الطاهي: ألين دوكاس.. العنوان: «ريفيا».. والمطبخ: فرنسي إيطالي

فندق «بولغاري» اللندني يدلل الذواقة على طريقة المتوسط

من أطباق ريفيا و طاولات مستديرة لراحة أكبر
من أطباق ريفيا و طاولات مستديرة لراحة أكبر
TT

الطاهي: ألين دوكاس.. العنوان: «ريفيا».. والمطبخ: فرنسي إيطالي

من أطباق ريفيا و طاولات مستديرة لراحة أكبر
من أطباق ريفيا و طاولات مستديرة لراحة أكبر

يكفي أن تلفظ اسم الطاهي الفرنسي العملاق، ألين دوكاس، حتى تشعر بالجوع وتتحرك حاسة الشم والتذوق لديك، فالمعروف عن الطاهي المخضرم باعه الطويل في مجال الطهي وحصد النجوم والجوائز، بسبب خبرته الطويلة وزياراته الكثيرة والمتكررة إلى أسواق المأكولات المفتوحة في إيطاليا وبروفانس الفرنسية، ومنهما اكتسب خبرة لا تضاهيها إلا أطباقه التي تعبق برائحة نفاذة وتشبه لوحات فنية ممهورة بريشة رسام.
وبما أن المشاريع لدى دوكاس لا تتوقف فكان مطعم «ريفيا» Rivea London الواقع داخل فندق «بولغاري» الإيطالي في منطقة نايستبردج من أجدد إنجازات الطاهي، حيث افتتح المطعم عام 2014، وهو يحمل رونقا مختلفا عن باقي المطاعم في المدينة وباقي مطاعم الشيف دوكاس نفسه حول العالم.

الديكور

لا يمكن وصف الديكورات إلا بالأنيقة، فديكور المطعم هو امتداد لديكور البهو الرئيسي للفندق الذي يستعمل فيه خشب الماهوغاني الداكن المتوج مع لفحات من اللون الأزرق الفاتح، وعبر سلم حلزوني وثريا عملاقة تصل إلى المطعم الكائن في الطابق السفلي تجد طاولات غالبيتها مستديرة الشكل، وأعتقد بأن هذه الجلسات هي اجتماعية أكثر ومريحة في الوقت نفسه، وهذه نقطة مهمة، لأن بعض المطاعم تتناسى موضوع المقاعد والراحة وتركز على الديكور الصارخ أو المطبخ فقط، غير أن «ريفيا» نجح في مزج الاثنين معا، فهناك أيضا أرائك وطاولات تناسب المجموعات بأعداد أقل.
المعروف عن فندق «بولغاري» أناقة ديكوره، إن كان في فرعه اللندني أو في فرعه الإيطالي في مدينة ميلانو، والمسؤول عن الديكور في لندن هو المهندس أنتونيو تشيتيريو وباتريسيا فييل وشركاؤهما. ويتميز الفندق في لندن بغرفته الكبرى المخصصة لحفلات العشاء الكبرى، حيث تتسع لمائة وأربعين ضيفا، وبالقرب من مطعم «ريفيا»، وعبر سلم ضيق ومخفي تجد غرفة السيجار التي تعد غرفة التدخين المقفلة الوحيدة من نوعها في لندن، وتضم عددا هائلا من السيجار الكوبي بمختلف الأنواع والميزانيات.

لائحة مميزة

اللافت في المطعم أنه يناسب فترة الغداء والعشاء، ويقدم لائحة طعام مميزة للغداء، فتكون الأطباق خفيفة تراعي شعور معدة رجال الأعمال بعدم التخمة أثناء عقد الاجتماعات وتناول الطعام في الوقت نفسه.

الطعام

يعتمد «ريفيا» على الأطباق الصغيرة على طريقة التاباس الإسبانية، والأهم هو أنه من الممكن مشاركتها بين الأصدقاء لتتذوق أكثر من نكهة وطبق، فإذا كنت من محبي الباستا فتنبه إلى أن حجم الطبق صغير، ولن يكون كافيا مثل طبق رئيسي، لذا من الأفضل طلب طبق آخر مثل كارباتشو التونة، أو البولينتا والقريدس.
ويقدم المطعم كثيرا من أطباق السمك وثمار البحر التي تعتمد على صلصات بنكهات قوية وتعبق منها رائحة البحر المتوسط.
والجميل في لائحة الطعام أنها تجمع ما بين الفرنسي والإيطالي، واختار دوكاس أطباقا رائعة، استطاع الشيف ألكسندر نيكولا الذي تتلمذ على يد الشيف دوكاس، ويعد من المقربين إليه، تطبيقها بطريقة جميلة.
ومن الأطباق اللذيذة طبق الباستا الطازجة مع الفطر والكستناء، وقد يكون هذا الطبق أبرز مثال على النكهات الجميلة التي يقدمها المطعم في قالب عصري يبدو سهلا، لأنه لا يخلط كثيرا من المكونات، لكنه يعرف جيدا كيف يستخرج النكهة ويقدمها بطريقة مميزة.

الخدمة

في كثير من الأحيان يكون الطعام جيدا، والخدمة سيئة، فتترك المطاعم وأنت تفكر في عدم الرجوع إليه، إنما في «ريفيا» الخدمة جيدة، والأهم هو معرفة النادل مكونات كل طبق، بالإضافة إلى تقديمه الرأي والمساعدة للضيف لاختيار الأفضل.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».