قتلى وجرحى في معارك عنيفة شرق صنعاء

محاولات «يائسة» للميليشيات للعودة إلى مأرب

قالت الأمم المتحدة إن ما يقارب ثمانية ملايين يواجهون نقصا في المواد الغذائية (إ.ب.أ)
قالت الأمم المتحدة إن ما يقارب ثمانية ملايين يواجهون نقصا في المواد الغذائية (إ.ب.أ)
TT

قتلى وجرحى في معارك عنيفة شرق صنعاء

قالت الأمم المتحدة إن ما يقارب ثمانية ملايين يواجهون نقصا في المواد الغذائية (إ.ب.أ)
قالت الأمم المتحدة إن ما يقارب ثمانية ملايين يواجهون نقصا في المواد الغذائية (إ.ب.أ)

تتقدم المقاومة الشعبية وقوات الجيش الوطني صوب العاصمة صنعاء تدريجيًا، عبر السيطرة على المناطق الجبلية الوعرة التي تواجهها والتي تفصلها عن العاصمة، وسط مواجهات عنيفة، يساند فيها طيران التحالف تقدم قوات الشرعية، من خلال قصفه للمواقع الأمامية التي يتمركز فيها المتمردون. ورفضت مصادر عسكرية الإفصاح لـ«الشرق الأوسط» عن خططها العسكرية الخاصة بتحرير صنعاء، لكنها أكدت أن إحدى خطواتها، في الوقت الراهن، التحام القوات في عدد من الجبهات.
ويأتي هذا التقدم، في الوقت الذي اتهم قيادي في المقاومة الشعبية بصنعاء المخلوع صالح وعددًا من قادة الانقلاب، بالسعي إلى الحصول على ضمانات جديدة بعدم الملاحقة القضائية والقانونية جراء ارتكاب جرائم الحرب ضد اليمنيين، وفي مقدمتها الانقلاب على الشرعية، وقال عبد الكريم ثعيل، عضو المجلس الأعلى للمقاومة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يقال عن نية المخلوع علي عبد الله صالح تسليم العاصمة صنعاء إلى قوات الشرعية دون قتال، لا يعدو كونه، حتى الآن، شائعات»، وأضاف أن «الشرعية والمقاومة والتحالف والمجتمع الدولي مجمعون على أنه لن يفلت المجرمون من العقاب»، مؤكدا أن «تسليم العاصمة يكمن في خطوات عملية على الأرض، دون تفاوض أو حصانات كالتي يبحث عنها المجرمون».
وأردف القيادي في مقاومة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا لم يدرك المجرمون أن أمامهم طريقين فهم خارج نطاق تغطية العقل، الطريقان هما انتحارهم على أسوار قوات الشرعية أو الفرار قبل أن تطالهم يد العدالة، أما نحن فنتمنى أن يستسلم المجرمون مبكرًا، ويقروا بجرمهم، ويسلموا ما نهبوه، من الدولة والمواطنين، لنتمكن من ضمان محاكمة عادلة لهم»، وجاء تعليق قيادي المقاومة على الأبناء التي ترددت عن إيفاد المخلوع صالح وسطاء إلى العاصمة العمانية مسقط للقاء قيادات من الشرعية والتحالف، لبحث تسليم صنعاء دون قتال، بعد تفاقم خلافات طرفي الانقلاب (الحوثي - صالح)، أخيرًا، وهي الأنباء التي لم يتم تأكيدها أو نفيها، حتى اللحظة.
وخلفت المواجهات التي شهدتها جبهات القتال في شرق صنعاء، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، عشرات القتلى والجرحى في صفوف ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع صالح، في حين أكدت مصادر المقاومة الشعبية مقتل وإصابة ما لا يقل عن 10 من عناصر المقاومة وقوات الجيش الوطني. وجددت المقاومة التأكيد على أن الحوثيين يدفعون بمئات الشباب المغرر بهم إلى محرقة الحرب، في محاولات متكررة لاستعادة بعض المواقع التي فقدوها في فرضة نهم، والتي باتت تحت سيطرت القوات المقاومة والجيش الوطني وجرى تحصينها، بشكل جيد، الأيام القليلة الماضية، وقد تجاوزت التحصينات معسكر الفرضة الاستراتيجي بعدة كيلومترات.
وقال الشيخ محمد مشلي الحرملي، نائب المجلس الأعلى لمقاومة صنعاء، في بيان صادر عنه أمس، إن «قوات الشرعية، جيشًا ومقاومة، تتأهب حاليًا للتحرك صوب صنعاء لتحرير مناطق جديدة باتجاه نقيل ابن غيلان الاستراتيجي الذي يشرف على بني حشيش من شرقه ويهيمن على أطراف مديرية بني الحارث، أولى مديريات أمانة العاصمة، من جنوبه وجنوبه الغربي ويطل على مشارف أرحب من غربه وغربه الشمالي».
وفي حين تجري المواجهات في جبهة نهم، تدور مواجهات مماثلة، في الجوار، بمديرية مجزر ومناطق قبائل الجدعان في محافظة مأرب، وفي الوقت الذي يحاول الحوثيون تعزيز وجودهم في صرواح والعودة إلى مناطق أخرى في مأرب، وهي محاولات توصف بـ«الفاشلة واليائسة»، فإن المقاومة والجيش الوطني، في مأرب وصنعاء، يسعيان إلى تصفية ما تبقى من جيوب للمتمردين بين المحافظتين لالتحام قواتهما.
وبهذا الخصوص، صرح عضو المجلس الأعلى للمقاومة في صنعاء، عبد الكريم ثعيل بالقول إنه «خلال أيام بإذن الله ستلتحم جبهات صرواح والمخدرة وهيلان، آخر مناطق محافظة مأرب، بجبهات جبال صلب ووادي حريب نهم وجبال قرود وملح ومحلي إلى أطراف مسورة وشمال غربي فرضة نهم، بمحافظة صنعاء، لتصبح قوات الشرعية في خط واحد دون فواصل وعقبات ممتدة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب في كامل الجهة الشرقية لمحافظة صنعاء، وبذلك سيكون من السهل على قوات الشرعية التقدم كتلة واحدة باتجاه خولان من الجنوب الشرقي وبني حشيش وبني الحارث من الشرق وإلى مديرية أرحب من الشمال الشرقي وإلى مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران من أقصى شمال فرضة مهم وشمالها الشرقي».
إلى ذلك، يقوم المتمردون الحوثيون بحشد مقاتلين من أبناء القبائل وأبناء المحافظات الشمالية الفقيرة، التي تتميز بكثافتها السكانية وبنسبة الأمية المرتفعة، وذلك للمشاركة في القتال فيما يسمونه «تحرير اليمن»، وتتركز الحملة، التي تجري في صنعاء، على الوعد والوعيد لمأرب وسكانها والجيش الوطني والمقاومة هناك، وهو ما فسره المراقبون بأنه «حالة انكسار لدى الميليشيات»، على اعتبار أن مأرب تعتبر، حاليًا، المركز الرئيسي لإدارة المعارك في شمال وشرق البلاد ضد الميليشيات الانقلابية، ويستخدم الحوثيون إعلامًا دعائيًا يقوم على تصوير اليمن وكأنه يتعرض لغزو من الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، حيث لا تخلو شعارات الحوثيين وخطاباتهم، من اتهامات يومية للولايات المتحدة، بدرجة رئيسية، بقصف المواقع والمعسكرات وغيرها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.