معاناة النازحين في إقليم كردستان تتفاقم.. وانتقادات لبغداد

الأمم المتحدة: نحتاج 300 مليون دولار لمساعدتهم

نازحون في مخيم «بحركة» قرب أربيل («الشرق الأوسط»)
نازحون في مخيم «بحركة» قرب أربيل («الشرق الأوسط»)
TT

معاناة النازحين في إقليم كردستان تتفاقم.. وانتقادات لبغداد

نازحون في مخيم «بحركة» قرب أربيل («الشرق الأوسط»)
نازحون في مخيم «بحركة» قرب أربيل («الشرق الأوسط»)

بعد مرور نحو عامين على لجوئهم إلى إقليم كردستان، ما زال النازحون العراقيون الذين اضطروا إلى ترك مناطقهم في سهل نينوى الموصل وصلاح الدين والأنبار هربا من «داعش»، يعانون من ظروف النزوح الصعبة خاصة في فصل الشتاء القارس والأزمة المالية التي يشهدها إقليم كردستان وانحسار الدعم الدولي وانعدام الدعم من الحكومة الاتحادية.
ويقول المواطن سلمان الحمداني، النازح من مدينة الموصل، الذي استقر مع عائلته المكونة من 6 أفراد في مخيم بحركة شمال مدينة أربيل: «حكومة الإقليم ومؤسسة بارزاني الخيرية توفر لنا ما نحتاجه من طعام واحتياجات يومية، لكن المخيم كبير وعدد النازحين في الإقليم كبير جدا، لذا مشاكلنا تتفاقم يوما بعد يوم بسبب هطول الأمطار والعواصف، ونحن بحاجة إلى مساعدات أكبر من المجتمع الدولي وبغداد»، مضيفا: «لم يقدم لنا أي مسؤول عراقي لا في الحكومة ولا في مجلس النواب حتى الآن أي مساعدة، حتى إن منحة المليون دينار التي خصصتها بغداد للنازحين لم يستلمها حتى الآن آلاف النازحين في الإقليم». وشكا من أن بغداد «لا تتعامل بعدالة مع النازحين في الإقليم مثلما تتعامل مع النازحين في مناطق العراق الأخرى، والسبب لأننا نازحون سنة. لنا أصدقاء نازحون في مناطق العراق الأخرى صرفت عليهم الحكومة العراقية أموالا كبيرة لأنهم من التركمان الشيعة من أهالي تلعفر».
أما النازحة كريمة أحمد، فشكت: «لدينا نقص في مستلزمات الشتاء، خاصة إن البرد قارس والأمطار تهطل بغزارة هذه السنة، لا يوجد دعم من قبل الحكومة العراقية والمنظمات الدولية لنا، وبقاؤنا هنا طال، لم نكن نتوقع أن نبقى في المخيمات هذه الفترة الطويلة. الآن نريد أن نعود إلى مناطقنا وندعو المجتمع الدولي إلى مد يد العون لنا وتزويدنا بمستلزمات الشتاء».
النازح سلام ناجح من مدينة تكريت أوضح بدوره سبب عدم عودتهم إلى مناطقهم المحررة في محافظة صلاح الدين، وقال: «ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية والحكومة العراقية تمنعنا من العودة إلى مناطقنا، لأنها تشيع هذه المنطقة وتغير ديموغرافيتها من خلال توطين عوائل شيعية فيها وتنفذ المشروع الإيراني في تغيير حزام بغداد والمناطق السنية الأخرى إلى مناطق شيعية، وبالتالي فنحن العرب السنة أصبحنا اليوم بلا مأوى».
إلى ذلك، عقدت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إقليم كردستان أمس مؤتمرا موسعا في مدينة أربيل لعرض خطتها في مجال مساعدة النازحين واللاجئين في الإقليم. وقال جوزيف ميركس، منسق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إقليم كردستان، لـ«الشرق الأوسط»: «الأوضاع حرجة جدا بالنسبة للنازحين واللاجئين وبالنسبة للأمم المتحدة وحكومة إقليم كردستان. النازحون العراقيون واللاجئون السوريون في الإقليم يشاركون سكان الإقليم في الخدمات، وفي فرص العمل أيضا، وفي الوقت ذاته هناك أزمة ميزانية في الإقليم، والتي تثقل كاهل الإقليم وتشكل كارثة كبيرة له، لذا ندعو المجتمع الدولي إلى العمل المشترك وبالتعاون مع حكومة إقليم كردستان لمساعدة هؤلاء النازحين واللاجئين».
وعن الانتقادات الموجهة لدور المنظمات الدولية في مساعدة النازحين واللاجئين، بين ميركس أن «وجود هذا العدد الهائل من النازحين واللاجئين يمثل عقبة كبيرة، نحن دائما ننتقد أنفسنا ويسعدنا أن نقدم أكثر مما قدمناه، لكن إن لم نتلق الدعم اللازم والمساعدة من الدول المانحة فإننا لا نستطيع فعل شيء، وندعو هذه الدول إلى تقديم المساعدة للأمم المتحدة وحكومة الإقليم لتوفير الاحتياجات اللازمة للنازحين».
في السياق ذاته، قال يوسف برادوستي، مساعد منسق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في إقليم كردستان: «أعلنا خطتنا لعامي 2015 و2016 للعمل على مساعدة اللاجئين السوريين الذين يتوزعون على تسع مخيمات في إقليم كردستان والنازحين العراقيين الذين يتوزعون على 20 مخيما في مناطق الإقليم المختلفة، بالإضافة للنازحين واللاجئين المنتشرين خارج المخيمات، أي داخل مدن الإقليم، الذين يحتاجون أيضا إلى المساعدات. نحن بحاجة إلى نحو 300 مليون دولار لكي نستطيع وبالتعاون مع حكومة الإقليم مساعدة هؤلاء النازحين واللاجئين. والمساعدات هي على عدة أشكال، منها مساعدة المخيمات والمساعدات الإنسانية كذلك بدأنا بتقديم مساعدات مالية للعوائل النازحة واللاجئة المحتاجة من أجل توفير احتياجاتها».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.