موجة غضب كردية لإغلاق مركز الخميني الرياضي في كركوك

بعد تجنيده للشباب والزج بهم مع ميليشيات «الحشد الشعبي» والحرب السورية

موجة غضب كردية لإغلاق مركز الخميني الرياضي في كركوك
TT

موجة غضب كردية لإغلاق مركز الخميني الرياضي في كركوك

موجة غضب كردية لإغلاق مركز الخميني الرياضي في كركوك

موجة غضب كردي تبدأ تتصاعد جراء التغلغل الإيراني في إقليم كردستان، وخصوصا بعد افتتاح إيران مركز الخميني التابع للحرس الثوري، والمختص بتجنيد الشباب إلى صفوف الميليشيات والمخابرات الإيرانية، تحت غطاء نادٍ رياضي في كركوك مطلع الشهر الحالي.
وبدأت الاحتجاجات الكردية تزداد يوما بعد يوم لينظم أهالي كركوك ومثقفوها حملة موجهة ضد محافظ المدينة، مطالبين بسرعة إغلاق المركز فورا وإلا سينظمون مظاهرة جماهيرية من أجل ذلك، محذرين في الوقت ذاته من سيطرة إيران على المحافظة الغنية بالنفط والقريبة من الموصل.
وقال الكاتب طاهر رحيم، أحد منظمي حملة المطالبة بإغلاق مركز الخميني في كركوك، لـ«الشرق الأوسط»: «إن افتتاح مركز باسم الخميني في كركوك بحد ذاته يعتبر مشكلة، كون الخميني رجلا لم يعترف بالثقافة أو الرياضة، بل كان يسخر منهما، وأن النظام الإيراني لا يعترف بالمثقفين والرياضيين أصلا، فهو يعتقل يوميا كثيرا من المثقفين الإيرانيين ويعدم كثيرين منهم».
وأشار إلى أن هدف نظام طهران من افتتاح هذا المركز في كركوك يأتي ضمن فرض سيطرت طهران على المنطقة الممتدة من اليمن مرورا بالبحرين والعراق وحتى لبنان، وكردستان بشكل عام، والتي تعتبر مهمة بالنسبة إلى إيران، خصوصا مدينة كركوك، مضيفا أن مركز الخميني ليس مركزا رياضيا، بل هو مركز مخابراتي تابع لجهاز الاطلاعات الإيرانية والحرس الثوري الإيراني، قائلا: «نحن كمثقفي كركوك نعلن عن رفضنا له بكل شكل من الأشكال».
وأضاف رحيم قائلا: «نحن كمثقفين ندين افتتاح هذا المركز المشؤوم، وفي الوقت ذاته نطالب بإغلاق هذا المركز، ويجب على سلطات المدينة تفعيل المركز الثقافي في كركوك الذي مر على إتمامه نحو أربعة أعوام، إلا أنه لم يفتتح حتى الآن»، مضيفا بالقول: «هيئة تنظيم الحملة جمعت حتى الآن نحو 253 توقيعا من مثقفي وكتاب وصحافيي وفناني وشخصيات كركوك لإغلاق المركز الإيراني، والعشرات من أهالي كركوك بمختلف شرائحهم ومكوناتهم بدءوا بالانضمام إلى الحملة».
وحمل رحيم إدارة محافظة كركوك المحافظ نجم كريم مسؤولية افتتاح هذا المركز التابع للحرس الثوري والمخابرات الإيرانية في كركوك، مبينا في الوقت ذاته أنهم يخططون لتنظيم مظاهرة سلمية في كركوك تطالب بإغلاق هذا المركز فورا.
وأضاف أن النظام الإيراني يحاول وتحت غطاء تقديم الخدمات والأنشطة الرياضية والثقافية التسلل إلى دول المنطقة وإثارة المشكلات والفوضى وتخريب التعايش السلمي بين مكوناتها في إطار عملية تصدير ثورة الخميني ونظام ولي الفقيه إلى هذه الدول وتوسيع مدّها.
وأشار إلى أن الدول التي وضعت طهران موطئ قدم فيها لم تسلم من المشكلات حتى هذه اللحظة، ويعمل هذا النظام من خلال جواسيسه ومجرميه على إلحاق الضرر بشعوب المنطقة، المتمثلين بميليشيات الحشد الشعبي في العراق وحزب الله اللبناني، والانقلابيين الحوثيين، ونظام بشار الأسد، وحركة حماس، إضافة إلى تجنيده المرتزقة في الدول العربية للتجسس وتزويده بالمعلومات، مضيفا أن أبرز مثال على ذلك تفكيك شبكات التجسس الإيرانية في السعودية والبحرين والكويت، بالإضافة إلى العمليات التي نفذها الحرس الثوري والميليشيات الإيرانية في العراق وتدخلاتها في إقليم كردستان، لذا يرى سكان كركوك أن إيران ستسيطر قريبا على مدينتهم بشكل كامل وإن المدينة ومكوناتها لن يكونوا بمأمن من الشر الإيراني الذي بات يحاصرهم.
إلى ذلك، قال سجاد علي، أحد الوجوه البارزة الشيعية في كركوك: «نحن لا حاجة لنا بالخميني ونظامه الديكتاتوري ومراكزه، منذ متى وإيران تحب السلام؟ نظام طهران لا يعرف شيئا آخر غير الدمار والشر وإلحاق الأذى بالناس.
انظروا ماذا يفعل هذا النظام في سوريا واليمن والعراق، وهو الآن يعد العدة لتدمير كركوك وطرد سكانها لتسيطر على النفط وتقدم المساعدات لإرهابيي داعش كون كركوك قريبة من الموصل، وإيران تريد أن توجد هنا لتكملة مشروعها المشترك مع حليفها داعش».
ويشاركه حسين كرم بتساؤله: إذا كانت إيران مهتمة فعلا بتقديم الخدمات وإنشاء المشاريع الرياضية والثقافية، فلماذا لا تقدم هذه المشاريع لأكراد إيران ولأبناء الأحواز؟ ولماذا لا تمنحهم حقوقهم المشروعة كبشر يعيشون على هذه الأرض قبل أن توجد إيران؟ ولماذا تقتل أبناء هذه المناطق في إيران؟ معلقا أن الجواب بسيط جدا، وهو إن إيران تريد أن تهدد كردستان العراق وتقتل أكراد العراق لأنهم الوحيدون الذين لم يرضخوا لنفوذها في هذا البلد.
من جهته قال الصحافي سوران كامران، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن في كركوك نخشى أن تحتل إيران مدينتنا، وأن تُصدر لنا من خلال مركز الخميني أفكار نظام ولي الفقيه، يجب أن يعتذر المسؤولون الذين حضروا مراسيم افتتاح هذا المركز من شعب كردستان ومن مواطني كركوك. فمنذ أكثر من قرن والثقافة في كركوك تتعرض لتدمير ممنهج».
وأشار كامران بالقول: «ميليشيات الحشد الشعبي تحشد قواتها في جنوب كركوك وبدءوا بتقوية قواعدهم في تلك المناطق، حتى إن عدد مسلحيهم وصل إلى نحو 7 آلاف مسلح، وهم الآن يعملون على تقوية وجودهم وسط مدينة كركوك أيضا، وكل هذا يُنفذ عن طريق مركز الخميني، لذا نحن منزعجون من هذا المركز، لكن مع الأسف لا يوجد من يستمع إلينا، وفي الوقت ذاته نحن مصرّون على مطالباتنا بإغلاق المركز المذكور».
وفي السياق ذاته، بيّن الصحافي شالاو محمد، أحد المشاركين في الحملة، لـ«الشرق الأوسط»: «إيران تعلم أن مدينة كركوك تعاني من فراغ ثقافي ورياضي، لذا هي تفتتح هذا المركز لجذب عقلية الفرد في هذه المدينة نحو فلسفة التشيع الإيرانية، وهي أيضًا تعمل على الاستفادة من الأزمة المالية التي يشهدها الإقليم، بحيث تجند الشباب الكردي إلى صفوف ميليشيات الحشد الشعبي وتعدهم عن طريق هذه الميليشيات بتوفر رواتبهم لهم بشكل منتظم شهريا، ولهذه الأسباب نحن في كركوك نطالب بإنهاء الاحتلال الإيراني لمدينتنا»، كاشفا في الوقت ذاته بالقول: «إيران شكلت عددا من الأفواج التابعة للميليشيات الشيعية في كركوك وظيفتها تجنيد الشباب الكردي إلى صفوفها، مستغلة الأوضاع المالية التي يعيشونها، وهذه الأفواج تُدار من قبل عدد من الضباط الإيرانيين، الذين يتقنون إلى جانب اللغة الفارسية اللغة العربية أيضا، وهم يوجدون الآن بالقرب من قرية البشير التابعة لمحافظة كركوك وفي قضاء طوزخورماتو، وتمكنت هذه الأفواج منذ بداية العام الحالي وحتى الآن من تجنيد العشرات من شباب كركوك إلى صفوفها، وقد وعدوا هؤلاء الشباب إلى جانب توفير الرواتب لهم بمنحهم رتب عسكرية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.