قوات النظام تتقدم في درعا مدفوعة بدعم الطيران الروسي و«ميليشيات أفغانية»

«الجيش الحر» يشكك في قدرته على الاحتفاظ بها.. ويعدها «جولة» من «معركة كبيرة»

قوات النظام تتقدم في درعا مدفوعة بدعم الطيران الروسي و«ميليشيات أفغانية»
TT

قوات النظام تتقدم في درعا مدفوعة بدعم الطيران الروسي و«ميليشيات أفغانية»

قوات النظام تتقدم في درعا مدفوعة بدعم الطيران الروسي و«ميليشيات أفغانية»

ساهمت الضربات الجوية الروسية، أمس في تمكين قوات النظام السوري من السيطرة على مدينة الشيخ مسكين في محافظة درعا، وذلك بعد شهر على انطلاق هجوم شنته ضد قوات المعارضة في المدينة الاستراتيجية الواقعة على أوتوستراد دمشق - درعا الدولي. ولكن حتى اللحظة، لم يسمح هذا التطور بفتح الطريق أمام هذه القوات من التقدم باتجاه مدينة نوى ثاني كبرى مدن محافظة درعا ومعقل المعارضة في غرب المحافظة الواقعة في جنوب سوريا، بحسب ما قال مصدر عسكري معارض في الجبهة الجنوبية لـ«الشرق الأوسط».
قوات نظام بشار الأسد حققت تقدّمها، إثر تعاون مع «خبراء إيرانيين وميليشيات أفغانية، عوّضت النقص في عديدها على جبهة الشيخ مسكين»، كما قال المصدر. وأوضح أن مقاتلين أفغانا «يمثلون القوة البرية المقاتلة التي شاركت في الهجوم، تحت إشراف خبراء إيرانيين، ولم تستطع من السيطرة على كامل المدينة التي لا تزال تشهد اشتباكات عنيفة بين قوات المعارضة وقوات النظام وحلفائها، في الجهة الغربية». ومن ثم شدد على أن هذا التقدم لم يفتح لها حتى الآن طريق العبور إلى مدينة نوى، حيث لا تزال قوات المعارضة تسيطر ناريًا على الطريق السريع الذي يربط الشيخ مسكين ونوى.
جدير بالذكر أن قوات نظام الأسد تسعى من وراء السيطرة على الشيخ مسكين، إلى التقدم باتجاه الريف الغربي لمحافظة درعا، والوصول إلى خط فض الاشتباك الحدودي مع إسرائيل في الجولان المحتل. ولكن الأمر يقضي بالسيطرة على نوى، كبرى مناطق غرب درعا، ويسكنها نحو مائة ألف سوري، وهي تخضع لسيطرة المعارضة منذ سنتين تقريبًا، وذلك بهدف تشغيل خطوط الإمداد بين مدينة ازرع الخاضعة لسيطرة النظام في الشرق واللواء 82 في الشيخ مسكين الذي استعادت السيطرة عليه قبل أسابيع قليلة، باللواء 175 في المنطقة الغربية وريفها المتصل بمحافظة القنيطرة.
وتشكل الشيخ مسكين، التي تعد العاصمة العشائرية لحوران، المدخل الشمالي للمنطقة الجنوبية، وتقع على تقاطع طرق استراتيجية، إذ تصل بين دمشق ومدينة درعا (طريق دمشق درعا القديم)، ومحافظة القنيطرة (جنوب). وتتموضع قوات النظام في أجزاء كبيرة من مدينة درعا ومحافظة القنيطرة. بينما يسيطر مقاتلو المعارضة إجمالاً على مجمل ريف درعا. كما تربط الشيخ مسكين بلدة بصر الحرير شرقًا بمدينة نوى غربًا وهما خزان المقاتلين في محافظة درعا، وفق المصادر.
كان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» والإعلام الرسمي قد أعلما أمس، أن قوات النظام تمكنت ليل الاثنين - الثلاثاء من «السيطرة بشكل كامل» على الشيخ مسكين الاستراتيجية التي تعد معقلا رئيسيا للفصائل المقاتلة، وبينها «جبهة النصرة» في محافظة درعا. وذكر «المرصد» أن قوات النظام حظيت بدعم «من ضباط إيرانيين ومقاتلين من حزب الله اللبناني» وغطاء جوي روسي. في حين نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مصدر عسكري أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة أحكمت سيطرتها بشكل كامل على المدينة».
ما يجدر ذكره، أن فصائل سيطرت الفصائل على الشيخ مسكين بشكل كامل قبل سنة، لكن النظام، بعدما تعززت قدرته العسكرية بغطاء جوي روسي، أطلق مطلع العام معركة للسيطرة على المدينة، وتواصلت المعارك، على وقع غارات جوية عنيفة، نحو شهر قبل الإعلان من السيطرة عليها. وقال مصدر أمني سوري في درعا لوكالة الصحافة الفرنسية: «تشكل الشيخ مسكين قاعدة تجمع وانطلاق للمسلحين، وهي أحد مراكز الثقل في كامل محافظة درعا، ومنها بدأت عشرات العمليات التي هاجمت جنوب دمشق».
لكن المعارضة، قللت من أهمية هذا التقدم، إذ وضعه القيادي العسكري وعضو قيادة هيئة الأركان في الجيش السوري الحر أبو أحمد العاصمي، في خانة «جولة من معركة كبيرة»، مرجعًا التقدم إلى «غطاء جوي روسي كثيف زادت ضرباته عن الثلاثين ضربة جوية خلال الليلة الفائتة»، إضافة إلى مشاركة الميليشيات المؤيدة للنظام في المعركة. وقال العاصمي لـ«الشرق الأوسط» إن النظام لم يسيطر بعد على كامل مساحة المدينة، حيث ما زالت قوات الجيش الحر تسيطر على الأطراف الغربية «مع أن النظام استطاع أن يحقق سيطرة نارية على كامل المدينة، هو ما دفعه لإعلان سيطرته عليها»، واعتبر العاصمي أن مل حصل في الشيخ مسكين «ليس استراتيجيًا بالنسبة لنا، لأنه معركة من ضمن عشرات المعارك المستمرة منذ 5 سنوات على كامل سوريا، وهي جولة، لا تحسم المعركة الكبيرة التي نخوضها ضد النظام».
وقال العاصمي إن قوات النظام «تتقدم بمجموعات قليلة، لأنها لا تستطيع أن تغطي كل ساحات المعارك على كامل سوريا، ولقد وزع النظام قواته في عدد كبير من المعارك ليقول إنه قادر على تغطية كل الأراضي السورية»، ولفت إلى أن اشتباكات الشيخ مسكين «أسفرت عن تقدم النظام في مناطق خالية بعد تمهيد جوي من الطيران». وأعرب عن اعتقاده أن قوات النظام «لا تستطيع بعدد قليل من المقاتلين ومجموعاتها الصغيرة أن تحافظ على تقدمها، بينما نراهن نحن على حرب استنزاف لها، خصوصًا أن الميليشيات التي تدعمها، لا تمتلك خبرة قتالية، ونحن ضالعون في حرب العصابات في المنطقة».
مع هذا، فإن تراجع قوات المعارضة، يعيده البعض إلى غياب التنسيق بين قوات «الجيش الحر» على ضوء الخلاف مع حركة «المثنى»، فضلاً عن الضربات الروسية والتغطية الجوية الفاعلة. وقال مصدر عسكري في الجبهة الجنوبية لـ«الشرق الأوسط» إن الدعم العسكري لـ«الجيش السوري الحر»، سواء من غرفة الموك أو غيرها «مقطوع منذ شهرين»، مشيرًا إلى أن «ما يزيد المشكلة، هو الصراعات الداخلية، على ضوء إعلان فصائل الجيش السوري الحر الحرب على حركة المثنى التي تعتبر قريبة من تنظيم داعش».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.