تراجع في أعداد مقاتلي «داعش» في سوريا.. وتزايد الإيرانيين بعد ارتفاع خسائر «حزب الله»

تقارير تشير إلى زيادة لافتة في قوات الحرس الثوري والباسيج

تشييع اللواء حميد رضا أنصاري من الحرس الثوري في أراك وسط إيران قبل يومين الذي قتل في المعارك في سوريا (وكالة تسنيم)
تشييع اللواء حميد رضا أنصاري من الحرس الثوري في أراك وسط إيران قبل يومين الذي قتل في المعارك في سوريا (وكالة تسنيم)
TT

تراجع في أعداد مقاتلي «داعش» في سوريا.. وتزايد الإيرانيين بعد ارتفاع خسائر «حزب الله»

تشييع اللواء حميد رضا أنصاري من الحرس الثوري في أراك وسط إيران قبل يومين الذي قتل في المعارك في سوريا (وكالة تسنيم)
تشييع اللواء حميد رضا أنصاري من الحرس الثوري في أراك وسط إيران قبل يومين الذي قتل في المعارك في سوريا (وكالة تسنيم)

في ضوء الحديث عن قرب بدء اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا يكثر الحديث عن تراجع أعداد المقاتلين المشاركين إلى جانب تنظيم داعش الذي من المفترض أن يكون الهدف الأساسي لمختلف القوى التي تحارب في سوريا، وذلك في وقت أفادت فيه معلومات عن تزايد عدد المقاتلين من الحرس الثوري الإيراني إلى جانب قوات النظام بعد ارتفاع عدد قتلى حزب الله في المعركة بسوريا.
وأعلن «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» أن ارتفاع أعداد قتلى حزب الله اللبناني في سوريا، دفع طهران إلى إرسال مزيد من قوات الحرس الثوري الإيراني إلى ساحات القتال هناك. وقال المعهد إن ما لا يقل عن 865 من مقاتلي حزب الله اللبناني لقوا مصرعهم خلال الفترة بين الثلاثين من سبتمبر (أيلول) 2012، وفبراير (شباط) 2016 في الحرب التي تدور رحاها في سوريا.
ووفق وزارة الخارجية السعودية، فإن إيران تقوم باستخدام لاجئين من أفغانستان للقتال إلى جانب قوات النظام وحزب الله في سوريا. وعلى موقعها الإلكتروني، أشارت الخارجية قبل أيام إلى أن «إيران أرسلت الآلاف من اللاجئين الأفغان الشيعة إلى سوريا للحرب إلى جانب حزب الله وقوات الحرس الثوري الإيراني، وأن اللاجئين مهددون بالتسفير والإبعاد إلى أفغانستان إذا لم يقاتلوا لإيران في سوريا».
ولفتت الخارجية إلى أن «الآلاف من المقاتلين الأفغان يقاتلون في صفوف (لواء الفاطميين) الذي يعتبر ثاني أكبر مجموعة من المقاتلين الأجانب تقاتل إلى جانب النظام في سوريا.. وبحسب وسائل إعلام غربية فإن عددهم يقدر ما بين 10 و12 ألف مقاتل».
وقبل يومين، أفادت وكالة إيرانية بأن 68 عنصرًا من قوات الحرس الثوري لقوا مصرعهم خلال شهر في سوريا أثناء معارك ضد المعارضة، أغلبهم قتلوا بريف حلب الشمالي.
وبحسب موقع «مدافعين حرم»، الذي يغطي أخبار المقاتلين الإيرانيين في سوريا، فإن من بين القتلى ضباطًا كبارًا، بينهم ضباط وعناصر من الحرس الثوري ومتطوعون من ميليشيات الباسيج. وأكد الموقع زيادة عدد قوات الحرس الثوري والباسيج في سوريا خلال الأسابيع الأخيرة، بينما أكدت تقارير أن عدد القوات الإيرانية والميليشيات الشيعية الأفغانية والباكستانية والعراقية وصل إلى نحو 60 ألف عنصر يقاتلون في عدة جبهات.
وبينما كانت بعض التقارير قد قدرت عدد المقاتلين الأجانب في سوريا بـ27 ألفًا، أعلن جيمس كلابر، مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية، أن أكثر من 38 ألف مقاتل أجنبي توجهوا إلى سوريا منذ عام 2012. وأكد كلابر، في كلمة ألقاها خلال مؤتمر ميونيخ الثاني والخمسين للأمن، أن «38.2 ألف مسلح أجنبي على أقل تقدير، من بينهم 6900 ألف من البلدان الغربية، توجهوا إلى سوريا، منذ عام 2012».
ووفقا لكلابر، فإن هؤلاء المقاتلين ينحدرون من 120 دولة على الأقل.
وفي هذا الإطار، يلفت العميد المنشق زاهر الساكت، إلى أن معظم المقاتلين الأجانب الذي يشاركون في المعارك بسوريا يقاتلون إلى جانب «داعش» أو فصائل تقاتل إلى جانب النظام وفي مواجهة المعارضة، مؤكدًا في الوقت عينه لـ«الشرق الأوسط»، أنه لا وجود لمقاتلين أجانب في صفوف «الجيش الحر» في وقت يقدّر عددهم في جبهة النصرة بنحو 5 في المائة وفي «جند الأقصى» بـ10 في المائة، بينما يعرف أنّ «كتائب المهاجرين والأنصار» تتشكّل بشكل أساسي من المقاتلين المنحدرين من القوقاز، وخصوصًا من الجنسية الشيشانية.
من جهته، أوضح الخبير العسكري، العميد المتقاعد نزار عبد القادر، أن وقف إطلاق النار الذي من المتوقّع أن يبدأ في سوريا، لن يؤثّر على توزيع المقاتلين الأجانب بحيث سيبقى هؤلاء يقاتلون في صفوف فصائلهم، لا سيما أنّ الهدنة المتوقعة غير محسومة النتائج. وأشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «تراجع الأعداد المشاركة في التنظيم يعود بالدرجة الأولى إلى الإجراءات التي قامت بها تركيا على حدودها التي كانت تعتبر المنفذ الأساسي للمقاتلين الأجانب، بعد الضغوط الأوروبية والأميركية التي تعرضت لها».
وفي وقت يتم فيه الإعلان بشكل مستمر عن مشاركة مقاتلين من جنسيات أوروبية مختلفة في القتال في سوريا، معظمها إلى جانب التنظيم، أعلنت يوم أمس «وحدات حماية الشعب» الكردية أن مقاتلاً ألمانيًا (35 عامًا) قتل خلال مشاركته مع المسلحين الأكراد في القتال ضد تنظيم داعش في شرق سوريا.
وكانت إحدى الصحف البلجيكية نقلت عن وزير الداخلية البلجيكي قبل يومين، أنّ عدد البلجيكيين الذين سافروا إلى سوريا للقتال أو حاولوا القيام بذلك بلغ 451 شخصًا في الوقت الذي عاد فيه 117 منهم إلى بلجيكا. وطبقًا لما ذكره التقرير في صحيفة «لو سوار» فإن 269 بلجيكيًا يشاركون حاليًا في الصراع الدائر في سوريًا، و117 عادوا، و59 توقفوا قبل أن يبدأوا رحلتهم، وذكرت «لو سوار» أن من بين 451 مقاتلاً حددتهم وزارة الداخلية كان هناك 197 من منطقة بروكسل، و105 آخرون من مقاطعة أنتويرب في شمال الدولة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.