خلافات بين المقاتلين الأوروبيين في «داعش»

أعدم أعدادًا من المقاتلين من هولندا وبلجيكا اتهمهم بمحاولة بث الفتنة ضده

المصور الياباني كنجي غوتو قبيل إعدامه من قبل «داعش» على يد سفاح التنظيم محمد اموازي («الشرق الأوسط»)
المصور الياباني كنجي غوتو قبيل إعدامه من قبل «داعش» على يد سفاح التنظيم محمد اموازي («الشرق الأوسط»)
TT

خلافات بين المقاتلين الأوروبيين في «داعش»

المصور الياباني كنجي غوتو قبيل إعدامه من قبل «داعش» على يد سفاح التنظيم محمد اموازي («الشرق الأوسط»)
المصور الياباني كنجي غوتو قبيل إعدامه من قبل «داعش» على يد سفاح التنظيم محمد اموازي («الشرق الأوسط»)

أعدم تنظيم داعش قبل أيام قليلة ثمانية من المقاتلين الهولنديين، الذين سافروا إلى سوريا والعراق للمشاركة في العمليات القتالية، في صفوف الجماعات المسلحة، كما اعتقل ما يقرب من 75 شخصا آخرين.
وقالت تقارير إعلام أوروبية في لاهاي وبروكسل، إن عملية الإعدام جرت الجمعة الماضي في مدينة الرقة السورية، وذلك بناء على ما أوردته مجموعة من سكان الرقة (آر بي إس إس) ناشطين ضد «داعش» ويمارسون نشاطهم من تركيا. وأضافت أن عمليات الإعدام والاعتقالات، جرت نتيجة لنزاعات بدأت قبل شهر في صفوف «داعش»، بين هؤلاء الأشخاص من الهولنديين وأقرانهم من العراقيين.
وجرى اكتشاف الخلافات عقب عملية تفتيش قام بها عراقيون في «داعش»، وجرت في معسكر يضم أعدادا من المقاتلين الهولنديين في الرقة قبل شهر، واعتقلوا شخصا منهم، واتهموه بأنه يخطط للهروب ويشجع الآخرين على ذلك، ثم عادوا مرة أخرى واقتادوا شخصين من المعسكر، وأحدهم قتل أثناء التحقيق معه، من قبل عناصر «داعش» من العراقيين.
وقال الناشطون من سكان الرقة إن الهولنديين من المقاتلين في صفوف «داعش»، هم الآن في خلاف مع القيادة، خصوصا أحمد العراقي، واتهموهم بالانحياز للعراقيين ضد المقاتلين الهولنديين وغيرهم من المقاتلين الأوروبيين. وعندما حاولت القيادة تسوية الخلاف، وأرسلت شخصا عراقيا إلى المعسكر فقتله الهولنديون انتقاما لزملائهم، جرى إبلاغ قيادة «داعش» في الرقة التي وصفت الأمر بأنه فتنة، وأنه لا بد من التعامل معها بكل حزم، وقام عناصر من استخبارات «داعش» بمهاجمة المعسكر وجرى تبادل لإطلاق النار بين الجانبين، وقتل عدد من الهولنديين، وألقي القبض على 75 شخصا، وجرى وضعهم في سجن مادان. وهناك جرى إعدام 8 منهم عقب إدانتهم بالتآمر.
وقبل يومين، أشار مصدران سوريان متناقضان إلى مقتل أحد المقاتلين الذين جاءوا من بلجيكا، ولم تحدد هويته، وذلك بمدينة دير الزور التي يسيطر عليها تنظيم داعش في شرق سوريا. ووفقا لما تناقلته وسال إعلام بلجيكية، أشار مصدر مقرب من المقاومة داخل تنظيم «داعش» إلى أن هذا البلجيكي وهو عضو في «داعش»، كان قد رجم حتى الموت يوم الجمعة الماضي بعد صدور حكم ضده من المحكمة الشرعية، على أساس اتهامات بالزنا. وذكر مصدر إخباري آخر، وهو وكالة الأخبار السورية «آرا نيوز»، التي تقدم نفسها على أنها مستقلة، نقلا عن مصدر لم تذكر اسمه، أن هذا البلجيكي قد تم قطع رأسه بتهمة «الخيانة العظمى». وكان هذا المقاتل البلجيكي قد حاول الفرار من دير الزور دون إذن من تنظيم داعش. وتم تنفيذ الحكم فيه بعد الظهر أمام المئات من الأشخاص. وقرأ قاضي الشريعة من قبل نصا يوضح فيه أسباب هذا الإعدام وكيف أن الضحية حاول الفرار من البلاد. ووفقا لهذا المصدر، فقد ألقي القبض على البلجيكي في الأسبوع الماضي.
ومنذ بداية الصراع، تم إعدام كثير من البلجيكيين من قبل تنظيم «داعش»، من دون أن يكون هناك أي تأكيد رسمي يدعم هذه الحقائق. وكان من بينهم الإمام إلياس الذي قتل في 2014، بعد اتهامه بالتجسس. وآخر حالة كانت حالة فتاة من مولنبيك تبلغ 22 سنة وتم قطع رأسها بتهمة السحر في فبراير (شباط) الماضي.
ووفقا للأرقام الأخيرة التي كشف عنها وزير الداخلية البلجيكي جان جامبون، فقد غادر 451 بلجيكيا للقتال بسوريا. وعاد منهم 117 شخصا. ووفقا للأرقام، التي أعلن عنها البرلماني كوين ميتسو، من حزب التحالف الفلاماني، وحصل عليها من وزير الداخلية جان جامبون زميله في الحزب نفسه، يمكن تقسيم هؤلاء إلى أربع فئات، مجموعة موجودة حتى الآن في سوريا، ومجموعة على الطريق، ومجموعة عادت بالفعل من هناك، والمجموعة الرابعة هي التي فشلت في الوصول إلى هناك.
وعن الأرقام، قال عضو البرلمان البلجيكي، إنه وفقا للأرقام التي توفرت حتى 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، فهناك 269 شخصا يقاتلون حاليا في سوريا، وهناك ستة أشخاص في الطريق إلى جبهة القتال، و117 عادوا بالفعل من هناك، و59 شخصا فشلت محاولاتهم للانضمام إلى صفوف الجماعات المسلحة. وعن أي المقاطعات البلجيكية التي خرج منها هؤلاء، فإن مقاطعة بروكسل العاصمة وما تضمه من بلديات معروفة مثل مولنبيك وشخاربيك.. وغيرهما، بلغ إجمالي من سافر منها 197 شخصا؛ منهم 112 شخصا هم الآن في سوريا، و59 شخصا عادوا إلى بلجيكا.
أما مقاطعة فلاندرا القريبة من الحدود مع هولندا وأشهر المدن فيها مدينة انتويرب شمال البلاد، فقد سافر منها 195 شخصا، وهناك 139 يقاتلون حاليا في سوريا، و36 عادوا إلى بلجيكا. أما منطقة والونيا القريبة من الحدود مع فرنسا، فقد سافر منها 20 شخصا؛ منهم 14 شخصا في سوريا حتى الآن.
يأتي ذلك في وقت تواصلت فيه خلال اليومين الماضيين الجلسات المقررة في محكمة الاستئناف في العاصمة البلجيكية بروكسل، لاستكمال جلسات الاستماع، التي بدأتها قبل أسبوع، للنظر في طلبات الاستئناف ضد أحكام صدرت في قضية تعرف باسم قضية «زرقاني»، نسبة إلى المتهم الرئيسي في الملف خالد زرقاني، وتتعلق بتجنيد وتسفير الشباب من بلجيكا إلى سوريا، للمشاركة في العمليات القتالية ضمن صفوف الجماعات المسلحة هناك.



ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
TT

ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)

دعا الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي إلى توحيد قوى اليمين العالمية في منظمة جامعة لـ«محاربة اليسار والاشتراكية، تكون مثل الكتائب الرومانية قادرة على دحر جيوش أكبر منها».

جاء ذلك في الخطاب الناري الذي ألقاه، مساء السبت، في روما، حيث لبّى دعوة رئيسة الحكومة الإيطالية جيورجيا ميلوني، ليكون ضيف الشرف في حفل اختتام أعمال المهرجان السياسي السنوي لشبيبة حزب «إخوان إيطاليا»، الذي تأسس على ركام الحزب الفاشي. وقدّمت ميلوني ضيفها الذي يفاخر بصداقته لإسرائيل والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بوصفه «قائد ثورة ثقافية في دولة صديقة، يعرف أن العمل هو الدواء الوحيد ضد الفقر».

«مسؤولية تاريخية»

ميلوني لدى استقبالها ميلي في قصر شيغي بروما الجمعة (إ.ب.أ)

قال ميلي إن القوى والأحزاب اليمينية في العالم يجب أن تكون في مستوى «المسؤولية التاريخية» الملقاة على عاتقها، وإن السبيل الأفضل لذلك هي الوحدة وفتح قنوات التعاون على أوسع نطاق، «لأن الأشرار المنظمين لا يمكن دحرهم إلا بوحدة الأخيار التي يعجز الاشتراكيون عن اختراقها». وحذّر ميلي من أن القوى اليمينية والليبرالية دفعت ثمناً باهظاً بسبب تشتتها وعجزها أو رفضها مواجهة اليسار متّحداً، وأن ذلك كلّف بلاده عقوداً طويلة من المهانة، «لأن اليسار يُفضّل أن يحكم في الجحيم على أن يخدم في الجنة».

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الأرجنتين خافيير ميلي في مارالاغو 14 نوفمبر (أ.ف.ب)

ليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها ميلي مثل هذه الفكرة، التي سبق وكررها أكثر من مرة في حملته الانتخابية، وفي خطاب القَسَم عندما تسلّم مهامه في مثل هذه الأيام من العام الماضي. لكنها تحمل رمزية خاصة في المدينة التي شهدت ولادة الحركة الفاشية العالمية على يد بنيتو موسوليني في عشرينات القرن الماضي، وفي ضيافة أول رئيسة يمينية متطرفة لدولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي تحاول منذ وصولها إلى السلطة عام 2022 الظهور بحلة من الاعتدال أمام شركائها الأوروبيين.

جدل الجنسية الإيطالية

قال ميلي: «أكثر من شعوري بأني بين أصدقاء، أشعر أني بين أهلي» عندما أعلنت ميلوني منحه الجنسية الإيطالية، لأن أجداده هاجروا من الجنوب الإيطالي مطلع القرن الفائت، على غرار مئات الألوف من الإيطاليين. وأثار قرار منح الجنسية للرئيس الأرجنتيني انتقادات شديدة من المعارضة الإيطالية التي تطالب منذ سنوات بتسهيل منح الجنسية للأطفال الذين يولدون في إيطاليا من أبوين مهاجرين، الأمر الذي تُصرّ ميلوني وحلفاؤها في الحكومة على رفضه بذريعة محاربة ما وصفه أحد الوزراء في حكومتها بأنه «تلوّث عرقي».

ميلوني قدّمت الجنسية الإيطالية لميلي (رويترز)

وكان ميلي قد أجرى محادثات مع ميلوني تناولت تعزيز التعاون التجاري والقضائي بين البلدين لمكافحة الجريمة المنظمة، وتنسيق الجهود لمواجهة «العدو اليساري المشترك»، حسب قول الرئيس الأرجنتيني الذي دعا إلى «عدم إفساح أي مجال أمام هذا العدو، لأننا أفضل منهم في كل شيء، وهم الخاسرون ضدنا دائماً».

وانتقدت المعارضة الإيطالية بشدة قرار التلفزيون الرسمي الإيطالي بثّ خطاب ميلي مباشرةً عبر قناته الإخبارية، ثم إعادة بث مقتطفات منه كان قد دعا فيها إلى «عدم اللجوء إلى الأفكار لاستقطاب أصوات الناخبين» أو إلى عدم إقامة تحالفات سياسية مع أحزاب لا تؤمن بنفس العقيدة، «لأن الماء والزيت لا يمتزجان»، وشنّ هجوماً قاسياً على القوى السياسية التقليدية التي قال إنها «لم تأتِ إلا بالخراب». وأنهى ميلي كلمته، إلى جانب ميلوني وسط هتافات مدوية، مستحضراً شعار الدفاع عن «حرية وحضارة الغرب» الذي أقام عليه موسوليني مشروعه الفاشي لاستعادة عظمة الإمبراطورية الرومانية.