هجوم إرهابي يستهدف دارًا للمسنين يسفر عن مقتل 16 في عدن

حكومة بحاح تدين «اليوم الأسود» في العاصمة المؤقتة

دار المسنين والعجزة  التي شهدت الهجوم الإرهابي في عدن أمس (إ.ب.أ)
دار المسنين والعجزة التي شهدت الهجوم الإرهابي في عدن أمس (إ.ب.أ)
TT

هجوم إرهابي يستهدف دارًا للمسنين يسفر عن مقتل 16 في عدن

دار المسنين والعجزة  التي شهدت الهجوم الإرهابي في عدن أمس (إ.ب.أ)
دار المسنين والعجزة التي شهدت الهجوم الإرهابي في عدن أمس (إ.ب.أ)

لقي 16 شخصًا مقتلهم وجرح آخرون في هجوم لمسلحين اقتحموا دارًا للعجزة والمسنين أمس الجمعة بحي الشيخ عثمان شرق شمال العاصمة المؤقتة عدن. وتتوقع مصادر طبية أن العدد قابل للزيادة نتيجة الإصابات الخطيرة للضحايا.
وأوضحت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» أن عددا من المسلحين المجهولين اقتحموا دار للمسنين والعجزة وقت صلاة الجمعة مستخدمين أسلحة رشاشة، وقاموا بقتل حارس البوابة والدخول إلى الدار وقتل العشرات من العمال من جنسيات مختلفة. وتوضح الصور التي تلقتها «الشرق الأوسط» إن المسلحين مارسوا جريمتهم بكل أريحية؛ حيث شرعوا بربط أيدي الضحايا من الخلف وتصويب كل رصاصاتهم القاتلة على منطقتي الرأس والرقبة، في جريمة بشعة هزت عدن والجنوب.
وتشير مصادر عاملة في الدار إلى أن من بين الضحايا عددا كبيرا من الممرضين والممرضات وعمال الخدمات، من جنسيات هندية وأفريقية وإثيوبية، وبينهم يمنيون يعملون موظفين في الدار التي يشرف عليها مكتب الشؤون الاجتماعية بعدن ويتبع وزارة الشؤون الاجتماعية. واستنكرت منظمات مدنية وسياسية الجريمة.
بدوره، وجه نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء خالد بحاح اليوم وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية بمحافظة عدن بسرعة التحقيق في المجزرة التي نفذها مسلحون إرهابيون في دار المسنين، وراح ضحيتها 16 من موظفي الدار، مؤكدًا أن حكومته ستقوم بمهامها «بالتعاون مع كل الشرفاء من أبناء الشعب والأشقاء في دول التحالف العربي من أجل تثبيت وترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في أرجاء الوطن، ونحن على ثقة بالشعب اليمني القادر على تحدي المخاطر والجرائم والإرهاب».
وعبرت حكومة بحاح عن إدانتها للجريمة النكراء وبالغ حزنها وأسفها العميق لأسر وأقارب الضحايا الذين طالتهم يد الغدر والخيانة في دار المسنين. ووفقًا لوكالة «سبأ» الحكومية، فقد شدد بيان بحاح وحكومته على ضرورة قيام وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية بواجبها في ضبط من يقفون خلف الجريمة، والعمل على حفظ الأمن وإعادة السكينة للعاصمة المؤقتة عدن التي باتت تشهد كثيرا من العمليات الإرهابية الممنهجة بغرض التوظيف السياسي ضد شعب اليمن المتطلع لإنهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة.
وعلق المتحدث باسم المقاومة الشعبية الجنوبية علي شائف الحريري، قائلا: «هذه الجريمة البشعة نفذتها خلايا المخلوع صالح والحوثي، وتوضح هذه الجريمة حالة الإفلاس الكبير التي وصلت لها تلك الخلايا في عدن»، مشيرًا إلى أن المخلوع صالح لا يمتلك فقط خلايا للقتل والتفجير، «بل هناك خلايا إعلامية وسياسية، ومنها ما هو مغروس في خاصرة الشرعية».
الحريري قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الغرض من هذه الجريمة البشعة والجرائم الأخرى هو القتل من أجل إرهاب المواطنين، وإظهار عدن على أنها غير آمنة، وإفشال جهود المحافظ عيدروس، ومدير الأمن اللواء شلال علي شايع»، مستدركا: «لو تلاحظ أنه بعد كل جريمة تظهر خلايا إعلامية تقول إن التحالف فشل في عدن، وإن السلطة المحلية فشلت، وهذه ضمن خطة عفاش بعد الهزيمة العسكرية».
وتأتي هذه الجريمة بعد أيام من وصول نائب الرئيس رئيس الوزراء خالد محفوظ بحاح وعدد من وزراء حكومته لمدينة عدن لممارسة مهامهم. وكان بحاح قد عقد لقاء أول من أمس مع قائد شرطة عدن ومحافظ عدن وقيادة المنطقة العسكرية الرابعة، ووجه فيها المسؤولين بالتعامل بحزم مع ما وصفها بالجماعات التخريبية والمتطرفة.
وشهدت عدن منذ تحريرها من ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح عددا من العمليات الإرهابية راح ضحيتها العشرات من الجنود وآخرين مدنيين، حيث تشهد المدينة تحديات واختلالات أمنية مفتعلة، وسط جهود شرطة عدن وقيادة العاصمة والتفاف شعبي ومدني غير مسبوق للتغلب عليها.
وتأتي تلك الجرائم الإرهابية بوصفها عمليات انتقامية، ولبث الرعب في أوساط السكان المحليين المناهضين لجماعات التطرف والإرهاب.
من جهة ثانية، لقي 4 من عناصر «أنصار الشريعة» فرع «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» مصرعهم أمس الجمعة أثناء استهداف طائرة أميركية من دون طيار (درون) سيارتهم في الخط الساحلي بمدينة رضوم بمحافظة شبوة جنوب اليمن، وأوضحت مصادر محلية وأخرى قبلية لـ«الشرق الأوسط» أن طائرة من دون طيار قصفت أمس الجمعة سيارة تابعة لعناصر تنظيم القاعدة في مدينة رضوم الساحلية بصاروخ أدى إلى احتراق السيارة بمن فيها، حيث كانوا في طريقهم من محافظة حضرموت لناحية شبوة.
ويسيطر تنظيم القاعدة على محافظات حضرموت وأجزاء من محافظتي شبوة وأبين؛ حيث يتخذ التنظيم من مدينة المكلا، حاضرة حضرموت، مقرًا، ويتمدد في مدينة عزان بشبوة، وكذلك جعار وزنجبار بمحافظة أبين التي تسيطر عليها «القاعدة» بالكامل. ويواصل الطيران الأميركي (درون) ضرباته للعناصر الإرهابية في المحافظات الجنوبية في حضرموت وشبوة وأبين. كما شن طيران التحالف غارات على التنظيم خلال الأسابيع الماضية في أبين وشبوة وحضرموت.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.