الأزهر: 25 % من «دواعش» بريطانيا وفرنسا وألمانيا انشقوا وعادوا لأوطانهم

أكد أن آلاف المنضمين للتنظيم خاب أملهم ويتخوفون من مصير «القتل» أو «السجن»

الأزهر: 25 % من «دواعش» بريطانيا وفرنسا وألمانيا انشقوا وعادوا لأوطانهم
TT

الأزهر: 25 % من «دواعش» بريطانيا وفرنسا وألمانيا انشقوا وعادوا لأوطانهم

الأزهر: 25 % من «دواعش» بريطانيا وفرنسا وألمانيا انشقوا وعادوا لأوطانهم

كشف الأزهر عن أن الدول الأوروبية تحتل مراكز متقدمة في أعداد العائدين من تنظيم داعش الإرهابي، لافتًا إلى أن مُتوسط عدد العائدين للدول الغربية حتى الآن من «داعش» يقدر بنحو 25 في المائة من مجموع المنضمين للتنظيم بشكل عام، بينما قال مصدر مطلع بمرصد الأزهر لـ«الشرق الأوسط»، إن «العائدين من (داعش) من أوروبا صعب عليهم التكيف مع الأوضاع المعيشية القاسية داخل الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم.. فضلاً عن أنهم لم يجدوا - دولة الخلافة المزعومة - التي كانوا يحلمون بها».
وقال الأزهر في تقرير له أعده مرصد الأزهر، أمس، إن تونس التي تحتل المركز الأول في عدد المنضمين لـ«داعش»، تحتل كذلك المركز الأول في عدد العائدين بنحو 600 شخص تقريبًا أي 10 في المائة من المنضمين.. تليها بريطانيا وفرنسا وألماني ثم تركيا. وكشف مرصد الأزهر عن أن كثيرا من المنضمين لـ«داعش» يرغبون الآن في العودة لأوطانهم بعد أن خاب أملهم في التنظيم المتطرف؛ لكنهم لا يستطيعون فعل ذلك بسبب تخوفهم من قيام «داعش» بقتلهم بتهمة الخيانة إذا علمت برغبتهم في الانشقاق والعودة إلى أوطانهم، فضلا عن الخوف من مساءلتهم وتعرضهم للسجن من قبل سلطات دولهم حال عودتهم لدولهم.
ويشار إلى أن العائدين من «داعش» يقابلون بالسجن بتهم الاشتراك في أعمال إرهابية والتخطيط لها، ويتم وضع القُصر والأقل خطرا تحت المراقبة المشددة؛ خشية أن يؤدي سجنهم لتحولهم لمجرمين حقيقيين.
ورصد تقرير الأزهر تخوف أوروبا من عودة جماعية لنحو 5000 مقاتل أوروبي يحاربون في صفوف «داعش»، وخاصة أن معظم العائدين حتى الآن هم الذين خاب أملهم في «داعش»، لافتا إلى أنه بدأت تظهر بعض الأصوات في الدول الأوروبية والتي تُطالب بضرورة التعاطي مع قضية العائدين من «داعش» بمنظور آخر، بحيث يُنظر إليهم على أنهم شباب غُرر بهم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وأن بعضهم ذهب إلى سوريا والعراق بنية تقديم المساعدات الإنسانية؛ لكنهم أجبروا على حمل السلاح وتم استغلالهم لتحقيق أغراض دنيئة.
وأرجع تقرير مرصد الأزهر الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أمس، أسباب الانشقاق عن صفوف «داعش» والعودة للأوطان، إلى أن كثيرا من الشباب يعود لوطنه بعدما ظهر لهم حقيقة هذا التنظيم الذي غرر بهم للمشاركة بين صفوفه للقيام بأعمال إرهابية إجرامية، وأن هناك ما يقرب من 20 ألف شخص قد انضموا لـ«داعش» في العامين الماضيين وهم في غفلة عن الوجه الحقيقي لهذا التنظيم، بعد ذلك استيقظ الكثير منهم على مشاهد الرعب والوحشية التي يقترفها التنظيم حتى ضد المسلمين أنفسهم، مما دفع الكثير منهم لمحاولة العودة إلى بلادهم، منهم من استطاع العودة ومنهم من لم يستطع، فضلا عن فساد قادة التنظيم وأمرائه الذين يعقدون صفقات بترولية وتجارية مع من يدعون أن قتالهم أهداف رئيسية للتنظيم، وأن هؤلاء القادة يتعاملون بعنصرية واستعلاء مع أعضاء التنظيم، ويفضلون المقاتلين الغربيين على السوريين والعرب.
وأكد الأزهر في تقريره أن المعالجة الأمنية والقانونية ما زالت هي المسيطرة على الدول الأوروبية في تعاطيها مع قضية العائدين من «داعش»، ولا يوجد أي مراجعات فكرية وفقهية للعائدين بهدف تصحيح مسارهم الفكري وإقناعهم بحرمة الغلو في الدين وتكفير المسلمين.
ولفت التقرير إلى أن عدد كبير من العائدين من «داعش» خاصة الأوروبيين اعترضوا على ظروف المعيشة القاسية ونوعية الحياة داخل التنظيم، وأن هؤلاء أدركوا بعد انضمامهم للتنظيم الإرهابي أنهم لن يحصلوا على الرفاهية والسيارات والراتب الكبير التي وعدهم بها التنظيم الإرهابي.
وعن وسائل «داعش» لاستقطاب الشباب المسلم، قال مرصد الأزهر «يستخدم (داعش) جُملة من الوسائل لتتماشى مع مختلف توجهات الشباب، فيستغل وسائل التواصل الاجتماعي في الدعوة إلى نشر أفكاره والترويج لها بطريقة تجذب الشباب، وخصص لذلك أكثر من 46 ألف حساب لـ(داعش) على موقع (تويتر) وحده، وأن شبكات التواصل الاجتماعي هي الساحة الفكرية المسؤولة عن تجنيد نحو 85 في المائة من عناصر الجماعات المتطرفة»، لافتا إلى أن «(داعش) تصور نفسها على أنها الجماعة الوحيدة التي تتبع الحق وأنها بمثابة المدينة الإسلامية الفاضلة التي تسعى لتكوين (خلافة إسلامية على منهاج النبوة)، والتي يحلم أي مسلم بمجرد العيش تحت سلطتها، فالعدل – كما يدعون - يسود المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، وتطبق الحدود الشرعية، ويعيش الناس في رفاهية ورغد من العيش».
وأضاف: «لذا فـ(داعش) تنشر صور عناصرها وهم مبتسمون، وكان من نتيجة ذلك أن انضم إلى التنظيم فتيات أوروبيات نشأن في ظل الحرية المدنية وحقوق الإنسان، حيث تعدهن الجماعة بالجنة وتدعوهن أن يصبحن زوجات لـ(مجاهدين) وأرامل لـ(شهداء)».
ويشار إلى أن عدد الفتيات المنضمات لـ«داعش» تتراوح أعمارهن ما بين 15 و22 عاما، ويأتين من جميع دول الغرب، خاصة أستراليا والنمسا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وهولندا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.. يأتين جميعهن وهدفهن الزواج من المحارب «المجاهد» الذي يحلمن به. وتابع تقرير مرصد الأزهر: «تختلف الدوافع الخاصة بالشباب المنضم لـ(داعش) القادم من المنطقة الأوروبية والأميركية عن الأسباب التي تدفع الشباب العربي المسلم للانضمام لتنظيم داعش الإرهابي، فالشباب الغربي لا ينطلق من معاناة اقتصادية ولا من أسباب مادية؛ بل تلعب كثير من الدوافع الاجتماعية والأسرية والنفسية والتربوية والدينية الدور الأكبر وراء هجرة هؤلاء الشباب لـ(داعش)»، لافتا إلى أن «غياب الوعي بالمعرفة الصحيحة للإسلام سبب أساسي، حيث يتم استقطابهم عن طريق استغلال فكرة إحياء - إقامة الدولة الإسلامية المزعومة - ويوحى لهم أيضًا بأن (الجهاد) غاية شرعية في ذاته وليس وسيلة للدفاع عن النفس والأرض والعرض ومقومات الحياة حال الاعتداء عليها، فضلاً عن المعاناة الأسرية وعدم الشعور بالأمان خاصة إذا كان الأبوان غير مسلمين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.