عباس من أديس ابابا يرحب بالمبادرة الفرنسية بشأن «الاعتراف»

غالبية السياسيين في إسرائيل يرفضونها.. والبعض يحث نتنياهو على التحرك بمبادرة مضادة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
TT

عباس من أديس ابابا يرحب بالمبادرة الفرنسية بشأن «الاعتراف»

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)

رحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالمبادرة التي أعلن عنها وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، داعيا إلى عقد مؤتمر دولي للسلام لتطبيق مبادرة السلام العربية وحل الدولتين، وإنشاء آلية جديدة ومجموعة عمل دولية على غرار المجموعات التي تعمل لحل أزمات المنطقة مثل «5+1» وغيرها.
وأكد الرئيس عباس، في كلمة له أمام مؤتمر قمة الاتحاد الأفريقي في دورته الـ26 المنعقدة في أديس أبابا، على ضرورة إنشاء هذه الآلية الجديدة وعقد المؤتمر الدولي، وتفعيل دور مجلس الأمن، مشيدا بالجهود العربية والأوروبية وبجهود الأصدقاء من أجل دعم هذا التوجه. وقال في كلمته «إن الوضع القائم لا يمكن القبول باستمراره، ولن نرضى باستمرار الاحتلال والاستيطان، ولا بمواصلة سرقة مواردنا ومصادرنا الطبيعية، وحرماننا من استغلال أراضينا والاستثمار فيها».
وشدد على موقف السلطة الفلسطينية بشأن المفاوضات، قائلا: «لن نعود للمفاوضات من أجل المفاوضات، ولن نبقى وحدنا نطبق الاتفاقات الموقعة، ولن نقبل أبدا بالحلول الانتقالية أو المؤقتة». وجدد عباس دعوة المجتمع الدولي للعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني، عبر قرار ملزم من مجلس الأمن، وضمن سقف زمني واضح ومحدد يضمن للفلسطينيين نيل حقوقهم الوطنية العادلة والمشروعة، وإقامة دولتهم المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية. كما قال.
وأضاف أن «الأمن والسلام لن يتحققا في منطقتنا إلا بانتهاء الاحتلال والاستيطان. نحن باقون هنا على أرضنا، وفي وطننا الذي عمرناه وبنينا عليه هويتنا التاريخية والحضارية وإسهاماتنا الإنسانية منذ آلاف السنين، ولن نرضى عنه بديلا». وتطرق عباس إلى جهود السلطة الفلسطينية بشأن ملف المصالحة وإقامة حكومة وحدة وطنية تمهيدا لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أعلن، أول من أمس الجمعة، أن بلاده ستعيد سريعا تحريك مشروعها لعقد مؤتمر دولي «لإنجاح حل الدولتين»، وأن بلاده ستقوم خلال الأسابيع المقبلة بمساع بهدف التحضير لمؤتمر دولي يضم حول الطرفين أبرز شركائهما، الأميركيين والأوروبيين والعرب خصوصا، بهدف حماية حل الدولتين وإنجاحه. وأضاف: «يجب ألا نترك حل الدولتين يتلاشى»، مبديا أسفه لأن «الاستيطان (الإسرائيلي) مستمر». وقال فابيوس إنه إذا فشلت هذه المبادرة «فعلينا تحمل مسؤولياتنا من خلال الاعتراف بدولة فلسطين». وأشار إلى أنه كان تطرق في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 في الجمعية الوطنية إلى أفق حل الدولتين، وإنه إذا لم يتحقق هذا الحل فإن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين. وأكد فابيوس أن أمن إسرائيل «شرط مطلق»، لكن «لا يمكن أن يتحقق السلام من دون عدل».
وتباينت الآراء في إسرائيل بشأن تصريحات وزير الخارجية الفرنسي، حيث قال مسؤول سياسي إسرائيلي في بيان رسمي إن تلك التصريحات «تشجع على جمود المفاوضات». ونقلت عدة وسائل إعلام عبرية، عن المسؤول الذي لم تحدد هويته، أن «هذه التصريحات ستشكل حافزا للفلسطينيين وتشجعهم على دفع المفاوضات إلى طريق مسدود». وأضاف: «لا يمكن إدارة المفاوضات بهذه الطريقة التي لا يمكن أيضا أن تحقق السلام بمثل هذا الأسلوب».
بينما قال زعيم حزب «هناك مستقبل»، يائير لابيد، إن إسرائيل لن تذهب للمفاوضات مع الفلسطينيين برعاية أي دولة «تحت التهديدات». وأضاف، في تصريح صحافي له: «لن تقودنا التهديدات إلى طاولة المفاوضات، يجب أن نذهب بشروطنا وليس بشروط الآخرين، وما وضعته فرنسا يشير لتدهور مكانتنا في العالم بسبب سياسات نتنياهو»، على حد قوله.
أما تسيبي ليفني، من المعسكر الصهيوني، فقالت إن مبادرة سياسية إسرائيلية وحدها قادرة على إبقاء إسرائيل سيدة الموقف بالنسبة لمستقبلها وإخراجها من الضغوط الدولية التي تضيق الخناق عليها.
ومن جهتها، انتقدت زعيمة حزب ميرتس، زهافا غال أون، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي اتهمته بتجاهل مساعي دول العالم العازمة على التوصل إلى حل الدولتين من خلال مؤتمر دولي. وقالت في تصريحات لها: «نتنياهو يرفض المبادرة الفرنسية، وهذا يشير إلى أن كل ما يتحدث به عن التزامه بالحل السلمي ليس سوى مزيد من الأكاذيب». وأضافت: «نتنياهو لا يجيد سوى التهديدات، لكنه سيئ للغاية وفشل في استغلال الفرص وإيجاد الحلول».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».