أحكام «ازدراء الأديان» على طاولة البرلمان المصري

جدل حول تعديلها في إطار الحريات العامة التي نص عليها الدستور

أحكام «ازدراء الأديان» على طاولة البرلمان المصري
TT

أحكام «ازدراء الأديان» على طاولة البرلمان المصري

أحكام «ازدراء الأديان» على طاولة البرلمان المصري

فتحت مادة «ازدراء الأديان» المنصوص عليها في قانون العقوبات المصري باب الجدل داخل مجلس النواب المصري، عقب مُطالبات لعدد من أعضائه بضرورة حذف أو إجراء تعديل على المادة لمنع حبس المفكرين أو الكُتاب، بعد صدور أحكام بالسجن على باحث إسلامي وكاتبة.
وبينما رفض برلمانيون منع المثقفين والكُتاب من الحديث في الأمور الدينية وقصرها فقط على رجال الدين الرسميين، قائلين لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك إشكالية بين كفالة الحق وتنظيمه»، رفض آخرون إجراء تعديل على المادة، بل طالبوا بتشديد عقوباتها لردع من يسيئون للأديان. وتنص المادة 98 من قانون العقوبات المصري على تجريم ازدراء الأديان أو استغلالها لنشر أفكار متطرفة، وهو ما يشكل تعارضا مع الدستور المصري الذي يمنع الحبس في جرائم الرأي.
وكانت محكمة مصرية قضت قبل يومين بمعاقبة الكاتبة فاطمة ناعوت بالحبس 3 سنوات والغرامة 20 ألف جنيه (نحو 2500 دولار أميركي)، لاتهامها بازدراء الأديان. وكتبت ناعوت على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» خلال عيد الأضحى الماضي مقالا بعنوان: «كل مذبحة وأنتم بخير».. قالت فيه إن «ملايين الكائنات البريئة تُساق لأهول مذبحة يرتكبها الإنسان منذ عشرة قرون ونصف»، مستنكرة شريعة ذبح الأضاحي. ويعد هذا الحكم هو الثاني من نوعه في أقل من شهر، حيث سبق أن قضت محكمة جنح مستأنف مصر القديمة في 29 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بحبس الباحث والإعلامي إسلام بحيري لمدة عام، بتهمة «ازدراء الدين الإسلامي» أيضا.
واتهم بحيري، وهو مقدم برنامج «مع إسلام» على إحدى الفضائيات المصرية، ببث أفكار «تمس ثوابت الدين»، وتنال من تراث الأئمة المجتهدين المتفق عليهم وتسيء لعلماء الإسلام». ويقضي بحيري حاليا فترة عقوبته في السجن، فيما ينظر القضاء استشكالا قدمه محام يطالب فيه بوقف تنفيذ الحكم، لحين الفصل في الطعن المقدم عليه من الدفاع أمام محكمة النقض، أعلى جهة قضائية في مصر.
من جانبه، قال النائب أحمد علي إبراهيم، عضو مجلس النواب عن حزب «المصريين الأحرار»، إن «هناك إشكالية كبرى ما بين حرية الإبداع والفكر ومساحة هذه الحرية.. وكيف تظل هناك مساحة حرية بشكل نقدي وما هي حدود هذه الحرية؟، والأمران هما حق دستوري للجميع»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»: هذه مُعضلة كبيرة وموجودة في بعض القوانين المصرية، والتي تحتاج إلى تنظيم كفالة الحق وكيفية استخدامه.
وأكد النائب محمود السيد محمد، عضو مجلس النواب عن حزب «مستقبل وطن»، أن مهمة البرلمان تحقيق العدالة وعمل مرونة في القوانين التي تخص الرأي العام، لافتا إلى أنه يستثني من ذلك الثوابت، لكن لو طُلب من البرلمان إجراء تعديل في مادة «ازدراء الأديان» أنا معه.
وعن اقتراح بقصر الحديث في الأمور الدينية على ممثلي الدين الوسطي من علماء الدين فقط وليس على المثقفين والكتاب في حال تعديل المادة، رفض السيد، قائلا لـ«الشرق الأوسط» قصرها على رجال الدين فقط مرفوض، لأن هناك عددا كبيرا من المثقفين والكتاب يتحدثون في هذه الأمور بكفاءة عالية، لكن ليس معنى ذلك أن يترك الأمر أيضا مفتوحا، لكل من يريد أن يتحدث في الدين من دون علم أو دراسة.
في المقابل، قال النائب أحمد عبد الحميد، عضو مجلس النواب عن حزب «النور» السلفي، أنا ضد هذا الأمر من الأساس.. وضد إجراء أي تعديل على مادة «ازدراء الأديان»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» نحن لا نقبل بازدراء الأشخاص والدول والحكام والملوك، لكن أن يصل الأمر إلى الحديث عن الأديان والمطالبة بإلغاء مادة «ازدراء الأديان» حتى يتطاول كثيرون على الأديان.. فهذا أمر نرفضه، بل نطالب بتشديد وإدخال بعض المواد الأخرى على القانون، والتي تُجرم السخرية من الصحابة «رضوان الله عليهم» والسخرية من المجامع العلمية مثل الأزهر.. كما نراه الآن من كثير من الكُتاب والمثقفين الذين يتطاولون على الأزهر، وبات هناك ضرورة الآن لردع من يسيئون للأديان.
وحول اقتراح بقصر الحديث في الأمور الدينية على ممثلي الدين الوسطي فقط وليس على المثقفين والكُتاب في حال تعديل المادة، قال عبد الحميد، ليس لدي أي مشكلة مع هذا الطرح، بأن يتحدث في القضايا الشرعية أو الفتاوى الجهات الرسمية الدينية في البلاد، موضحا أن الحركات والجماعات الإرهابية المتطرفة التي نسمع عن أسمائها كل يوم وفي مقدمتها تنظيم داعش الإرهابي، هي نتاج أن من يتحدث في الدين أي شخص، لا يعرف أي شيء عن دينه، لافتا إلى أن «هناك فرقا بين الحرية والإساءة للمعتقدات الدينية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.