واشنطن تسابق موسكو على زيادة المطارات العسكرية ورسم معالم سوريا الجديدة

المعارضة تعتبره مؤشرًا للتقسيم والبنتاغون ينفي

مطار قاعدة حميميم العسكرية بريف اللاذقية الذي أعدته موسكو مسرحا لعملياتها الجوية في سوريا (روسيا اليوم)
مطار قاعدة حميميم العسكرية بريف اللاذقية الذي أعدته موسكو مسرحا لعملياتها الجوية في سوريا (روسيا اليوم)
TT

واشنطن تسابق موسكو على زيادة المطارات العسكرية ورسم معالم سوريا الجديدة

مطار قاعدة حميميم العسكرية بريف اللاذقية الذي أعدته موسكو مسرحا لعملياتها الجوية في سوريا (روسيا اليوم)
مطار قاعدة حميميم العسكرية بريف اللاذقية الذي أعدته موسكو مسرحا لعملياتها الجوية في سوريا (روسيا اليوم)

تشهد الساحة السورية سباقًا بين واشنطن وموسكو، حول تعزيز وجودهما العسكري خصوصًا في شمال البلاد، وذلك بعد المعلومات التي تحدثت عن وصول خبراء أميركيين إلى منطقة عين عرب (كوباني) في شمال سوريا، والبدء بوضع الدراسات والخرائط العسكرية اللازمة لإنشاء قاعدة جوية في هذه المنطقة، لتصبح ثاني قاعدة أميركية بعد مطار رميلان في محافظة الحسكة.
وعلى الرغم من نفي وزارة الدفاع الأميركية، تجهيزها مطارات عسكرية في شمال سوريا في إطار المعركة ضد تنظيم داعش. فإن قيادات كردية في كوباني أكدت صحة هذه المعلومات والشروع ببناء القاعدة العسكرية، كما تقاطعت القراءات السياسية والأمنية لخلفيات هذه القاعدة، عند ثابتين أساسيين، الأول محاولة رسم معالم خريطة سوريا الجديدة في حال نجاح مشروع التقسيم أو «الفدرلة» وفق الطرح الروسي، والثاني توجيه رسالة أميركية إلى أنقرة، تفيد بأن واشنطن قادرة على الاستغناء عن خدماتها التي تقدمها لها قاعدة أنجرليك التركية بعدما هدد مسؤولون أتراك بإغلاقها أمام الطائرات الأميركية.
وكان المتحدث باسم البنتاغون الكابتن جيف ديفيس قال للصحافيين مساء الاثنين: «نحن لا نبني أو نشغل أي قواعد جوية في سوريا»، لكنه استدرك قائلاً: «ليس سرًا أن لدينا عناصر هناك، وأننا قمنا بإرسال تجهيزات وهي وصلت إلى هناك بطرقٍ ما، ولكننا لن نكشف عن تلك الطرق». إلا أن المسؤول العسكري في قوات «وحدات حماية الشعب الكردي» إدريس نعسان، قال لـ«الشرق الأوسط»: «من الطبيعي أن ينفي الأميركيون هذا الأمر تفاديًا للابتزاز الذي قد يتعرضون له من جهات إقليمية، ولذلك هم يتجنبون الإفصاح عنه بشكل علني ومباشر». وأوضح أن «النفي الأميركي لا يلغي حقيقة مباشرتهم بإنشاء هذه القاعدة»، لافتًا إلى أن «الناس تشاهد بالعين المجردة الإجراءات العملية على الأرض».
القيادي في الجيش السوري الحرّ العميد أحمد رحال، رأى في هذا القاعدة «مؤشرًا على احتمال تقسيم سوريا إلى مناطق بعضها خاضع للنفوذ الأميركي والبعض الآخر للنفوذ الروسي». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «في حال تحققت الرغبة في التقسيم يكون الشمال السوري دولة كردية تحت النفوذ الأميركي، والدولة العلوية في غرب سوريا تابعة للنفوذ الروسي، وهذا يعني محاولة ضرب كل نضالات الشعب السوري الذي لن يقبل بأي حال من الأحوال تقسيم بلاده».
ونبّه رحال إلى أن «مسألة التقسيم لا تقلق الشعب السوري وحده، بل كل دول الجوار، والمثال على ذلك زيارة رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إلى إيران، وإعلان أنقرة وطهران رفضهما فكرة التقسيم، لأنها تعني تقسيم تركيا وإيران وأغلب دول المنطقة ذات التعددية الطائفي والإثنية»، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن «الظروف الحالية تعني أن هناك خطورة لمثل هذا المشروع، ولأن مقومات الفيدرالية بدأت ترتسم». ولاحظ أن «النظام يخرق الهدنة عند حدود الدولة العلوية، بينما الروس يقومون بخرقها عند حدود حلب». وشدد رحال في الوقت نفسه على أن «زيادة القواعد العسكرية الأميركية تحمل رسالة إلى الأتراك، بأنها قادرة على التخلّي عن استخدام قواعدها العسكرية، والتنسيق معها بما يخص الطلعات الجوية في سوريا».
إلى ذلك، رأى قيادي كردي في كوباني، أن إنشاء القاعدة الجديدة يشكل رسمًا جديدًا للتوازنات الإقليمية وتفعيلاً للحرب على الإرهاب. القيادي الكردي الذي رفض ذكر اسمه، أوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك معلومات تتناقلها مصادر محلية وحزبية، عن وصول خبراء عسكريين أميركيين إلى المنطقة لوضع تصور ميداني لإقامة مطار عسكري في كوباني». وأكد أن «الأميركيين بدأوا بتجهيز مساحات من الأرض بالقرب من بلدة خراب عشق الواقعة على طريق حلب لبناء هذا المطار العسكري». وتشكّل هذه القاعدة في حال إنجازها ثاني قاعدة عسكرية أميركية في شمال سوريا، بعد قاعدة رميلان الأميركية في محافظة الحسكة التي تقع في شمال شرقي سوريا، وتقع في منطقة تضم أكبر حقل نفط في سوريا، ومعروف عنه أنه يغذي مصفاة النفط الواقعة بالقرب من مدينة حمص.
ويبدو أن المطارات العسكرية لها أسباب كثيرة، ويرى القيادي الكردي أن «أهميتها تكمن في قربها من مواقع تنظيم داعش، حيث تستطيع الولايات المتحدة زيادة فعالية طيرانها بكلفة أقل». وقال: «هناك أسباب أخرى تتعلّق بالمصالح الاستراتيجية والتوازنات الإقليمية، والأهم أنها ستكون القواعد الأميركية البديلة عن قاعدة (أنجرليك) التركية، خصوصًا بعد أن هدد مسؤولون أتراك بإغلاقها أمام الطيران الحربي الأميركي».
وعبر المسؤول الكردي عن «ترحيب الإدارة الذاتية وقوات الحماية الكردية والشعب الكردي بشكل عام بالجهود الدولية في مواجهة الإرهاب المتفشّي». وختم قائلاً: «نحن على استعداد تام للتعاون مع الأميركيين وكل القوى المخلصة الراغبة في القضاء على ظاهرة (داعش) الخطيرة التي باتت تهدد المنطقة ككل وليس سوريا وتنوعها فحسب».



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.