«داعش» يثير خشية واشنطن من «2016 ساخنة»

مع مواصلته التوسّع على حساب «القاعدة» في أفغانستان

الدواعش الأفغان سحبوا البساط من تحت أقدام «القاعدة» في ولايات عديدة في أفغانستان («الشرق الأوسط»)
الدواعش الأفغان سحبوا البساط من تحت أقدام «القاعدة» في ولايات عديدة في أفغانستان («الشرق الأوسط»)
TT

«داعش» يثير خشية واشنطن من «2016 ساخنة»

الدواعش الأفغان سحبوا البساط من تحت أقدام «القاعدة» في ولايات عديدة في أفغانستان («الشرق الأوسط»)
الدواعش الأفغان سحبوا البساط من تحت أقدام «القاعدة» في ولايات عديدة في أفغانستان («الشرق الأوسط»)

حذرت الولايات المتحدة الأميركية من تدهور الأوضاع الأمنية في أفغانستان خلال عام 2016، إذ قال الجنرال الأميركي جون نيكولسون، المرشح لخلافة الجنرال جون كامبل في قيادة القوات الأميركية والأطلسية في أفغانستان، وقوامها نحو ثلاثة عشر ألف عسكري، إن الوضع الأمني في أفغانستان سيسوء أكثر مع حلول الربيع الأفغاني بعد شهرين، حيث يتوقع أن تصعّد حركة طالبان والجماعات المتطرفة المسلحة الأخرى من عملياتها.
كذلك أشارت لجنة «سيكار» الأميركية للشفافية، التي تحقق في المساعدات الأميركية والدولية إلى أفغانستان وموارد استعمال المنح الدولية المقدمة لها، إلى أن الحكومة الأفغانية تسيطر حاليا فقط على سبعين في المائة من أراضي البلاد، بينما تخضع باقي المناطق لطالبان وتنظيم داعش الذي يجند مقاتلين جددا إلى صفوفه.
يرى الخبراء العسكريون والمحللون السياسيون الأفغان في العاصمة كابل أن التحذير الأميركي من تدهور الأوضاع الأمنية في أفغانستان خلال عام 2016 يشير خصوصا إلى تصاعد نفوذ تنظيم داعش المتطرف في نسخته الأفغانية. وكانت «ولاية خراسان» المنبثقة عن التنظيم قد أعلنت عن حضورها في أفغانستان وباكستان، وعملت على توسيع انتشار «داعش» ونفوذه في أفغانستان على حساب حركة طالبان، متجاوزا حدود قواعده الأصلية في سوريا والعراق، وهو اليوم يهدد فعليا وجود حركة طالبان المسيطرة على أجزاء من البلد منذ عام 1996.
وفي هذا الاتجاه، كشف تقرير «لجنة القاعدة وطالبان» التابعة للأمم المتحدة أخيرا، أن عدد المنضوين تحت لواء «داعش» ومبايعيه يتزايد باطراد في عدة ولايات أفغانية. وأوضح التقرير نقلا عن مصادر حكومية أفغانية أن هناك على ما يبدو أنه توسّع كبير لتنظيم داعش، مشيرا إلى أن المجموعات المرتبطة بالتنظيم تنشط اليوم في 25 ولاية من أصل 34 ولاية تتكون منها أفغانستان.
ووفق المعلومات المتوافرة فإن معظم المنضمين الجدد هم أفراد جرى تجنيدهم من مجموعات مسلحة، بعضها كان على خلاف مع القيادة المركزية لحركة طالبان، أو أنهم يسعون إلى هوية مختلفة من خلال ابتعادهم عن الحركة.
التقرير الأممي أفاد أيضا بأن بين المنضمين أنصارا لتنظيم القاعدة و«عددا قليلا» من غير الأفغان جاءوا مباشرة من العراق وسوريا، وهم يشكلون حاليا - حسب حكومة كابل - النواة الصلبة لتنظيم داعش في البلاد.
من ناحية أخرى، تشير تقديرات قوات الأمن الأفغانية إلى أن نحو 10 في المائة من أعضاء حركة طالبان النشطين يؤيدون تنظيم داعش، لكن هذا الرقم غير ثابت نظرا لتغير التحالفات على الأرض بين الحين والآخر. وجاء أيضا أن المجموعات الموالية لـ«داعش» تقاتل القوات الحكومية الأفغانية بانتظام، لكنها نادرا ما تقاتل التنظيمات المسلحة الأخرى.
وما يجدر ذكره في هذا السياق أن حكومة كابل كانت قبل ستة أشهر من الآن قد نفت تكرارا في تصريحاتها الرسمية وجود «نفوذ حقيقي» لتنظيم داعش في أفغانستان، غير أن هذه التطمينات لا تتوافق البتة مع التقارير الاستخباراتية التي تؤكد منذ وقت مضى تزايد نفوذ هذا التنظيم المتطرف، علما بأن مندوب أفغانستان الدائم لدى الأمم المتحدة كان قد حذّر من ازدياد عدد المسلحين الأجانب في بلاده ووصوله إلى ما يقرب من 7 آلاف مسلح.
الخبير الأمني الأفغاني عبد الستار منصف قال لـ«الشرق الأوسط»، في لقاء معه، إن تنظيم «داعش» بدأ يتوغل، ويوسع نفوذه في أفغانستان، بعد ارتكابه أبشع المجازر في المدن السورية والعراقية تحت راية الإسلام، مع إعلان ما سماه زورا بـ«الخلافة». وشدد على أن «خطر (داعش) أكبر وأشد من خطر طالبان على الأمن والاستقرار النسبيين في أفغانستان وباكستان». وأردف أن التنظيم «في حال استمر التجاهل الدولي فإنه لن يبقى في جغرافيا أفغانستان وحدها، بل سيتمدد إلى خارج الحدود ليشكل خطرا محدقا لدول المنطقة برمتها».
وفي هذا الإطار، كانت وزارة الدفاع الأفغانية قد أعلنت قبل ثمانية أشهر عن تشكيل قوة خاصة جديدة لمكافحة تنظيم داعش والتصدي لتهديداته المتزايدة، وذلك وسط تزايد المخاوف المرتبطة بتنامي أنشطة التنظيم الإرهابية في أرجاء أفغانستان. وقال القائم بأعمال وزير الدفاع الأفغاني معصوم ستانيكزاي، أمام جلسة علنية للبرلمان، إن القوة الخاصة الجديدة ستركز جهدها بشكل رئيسي على التصدي لأنشطة الموالين لـ«داعش» في الأجزاء الشرقية من أفغانستان. وأكد ستانيكزاي أن قضية «داعش» هي الآن «أكثر القضايا أهمية وينبغي التعامل معها بصرامة، فالشعب الأفغاني قد ضاق ذرعا بهذه الجماعة الدخيلة على المجتمع الأفغاني».
وأوضح القائم بأعمال وزير الدفاع أيضا أن القوة الجديدة التي تتألف من جنود من الجيش الأفغاني ستواصل قمع الأنشطة المسلحة للموالين لـ«داعش» إلى جانب الغارات الجوية المستمرة لضرب أهداف التنظيم.
في المقابل، كان الموالون للتنظيم المتطرف قد كثفوا أخيرا من أنشطتهم والدعاية التي ينشرونها ضد الحكومة الأفغانية، إلى جانب بث الرعب في نفوس سكان الأجزاء الشرقية من أفغانستان، ضمن إطار هدفهم لإقامة قاعدة إقليمية في إقليم ننغرهار بشرق البلاد. ولكن هنا يبدي نويد أحمد جبار خيل، وهو محلل سياسي ومتابع لشؤون الجماعات الإسلامية، اعتقاده بأن تمدد «داعش» ما كان ليحصل لولا ضعف طالبان وفقدانها السيطرة على مقاتليها في كثير من المناطق. وأوضح جبار خيل أن طالبان تعرّضت في الآونة الأخيرة، وتحديدا بعد إعلان وفاة زعيمها الملا عمر، لتغييرات كثيرة، وكادت تنقسم إلى عدة تنظيمات متناحرة، بسبب الخلافات التي تلت وفاة الزعيم الراحل وتعيين خليفة له. وشرح أنه «بينما كان بعض القادة البارزين في الحركة منشغلين بخلافاتهم الداخلية، بدا أن زعيم الحركة الملا أختر منصور وجد في تغيير استراتيجية الحركة إزاء الحكومة الأفغانية وتنظيم داعش مفرا من كل تلك الخلافات ووسيلة مهمة لشغل مقاتلي الحركة بالقتال وتنظيم الصفوف». وتابع جبار خيل أن ظهور ظاهرة «داعش» الأفغانية وحد «طالبان» إلى حد كبير.
في مطلق الأحوال، مع تزايد التكهنات بشأن قوة «داعش» في أفغانستان، تواصل الولايات المتحدة وروسيا، على رأس دول أخرى، التحذير من تعاظم قوة التنظيم وتدفّق المسلحين باتجاهه، على حساب طالبان. وعلى الرغم من إشارة بعض المراقبين إلى أن الحكومة الأفغانية وراء ترويج مثل هذه التكهنات للحصول على دعم دول المنطقة، فثمة من يؤكد أن تحركات «داعش» على الأرض أثارت بالفعل قلقا لدى كل الأطراف المعنية بالأزمة.
وحتى طالبان نفسها، بعدما تلقت ضربات موجعة وقوية على يد «داعش» في شرق البلاد، باشرت باتخاذ خطوات للوقوف في وجه تنظيم يعتبر طالبان أول وأشرس أعدائه، ويحاول أن يشاطرها القوة العسكرية في شرق البلاد وجنوبها.
وكدليل على إدراك طالبان خطر تنظيم داعش على نفوذها، قررت قيادتها المركزية تشكيل قوة خاصة تهدف إلى الوقوف في وجهه والتصدي له. ومما يستحق الذكر هنا أن ولاية ننغرهار (شرق أفغانستان) كانت ساحة لمواجهات دامية بين التنظيمين المسلحين، وبعد معارك ضارية بين الجماعتين، واستيلاء «داعش» على مناطق شاسعة من شرق البلاد وبالقرب من الحدود الباكستانية، قرّرت قيادة طالبان تشكيل قوة خاصة تهدف إلى الوقوف في وجه التنظيم. وفي هذا الشأن، يؤكد قائد المولوي عبد السلام بصير، وهو قيادي سابق في طالبان تخلى عن الحرب، أن معلوماته تشير إلى أن «ثمة فِرقا عديدة لمسلحي الحركة في كل مديرية أفغانية وتسمى واحدة منها محليا (دلكي)، أي الجماعة القتالية، واللجنة المخوّلة بهذا المجال قررت أن يتم تعيين شابين أو ثلاثة من كل جماعة ليشكّل هؤلاء فرقة خاصة على مستوى المديرية، ثم لتشكّل جميع تلك الفرق قوة خاصة في الإقليم».
وحسب بصير، لا يقتصر عمل هذه القوة على مواجهة «داعش»، والدفاع عن أراضي الحركة، بل إنها قد تشارك في العمليات الهجومية. كذلك أوضح المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد، في تواصل مع وسائل إعلام أفغانية محلية، أن هناك العديد من مراكز تدريب هذه القوة، ولقد انضم إليها أعداد كبيرة من الشباب، مشيرا إلى أن هذه الفرق قد تشارك في العمليات الهجومية إذا دعت الحاجة.
أيضا، ووفق مصادر قبلية مقربة من طالبان، فإن الحركة شكّلت بموازاة هذه القوة لجانا من العلماء والمثقفين من مسلّحي الحركة، تجوب المدن والأحياء، وتحذر المواطنين من الانضمام إلى «داعش»، وتحضّهم على العمل مع طالبان ضد الفئة التي تصفها بالمتشددة والدخيلة.
الحديث عن وجود «داعش» في أفغانستان وباكستان بدأ في منطقة وزيرستان، عندما أعلن شاهد الله شاهد، المتحدث الأسبق باسم حركة «طالبان الباكستانية»، وعبد الرحيم مسلم دوست، القيادي السابق في «طالبان الأفغانية»، مبايعتهما لتنظيم داعش. ولقد نُشرت مبايعة مسلم دوست في الموقع الرسمي للتنظيم المتطرف. أما شاهد الله شاهد فكان قد فُصل قبل فترة من طالبان بتهمة التواصل مع الاستخبارات الباكستانية، وكان من المتوقع أن يقدم «داعش» على تعيين أحدهما زعيما لـ«ولاية خراسان»، إلا أن التنظيم وبشكل مفاجئ عيّن حافظ سعيد خان، القيادي السابق في «طالبان باكستان» من المنطقة القبلية أوروكزاي «أميرا لخراسان»، كما عيّن عبد الرؤوف خادم، من أعضاء اللجنة العسكرية لـ«طالبان الأفغانية»، نائبا لـ«ولاية خراسان»، وقُتل هذا الأخير في 9 فبراير (شباط) 2015، على أثر عملية نفّذتها طائرة أميركية بلا طيّار في ولاية هلمند بمديرية كَجَكِيْ، ولم يعين التنظيم خلفا له حتى الآن. وبعد ذلك لم تُنشر أخبار دقيقة حول مصير حافظ سعيد خان وشاهد الله شاهد، وإن كانت هناك شائعات تقول إن مسلم دوست سافر إلى سوريا.
من ناحية أخرى، كانت أكبر مجموعة مقاتلة تنفصل عن طالبان وتعلن الولاء لـ«داعش» الأفغاني هي حركة أوزبكستان الإسلامية. هذه الحركة تضم مقاتلين أجانب من دول آسيا الوسطى والقوقاز وإقليم الأويغور (تركستان الشرقية أو سنكيانغ لغرب الصين)، وزعيمها عثمان غازي. وكانت هذه المجموعة في الماضي جزءا أساسيا من حركة طالبان، ولكن بعدما انصرفت الحركة بعيدا عن برنامجها العالمي انفصلت هذه المجموعة عنها. وقبل أشهر بايع زعيم هذه المجموعة أبو بكر البغدادي زعيم «داعش» عقب وفاة زعيم طالبان الملا عمر في ظروف غامضة.



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.