النظام السوري يخرق الهدنة في الغوطة.. و«جبهة النصرة» تلتزم الهدوء

موسكو تتحدث عن اتفاق مع «جيش الإسلام» على وقف إطلاق النار.. والأخير ينفي

أطفال يعاينون آثار الدمار الذي  لحق بسيارة تعرضت للقصف في إدلب (رويترز)
أطفال يعاينون آثار الدمار الذي لحق بسيارة تعرضت للقصف في إدلب (رويترز)
TT

النظام السوري يخرق الهدنة في الغوطة.. و«جبهة النصرة» تلتزم الهدوء

أطفال يعاينون آثار الدمار الذي  لحق بسيارة تعرضت للقصف في إدلب (رويترز)
أطفال يعاينون آثار الدمار الذي لحق بسيارة تعرضت للقصف في إدلب (رويترز)

خرق النظام السوري أمس الهدنة المستمرة منذ أسبوع في منطقة الغوطة بمحافظة ريف دمشق، مستهدفا أطراف مدينة دوما، في وقت تضاربت فيه المعلومات حول ما أشاعته موسكو عن اتفاق مع «جيش الإسلام» على وقف إطلاق النار، وهو ما نفاه الأخير. وفي هذه الأثناء، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن طائرات حربية نفذت ضربتين أمس الجمعة على مشارف مدينة دوما، شمال شرقي دمشق، للمرة الأولى في المدينة منذ سريان اتفاق وقف الأعمال القتالية، لافتا إلى أن شخصًا قتل على الأقل.
وأشار رامي عبد الرحمن مدير «المرصد» إلى أنه لم تُعرف على الفور جنسية الطائرات، بينما قال إسماعيل الداراني، عضو مجلس قيادة الثورة بريف دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن طائرات حربية سورية أغارت على أطراف دوما وعلى سقبا وخان الشيخ، لكن لم تسجل أي خسائر بشرية أو مادية، مرجحا أن تكون الغارات ردا على المظاهرات التي خرجت منددة بالنظام في كل أنحاء سوريا. «المرصد» ذكر أن 3 قذائف أطلقتها قوات الحكومة سقطت في المنطقة ذاتها وأسفرت عن إصابة عدد من الأشخاص؛ بينهم أفراد من الدفاع المدني.
من جهتها، تحدثت تنسيقية مدينة دوما في صفحتها على موقع «فيسبوك» عن «3 غارات حربية عنيفة يعتقد أنها روسية استهدفت أطراف المدينة».
من ناحية أخرى، سجّلت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» 216 خرقًا «موثقًا» منذ بداية الهدنة ومقتل 49 شخصًا، في حين أعلنت وزارة الدفاع الروسية رصدها 41 خرقا للهدنة من قبل المعارضة في سوريا، خلال يومي 2 و3 مارس (آذار) الحالي. في هذا الوقت، نفى «جيش الإسلام» الأنباء التي أوردتها وزارة الدفاع الروسية عن انضمام بعض فصائله إلى مبادرة وقف إطلاق النار في سوريا. وقال النقيب إسلام علوش، المتحدث باسم «جيش الإسلام» في بيان إن «(جيش الإسلام) يُكذِّب الأخبار التي أوردها مركز تنسيق حميميم (التابع لوزارة الدفاع الروسية)، والتي تحدثت عن انضمام قواتنا العاملة في بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي، لاتفاق وقف إطلاق النار»، مؤكدا أنّهم لم يتخذوا «أي قرار بخصوص الهدنة، التي تعتبر هدنة على مستوى سوريا، إلا بالتشاور والتنسيق مع باقي فصائل الثوار العاملة على الأرض ومع الهيئة العليا للمفاوضات».
كانت وزارة الدفاع الروسية قد قالت على موقعها إن هناك اتصالات بين مجموعات «جيش الإسلام» العاملة في الرحيبية وبين قاعدة حميميم العسكرية باللاذقية، وأعلنت خلالها المجموعات موافقتها على المبادرة الروسية لوقف إطلاق النار. وأشار علوش إلى أن «المواجهة مع عصابات الأسد لم تتوقف، سواء في الغوطة أو في حمص أو حلب. وبالنسبة لنا، لم تتوقف الحرب عمليًّا على الأرض في ظل هذه الانتهاكات». وادعت وزارة الدفاع الروسية أمس التوصل إلى «اتفاق على وقف إطلاق النار مع قائد (جيش الإسلام) وخمسة من قياديي الجماعات المعارضة المعتدلة في سوريا». وزعم مدير «المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة في سوريا» سيرغي كورالينكو، أنه تم التوقيع على وقف القتال مع قائد جماعة «جيش الإسلام»، التي تسيطر على بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي، كجزء من الأنشطة التي يقوم بها المركز الروسي، مشيرا إلى استمرار المفاوضات مع قادة أربع مجموعات معارضة مسلحة أخرى في محافظات دمشق وحمص ودرعا.
من جانب آخر، بدت لافتة أمس المعلومات التي تحدثت عن التزام مقاتلي «جبهة النصرة» الهدوء على الرغم من أن الاتفاق الساري لوقف إطلاق النار لا يشملها كما لا يشمل تنظيم «داعش». وأشار فادي أحمد، المتحدث باسم جماعة معارضة تنشط بمنطقة في اللاذقية تعمل فيها «النصرة» وفصائل أخرى: «نحن لا نراهم. تحركاتهم قليلة حتى إن بعضهم انسحبوا إلى ريف إدلب». وبدورهم، قال مقاتلون في «النصرة» اتصلت بهم «رويترز» وتحدثوا شريطة عدم توضيح هويتهم إن رفض قائدهم أبو محمد الهدنة كان مقصودا به إسداء النصح لمقاتلي المعارضة الآخرين وليس أوامر لأتباعه بشن هجمات على الفور. وأوضحوا أنّهم ما زالوا على يقين من أن الهدنة ستنهار، لكنهم يلتزمون الهدوء حتى لا يحملهم السوريون العاديون مسؤولية تجدد إطلاق النار.
ميدانيًا، أفادت ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية أمس بأن دبابات تركية أطلقت عشرات القذائف على مواقعها في منطقة عفرين بشمال غربي سوريا.
من جهتها، قالت وزارة الدفاع الروسية إن تركيا قصفت وحدات كردية تقاتل ضد «جبهة النصرة» في سوريا، متحدثة عن «عبور طوابير من الشاحنات الحدود من تركيا إلى سوريا يوميا لنقل شحنات وأسلحة للمعارضة المسلحة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».