شهدت تركيا تحولات اقتصادية جذرية على مدى العقد الماضي، لتصبح سوق العقارات في تركيا موضعا للنقاش في أوساط المستثمرين مع الارتفاع في الأسعار بشكل كبير في الأشهر الأخيرة.
ووفقا لوكالة الإحصاء التركي، فإن مبيعات العقارات السكنية ارتفعت في الأشهر العشرة الأولى من عام 2015 على أساس سنوي بنحو 66 في المائة، لتصل إلى أكثر من 15 ألف منزل للمواطنين.
وقد أظهرت أسعار العقارات زيادة مطردة خلال العام الماضي، لتنضم تركيا لأعلى نسب نمو بين دول مجموعة العشرين في الاستثمار العقاري في 2015، بنحو 14 في المائة، وفقا لمؤشر مؤسسة نايت فرانك العقارية.
ويستحوذ سوق العقارات على 4.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين ارتفع تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر في 2015 ليبلغ 12.5 مليار دولار.
وعلى الرغم من النمو الاقتصادي المتواضع لتركيا في 2015، فإن مؤشر أسعار المنازل ارتفع في تركيا بنحو 18.96 في المائة، ليصل الصافي الإجمالي إلى 10.95 في المائة بعد احتساب معدلات التضخم بنهاية 2015.
ففي إسطنبول، أكبر المدن التركية، ارتفعت أسعار المنازل بنحو 27.6 في المائة، و19 في المائة بتعديل التضخم، في حين صعدت أسعار المنازل في العاصمة أنقرة العاصمة بنحو 12.2 في المائة و4.6 في المائة معدلة بعد التضخم، أما في أزمير ثالث أكبر مدينة ارتفعت بها أسعار المنازل بنحو 15.9 في المائة، و8.1 معدلة طبقا للتضخم، ويمثل التضخم في تركيا بنحو 8.1 في المائة.
وتسمح تركيا للأفراد الأجانب الشراء بحرية تصل إلى 10 في المائة من العقارات والأراضي في مناطق تم تحديدها رسميا، والتي تشمل المدن والبلدات والمنتجعات، أما المناطق القريبة من منشآت عسكرية فتستغرق الموافقة ما يقرب من 3 إلى 6 شهور للموافقة.
وموقع تركيا الجغرافي بين الشرق الأوسط وأوروبا جعلها مصدرا لجذب السياحة، وعلى رأسها السياح والمستثمرون العرب، والذين قاموا بشراء عقارات بنحو 5.5 مليار دولار العام الماضي.
ورغم ارتفاع الأسعار بشكل عام في أنحاء البلاد، فإن العقارات في تركيا - مقارنة بأوروبا - ما زلت تتمتع بأسعار جذابة نسبيا، وهو ما يجذب العرب الراغبين في الاستثمار العقاري.
وأوضحت بيانات أصدرتها مؤسسة الإحصاء التركية الشهر الماضي، أن المستثمرين العراقيين اشتروا ما يقرب من 4228 عقارا، والمستثمرين السعوديين اشتروا 2704 عقار، أما المستثمرون الكويتيون فاشتروا 2130 عقارا.
وأوضح البيان أن مبيعات العقارات للأجانب ارتفعت بما يقرب من 20.4 في المائة، مقارنة بمبيعات قدرت بنحو 22 ألفا و830 عقارا في العام الأسبق. وأضافت المؤسسة أن إسطنبول كانت أكثر المدن التركية بيعا للعقارات للأجانب في 2015، إذ بلغ عدد العقارات المباعة 7493 عقارا، تلتها أنطاليا المطلة على البحر المتوسط بعدد 6072 عقارا، ثم بورصا شمال غربي تركيا بعدد 1501 عقار.
وفي ما يتعلق بمبيعات العقارات بشكل عام، أشارت البيانات إلى أنها ارتفعت خلال العام الماضي بنسبة 10.6 في المائة، مقارنة بعام 2014. وأوضحت الأرقام والإحصاءات أن عدد العقارات المباعة في 2015 بلغ 1.3 مليون عقار في جميع أنحاء تركيا. كما لفتت المؤسسة التركية الرسمية للإحصاء إلى أن إسطنبول جاءت بالمرتبة الأولى بين المدن التركية الأكثر بيعا للعقارات في العام الماضي، حيث تم بيع 240 ألف عقار قبل العاصمة أنقرة التي احتلت المرتبة الثانية بعدد 146537 عقارا.
وارتفع حجم القروض السكنية من 200 مليون دولار إلى 51.4 مليون في الفترة ما بين عامي 2002 وحتى 2015، فقد تم بناء ما يقرب من أربعة ملايين وحدة سكنية في تلك الفترة سابقة الذكر، وصدر 6.3 مليون تصريح للبناء في الفترة ذاتها.
ووفقا للمركزي التركي، زادت أسعار المنازل الحقيقية بما يقرب من 34 في المائة في تركيا بشكل عام، وارتفعت بنسب 68 و13 و25 في المائة في إسطنبول وأنقرة وأزمير على التوالي خلال الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) 2010 وحتى يناير 2015.
ويعزو خبراء عقاريون هذا النمو المطرد في أسعار المنازل إلى كل من الأسس الاقتصادية والاستثمارية الإيجابية التي تقدمها تركيا، والتفاؤل المفرط في القطاع العقاري، إلا أن هناك من يرون أن الارتفاع سابق لـ«فقاعة عقارية» تشبه ما حدث في أوروبا في عام 2008، ويمكن أن تنفجر مخاطرها على مستويات السوق والاقتصاد التركي بشكل عام.
ويرجع أصحاب الرأي الثاني استنادا إلى الديون الكبيرة الخاصة والعامة لدى تركيا، وعجز كبير في الحساب الحالي، وانخفاض الإنتاج الصناعي، وتزايد البطالة وضعف العملة المحلية.
أما أصحاب الرأي الأول فيستندون إلى أنه لو حدثت فقاعة فلن تكون بتلك الخطورة على الاقتصاد التركي، نظرا إلى أن الرهن العقاري يصرف فقط لأصحاب الدخول المرتفعة، غير أن مخاطر سوق الرهن العقاري الثانوي ضعيفة نظرا لقوة القطاع المصرفي وحرصه على تقليل مخاطر الإقراض، فتصحيح الأسعار في المستقبل قد يؤثر على المضاربين ولن يؤثر على الملاك أو المستثمرين.
لكن كلا الجانبين يؤكد في نهاية الأمر أن هناك حاجة إلى رقابة أكبر على ارتفاع الأسعار، وتحسين مهارات إدارة الأصول العقارية لتجنب الوقوع في تلك الفقاعة.
العقارات في تركيا بين مخاوف الفقاعة ونجاح الاستثمار
المستثمرون العرب.. الأكبر نصيبًا بين المشترين الأجانب
العقارات في تركيا بين مخاوف الفقاعة ونجاح الاستثمار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة