أفغانستان: مقتل 11 شخصًا بتفجير انتحاري

الجيش يحرر 35 سجينًا من أحد سجون «طالبان» في هلمند

إجراءات أمنية مشددة خارج مقر وزارة الدفاع الأفغانية بعد تعرضه لهجوم أدى إلى مقتل 9 أشخاص في وسط العاصمة كابل أمس (إ.ب.أ)
إجراءات أمنية مشددة خارج مقر وزارة الدفاع الأفغانية بعد تعرضه لهجوم أدى إلى مقتل 9 أشخاص في وسط العاصمة كابل أمس (إ.ب.أ)
TT

أفغانستان: مقتل 11 شخصًا بتفجير انتحاري

إجراءات أمنية مشددة خارج مقر وزارة الدفاع الأفغانية بعد تعرضه لهجوم أدى إلى مقتل 9 أشخاص في وسط العاصمة كابل أمس (إ.ب.أ)
إجراءات أمنية مشددة خارج مقر وزارة الدفاع الأفغانية بعد تعرضه لهجوم أدى إلى مقتل 9 أشخاص في وسط العاصمة كابل أمس (إ.ب.أ)

ذكرت الشرطة الأفغانية أن هجوما انتحاريا في مدينة «أسد آباد» عاصمة إقليم «كونار» أسفر عن مقتل 11 مدنيا وإصابة 40 آخرين. وقال الجنرال عبد الحبيب سيد خلي قائد شرطة إقليم كونار لوكالة الأنباء الألمانية إن مهاجما انتحاريا كان يستقل دراجة بخارية استهدف زعيما قبليا من الإقليم، وأضاف أن الزعيم القبلي الذي يدعى حاجي خان جان لقي حتفه في الانفجار.
وتابع أنه تم نقل مدنيين مصابين من بينهم كثير من الأطفال إلى مستشفيات محلية.
وقال محمد صفي، العضو في مجلس الولاية إن الهجوم الذي لم تعلن أي جهة مسوؤليتها عنه حتى الآن، استهدف حجي خان جان، وهو زعيم قبلي معارض بشدة لحركة طالبان التي ينتشر مقاتلوها في المنطقة. وأضاف أن المسؤول القبلي تلقى تهديدات بالقتل وقتل في الانفجار. ولم يرد الناطق باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية. وعادة يتحفظ المتمردون على الإعلان عن هجماتهم عندما يسقط عدد كبير من الضحايا المدنيين. وهم يؤكدون أنهم لا يستهدفون سوى المسؤولين الحكوميين وكذلك الجيش الأفغاني والقوات الأجنبية لحلف شمال الأطلسي في البلاد.
لكن المدنيين يدفعون ثمنا لأعمال العنف التي تمزق أفغانستان. وكانت 2015 السنة الأكثر دموية منذ أن بدأت الأمم المتحدة في 2009 إحصاء القتلى والجرحى في النزاع.
وأسفرت الحرب عن سقوط 11 ألف قتيل من المدنيين بينهم 3545 سقطوا العام الماضي، حسب التقرير السنوي للمنظمة الدولية.
ودانت الرئاسة الأفغانية «بحزم» هجوم أسد آباد الذي يأتي بينما تحاول حكومة كابل وشركاؤها الصينيون والأميركيون والباكستانيون إحياء مفاوضات السلام مع متمردي طالبات لإنهاء النزاع المستمر منذ سقوط نظامهم في 2001
وتتوقع الدول الأربع بدء حوار مباشر مطلع الأسبوع المقبل. لكن الخبير بحركة التمرد في شبكة المحللين حول أفغانستان توماس روتيغ قال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «المهلة غير واقعية إطلاقا لأن حركة (طالبان) قالت إنه لم يتم الاتصال بها من قبل المجموعة الرباعية. وإقليم كونار من بين الأقاليم الأكثر اضطرابا شرق أفغانستان وهي منطقة تنشط فيها جماعة طالبان وجماعات متشددة أخرى».
في غضون ذلك، أعلن قائد شرطة كابل لوكالة الصحافة الفرنسية إن اعتداء استهدف وزارة الدفاع في العاصمة أمس وأوقع «ضحايا»، وذلك بعد هجوم أسفر عن مقتل عشرة أشخاص على الأقل في شرق البلاد. وصرح عبد الرحمن رحيمي «أنه اعتداء وهناك ضحايا»، موضحًا أن انفجارا وقع أمام الوزارة في وسط العاصمة لكن تعذر عليه إعطاء حصيلة بالقتلى والجرحى».
من جهة أخرى، ذكر الجيش الوطني الأفغاني أمس أنه حرر 35 سجينا من أحد السجون التابعة لـ«طالبان» واعتقل سبعة مسلحين خلال عملية في مقاطعة ناد علي بإقليم هلمند بجنوب البلاد. وقالت وزارة الدفاع على صفحتها على «فيسبوك»: «جرى تحرير خمس نساء وخمسة رجال و25 طفلا من الأسر لدى حركة طالبان الليلة الماضية بينما اعتقل الجيش الأفغاني سبعة آخرين من أعضاء طالبان». ويعد هلمند أكثر الأقاليم المضطربة في جنوب أفغانستان، وتخضع مقاطعاته لسيطرة «طالبان» الكاملة باستثناء ثلاث منها يدور صراع بشأنها. وسحب الجيش الأفغاني الأسبوع الحالي آخر قواته من صحراء موسى قلعة وناوزاد. وقال إن هذه الخطوة تأتي في إطار جهود لتكثيف العمليات في أماكن أخرى في الإقليم، سيما في العاصمة الإقليمية لشكرجاه. وفي سياق آخر، سلم عشرة عناصر أفغان في تنظيم داعش سلاحهم في شرق أفغانستان وانضموا إلى عملية المصالحة الوطنية، على ما أعلنت السلطات، في «سابقة» منذ أن ترسخ التنظيم في هذا البلد. وكثف تنظيم داعش في أفغانستان وباكستان الذي بايع تنظيم داعش قبل عام، هجماته في شرق أفغانستان خلال الأشهر الأخيرة. وتمكن مقاتلوه من طرد متمردي طالبان من بعض معاقلهم في ولاية نانغرهار على الحدود مع باكستان، غير أنهم يواجهون من جهة أخرى هجمات الجيش الأفغاني وضربات الطائرات الأميركية دون طيار. وقال متحدث باسم حاكم ننغرهار: «لأول مرة انضم عشرة مقاتلين من (داعش) بينهم قياديان إلى عملية السلام التي باشرتها الحكومة». وبحسب مالك نظير رئيس المجلس الإقليمي من أجل السلام، فإن المقاتلين العشرة كانوا ناشطين في إقليم شينوار الواقع بين جلال آباد مركز الولاية، والحدود الباكستانية. وقال محمد حنيف جيرديوال مساعد الحاكم: «سنضمن أمنهم ونعرض عليهم وظائف. كما أننا سنتصرف بحيث لا يعاودون القتال بعد الآن». وأعرب أحد المقاتلين العشرة واسمه زيتون ردا على أسئلة السلطات خلال حفل أقيم بمناسبة فرارهم من صفوف تنظيم داعش عن «سروره للانضمام إلى عملية السلام»، مضيفًا: «كنت أقاتل الحكومة في صفوف داعش منذ تسعة أشهر». ومعظم مقاتلي تنظيم داعش في أفغانستان عناصر سابقون في طالبان خاب أملهم من قيادتهم وكذلك من المتمردين القادمين من دول مجاورة. وعلى الرغم من تقدمه على الأرض ومن تنفيذه اعتداء ضخما ضد القنصلية الباكستانية في جلال آباد في يناير (كانون الثاني)، يواجه تنظيم داعش الجيش الأفغاني وعناصر طالبان وغارات الطائرات الأميركية دون طيار.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».