دعوة كردية لمقاطعة الانتخابات البرلمانية في إيران ووصفها بجمهورية المشانق

كريمي: الإصلاحات في طهران مستحيلة في ظل وجود نظام ولي الفقيه

علي كريمي
علي كريمي
TT

دعوة كردية لمقاطعة الانتخابات البرلمانية في إيران ووصفها بجمهورية المشانق

علي كريمي
علي كريمي

دعا عدد من النشطاء الأكراد أبناء جلدتهم في طهران بعدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية في إيران، وعدم التوجه إلى صناديق الاقتراع، مشيرين إلى أن إجراء الانتخابات في دولة إيران لا فائدة منه ولن يغير من المسألة شيئا، مؤكدين أن نظام ولي الفقيه الذي يدير إيران حدد الأشخاص الفائزين في الانتخابات قبل إجرائها وإن هذه الانتخابات هي لخديعة المجتمع الدولي فقط.
وقال الناشط السياسي الكردي الإيراني المعارض، علي كريمي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الانتخابات التي تجري في الدول الديكتاتورية كإيران ليست سوى نوع من الروتين، فهذه الانتخابات ليست لها أي شرعية ديمقراطية أو جماهيرية، وهي تمثيلية لخداع المجتمع الدولي فقط»، مشيرا إلى أن «النظام أعد نتائج هذه الانتخابات مسبقا، فأي انتخابات هذه التي يجب فيها أن يمر المرشح بفلترة الولي الفقيه مسبقا، وأن ينال موافقة بيت الإمام وتأييد مجلس حماية مصلحة النظام المكون من مجموعة من ملالي النظام الإيران؟ وهذه الانتخابات ليست سوى إعطاء الشرعية مرة أخرى لنظام ولي الفقيه».
وتابع كريمي بالقول: «الصراعات بين أركان النظام الإيراني أصبحت ومنذ زمن الرئيس الإيراني محمد خاتمي عميقة جدا، لكن المشكلة تكمن في أن الخط المتطرف المحافظ والمتخلف المتمثل بخط ولي الفقيه هو الأكثر سلطة ومالا، ويمتلك الحرس الثوري الإيراني، لذا الخط الإصلاحي ضعيف أمامه، ولا يستطيع أن يقصم ظهر الجناح المحافظ، هذا بالإضافة إلى أن هناك أشخاصا داخل صفوف الإصلاحيين لا يريدون تغيير النظام»، مشيرا بالقول: «الشعب الإيراني استاء من تهور نظام ولي الفقيه والحرس الثوري الإيراني الديكتاتوري، والخط الذي يقوده خامنئي في النظام، الذي يعتدي على الإيرانيين وعلى نسائهم وأطفالهم وشبابهم، وخرق المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومنع الحريات في إيران».
«جمهورية المشانق» هو الاسم الذي بات الأكراد يطلقونه على نظام ولي الفقيه الذي يقود إيران منذ عام 1979، فلم يشهد الأكراد في كردستان إيران على مدى الأعوام الماضية من حكم ملالي النظام الإيراني وحتى اليوم يوما واحد دون أن يقتل فيه هذا النظام أولادهم ويعلقهم على المشانق في الساحات العامة في إيران، لسببين رئيسيين هما أنهم أكراد والثاني أنهم من المذهب السني، هذا بالإضافة إلى أن الحرس الثوري الإيراني حول كردستان إيران إلى معسكر ودفع بمئات الآلاف من جنوده ومن المرتزقة وعناصر الأمن إليها، إلى جانب أن الحرس الثوري يشرف بشكل مباشر على تدفق المواد المخدرة إلى المناطق الكردية، هذا في وقت تعاني فيه هذه المناطق من نقص حاد في الخدمات الرئيسية وفي الدواء والطعام وإهمال التعليم.
وعما إذا كان لهذه الانتخابات أي تأثير على واقع الحال في المناطق الكردية في إيران، بيّن كريمي بالقول: «ليس لها أي تأثير على الوضع في كردستان إيران، لأن الوضع الحالي سيبقى مثلما هو الآن، ومن الأفضل لأكراد إيران أن يقاطعوا هذه الانتخابات لأنها لن تغير شيئا من الوضع المأساوي الذي يعيشونه منذ نحو 37 عاما في ظل نظام ولي الفقيه والملالي»، مشددا على أن الإصلاحات في إيران مستحيلة في ظل وجود هذا النظام الديكتاتوري على رأس الحكم.
من جهته أشار الناشط الكردي برهان صلاح الدين أن النظام الإيراني وعلى مدى الأعوام الماضية من حكمه حظر الأحزاب الكردية الإيرانية ولم يمنح أي واحدة منها الإجازة، لذا لا يمتلك أكراد إيران أي حزب داخل إيران يمكنه المشاركة في الانتخابات وتعيين مرشحين من الشعب الكردي في إيران، نظام طهران جاء بمجموعة من الأشخاص الذين ليسوا سوى أبواق له ومن التابعين لنظامه، وحددهم كممثلين عن الكرد في إيران، ويدعو الشعب الكردي إلى التصويت لهم، «لكن هؤلاء لن يكونوا ممثلين عن الشعب الكردي في إيران أبدا»، لافتا بالقول: «النظام يعد الأكراد خطرا على وحدة الأراضي الإيرانية، لذا يفرض هذا النظام حصارا اقتصاديا على المناطق الكردية»، داعيا في الوقت ذاته الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة إلى توحيد الصف والكلمة وتشكيل تحالف قوي في ما بينها لمواجهة طهران، وجعل القضية الكردية في إيران قضية عالمية بالاستفادة من التغييرات التي تشهدها المنطقة والعالم»، مؤكدا بالقول: «مقاطعة الانتخابات هي رسالة منا فحواها أننا ليس لنا أي أمل بجمهورية المشانق، التي تقتل نساءنا وأبناءنا، لذا أرجو أن يبقى المواطنون الكرد في منازلهم يوم التصويت فهذه الانتخابات لا علاقة لنا بها».
ويتنافس 6200 مرشح في الانتخابات البرلمانية الإيرانية المزمع إجراؤها في 26 فبراير (شباط) الحالي على 290 مقعدا، وبلغ عدد المتقدمين للترشيح في هذه الانتخابات نحو 12 ألف مرشح، أبعد نظام طهران منهم بحجة عدم توفر الشروط نحو 5259 متقدما، وتجرى الانتخابات البرلمانية بالتزامن مع انتخابات مجلس الخبراء، المكلف بتعيين ومراقبة وعزل المرشد الأعلى للنظام الإيراني، وهو المجلس الذي يسيطر عليه المحافظون حاليا.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.