نقابة أطباء مصر تلوح بالإضراب والآلاف يرفعون شعارات ثورة يناير

في جمعية عمومية تاريخية ضد «اعتداءات الشرطة»

جانب من حشود الأطباء أمام «دار الحكمة» خلال انعقاد الجمعية العمومية الطارئة في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من حشود الأطباء أمام «دار الحكمة» خلال انعقاد الجمعية العمومية الطارئة في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

نقابة أطباء مصر تلوح بالإضراب والآلاف يرفعون شعارات ثورة يناير

جانب من حشود الأطباء أمام «دار الحكمة» خلال انعقاد الجمعية العمومية الطارئة في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من حشود الأطباء أمام «دار الحكمة» خلال انعقاد الجمعية العمومية الطارئة في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)

في أبرز مشهد احتجاجي تشهده مصر منذ شهور، احتشد آلاف الأطباء أمس، لحضور جمعية عمومية طارئة وصفت بـ«التاريخية»، لبحث إجراءات التصعيد للرد على ما قالت النقابة إنه «اعتداءات الشرطة على الأطباء». وقررت الجمعية العمومية التي عقدت في «دار الحكمة» (مقر نقابة الأطباء بوسط القاهرة)، تحت شعار «جمعية الكرامة»، الدخول في إضراب جزئي عن العمل في المستشفيات لحين محاسبة المعتدين، وأمهلت السلطات أسبوعين قبل تفعيل القرار، كما قررت إحالة وزير الصحة إلى مجلس التأديب لعدم دعمه مطالب الأطباء، وطالبت بعزله من منصبه.
وصوتت الجمعية العمومية أمس على اختيار إجراء من اثنين، الأول الامتناع عن تقديم الخدمات الطبية بأجر، أو الإضراب عن العمل، وجاء قرار الجمعية لصالح الأول بنسبة 56 في المائة مقابل 44 في المائة لصالح القرار الثاني.
وقال عضو في مجلس نقابة الأطباء لـ«الشرق الأوسط» إن قرار الامتناع عن تقديم الخدمة بأجر من خلال العيادات الخارجية بالمستشفيات العامة يعني عمليا إعلان الإضراب الجزئي، لكن هذه الصيغة كانت الأنسب من أجل حرمان الخصوم من تسويق موقف مناهض للأطباء بدعوى أنهم ممتنعون عن تقديم الخدمات الطبية.
وعادة ما تعاني النقابات المصرية من عدم اكتمال النصاب القانوني لعقد جمعياتها العمومية، لكن مشهد آلاف الأطباء الذين احتشدوا على نحو غير مسبوق بمقر النقابة القريب من ميدان التحرير عكس على ما يبدو قدر الغضب من الاعتداءات المتكررة من قبل أمناء الشرطة على الأطباء.
ووافقت الجمعية العمومية التي شهدت تسجيل حضور نحو 10 آلاف طبيب على الامتناع عن تقديم الخدمة الطبية بأجر، وأمهلت السلطات أسبوعين لاتخاذ خطوات جادة لعقاب المعتدين قبل تفعيل القرار، كما قرر الأطباء بالإجماع إحالة وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين، إلى مجلس التأديب داخل النقابة لعدم دعمه لنقابة الأطباء في وجه الاعتداءات التي تعرضوا لها، كما طالبوا بعزله من منصبه.
وقال خالد سمير عضو مجلس نقابة الأطباء لـ«الشرق الأوسط» إن «القرار يحتاج لمذكرة تفسيرية سوف تصدرها النقابة العامة وتعممها على النقابات الفرعية، لتحديد الخدمة مدفوعة الأجر.. لا نعرف بالضبط مدى إمكانية تنفيذ القرار ومدى تأثيره لكننا نحترم الآليات الديمقراطية التي أقرته».
وأضاف سمير أن الجمعية أقرت القيام بوقفات احتجاجية أمام المستشفيات على مستوى الجمهورية، كما شددت على إغلاق المستشفى التي تتعرض للاعتداء، ردًا على بيان لنقابة والنائب العام الذي أصدر قرارا بإعادة افتتاح مستشفى المطرية التعليمي الذي تعرض الأطباء العاملون به للاعتداء. وتابع سمير: «نعتقد كما يعتقد آخرون أن بيان النائب العام لم يكن قانونيا وأنه من حق المستشفيات التي تتعرض للاعتداء الإغلاق الاضطراري، حفاظًا على سلامة العاملين بتلك المؤسسات».
وكان أطباء في مستشفى المطرية التعليمي (شرق القاهرة) أغلقوا المستشفى أواخر الشهر الماضي، احتجاجًا على اعتداء أمناء شرطة على طبيب بالمستشفى. وقال الدكتور أسامة عبد الحي، وكيل نقابة الأطباء، إن أمناء الشرطة ضغطوا على الطبيب لإصدار تقرير طبي يبالغ في حجم إصابات لحقت بزميل لهم، وهو ما رفضه الطبيب.
وكان طبيبان في مستشفى المطرية التعليمي اتهما 9 أمناء شرطة بقسم المطرية بالتعدي عليهما الخميس 28 يناير الماضي، وقررت النيابة الأربعاء الماضي، استدعاء أمناء الشرطة «استكمالا للتحقيقات الجنائية التي تباشرها»، إلا أن النيابة قررت مساء أول من أمس إخلاء سبيل أمناء الشرطة.
وتطالب النقابة بإحالة أمناء الشرطة الذين اعتدوا على الطبيبين إلى المحاكمة الجنائية بصورة سريعة، كما تطالب بوضع آلية محددة لمنع تكرار ظاهرة الاعتداء على الأطباء مستقبلا.
وقال شهود عيان إن شارع قصر العيني الذي يفضي إلى ميدان التحرير شهد ارتباكا مروريا بعد أن امتدت حشود الأطباء إلى الشارع واكتظت بهم قاعات النقابة، وهتف الأطباء ضد وزارة الداخلية، ورفعوا شعارات ثورة 25 يناير التي أنهت عقودًا من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك قبل خمس سنوات.
وتوافدت على مقر نقابة الأطباء أمس وفود من نقابات الصحافيين والمهندسين والمعلمين والنقل العام والنقل البري لإعلان تضامنهم مع تحرك الأطباء، كما أعلنت نقابة المحامين في وقت سابق تشكيل لجنة للدعم القانوني.
وفي غياب أحزاب فعالة، تلعب النقابات المهنية والنقابات المستقلة في مصر أدوارا بارزة في مواجهة السلطات التنفيذية. وتعد نقابة الأطباء أحد أبرز النقابات وأوسعها تأثيرا في البلاد، وقبل نحو أربعة أشهر نجحت «قائمة الاستقلال» في اكتساح انتخابات النقابة أمام قائمة محسوبة على السلطة التنفيذية، مما يعكس حضورا للمزاج الثوري في صفوف الأطباء.
وكانت نقابة الأطباء قد وجهت الدعوة الأسبوع الماضي لوزير الصحة وكبار قيادات الوزارة لحضور الجمعية العمومية، وعدت الفترة المتبقية لحين عقد الجمعية العمومية «فترة مهلة لجميع المسؤولين للاستجابة للمطالب السابقة، وإلا فإن جميع خيارات التصعيد متاحة (بالجمعية العمومية) وصولا إلى الإضراب الجزئي العام حفاظًا على كرامة جموع الأطباء».
وقال طبيب شارك في أعمال الجمعية العمومية إن النقابة قررت أيضًا الإغلاق الاضطراري لأي مستشفى يتعرض لاعتداء مماثل وإغلاقها تماما وتفويض مجلس النقابة بذلك.
وأضاف الطبيب خالد البوهي أن الجمعية العمومية أعلنت أيضًا رفض خصخصة الصحة وبيع القطاع العام، وقانون التأمين الصحي الجديد، وطالبت السلطة التشريعية (البرلمان) بسرعة إصدار قانون لتغليظ عقوبة الاعتداء على المستشفيات.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.