الطفيلي لـ «الشرق الأوسط»: سلاح حزب الله صار وبالاً على كل لبناني

الأمين العام الأسبق للحزب حذّر من حرب و«أيام مرة».. ودعا إيران إلى إعادة النظر مع دول المنطقة

الطفيلي لـ «الشرق الأوسط»: سلاح حزب الله صار وبالاً على كل لبناني
TT

الطفيلي لـ «الشرق الأوسط»: سلاح حزب الله صار وبالاً على كل لبناني

الطفيلي لـ «الشرق الأوسط»: سلاح حزب الله صار وبالاً على كل لبناني

أعرب أمين عام حزب الله الأسبق الشيخ صبحي الطفيلي عن استغرابه «حينما كان البعض (في إشارة إلى أمين عام حزب الله الحالي حسن نصر الله) يتناول الدول الخليجية بألفاظ جامحة جدا وهو يعلم ما يمكن أن تؤثر هذه الكلمات على الشعب اللبناني واللبنانيين في الخليج، واليوم وصلنا إلى هنا». وقال الطفيلي، وهو أول أمين عام للحزب، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إن «أطرافا كثيرة تتحمل المسؤولية، لكن بالضرورة يجب أن نجد حلاً لأن لبنان لا يستطيع ولا يقوى أن يُحمّل هذا العبء الكبير»، مشددًا على أن «لبنان ضعيف ولا يحق لأحد أن يُحمّله أعباء سياسات إقليمية وأكبر من إقليمية»، محذرًا من أن «الأمور تتجه إلى مزيد من التصعيد، وندرك أن فريق 14 آذار يزداد ضعفا، علمًا بأنه ضعيف ولا يستطيع أن يفعل الكثير من الأشياء».
وفي ما يأتي نص الحوار:
* هل تُحمّل مسؤولية الأزمة السياسية بين لبنان والخليج لفريق 8 آذار؟
- هم اقترحوا النأي بالنفس، وأن الحل بالعودة إلى النأي بالنفس، ولكن أي نأي بالنفس ونحن نخوض حروبها من أقصاها إلى أقصاها ونعارك كل الدنيا؟ أي نأي بالنفس هذا؟ وعدم الالتزام بالنأي بالنفس أوصلنا إلى هنا. أنا بالمناسبة لا أحمِّل المسؤولية فقط إلى 8 آذار، أنا أرى أن جماعة 14 آذار يتحملون قسطا من المسؤولية، لكن ذلك لا يعني أنهم هم من وتروا العلاقة مع دول الخليج، بل سهلوا توتير العلاقة.
* كيف ذلك؟
- كان أركان فريق 14 آذار بطريقة أو بأخرى داعمين لتوتير العلاقة ولو بالسكوت وبإشعارهم الآخرين بأنهم هم ضعفاء لا يستطيعون أن يكونوا شركاء حقيقيين في البلد. بهذه الاعتبارات وغيرها يتحملون المسؤولية، واليوم هم جزء من هذا النظام. وإذا كانت وزارة الخارجية تتحمل مسؤولية التوتير، فالوزارة هي جزء من الدولة. رئيس الوزراء هو مسؤول شاء أم أبى، وعليه أن يتحمل المسؤولية. ومن لا يستطيع تحمل المسؤولية، فليرحل. لا يجوز أن يبقى البلد متهتكًا ومفضوحًا إلى هذه الدرجة.
هل يعقل أن تبقى الحكومة، والدنيا وبيروت كلها مزابل، ثم يبقى رئيس الوزارة والوزراء، ويجب أن نجلهم ونحترمهم؟ لا. هؤلاء يجب أن يرجعوا إلى بيوتهم. لا يجوز أن يبقى المسؤول مسؤولا وهو يملأ البلد بمشكلاته ومصائبه.
* هل تتخوفون من المزيد من التصعيد الأمني والسياسي في البلد؟
- الظاهر أن الأمور تتجه نحو شيء من التصعيد. وما أعرفه أن الأميركيين كانوا يلجمون الأمور في لبنان. إذا كان أي أحد يظن نفسه أنه هو من يلجم الأمور والتفلت الأمني والحرب الأهلية في لبنان، فهو مخطئ. الحقيقة أن أميركا هي من يلجم الأمور وضبطها وعدم انفجار لبنان، لأن واشنطن تريد حزب الله أن يبقى مرتاحا في الحرب في سوريا، ذلك أنه مع أول طلقة لحرب أهلية في لبنان، لن يستطيع أن يشارك حزب الله في سوريا، بل أكثر من هذا فقد يتعرض لبلاء عظيم. الوضع في لبنان لم ينفجر إلى الآن الانفجار الكبير لأن الأميركي تعهد الضبط ومتعهد الضبط أيضًا، هو يتعهد الانفجارات. ومتى يقرر أن ينفجر لبنان، ربما قد يقرر ذلك غدا أو بعد غد، فالأمور جاهزة، وكل ذلك يحتاج إلى غضّ نظر أميركي. من هنا يجب أن نعالج المشكلة قبل أن تتفلت الأمور نهائيا، وعلى جماعة 8 آذار، وتحديدًا على إخواننا في حزب الله أن يعالجوا الأمر. سلاحهم لن يحمي أحدا في لبنان، بل بالعكس سلاحهم صار وبالا علينا، وسيصير نقمة عارمة على كل مواطن في لبنان. هذا الأمر لا يجوز السكوت عنه. ويجب أن نفتش عن مصالحنا. لا يجوز أن نحمل أعباء الدنيا ونحن نتحمّل مسؤولية تنفيذ السياسات الإقليمية والدولية في المنطقة لمصلحة كل الدنيا وندمر أنفسنا. هذا الأمر غير منطقي وغير معقول، وأنا أطالب بهذا الأمر وأصر على معالجته من قبل حزب الله وأحمله مسؤولية التصعيد في لبنان نتيجة موقفه من موضوع الخليج، رغم ملاحظاتي على الأداء المقابل.
* هل ترى أن لبنان مقبل على فوضى وما يشبه 7 مايو (أيار) 2008 عندما اجتاح حزب الله عسكريا بيروت؟ وهل تعتقد أن هناك مواجهة جديدة مشابهة لأحداث 7 مايو؟
- السابع من كانت نزهة، كانت فعلاً من طرف واحد. أما إذا الأمور ذهبت كما أظن وكما أحتمل أنه يخطط لها، أي حرب أهلية، فأعتقد أننا سنعيش أيامًا مرة لم يشهدها لبنان من قبل، ولن يقوى حزب الله على الصمود في هذه المحنة. وأنا أنبه من ذلك وأكرر، فلا داعي أن يأخذنا الغرور إلى أن ننتحر في حرب أهلية هي نحر حقيقي لحزب الله ولكل من يقف معه قبل أن يكون نحرًا للآخرين.
* هل ترى أن ذلك جزء من التداعيات السلبية لقتال حزب الله في سوريا؟
- كان باستطاعتنا أن نبتعد، وأن نعزز مواقعنا لو سلكنا سلوكا عقلانيا، وكنا الطرف الإيجابي الذي يسعى لحل المشكلة والذي يتواصل مع الأطراف كلها ويحاول أن يُطفئ النار. لو جرى ذلك، بتقديري، كنّا يمكن أن نكون النموذج الأصلح والذي يثق به الجميع والذي يلملم جراح الآخرين. للأسف لم يحصل ذلك، علمًا بأنه من البديهيات. نحن أصبحنا جزءًا فاعلاً وأساسيًا من الفتنة بلا مبرر. الكل يعلم في البداية كان هناك خوف أن يقال للشيعة في لبنان إنهم يقاتلون لصالح النظام السوري، فحاولوا أن يبرروا المسألة بأساليب غير محترمة كأن يقال هناك قرى وأضرحة في سوريا نريد أن نحميها، ثم بدأت الأهداف تظهر على الأرض. واليوم وصل الأمر إلى أسوأ بكثير مما ظن الجميع كأن يقال نحن ذاهبون لحماية النظام، ولحماية الممانعة لمنع التكفيريين. تبين لا هذا ولا ذاك ولا تلك.. نحن اليوم ليس أكثر من جنود مرتزقة نقاتل في خدمة السياسة الروسية. باختصار مثل أي مرتزقة في الدنيا تقاتل في سبيل مشاريع الآخرين، وهو فقط مجرد قتيل ليس له دور. هذا دورنا في سوريا، سواء أكان إيران أم حزب الله.
* ما هو السبيل للحل برأيكم؟
- نحن بعد هذه السنوات من الحرب سندفع الضريبة حتما. هذا أمر وقضاء وقعا. نحن جزء من فتنة دماء الكثير من الأطفال والنساء والرجال في سوريا، وهي معلقة في أعناقنا في كل قرية وفي كل حي وفي كل مدينة. يقال هذه الجهة قتلت، وفعلت، وشاركت وناصرت وأيدت هذه الجريمة أو تلك. هذا أمر سندفع ثمنه، شئنا أم أبينا.
* ما هي الأثمان بتقديركم؟
- الأثمان ستُدفع ولو بعد حين طويل. مصداقيتنا صارت بالحضيض، بل دون الحضيض.. وعندما نتحدث عن الوحدة الإسلامية لا أعتقد أن أحدًا يصدقنا. الوحدة الإسلامية التي تحدث عنها البعض من حملة هذه الراية، بالتأكيد ينظر إليه العالم الإسلامي باستهزاء وسخرية وقرف. أي وحدة نحن دعاتها إذا تحدثنا عن تحرير فلسطين؟ وهذا الحديث من السفه أن يصدقنا أحد. كل الذي فعلناه كان نقيض القضية الفلسطينية. هذه أثمان دفعناها شئنا أم أبينا. نعم يمكن أن نخفف من الأثمان، ممكن أن ننسحب ونقدّم على بعض الخطوات التي تخفف آثار الماضي وتحدد لسياسة جديدة، لكن هذا الكلام مجرد رأي. يعني في إيران هم أبعد من أن يفكروا في هذا الطريقة بكثير. هم يعتبرون أن ما يفعلوه إنجازات، إن كان في اليمن أو في سوريا والعراق أو لبنان. لا أصدق أن عاقلا يقول: «إننا بتنا على شواطئ البحر المتوسط». هذا يعني أنك تستفز حتى الأطفال بهذا الكلام. فأي عاقل لا يستفز الناس. التواضع جميل. بدل أن تقول إنا على شواطئ البحر المتوسط، تستطيع أن تقول إننا بخدمة كل المسلمين والمؤمنين إذا وجدت في مكان، وأنا في خدمة الآخرين حتى تطمئن، وذلك حتى يستريح لك الآخرون. هذا كلام استفزازي رهيب وخطير. برأيي الانسحاب من سوريا، هو تنشيط ودعم للدولة اللبنانية. فمن يعطل الدولة اللبنانية اليوم يشل البلد تماما، وهو من جعل بيروت كلها زبالة.
* هل تقصد بذلك حزب الله؟
- حزب الله شريك أساسي جدا، لأنه هو الذي يستطيع، وهو الوحيد القادر على تحريك عجلة البلد وتفعيل المجلس النيابي والوزراء والقضاء والأمن، وهو الوحيد القادر. ولا نبالغ اليوم أن نقول إنه السلطة الحقيقية على الأرض في الدولة وخارجها. الجميع يتهيب إغضاب حزب الله والجميع يحاول استرضاء حزب الله من رئيس الوزراء إلى أصغر موظف إلى أصغر جندي. ونحن جميعا نعرف الأسباب، ولا داعي لأن يحاول أحد أن يُنمّق أو يهرب من الحقيقة. فالهروب من الحقيقة أوصلنا إلى هذا، واستمرار الهروب من الحقيقة سيوصلنا إلى أكثر من هذا. نعم حزب الله يتحمل المسؤولية الحقيقية حتى في موضوع المزابل في بيروت لأنه هو قادر بكلمة واحدة على أن يجمع كل الوزراء ويفرض عليهم ألا يخرجوا إلا بحلّ.
على إيران أن تعيد النظر بالكامل بجذور مبادئها وعلاقاتها مع شيعة لبنان ولبنان والمنطقة. كما أن هذا الكلام ينطبق على الآخرين. الآخرون ودول الخليج أولى بالمطالبة. على الجميع أن يعيد النظر، كيلا تؤخذ المنطقة إلى بلاء عظيم.
* هل تتوقع تدخلاً بريًا في سوريا؟
- أنا أرى في كل ما يُحكى ويقال الآن، أمور غير عملية وغير واقعية، أما ماذا يخبئ الزمن فلا أعرف. أنا أفهم أن سوريا ليست بحاجة إلى جنود ودبابات ومدفعية، إذا كُنتُم صحيحا تريدون مواجهة الغزو الروسي. يكفي السوريين بضعة صواريخ ضد الطائرات وتنتهي القصة بخاتمة جميلة، السوري يحتاج إلى بعض السلاح ليرد هذا الوحش المفترس بوتين عنهم، أما غير ذلك فهو غير واقعي.
* توقيف الأعمال العدائية هل ستنهي المسألة كما يخطط لها من طرف واحد؟
- من رسم وأعلن وخطط لهذا هم الروسي والأميركي. هما متفقان. فالروسي لم يدخل سوريا من دون موافقة أميركية. المفاوضات على سوريا مفاوضات بين الذئاب، أما الآخرون فليس لهم علاقة.
الأمر الثاني، لم نفهم بعد حدود وقف العمليات العدائية، ومن المقصود بها، من الذي سيسمح بضربه ومن الذي لن يسمح بضربه؟ ثم كيف ستناقشون من يضرب ومن لم يضرب في الخندق الواحد والسيارة الواحدة والشارع الواحد؟ هناك منظمات مسموح بضربها وهي جزء أساسي من نسيج الممنوع من ضربه. برأيي، هذا فيلم مقزز للنفس وينبئ على أن الأميركي والروسي عندهما مشاريع لم تنته، وهما الآن في إعداد الطبخة. لا أعرف كم ستطول، وكم من الدماء ستسقط والبلاء سيحصل! وكم من المحن ستتوسع وتنتشر خارج العراق ولبنان. والله يعلم بذلك وأوباما.
* هناك مخاوف من تقسيم سوريا..
- المتهم الأساسي في كل الدماء بالمنطقة هو الأميركي. هو من شجّع المعارضة السورية على حمل السلاح وشجعت في ذلك وزيرة الخارجية الأميركية، السوريون لم تكن لديهم الفكرة بحمل السلاح، وكانوا يقتلون على يد النظام من دون مقاومة. الأميركي يتحمل المسؤولية عن كل الدم. هو مصرّ وواضح وغير مكترث بالحد الأدنى. نقول إنه مكترث بقتل الناس في كل العراق وسوريا باستثناء الأكراد، يحمي الأكراد مع العلم بأن هناك فصائل في الأكراد أكثر وحشية من كل الفصائل التي يقال عنها إنها إرهابية، لكن هذه الوحشية ترعاها أميركا.
أنا أستغرب التعامل التركي مع هذه السياسة الأميركية. فهي أقل من المستوى المطلوب. أرى بالسياسة الأميركية تجاه تركيا، سياسة تدميرية تمزيقية وسحق لتركيا. تركيا تحاول أن تجامل أميركا وتحاول أن تخاطبها بلغة لينة هادئة لعلها تعيد النظر.
الأمر يحتاج إلى موقف شجاع من الأتراك إذا كانت البلاد في خطر ودمار، عماذا تبحث؟ وَمِمَّ تخاف إذا نطقت بالحقيقة كاملة؟ أميركا قاتلة. أميركا جعلتنا نسبح بدمائنا كلنا. اليوم الدنيا هادئة كلها، بينما العالم الإسلامي يسبح بدمه نتيجة السياسة الأميركية. اليوم هناك قوات فرنسية في ليبيا، وليبيا ليست بحاجة لقوات أجنبية، ليبيا بحاجة لأن توقف التسليح ولأن تجلس الأطراف المختلفة ويشكلون كيانًا سياسيًا يُحترم. ليبيا ليست بحاجة لفتنة، ولبنان وسوريا والعراق ليسوا بحاجة لفتنة. هذه الفتنة يصنعها الغرب ويغضبون إذا قلنا لهم ذلك وهم يطلبون منا أن نقول لهم شكرًا على قتلنا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.