الكرملين ينفي «بشكل قاطع» استهدافه مستشفيات في سوريا

الأمم المتحدة قالت في حال ثبت ذلك فهي «جريمة حرب»

الكرملين ينفي «بشكل قاطع» استهدافه مستشفيات في سوريا
TT

الكرملين ينفي «بشكل قاطع» استهدافه مستشفيات في سوريا

الكرملين ينفي «بشكل قاطع» استهدافه مستشفيات في سوريا

أعلن الكرملين، اليوم (الثلاثاء)، أنّه "ينفي بشكل قاطع" الاتهامات بقصف الطيران الروسي لمستشفيات في شمال سوريا ما أدى إلى سقوط خمسين قتيلا.
وقال ديمتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين "مرة جديدة ننفي بشكل قاطع مثل هذه الادعاءات خاصة وإنّ الذين يدلون بهذه التصريحات لا يتمكنون ابدا من اثباتها".
وقالت الأمم المتحدة اليوم، إنه في حال إثبات استهداف المدارس والمشافي يوم أمس (الإثنين)، في سوريا بشكل متعمد، فإنّ ذلك يمكن أن يعتبر جريمة حرب.
ووفقاً لوكالة أنباء (الأناضول) التركية، أوضحت الأمم المتحدة، أنه في حال ثبُت قيام روسيا أو النظام السوري بهذه العملية، فإن هذا يعني أنهما ارتكبا جرائم حرب.
وأمس، قتل 9 مدنيين في غارة جوية استهدفت مستشفى تدعمه منظمة أطباء بلا حدود جنوب مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب في شمال غربي سوريا.
وأعلنت المنظمة مقتل سبعة أشخاص على الأقل هم "خمسة مرضى ومقدم رعاية واحد وحارس"، بالإضافة إلى "فقدان ثمانية موظفين يُرجّح أن يكونوا في عداد الأموات جراء هجوم صاروخي وقع صباح الاثنين، وأدى إلى تدمير مستشفى مدعوم من قبلها" في معرة النعمان في محافظة إدلب.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أورد في وقت سابق (أمس) مقتل تسعة مدنيين، بينهم طفل وممرض، وإصابة العشرات في غارة يعتقد أنها روسية على مستشفى مدعوم من أطباء بلا حدود جنوب معرة النعمان.
ونقلت المنظمة عن موظفين أن المستشفى "تعرض لأربعة صواريخ خلال هجومين تفصلهما دقائق معدودة"، مشيرة إلى أن القصف طال أيضا "15 منزلاً ومنشأة تقع جميعها في المناطق السكنية من بينها مستشفى آخر غير مدعوم من قبل المنظمة".
وقال رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود ماسيميليانو ريباودينغو إن "هذا الهجوم على المرفق الطبي المدعوم من قبل أطباء بلا حدود يبدو متعمداً". مضيفا أن "تدمير هذا المستشفى يحرم السكان المحليين الذين يبلغ عددهم نحو 40 ألف نسمة من الوصول إلى الخدمات الطبية في منطقة نزاع".
من جهة أخرى، اتهم سفير النظام السوري لدى موسكو التحالف الأميركي بقصف المستشفى، غير أن المنظمة أكدت أن الهجوم على المستشفى كان مقصوداً، وأن روسيا أو النظام السوري وراء الهجوم.
وأكدت مصادر من المعارضة السورية ومنظمات حقوقية مسؤولية روسيا عن استهداف المستشفى، حيث أوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن "أن طائرات حربية، يعتقد أنها روسية، قصفت مستشفى مدعوماً من أطباء بلا حدود جنوب مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، ما أسفر عن مقتل 9 أشخاص، بينهم طفل، وسقوط عشرات الجرحى".
وكانت الامم المتحدة قد أعلنت أمس، "مقتل نحو خمسين مدنيا بينهم اطفال اضافة إلى العديد من الجرحى" في خمس مؤسسات طبية "على الاقل" ومدرستين في حلب وادلب بشمال سوريا في قصف رجح المرصد السوري لحقوق الانسان انه روسي.
ميدانيًا قصفت المدفعية التركية فجر اليوم، مدينة تل رفعت التي وقعت تحت سيطرة تحالف كردي - عربي مساء أمس، اثر معارك عنيفة مع الفصائل العارضة في شمال سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
بدورها اوردت وسائل إعلام تركية، أنّ المدفعية التركية فتحت نيرانها على مواقع لوحدات حماية الشعب الكردية، الفصيل الاهم في تحالف قوات سوريا الديمقراطية، في محيط مدينة اعزاز في ريف حلب الشمالي.
ويستهدف القصف التركي لليوم الرابع على التوالي المقاتلين الاكراد وحلفاءهم الذين يتقدمون منذ ايام في ريف حلب الشمالي بالقرب من الحدود التركية.
وقال مدير المرصد لوكالة الصحافة الفرنسية، "قصفت المدفعية التركية مدينة تل رفعت ومحيطها بعد ساعات على سيطرة قوات سوريا الديمقراطية عليها".
وتعد السيطرة على تل رفعت نكسة جديدة للفصائل الاسلامية والمعارضة، التي منيت بهزائم متتالية منذ شنت قوات نظام الاسد مدعومة بغطاء جوي روسي بداية الشهر الحالي هجوما واسع النطاق على المناطق الواقعة تحت سيطرتها في ريف حلب الشمالي.
ويزداد الوضع في محافظة حلب تعقيدا وهي المقسمة بين قوات النظام التي تسيطر على محيط مدينة حلب من الجهات الجنوبية والشمالية والشرقية والفصائل الاسلامية والمعارضة التي تتركّز في الريف الغربي، كما في مناطق في الريف الشمالي، وأمّا تنظيم "داعش" فيسيطر على مناطق في الريف الشرقي اهمها مدينة الباب، احدى معاقله الاستراتيجية، كما في الريف الشمالي الشرقي للمحافظة. فيما يتقدم المقاتلون الاكراد من مناطق وجودهم في الريف الشمالي الغربي باتجاه الشرق.
واليوم أيضًا، أعلن مسؤول تركي كبير، أنّ أنقرة تؤيد تدخلا عسكريا بريا في سوريا؛ لكن بمشاركة حلفائها، معتبرة أنّ ذلك فقط من شأنه وقف النزاع في هذا البلد.
وقال المسؤول التركي، رافضًا الكشف عن اسمه، للصحافيين "نريد عملية برية مع حلفائنا الدوليين. من دون عملية على الارض، من المستحيل وقف المعارك في سوريا". لكنه أكّد انّه من غير الوارد أن تطلق تركيا مثل هذه العملية منفردة. وتابع "لن تكون هناك عملية عسكرية تركية أحادية الجانب في سوريا".
من جانبه، صرح رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك اليوم في اثينا، أنّ القصف الروسي يترك "املا ضئيا" في احلال السلام في سوريا. وبعدما عبر اثر لقائه رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس عن أمله في عودة السلام إلى سوريا وخصوصًا كحل لأزمة الهجرة، قال توسك إنّ القصف الروسي "يترك أملا ضئيلا، فقد تعزز نظام الاسد والمعارضة المعتدلة اضعفت والاتحاد الاوروبي غارق بموجات جديدة من اللاجئين". وأضاف أنّ "العالم بأسره يأمل في السلام ومستعد للمحادثات"؛ وذلك بعد أيام من توصل القوى الكبرى في ميونيخ إلى اتفاق "لوقف الاعمال العدائية".



جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
TT

جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)

فضَّل شاب يمني أن يتعرض للضرب والاعتداء من أفراد نقطة تفتيش حوثية على مشارف العاصمة المختطفة صنعاء على أن يسلم الأدوية التي يحملها معه، بعد أن دفع لأجل الحصول عليها أموالاً كثيرة، واضطر للسفر إلى مدينة عدن لتسلمها بنفسه من أحد معارفه القادمين من خارج البلاد.

وبحسب رواية أحد المسافرين بسيارة أجرة من عدن إلى صنعاء خلال الأيام الماضية لـ«الشرق الأوسط»؛ فإن الشاب الذي ينتمي إلى محافظة الحديدة (غرب) بدا متوتراً للغاية عند توقف السيارة في نقطة التفتيش، وعندما وصل أفراد النقطة إليه لجأ إلى توسلهم وإخبارهم أن الأدوية تخص والدته الطاعنة في السن، ولا يمكنه توفير بديل عنها.

ومما قاله الشاب إنه سبق له دفع ثمن الأدوية ليجلبها له أحد المسافرين من خارج البلاد، لكن تمت مصادرتها بالطريقة نفسها، وعندما عجز عن إقناع أفراد نقطة التفتيش؛ احتضن الكيس بكل قوته، لينهالوا عليه بالضرب قبل أن يحتجزوه لديهم، وطلبوا من سائق السيارة والمسافرين الانطلاق وعدم التدخل.

وتشير هذه القصة إلى ما يشهده سوق الدواء في اليمن، وخصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ندرة واختفاء عدد من أصناف الأدوية المهمة للأمراض الخطيرة والمزمنة، في وضع صحي يزداد كارثية، إلى جانب تشديد الجماعة الحوثية للجبايات في نقاط التفتيش بزعم تحصيل الإيرادات الجمركية.

الجماعة الحوثية استحدثت مراكز تحصيل جمركية على عدد من الطرقات داخل البلاد (إعلام حوثي)

ويشكو المسافرون إلى مناطق سيطرة الجماعة من ممارسات تعسفية تنتهجها نقاط التفتيش، إذ تُقدِم على البحث في أمتعتهم وحقائبهم وسؤالهم عن محتوياتها، والاستفسار عن جميع الأغراض بما فيها الملابس والأغراض الشخصية.

ويقول أحد الناشطين المتعاونين مع منظمة دولية مختصة بحرية الرأي والتعبير لـ«الشرق الأوسط»، إنه يعاني كثيراً في نقاط التفتيش الحوثية التي يضطر إلى العبور منها باستمرار بحكم عمله وسفره الدائم، حيث يجري سؤاله عن كل محتويات حقيبته، خصوصاً الجديدة منها.

ويضطر الناشط، الذي فضل عدم الكشف عن بياناته، إلى استخدام الملابس والأغراض الجديدة التي يشتريها قبل العودة، أو إزالة أدوات التغليف منها، حتى لا يتعرض للتحقيق حولها أو مصادرتها، وذلك بعد تجربة سابقة له حين جرى مصادرة عدد من الأقْمِصَة التي اشتراها هدايا.

جبايات بلا سندات

تعتمد الجماعة الحوثية على نقاط التفتيش بوصفها أحد مصادر إيراداتها الضخمة، وإلى جانب استحداث نقاط تحصيل ضريبي في مختلف الطرقات، ومراكز جمركية في المنافذ التي تربط مناطق سيطرتها بالمناطق المحررة الخاضعة للحكومة الشرعية، كلفت عدداً كبيراً من قادتها وأفرادها في نقاط التفتيش بفرض جبابات على مختلف أغراض المسافرين والمواد المنقولة براً.

ويذكر محمد العزب، من أهالي مدينة تعز، لـ«الشرق الأوسط»، أنه، ولعدة مرات، تعرض لتفتيش المواد الغذائية التي ينقلها معه إلى أقاربه في صنعاء، واضطر لدفع مبالغ مالية مقابل السماح له بالعبور بها، رغم أن كمياتها محدودة وليست تجارية.

عناصر حوثيون يغلقون مقرات شركات الأدوية التي تتعرض لتعسفات الجماعة (إعلام حوثي)

وكان العزب ينقل معه خلال سفره إلى صنعاء بعضاً من فائض السلال الغذائية التي تتحصل عليها عائلته في تعز كمساعدات من المنظمات الدولية والوكالات الأممية إلى أقاربه في صنعاء، الذين يعانون من الفاقة بسبب انقطاع رواتب الموظفين واتساع رقعة البطالة تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

وتشير غالبية شكاوى المسافرين إلى مساعٍ حوثية لمصادرة الأدوية التي يحملها المسافرون للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم، خصوصاً مع أزمة الأدوية التي تشهدها مناطق سيطرة الجماعة، وارتفاع أسعارها الذي يتسبب بعجز الكثيرين عن شرائها.

وأبدى الكثير من المسافرين، سواء للعلاج أو لأغراض أخرى، استياءهم الشديد من ممارسات نقاط التفتيش الحوثية بحقهم، وإجبارهم على الإفصاح عن كل ما يحملونه من أدوية، سواء كانت للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم ومعارفهم.

ويوضح نبيل، وهو من سكان صنعاء، لـ«الشرق الأوسط» أنه ووالده اضطرا إلى تبرير وجود الأدوية التي بحوزتهما بعد رحلة علاجية طويلة خارج البلاد، أجريا خلالها عدة عمليات جراحية، ولم يُسمح بالمرور بتلك الأدوية إلا بعد دفع مبلغ مالي كبير.

أدوية الأطفال في اليمن تشهد نقصاً شديداً في ظل أزمة معيشية معقدة يعيشها السكان (أ.ف.ب)

واستغرب نبيل من أنه لم يسمح لهما بحمل سند تحصيل المبلغ، وبعد إلحاحهما من أجل الحصول عليه، اشترط عليهما أفراد النقطة تصويره بالهاتف فقط، وفوجئا حينها أن السند تضمن نصف المبلغ الذي اضطرا لدفعه، وليس المبلغ كاملاً.

غلاء وتزوير

لم تتمكن شركات صناعة الأدوية المحلية في اليمن من تغطية الاحتياجات المتزايدة للأدوية والنقص الحاصل في السوق المحلية، نتيجة سيطرة الجماعة الحوثية على غالبيتها، أو فرض الجبايات عليها، إلى جانب القيود المفروضة على استيراد المواد الخام.

وينوه جهاد، وهو صيدلي يعمل في أحد المستشفيات في صنعاء، إلى أن سوق الأدوية في العاصمة صنعاء وبقية المدن تحت سيطرة الجماعة الحوثية تشهد انتشار أدوية بديلة للأدوية الشهيرة والمعروفة لمختلف الأمراض، خصوصاً المزمنة منها، وأن الأدوية البديلة ليست بفاعلية وكفاءة الأدوية الأصلية، بالإضافة إلى انتشار الأدوية المهربة.

وتنتشر في الأسواق المحلية كميات كبيرة من الأدوية المهربة التي لا يعلم حقيقة مصدرها، والمواد المصنعة منها، كما وتنتشر الأدوية المقلدة والمزورة في ظل الرقابة الحوثية التي تُتهم بالتواطؤ والفساد.

الجماعة الحوثية تزعم باستمرار إتلاف أطنان من الأدوية المهربة (إعلام حوثي)

وحذر من الانعكاسات السلبية التي تقع على المرضى بسبب الأدوية البديلة، إلى جانب عدم كفاءتها في حماية المرضى من تدهور صحتهم.

ومنذ أيام مرت الذكرى الثانية لوفاة 10 أطفال في وحدة علاج السرطان بمستشفى الكويت في صنعاء، إثر حقنهم بأدوية «منتهية الصلاحية»، التي تبين مسؤولية قادة حوثيين عنها، دون أن يتخذ القضاء الذي تديره الجماعة أي إجراءات ضدهم.

وطبقاً لشهادات طبية متعددة حصلت عليها «الشرق الأوسط»؛ فإن الأدوية التي يعاني المرضى في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من نقصها تتمثل في أدوية أمراض القلب وضغط الدم والسكر والصرع والغدة الدرقية وأمراض الكبد والكلى، وأدوية الأطفال، وفيتامين (د).

وحذرت مصادر طبية من أن الكثير من الأدوية المتوافرة ستشهد أسعارها ارتفاعاً جديداً يصل إلى 50 في المائة من أسعارها الحالية، وقد تزيد تلك الزيادة على هذه النسبة لكون الكثير من الصيدليات تبيعها حالياً بأسعار أعلى من أسعارها المتعارف عليها نتيجة غياب الرقابة، أو اضطرار الكثير من تجار الأدوية لزيادة الأسعار بسبب الجبايات المفروضة عليهم.