قطاع السياحة في السعودية يعزز حضوره لدعم الاقتصاد الوطني

أسهم في توظيف ما نسبته 9.1 % من إجمالي القوى العاملة بالقطاع الخاص

كشف تقرير في المنتدى الاقتصادي العالمي أن السعودية حصدت 76 مليار دولار من السياحة في سنة 2013
كشف تقرير في المنتدى الاقتصادي العالمي أن السعودية حصدت 76 مليار دولار من السياحة في سنة 2013
TT

قطاع السياحة في السعودية يعزز حضوره لدعم الاقتصاد الوطني

كشف تقرير في المنتدى الاقتصادي العالمي أن السعودية حصدت 76 مليار دولار من السياحة في سنة 2013
كشف تقرير في المنتدى الاقتصادي العالمي أن السعودية حصدت 76 مليار دولار من السياحة في سنة 2013

فرضت السياحة نفسها كلاعب مهم في تنمية الاقتصاد السعودي، بعدما أسهمت في تطور الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تجاوزت 7.2 في المائة، حيث تحظى المملكة بمزايا سياحية كثيرة تميزها عن بقية دول العالم، تتمثل في وجود الحرمين الشريفين، والمواقع السياحية المتعددة، والتنوع المناخي، وتوفر رأس المال.
وسجلت السعودية تواجدها على خريطة السياحة العالمية، ففي عام 2008، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة مدائن صالح (الحِجر) كموقع تراث عالمي، وبذلك أصبح أول موقع في السعودية ينضم إلى قائمة مواقع التراث العالمي، وفي 2010 أضيفت الدرعية إلى القائمة، كما فرضت جدة التاريخية نفسها في القائمة عام 2014. وتمت إضافة الفنون الصخرية في منطقة حائل في 2015 لتكون على قائمة التراث العالمي. وحصلت المملكة على تصنيف الوجهة السياحية الرابعة ضمن المؤشر العالمي للسياحة بالنسبة لدول منظمة التعاون الإسلامي لسنة 2014.
وتتلقى السياحة دعمًا متزايدا من الحكومة السعودية ممثلة في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، والتي من بين أهدافها تطوير وتأهيل المواقع السياحية والتراثية، والارتقاء بقطاع الإيواء ووكالات السفر والخدمات السياحية، وتطوير الأنشطة والفعاليات في المواقع السياحية، فضلاً عن تنمية الموارد البشرية السياحية. وتسعى الهيئة لاستكمال مهمتها نحو تحويل السياحة إلى قطاع اقتصادي يسهم بفعالية متزايدة في الناتج القومي الإجمالي، ودعم الاقتصاد الوطني.
وعمدت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، برئاسة الأمير سلطان بن سلمان إلى تطوير الكثير من الأنظمة والقوانين، لإحداث التنمية السياحية المستدامة التي تتماشى مع الثوابت الإسلامية والقيم الاجتماعية والثقافية والبيئية السائدة في المملكة، بالعمل على نجاح صناعة السياحة في السعودية من خلال توفير توجه واضح لهذه الصناعة، والعمل من خلال الشراكة الوثيقة مع رواد الصناعة والشركاء لإيجاد وتهيئة مناخ تستطيع هذه الصناعة الناشئة من خلاله تحقيق درجة عالية من الاكتفاء الذاتي.
وفيما يتعلق بمهمة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، تجاه قطاع التراث الوطني للمملكة، فإن الهيئة تقوم بتعزيز قدرة قطاع الآثار والتراث الوطني والمتاحف وحماية تلك الآثار، وتسجيلها، واستكشافها، والتنقيب عنها ودراستها، وتطوير المتاحف والتراث العمراني، وزيادة المعرفة بعناصر التراث الثقافي بالمملكة، وإدارة التراث الوطني والآثار والمتاحف بشكل فعال، وتهيئة الموارد الثقافية ليتم تطويرها وعرضها على أفراد المجتمع في إطار تعزيز السياحة الثقافية، وتحفيز استثمارات القطاع الخاص في مشاريع الآثار والمتاحف.
وتعمل الهيئة لتعزيز منظومة الوجهات السياحية على البحر الأحمر ومنظومة الجزر التي أقرها مجلس الوزراء، ويتطلع مع ظهور الشركة الجديدة «شركة الاستثمار والتنمية السياحية» في أن تنطلق لبناء منظومة وجهات سياحية على البحر الأحمر وفي شرق المملكة، حيث قامت الهيئة اللاعب الذي يجب الآن أن يحمل لواء تطوير الوجهات السياحية وهي شركة الاستثمار والتنمية السياحية.
وقال الأمير سلطان في كلمة له خلال اجتماع وكلاء وزارات وهيئات السياحة والثقافة في دول مجلس التعاون الخليجي: «قطعنا في السعودية شوطًا كبيرًا في التنوع الاقتصادي، والدولة تنظر لقطاع السياحة والتراث الوطني كقطاع أساسي في تنويع مصادر الدخل والاستثمارات الأساسية، ونؤمل أن يتم تمكين هذا القطاع لينطلق بشكل أكبر ليحقق تطلعات المواطنين، ويشكل دعمًا أساسيا للاقتصاد الوطني، ويوفر فرص العمل للمواطنين».
وأكد الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، أن السائح السعودي أهم سائح تسعى الهيئة بجميع برامجها إلى جذبه، وأهم مستثمر يتطلع إلى تشجيعه بالاستثمار في المجال السياحي هو المستثمر السعودي.
وأوضح أن أكبر خطر على أي اقتصاد هو الفرص الضائعة، مشيرًا إلى فرص كثيرة ضاعت في مجالات عدة من بينها السياحة، التي اتجهت الاستثمارات فيها إلى بلدان أخرى كانت بيئاتها الاستثمارية أكثر جذبا في سنوات ماضية، مؤكدًا أن الأمور الآن في التصحيح بعد توالي القرارات الحكومية الممكنة للتوسع في السياحة والتراث الوطني، وهو ما أنتج بيئة محفزة على العمل والعطاء والاستثمار في الداخل.
وقال خلال محاضرة ألقاها بجامعة الفيصل في الرياض مؤخرًا: «إننا على امتداد مسيرة الهيئة خلال ما يزيد على الخمسة عشر عاما لم نكن نطالب للهيئة، ولكننا نطالب للمواطنين، وكنا نتحدث باسمهم وننقل تطلعاتهم وما يستحقون، خصوصا أن الهيئة عندما بدأت أولى خطواتها وضعت التزاما بألا تقر أي شيء إلا بمشاركة المواطنين وذوي الاختصاص، وهو ما جعل أكثر من 8 آلاف مواطن يشاركون في وضع الاستراتيجية الوطنية للسياحة واستراتيجية الآثار والتراث العمراني واستراتيجيات المناطق». وتناول خلال المحاضرة عددا من المحاور، منها: التعليم والتحدي المجتمعي، ومسيرة الهيئة، والاستراتيجية الوطنية، والتطوير الشامل، ولفت النظر إلى أن العمل في الهيئة يتسم بصيغة الفريق الواحد؛ مما يجعل القرارات ذات مسار مفهوم وقابل للتطبيق من المسؤولين في الهيئة أو المستثمرين في مجالات السياحة والآثار والتراث الوطني. وقدم الأمير سلطان بن سلمان شكره لرئيس الجامعة ومنسوبيها وجميع الطلاب والطالبات.
ويساهم قطاع السياحة في السعودية بتوظيف 795 ألف وظيفة مباشرة، نسبة السعوديين منهم تصل إلى 26 في المائة من مجموع العاملين في القطاع السياحي، كما أسهم هذا التوظيف بما نسبته 9.1 في المائة من إجمالي القوى العاملة بالمملكة بالقطاع الخاص. ووفقًا لبيانات منظمة السياحة العالمية فإن حصة السعودية من عدد الرحلات السياحية إلى منطقة الشرق الأوسط قد بلغت 32 في المائة. وكشف تقرير في منتدى الاقتصادي العالمي أن السعودية حصدت 76 مليار دولار من السياحة في سنة 2013. أنفق منها السياح الأجانب 48 مليار دولار فيما أنفق السياح المحليون 28 مليار دولار.



السعودية تحول كهوفها إلى معالم سياحية

كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
TT

السعودية تحول كهوفها إلى معالم سياحية

كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)

في خطوة لتنوع مسارات قطاع السياحة في السعودية، جهزت هيئة المساحة الجيولوجية 3 كهوف بأعماق مختلفة لتكون مواقع سياحية بالتنسيق مع الجهات المعنية، فيما تعمل الهيئة مع وزارة الاستثمار لاستغلال موقعين جيولوجيين ليكونا وجهة سياحية تستقطب الزوار من داخل وخارج المملكة.

قال الرئيس التنفيذي لهيئة المساحة الجيولوجية في السعودية، المهندس عبد الله بن مفطر الشمراني، لـ«الشرق الأوسط»، إنه جرى تحديد موقعين هما «جبل قدر، ومطلع طمية المعروف بـ(فوهة الوعبة)، والعمل جارٍ مع وزارة الاستثمار لاستغلالها، كاشفاً عن أن الهيئة تقوم بتجهيز عدد من المواقع الجديدة لتكون وجهة سياحة خلال الفترة المقبلة».

وأضاف أن عدد الكهوف يتجاوز مائة وخمسين كهفاً تنتشر في مواقع مختلفة، من بينها كهف (أم جرسان) وطوله 1.5 كيلومتر ويقع بالقرب من المدينة المنورة (غرب المملكة)، ويتميز بجماليات طبيعية تتناغم مع تاريخه وتكوينه، كذلك كهف «أبو الوعول» الذي يحتوي على هياكل عظمية لحيوانات انقرضت، لافتاً إلى أن السعودية غنية بالمعالم الجيولوجية المنتشرة في المواقع كافة.

ينتشر في السعودية أكثر من 150 كهفاً يترقب أن تكون وجهات سياحية (هيئة المساحة)

وأضاف: «على مدار الـ25 عاماً الماضية كان التركيز على الدرع العربي، أما الآن فالتركيز على 4 محاور رئيسة تتمثل في الاستثمار في كفاءات الجيولوجيين السعوديين، ومسح ما تبقى من مواقع الغطاء الرسوبي والبحر الأحمر، كذلك زيادة رفع المعلومات عن المخاطر الجيولوجية التي تحيط بالسعودية لمعرفة التعامل معها، مع استخدام التقنيات المختلفة لربط المعلومات الجيولوجية وإخراج قيمة مضافة منها واستخدامها في شتى الجهات».

وسيفتح هذا الحراك بين القطاعات الحكومية نافذة جديدة على السياحة، فيما ستكون لهذا التعاون تبعات كبيرة في تنشيط ما يعرف بالسياحة الجيولوجية من خلال توافد المهتمين والباحثين عن المغامرات من مختلف دول العالم، وسيساهم ذلك في رفع إيرادات الأنشطة السياحية، خاصة مع تنامي الاكتشافات في مسارات مختلفة، منها الأحافير، التي وصلت إلى أكثر من 100 موقع أحفوري رئيس في المملكة خلال السنوات الماضية.

فوهة الوعبة من أكبر الفوهات ويتجاوز عمرها المليون عام (هيئة المساحة)

وتحتوي هذه الاكتشافات على «خسف عينونة» بشمال غربي المملكة، و«تلة السعدان» شمال الجموم، و«فيضة الضبطية» في المنطقة الشرقية، و«طعس الغضا»، و«البحيرة الوسطى» جنوب غربي النفوذ الكبير، و«جبال طويق»، و«فيضة الرشاشية» في شمال المملكة. هذا بالإضافة إلى ما تم تسجيله في المملكة إلى اليوم من الأحافير المختلفة القديمة.

وهذه الاكتشافات يمكن الاستفادة منها من خلال جمعها تحت سقف واحد، وهو ما أشار إليه رئيس هيئة المساحة لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق: «الأحافير يستفاد منها في المتاحف الجيولوجية، ويمكن العمل في هذا الجانب مع وزارة السياحة، لضم هذه الأحافير، وبعض المكونات التي تعطي نبذة عن الجيولوجيا في السعودية، وأنواع من الأحجار المختلفة الموجودة في البلاد، وهذا يعطي بعداً علمياً واستثمارياً».

ويأتي عرض موقعي «فوهة الوعبة»، و«جبل القدر» على وزارة الاستثمار، لأهميتهما. فجبل القدر، يقع في حرة خيبر التابعة لمنطقة المدينة المنورة، ويتميز بارتفاعه الذي يصل إلى نحو 400 متر، وهو أكبر الحقول البركانية، وآخر البراكين التي ثارت قبل 1000 عام، وقد اختير في وقت سابق ضمن أجمل المعالم الجيولوجية العالمية، وفق تصنيف الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية (IUGS) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو).

جبل القدر من أحد أهم الاكتشافات الجيولوجية (واس)

في المقابل تغوص «فوهة الوعبة» في التاريخ بعمر يتجاوز 1.1 مليون عام، وهي من أكبر الفوهات البركانية في العالم، وهي جزء من حقل بركاني أحادي المنشأ يضم 175 بركاناً صغيراً، أعمارها بين بضع مئات الآلاف من السنوات إلى مليوني سنة، فيما تغطي مساحة بنحو 6000 كيلومتر مربع، وتتميز بعمق يصل إلى نحو 250 متراً وقطر يبلغ 2.3 كيلومتر، وهو ما يقارب 3 أضعاف متوسّط أقطار البراكين الأخرى، كما تحتوي على حوض ملحي أو بحيرة ضحلة تشكّلت بسبب تجمع مياه الأمطار.

وتعد الاكتشافات الجيولوجية في مساراتها المختلفة ثروة من الثروات المعدنية والسياحية والبيئية نادرة الوجود، والتي يجب المحافظة عليها وحمايتها، حيث يمكن الاستفادة من هذه الاكتشافات للدراسات الأكاديمية والأبحاث العلمية، وكذلك استغلالها في النواحي السياحية، وإمكانية الاستفادة منها بوصفها ثروة اقتصادية، تفتح المجال لمشاريع اقتصادية جديدة وتوفير الفرص الوظيفية للمواطنين، وكذلك فتح مجال أوسع للتعليم الأكاديمي ونشر الأبحاث الوطنية.