أطباء مصر يواصلون خطواتهم التصعيدية ويضعون الحكومة في «حرج»

فعلوا قوانين تلزم المستشفيات بتقديم الخدمات العلاجية بالمجان

جانب من احتجاجات أطباء مصر للمطالبة بتحسين الخدمات (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات أطباء مصر للمطالبة بتحسين الخدمات (أ.ف.ب)
TT

أطباء مصر يواصلون خطواتهم التصعيدية ويضعون الحكومة في «حرج»

جانب من احتجاجات أطباء مصر للمطالبة بتحسين الخدمات (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات أطباء مصر للمطالبة بتحسين الخدمات (أ.ف.ب)

خطت نقابة الأطباء في مصر أمس خطوة جديدة على طريق التصعيد في مواجهة السلطات دفعا عن «كرامة الأطباء»، وبدأت في تطبيق العلاج المجاني للمرضى، عبر تفعيل عدد من القوانين، الأمر الذي وضع الحكومة في موضع حرج، بإصرارها على تلقي مقابل مادي على الخدمة العلاجية. وقالت الدكتورة منى مينا لـ«الشرق الأوسط» وكيلة نقابة الأطباء إن غرفة عمليات نقابة الأطباء تلقت عددا من الشكاوى بخصوص تعنت إدارات عدد من المستشفيات، مطالبة المرضى بـ«التشبث بحقوقهم».
وكان ألوف الأطباء شاركوا في جمعية عمومية طارئة قبل أسبوعين، احتجاجا على تعدي أمناء شرطة على طبيب في مستشفى شرق القاهرة لإجباره على كتابة تقرير طبي مجافٍ للحقيقة. وتستخدم تلك التقارير في التقاضي.
وقررت الجمعية العمومية للأطباء التي اعتبرت واحدة من أكبر الجمعيات العمومية التي تشهدها البلاد بدء تفعيل العلاج المجاني للمرضى كبديل للإضراب. وقال وكيل النقابة العامة للأطباء الدكتور أسامة عبد الحي لـ«الشرق الأوسط» أمس إن هذه الخطوة أفقدت خصوم النقابة العامة سلاح المزايدة على الأطباء بتشويه صورتهم وتسويق فكرة أن الإضراب ضد مصلحة المريض.
وخلال السنوات الماضية تشكل تيار داخل نقابة الأطباء ينادي باستقلال النقابة التي ظلت لسنوات تحت سيطرة الدولة وجماعة الإخوان المسلمين، ونجح تيار الاستقلال خلال حكم جماعة الإخوان المسلمين أن يقتسم مقاعد مجلس النقابة قبل أن يطيح بأعضاء الإخوان خلال الانتخابات الأخيرة. ويحظى المجلس الجديد بدعم واسع في صفوف الأطباء وخاصة الشباب.
وسعت قيادات النقابة لرفع مستوى دخول صغار الأطباء وتحسين أوضاعهم المادية وتوفير بيئة عمل آمنة عبر سلاح الإضراب، لكن غالبا ما كانت السلطات تستخدم الأمر للهجوم على الأطباء.
وفي غياب المؤسسات السياسية القوية وعلى رأسها الأحزاب لعبت النقابات والنقابات المستقلة أدوارا سياسية ومهنية خلال العقد الأخير من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، ومهدت للثورة التي أطاحت به في فبراير (شباط) 2011.
وقال الدكتور عبد الحي إن «مجلس النقابة والأطباء عموما يشعرون باستياء بالغ من اتهامات قيادة وزارة الصحة بأننا نهدر المال العام لمجرد أننا نرغب في تطبيق القوانين التي أصدرتها الدولة بوجوب علاج المرضى من دون أجر في حالات الطوارئ أو من خلال التذكرة العلاجية المجانية.. لم نضع نحن هذه القوانين نحن نصر فقط على تطبيقها».
وترفض قيادات وزارة الصحة الكشف عن حجم الموارد المالية التي تحصلها من المستشفيات عبر ما تسميه «الأجر الرمزي». وقال الدكتور عبد الحي إن بعض قيادات الوزارة تتحدث عن مليارات الجنيهات لكن هذا الرقم لا يبدو منطقيا وفي كل الأحوال هو إجراء غير دستوري وغير قانوني.
وأشارت الدكتورة منى مينا إلى أن مقررات الجمعية العمومية التي حملت شعار عمومية الكرامة والتي من بينها تفعيل القوانين المتعلقة بعلاج المرضى مجانا تواجه تعنتا من قبل إدارات عدد من المستشفيات.
وقالت مينا إن الصعوبات التي تواجه البعض في تطبيق القرار طبيعية والأمر يحتاج لبعض الوقت من أجل توعية الجميع بقانونية تلك الإجراءات سواء جهة الإدارة أو المرضى، ومناشدة المواطنين بالتشبث بحقوقهم المكفولة بحكم الدستور والقانون.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».