف البابطين: «ماذا يعني إلغاء كل الآثار القانونية المترتبة على المباراة الملغاة؟ يعني ببساطة أولا إلغاء البطاقات التي تلقاها اللاعبون في تلك المباراة (الملغاة) ومن ثم وجوب تمكينهم من حق المشاركة في المباراة اللاحقة للمباراة الملغاة».
وتطرق البابطين لدخول فريق الهلال طرفا في القضية بعدما أعلن مسؤولية نيتهم التقدم باحتجاج على مباراتهم أمام الاتحاد حيث قال: «يترتب أيضًا على إلغاء الآثار القانونية للمباراة الملغاة عدم الاعتداد بمشاركة اللاعبين الموقوفين في المباراة الملغاة ومن ثم تصبح مشاركتهم في المباراة اللاحقة للمباراة الملغاة مخالفة قانونية».
وأضاف البابطين: «بهذه الحالة يصبح فريق الاتحاد أشرك لاعبا موقوفا في مباراته أمام الهلال وهذه المخالفة تعاقب عليها لائحة الانضباط بتقرير خسارة فريق الاتحاد مباراته أمام الهلال بثلاثة صفر» مضيفا: «ولا يسوغ بحال من الأحوال إهدار حق فريق الهلال في احتساب النقاط الثلاث لمصلحته في حال أعيدت مباراة فريقي الاتحاد والقادسية».
واختتم البابطين حديثه في هذا الشأن: «ولهذا فإن فريق الاتحاد ومن وراء إعادة المباراة سيزيد رصيده في حال الفوز - نقطتين فقط، وسيخسر ثلاث نقاط وهذا ينافي مقتضيات العقل والمنطق السليم».
من جانبه أوضح إبراهيم الربدي نائب رئيس اللجنة الفنية السابق باتحاد كرة القدم السعودي والذي شغل منصب عضو لجنة الاستئناف في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم لفترة قاربت العام ونصف العام فضلا عن مشاركته في إعداد النظام الأساسي لاتحاد الكرة قبل نحو 4 أعوام أن الخطأ المرتكب في مباراة الاتحاد والقادسية خطأ إداري لا يستوجب إعادة المباراة والقضية من اختصاص الانضباط لا رابطة دوري المحترفين السعودي.
من جهته، أوضح المحامي محمد الدويش أن قرار لجنة الاستئناف ملزم لرابطة دوري المحترفين السعودي فلا تستطيع رفض النظر في القضية ولا إحالتها لجهة أخرى، مضيفا: «الرابطة لا تحتاج لقانوني فالمادة 12 / 5 تجيز لها إعادة المباراة إذا (رأى مقيم الحكام أن الخطأ فني وأقر الحكم بأنه فني)».
أما المحامي والقانوني فهد بارباع فأوضح أنه في حال إعادة مباراة الاتحاد ونظيره القادسية فإنه لا يوجد أي تبعات لهذا القرار، موضحا: «لو افترضنا أن قرار إعادة المباراة قد صدر فلا يمتد أثر إعادة المباراة على نتائج مباريات سابقة أو لاحقة وتبقى النتائج كما هي».
من جانبه أوضح المحامي خالد أبو راشد أن القضية برمتها يجب أن تعود للجنة الحكام الرئيسية فهي من تقرر إذا كان الخطأ إداريًا أم فنيًا يستوجب إعادة المباراة، أما إحالتها إلى رابطة دوري المحترفين فهو ليس من اختصاصها.
من ناحيته، خالف القانوني خالد الشعلان آراء زملائه القانونيين بقوله إن لجنة المسابقات هي المعنية بالاختصاص بحسب المادة 12 / 5 من لائحة المسابقات وفي تعريفات اللائحة ذاتها، موضحًا أنه مع إعادة المباراة.
واختتم جابر سعد أحد النشطاء القانونيين الجدد في الرياضة السعودية أن القضية من اختصاص الانضباط، موضحًا أن إعادة المباراة في حال تم، لا يعني إلغاء ما حدث فيها من قرارات، مبديًا في الوقت ذاته تحفظه من قرار الإعادة.
ورغم الاختلاف حول الاختصاص والإعادة من جانب القانونيين وكذلك رفض لجنة الانضباط تسلم القضية بداعي عدم الاختصاص رغم أنها تملك خبراء في القانون يتقدمهم الدكتور خالد بانصر رئيس اللجنة والأعضاء علي المطلق وعبد العزيز الرشود وبندر الحميداني، ومن ثم رفض لجنة الاستئناف برئيسها القانوني يوسف الجبر والأعضاء مساعد العتيبي وسلطان العبد الكريم وناصر الصقير ودخيل الله الجدعاني إحالة القضية إلى لجنة الانضباط وتمريرها للرابطة بعد نقض قرار المسابقات، فإن الحقيقة تذهب إلى أن اختلاف عشرات القانونيين فيما بينهم حول مَن المختص؟، قد يبرئ ساحة مجلس الإدارة الذي كان من الممتعضين من تحويل القضية إلى الاستئناف في عدم قدرته على معالجة القضية ذاتها باعتبار أن القانونيين اختلفوا في قراري الاختصاص والإعادة فكيف بغير القانونيين سواء من مجلس الإدارة أو الإعلام أو حتى المشجعين. وبحسب مصدر مطلع في اتحاد الكرة السعودي، فإن أحداث كثيرة جرت هذا الموسم تجبر المسؤولين في اللجان القضائية والدائمة على ضرورة تطوير اللوائح كافة وتعديلها لتكون متواكبة مع الأحداث تحسبا لعدم تكرارها في المواسم المقبلة.
ويضيف: «قضية سعيد المولد الخاصة بالاحتراف وقضية عقوبات لاعبي المنتخب السعودي وكذلك قضية الحكم الذي أخطأ في منح لاعب بطاقة صفراء ثلاث مرات متتالية كلها ستجبرنا على إعادة النظر في اللوائح لأن القصة واضحة جدا وتعني ضرورة التطوير والتغيير والتعديل.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».