بروكسل تحتضن قمة أوروبية ـ تركية لمناقشة سبل وقف تدفق اللاجئين

تاسك يتحدث لأول مرة عن إجماع على استراتيجية شاملة

بروكسل تحتضن قمة أوروبية ـ تركية لمناقشة سبل وقف تدفق اللاجئين
TT

بروكسل تحتضن قمة أوروبية ـ تركية لمناقشة سبل وقف تدفق اللاجئين

بروكسل تحتضن قمة أوروبية ـ تركية لمناقشة سبل وقف تدفق اللاجئين

من المتوقع أن يمارس الاتحاد الأوروبي اليوم في بروكسل ضغوطا على أنقرة لمساعدته في السيطرة على أزمة المهاجرين التي تهدد وجوده، وذلك عبر طرد «المهاجرين الاقتصاديين».
كما يبدي الاتحاد استعدادا لمساعدة اليونان التي يصل إليها المهاجرون من تركيا، وتتوقع وصول مائة ألف منهم بحلول نهاية مارس (آذار). وستعقد الدول الـ28 لقاءها بعد ظهر الاثنين مع رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، بينما يسبب وصول 1.25 مليون طالب لجوء انقساما غير مسبوق داخل الاتحاد.
وقالت مصادر دبلوماسية إن داود أوغلو وصل إلى بروكسل مساء أمس «ليعد للقمة» عبر لقاءات أبرزها مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الهولندي مارك روت، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي. وتأتي هذه القمة الطارئة، وهي الثانية في أقل من أربعة أشهر، في أجواء من الخلاف بين تركيا والاتحاد الأوروبي حول إدارة أنقرة للأزمة.
ويرى المسؤولون الأوروبيون أن أزمة الهجرة تشكل تهديدا وجوديا للاتحاد، وهو ما حذّر منه غي فيرهوفستاد رئيس كتلة الأحزاب الليبرالية في البرلمان الأوروبي، الذي قال في تصريحات صحافية أمس إنه «يجب التحرك وبشكل عاجل لإنقاذ الاتحاد الأوروبي، وإذا لم يتحقق هذا التحرك وبشكل سريع، يمكن أن تنتهي أوروبا».
وفي تصريحاته قال فيرهوفستاد، وهو رئيس وزراء بلجيكا الأسبق، إن «من يعتاد على المسكنات، فلا أمل في علاجه»، وأضاف: «نحن لسنا ببعيد عن هذه الحالة». وفي تعليقه على فشل أوروبا في التعامل مع أزمة الهجرة واللجوء، اعترف فيرهوفستاد بأن الهياكل الأوروبية لا تعمل، وأصبح ذلك واضحا، والدليل هو «أننا لم نستطع أن نتعامل بسرعة وبدقة مع الأزمات».
ويأتي ذلك بعد أن قال دونالد تاسك، رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، إنه يرى «للمرة الأولى منذ بداية أزمة الهجرة واللاجئين»، بداية ظهور إجماع أوروبي حول استراتيجية شاملة في التعامل مع الأزمة، وإنه في حال تنفيذ الاستراتيجية بإخلاص، يمكن أن يساعد ذلك في وقف تدفق المهاجرين ومعالجة الأزمة. وجاء ذلك في رسالة بعثها تاسك إلى قادة دول الاتحاد الأوروبي لدعوتهم للمشاركة في القمة المشتركة مع تركيا.
وقال تاسك في خطابه: «علينا أن نعود إلى شنغن، كما أن الدول على طريق غرب البلقان، ومنها دول من خارج التكتل الموحد على استعداد للعودة إلى التطبيق الكامل للقواعد والقرارات المشتركة وتطوير آليات وقوانين تتوافق مع الظروف الحالية، بما في ذلك ما يتعلق بقواعد شنغن. وفي نفس الوقت نحن في حاجة إلى المضي قدما في التعاون مع تركيا في مواجهة أزمة الهجرة واللاجئين». وبعد أن لمح إلى جولته التي شملت عدة دول أوروبية، ومنها دول في غرب البلقان، شدد تاسك في رسالته التي نشرتها مؤسسات الاتحاد الأوروبي على أهمية التأكيد خلال قمة اليوم على اتباع نهج موحد في التعاطي مع الأزمة، وشدد أيضا على أهمية إغلاق طريق غرب البلقان. واعتبر أن طريق غرب البلقان شكل تحولا كبيرا في تطورات الملف، خاصة أن 880 ألف شخص وصلوا عبر هذا الطريق إلى الاتحاد الأوروبي العام الماضي، و128 ألف شخص خلال الشهرين الأولين من العام الحالي.
وعن قمة بروكسل، قال تاسك إن القمة ستبحث التعاون الأوروبي - التركي في عدد من القضايا، أبرزها أزمة المهاجرين والمصادقة على «خطوات ثابتة» لتنفيذ خطة العمل بين الجانبين في هذا الصدد. ويذكر أنه جرى الإعلان في وقت سابق عن تخصيص 3 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبي لدعم تركيا في هذا المجال، وهناك حديث عن وجود خطط لزيادة الدعم الأوروبي لأنقرة.
من جهتها، تأمل المفوضية الأوروبية أن تنتهي حالة الانقسام السائدة حاليًا بين الدول الأعضاء على خلفية أزمة المهاجرين، التي تشكل أكبر تحد يواجه الاتحاد منذ تأسيسه. ووفقا لتقارير إعلامية في بروكسل، فإن الجهاز التنفيذي الأوروبي يشجع عواصم الدول الأعضاء المترددة بشأن استقبال حصص محددة من اللاجئين، على تغيير موقفها والتضامن مع باقي الدول التي تتعرض لضغط هائل بسبب تدفق اللاجئين من سوريا والعراق وأفغانستان، مثل اليونان وإيطاليا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».