وثيقة التضامن مع السعودية تتنقل بين المناطق اللبنانية والآلاف يوقعون عليها

السنيورة: لبنان لا ينأى بنفسه حين يكون الخلاف بين دولة عربية ودولة غير عربية

رجال أمن خلال حراستهم سعد الحريري خارج مسجد الإمام علي بن أبي طالب في بيروت أول من أمس (غيتي)
رجال أمن خلال حراستهم سعد الحريري خارج مسجد الإمام علي بن أبي طالب في بيروت أول من أمس (غيتي)
TT

وثيقة التضامن مع السعودية تتنقل بين المناطق اللبنانية والآلاف يوقعون عليها

رجال أمن خلال حراستهم سعد الحريري خارج مسجد الإمام علي بن أبي طالب في بيروت أول من أمس (غيتي)
رجال أمن خلال حراستهم سعد الحريري خارج مسجد الإمام علي بن أبي طالب في بيروت أول من أمس (غيتي)

لا تزال وثيقة «التضامن مع الإجماع العربي والمملكة العربية السعودية»، التي أطلقها رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري الأسبوع الماضي على خلفية تأزم العلاقات اللبنانية – الخليجية، تجول على المناطق اللبنانية بعدما وقع عليها الآلاف، ولقد وصلت في الساعات الماضية إلى مناطق في شمال وجنوب البلاد.
وفي حين أفيد يوم أمس عن استقبال الحريري سفير المملكة لدى لبنان علي عواض عسيري الذي عرض معه «آخر التطورات والعلاقات بين البلدين»، نظمت النائبة في تيار «المستقبل» بهية الحريري لقاء تضامنيا مع السعودية والإجماع العربي في دائرتها ببلدة مجدليون بضواحي مدينة صيدا، عاصمة جنوب لبنان، تخلله توقيع الوثيقة التضامنية في حضور حشد من فعاليات سياسية وروحية. وخلال اللقاء قال رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة بأن مبدأ النأي بالنفس يُعتمد عندما يكون هناك مشكلة ما بين دولة عربية ودولة عربية أخرى: «ففي حالة مماثلة، الحل الأفضل بالنسبة للبنان قد يكون بأن ينأى بنفسه على أنه يأخذ طرف هذه الدولة أو تلك، ولكن عندما يكون هناك خلاف ما بين دولة عربية ودولة غير عربية، فالأمر محسوم وليس هناك من مجال لما يسمى موضوع النأي بالنفس».
ونبّه السنيورة إلى «أننا نمر في ظرف يوحي وكأن هناك من يتحدى فكرة انتماء لبنان العربي، لذلك يجب أن يكون موقفنا واضحا في الدفاع عن عروبة لبنان»، مشددا على وجوب أن يكون «همنا أيضا بعد أن نزيل هذه الغيمة، أن نعيد تثبيت هذه العلاقات بين لبنان وبين الدول العربية على أسس سليمة تنعكس إيجابا لمصلحة جميع اللبنانيين»، وأضاف: «ليس هناك من مصلحة على الإطلاق لتخريب علاقات لبنان بالدول العربية، فهذا الأمر ينعكس على كل اللبنانيين، لا يفرق بين منطقة وأخرى ولا بين بلدة وأخرى ولا بين طائفة وأخرى ولا بين مذهب وآخر، باعتبار أن جميعهم موجودون في الدول العربية».
من جهتها، ناشدت النائبة الحريري «الأشقاء العرب عدم التخلي عن لبنان في هذه الظروف بالذات»، قائلة: «كلنا ثقة بأنهم يحفظون للشعب اللبناني مكانة محترمة عبروا عنها خلال عقود من الزمان من الدعم والاستضافة والمؤازرة في المحن والتحديات». وأضافت: «إننا اليوم نجدد وفاءنا لأخوتهم الصادقة، وفي مقدمتهم مملكة الخير والعطاء، المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز.. ونتطلع إلى أن يقدم الجميع مصلحة لبنان والشعب اللبناني على كل ما عداها، خصوصا أن آثار الحروب التي تدور في الجوار ترمي بأعبائها على لبنان ما يفوق طاقاته على تحمل نتائجها واحتياجاتها، في حين أن الدول الكبرى تتهرب من تحمل أعباء اللجوء وضروراته الإنسانية والعملية».
أيضًا حطّت الوثيقة في شمال لبنان، حيث أطلقت منسقية الضنّية في «تيار المستقبل» حملة توقيع عليها في مقر المنسّقية في بلدة سير. وأعرب النائب أحمد فتفت خلال الحفل عن أسفه «لأن البعض تنازل كليًا عن المصلحة الوطنية اللبنانية، من أجل المشروع الفارسي وحلمه بالامتداد من طهران إلى بيروت»، معتبرا أن «ما تتعرض له السعودية من هجوم غير منطقي ينطلق من مفهوم حزب الله السياسي والفكري وانتمائه لمشروع ولاية الفقيه بشكل يضر بمصالح اللبنانيين». وأضاف فتفت «لولا الدعم الخليجي بشكل عام والسعودي بشكل خاص، لما تمكن لبنان من الصمود لا اقتصاديا ولا اجتماعيا ولا سياسيا، فالعلاقة التاريخية بين لبنان ومجتمعه العربي تعود إلى سبعة عقود باعتباره عضوا مؤسسا في جامعة الدول العربية».
من ناحية أخرى، بعيد زيارته وزير العدل المستقيل أشرف ريفي في مدينة طرابلس، عاصمة شمال لبنان، أكّد رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان أنّه ستجرى معالجة موضوع وقف الهبة السعودية وتدهور العلاقات مع دول الخليج، وقال: «كما أن إعلان بعبدا يدعو إلى تحييد لبنان عن الصراعات، ما عدا ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والالتزام بالشرعية الدولية وما يتعلق بالإجماع العربي. ونحن مع الإجماع العربي، والنأي بالنفس وصفة خاطئة. وهذا القرار (بإشارة إلى موقف لبنان في الجامعة العربية) كان يجب الموافقة عليه من دون تردد أو تحفظ». بدوره، شدد ريفي على وجوب الالتزام بالإجماع العربي: «خصوصا أن دستورنا يؤكد عروبتنا، إضافة إلى هويتنا اللبنانية التي ستبقى عربية مهما كلف الأمر». وقال: «علينا أن لا نخالف الإجماع العربي لأنه بذلك نكون نرتكب خطيئة وطنية كبرى لن نكون جزءا منها».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».