تقلص نفوذ «داعش» في الشريط الحدودي مع تركيا إلى 70 كيلومترًا

وفد أميركي بريطاني في كوباني.. ومصادر: لم يعبر عبر تركيا أو منافذ النظام

تقلص نفوذ «داعش» في الشريط الحدودي مع تركيا إلى 70 كيلومترًا
TT

تقلص نفوذ «داعش» في الشريط الحدودي مع تركيا إلى 70 كيلومترًا

تقلص نفوذ «داعش» في الشريط الحدودي مع تركيا إلى 70 كيلومترًا

أكدت مصادر كردية لـ«الشرق الأوسط» أن وفدًا أميركيًا وبريطانيًا رفيع المستوى، زار مدينة كوباني (عين العرب) الخاضعة لسيطرة قوات وحدات حماية الشعب الكردي، السبت الماضي، احتفاء بذكرى مرور عام على طرد تنظيم داعش من المدينة الواقعة في ريف حلب الشمالي، والحدودية مع تركيا، في حين أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن سيطرة التنظيم على الشريط الحدودي مع تركيا، تنحصر الآن على مساحة 70 كيلومترًا، بعدما كانت قبل عام، تمتد على نحو 250 كيلومترًا.
وأكدت المصادر أن بريت ماكغورك، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون العراق وإيران، زار كوباني السبت الماضي، برفقة مسؤولين بريطانيين أيضًا، مؤكدة أن الوفد الغربي «لم يمر عبر تركيا ولا عبر المعابر البرية أو الجوية الخاضعة لسيطرة النظام السوري»، موضحة أن الزيارة تأتي «تتويجًا للشراكة العسكرية التي أثمرت قبل عام تحرير كوباني من (داعش)، وسجلت أول انتصار كامل وقوي على الإرهاب في سوريا». ولفتت المصادر إلى أن الوفد «استقبله مسؤولون أكراد، بينهم مسؤولون في وحدات حماية الشعب الكردي ووحدات حماية المرأة».
وتأتي هذه الزيارة بموازاة التعاون المتواصل بين وحدات حماية الشعب الكردي وحلفائها من المقاتلين العرب ضمن «قوات سوريا الديمقراطية»، والقوات الأميركية والغربية، في إطار التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب. ونجح هذا التعاون في انتزاع مساحات شاسعة من يد تنظيم داعش في ريفي حلب الرقة والحسكة في شمال وشمال شرقي سوريا، وأدى إلى استعادة السيطرة على مساحة جغرافية تناهز الـ180 كيلومترا مربعا من الشريط الحدودي مع تركيا.
في سياق متصل، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، إن المساحة الجغرافية التي يسيطر عليها «داعش» الآن على الشريط الحدودي مع تركيا، تقلّصت إلى 70 كيلومترًا، بعدما كانت 250 كيلومترا، منذ مطلع العام الفائت وصولاً إلى صيفه، بعد طرد الوحدات الكردية لمقاتلي التنظيم، من الضفة الشرقية لنهر الفرات، بالريف الشمالي الشرقي لحلب.
وكان التنظيم يسيطر على المنطقة الممتدة من غرب مدينة رأس العين (سري كانيه)، وصولاً إلى الريف الشرقي لمدينة أعزاز، مرورًا بتل أبيض وجرابلس وأجزاء من مدينة عين العرب (كوباني).
ونقل نشطاء المرصد عن شهود ومصادر ميدانية موثوقة، أن ما تبقى من الحدود التركية مع مناطق سيطرة تنظيم داعش في سوريا، تشهد رقابة غير مشددة من الجانب التركي، بالتوازي مع حراسة الحدود من قبل عناصر التنظيم، فيما تشهد حدود مناطق سيطرة الفصائل والوحدات الكردية مع تركيا رقابة مشددة، تخللتها عشرات عمليات القنص التي أسفرت عن استشهاد عشرات المواطنين وإصابة آخرين بجراح، فضلاً عن الاعتداء على المواطنين الذين يحاولون الوصول إلى الجانب التركي أو العودة إلى الأراضي السورية.
وأشار المرصد السوري إلى أن تقسيمات المنافذ في تنظيم داعش مع تركيا، انقسمت إلى 3 معابر غير رسمية، تخضع لرقابة من الجانبين التركي والسوري، وكل معبر مخصص لفئة معينة، يمرون عبره من وإلى تركيا، وكل في المعبر المخصص له، موضحًا أن تلك المعابر هي «المعبر العسكري»، الذي أنشأه التنظيم بعد تقلص مساحة سيطرته الحدودية مع تركيا، ويقع قرب قرية الحلوانية، إلى الغرب من مدينة جرابلس، لافتًا إلى أن هذه النقطة تستخدم في تمرير الحاجات والمتطلبات الرئيسة للتنظيم من معدات لوجيستية وعسكرية، بالإضافة للإمدادات الدوائية والطبية، وتشرف على هذه النقطة مجموعات عالية التدريب، ومرتبطة بقيادات التنظيم العليا. أما النقطة الثانية، فهي نقطة عبور العناصر، ويقع هذا المعبر قرب قرية حاجي ولي وصولاً إلى الأراضي الزراعية بجوار قرية باب ليمون بريف حلب الشمالي الشرقي. أما النقطة الثالثة فهي نقطة عبور المدنيين من مناطق سيطرة التنظيم في سوريا، باتجاه الأراضي التركية، والتي تقع بالقرب من قرى الشيخ يعقوب - عياشة - الراعي بالريف الشمالي الشرقي لحلب، وتخصص هذه النقطة لعبور المدنيين، والذين تم منعهم مؤخرًا من الخروج إلى تركيا، إلا لبعض الحالات الاستثنائية، وبخاصة الحالات المرضية التي تتطلب العلاج في مشاف خارج مناطق سيطرة التنظيم.
وأبلغت مصادر أهلية نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن تنظيم داعش عمد بعد تقلص سيطرته على المساحات الحدودية مع تركيا، وظهور حالات انشقاق بوتيرة غير مسبوقة، وحاجته للمحافظة على النقاط العسكرية الخاصة بعبور عناصره، عمد لزرع الشريط الحدودي بألغام، وترك مساحات خالية منها، وتم ذلك عبر خريطة واضحة يعرفها عناصر الشرطة الحدودية التابعة للتنظيم.
وتأتي تلك الترتيبات الأمنية، لتوضع في دائرة الخطر، نتيجة العمليات العسكرية التي اقتربت من مناطق سيطرة تنظيم داعش بريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي، بعد تمكن قوات سوريا الديمقراطية من عبور نهر الفرات، ومحاولتها التقدم نحو مدينة منبج، وانتزاع السيطرة عليها من التنظيم، بالإضافة إلى محاولة قوات النظام التقدم من جبهة مطار كويرس العسكري بريف حلب الشرقي، نحو بلدات دير حافر وتادف ومسكنة ومدينة الباب، والعمليات العسكرية التي يشهدها ريف حلب الشمالي، ومحاولة الفصائل إبعاد التنظيم وانتزاع قرى حدودية استراتيجية من نطاق سيطرته.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.