علاوي: عدم دخول العراق في «التحالف الإسلامي» دليل على تخبط سياسة بغداد

نائب الرئيس العراقي السابق قال لـ «الشرق الأوسط» إن العملية السياسية وصلت إلى طريق مسدود.. والعراق ينحدر نحو الهاوية

علاوي: عدم دخول العراق في «التحالف الإسلامي» دليل على تخبط سياسة بغداد
TT

علاوي: عدم دخول العراق في «التحالف الإسلامي» دليل على تخبط سياسة بغداد

علاوي: عدم دخول العراق في «التحالف الإسلامي» دليل على تخبط سياسة بغداد

رغم كل ما جرى مع الدكتور إياد علاوي من أحداث، منذ محاولات اغتياله في لندن وبغداد وبيروت بسبب معارضته لنظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، ووصولا إلى حرمان ائتلافه (العراقية) من تشكيل الحكومة بعد فوزه في انتخابات عام 2010 بسبب ما قاله بأن «إيران وقفت ضدي وضد النهج المعتدل الذي أمثله»، حسب توضيحه، وانتهاء بإقالته من قبل حيدر العبادي، رئيس الحكومة العراقية، من منصبه نائبا لرئيس الجمهورية، رغم كل هذا وهو لن ييأس من العمل السياسي، بل يؤكد «لن أصل مرحلة اليأس، أنا في أحلك الظروف لن أصل لمرحلة اليأس، عندي ثقة بالشعب العراقي وبالماضي وبالمستقبل»، كما أكد في حوار سياسي مطول لـ«الشرق الأوسط» ببغداد، أمس، إلى «أني سأعمل على معارضة العملية السياسية القائمة حاليا في العراق وبناء دولة مؤسسات تليق بالعراقيين».
علاوي أقر «بأننا مسؤولون عما حدث في العراق بعد تغيير نظام صدام حسين، وأن العراقيين صاروا يترحمون على النظام السابق بسبب أداء الحكومات التي أحرقت العراقيين بنار الطائفية والمحاصصة»، مؤكدا أن «العراق لا يتمتع بسياسات داخلية وخارجية»، وأن «التحالف الإسلامي بقيادة السعودية مهم وهو تحالف قوى الاعتدال» وأن عدم دخول بغداد لهذا التحالف يدل على عدم الرؤية الواضحة لسياسة العراق والتي من المفترض أن تكون أول المنظمين لهذا التحالف المهم. وفيما يلي نص الحوار:

* نبدأ من حيث انتهت إليه الأوضاع في العراق اليوم.. في رأيكم ما الذي يحدث في البلد؟
- الذي يحدث هو أن العملية السياسية وصلت إلى طريق مسدود.. وهذه العملية أفرزت حكومات أنهت الوضع العراقي سياسيا وأمنيا واقتصاديا ومؤسساتيا، وإذا نظرنا إلى المؤسسات التي هي تكون الدولة بالنتيجة فسنراها أنها قائمة على المحاصصات، المذهبية والدينية والعرقية والطائفية. وحتى الآن فشلت العملية السياسية لتحقيق ما موجود في الدستور وهو مجلس الخدمة الاتحادي الذي يفترض به أن لا يبحث بأي مرشح لموقع ما هو دينه وطائفته وقوميته ولونه وانتماؤه العشائري، بل يبحث هذا المجلس في خبرة وشهادات وكفاءات الأشخاص وعلى ضوء ذلك يضع الشخص المناسب في المكان المناسب، لكن هذا لم يطبق مع أنه مثبت في الدستور وصار لنا أكثر من عشر سنوات نصر على تشكيل هذا المجلس ولم يتم تطبيقه.
* هل تعني أن العراق اليوم خال من المؤسسات؟
- لا توجد مؤسسات خاصة فيما يتعلق بالمؤسسات الأمنية والعسكرية والقضائية.. وإلى آخره، ونحن نرى أن هناك تراجعا كبيرا في هذا الجانب، وأصبح الناس الآن عندما يتعرضون لمشكلة يلجأون إلى الميليشيات لحلها بطريقتها ولا يلجأون إلى السلطات الحكومية، وأنا أبلغت هذا لممثل الأمم المتحدة وسفيري الولايات المتحدة وبريطانيا، عندما سألوني عن الأوضاع في العراق، والميليشيات نوعان، نوع منضبط وآخر منفلت ومتسلل للحشد الشعبي. أما الأوضاع الأمنية والعالم كله يعرف أنه ليس هناك أمن في العراق، حتى بغداد التي هي العاصمة ورمز العراق لم يعد فيها أي أمن وأمان والاختطافات والاغتيالات على قدم وساق، في وقت هناك ضياع أمني تام في البصرة وهي ثاني محافظة في العراق وديالى بالإضافة إلى المحافظات التي ما يزال تنظيم داعش معششا بها. والغريب في الأمر أن تنظيم داعش يسيطر على مناطق واسعة وخاصة في محافظة نينوى وهناك في الحكومة والبرلمان من يرفض المساعدات الدولية لمحاربة هذا التنظيم الإرهابي، ولولا التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لكان «داعش» قد دخل إلى بغداد وهذا الذي دفع أميركا لإرسال قوات برية تقاتل على الأرض، وهناك من المسؤولين العراقيين من لا يعترف بهذه الحقائق.
* تحدثتم عن التحالف الدولي بقيادة واشنطن لمحاربة تنظيم داعش، باعتقادكم ما هو سبب عدم انضمام العراق للتحالف الإسلامي بقيادة الرياض للمساعدة في محاربة تنظيم داعش؟
- هذا ما كنت أنا بصدد الحديث عنه قبل أن تسألني، السبب هو أن العراق ليست له سياسة واضحة وثابتة، ولا يمتلك سياسة خارجية واضحة ومتماسكة، ولا نعرف إلى أين يمضي البلد وهناك أمثلة كثيرة، الأول هو وجود تحالفين معلن عنهما في العراق، التحالف الدولي الذي يضم عددا من دول العالم بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، والتحالف الرباعي الذي يضم روسيا وسوريا وإيران والعراق، ونحن لا نعرف ما هي مهمات هذا التحالف أو ذاك، ولا نعرف دور الحكومة العراقية بالتقريب بين التحالفين، ولا نعرف هل أن بشار الأسد أصبح يتمتع بهذه الإمكانية ليكون جزءا من تحالف عسكري إلى جانب روسيا والعراق وإيران؟ وهل أن هذا التحالف (الرباعي) على صعيد المعلومات الاستخبارية العسكرية بما يتعلق بتنظيم داعش، أم أنه تحالف عسكري قتالي، أو أنه تحالف من نوع آخر فيه جانب سياسي؟ ولماذا هذا التحالف الرباعي، لماذا لم يقنع العراق روسيا ويضغط عليها لتكون جزءا من التحالف الدولي وهذا هو الأصلح والأصح، ولماذا لم تضغط الحكومة العراقية على إيران، وهي دولة جارة سواء أردنا أم أبينا، للدخول في مجال الأمن الإقليمي العربي بشكل متوازن، هذا مثال على أننا لا نعرف إلى أين تمضي الحكومة العراقية. المثل الآخر هو أن الحكومة من باب تتوسل من أجل أن تفتح المملكة العربية السعودية سفارتها ببغداد، والملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله كان قد بعث ببرقية تهنئة بارك فيها تشكيل الحكومة الحالية برئاسة حيدر العبادي واختيار فؤاد معصوم رئيسا للعراق وسليم الجبوري رئيسا للبرلمان، لكن للأسف رئيس الوزراء لم يذهب إلى الرياض ليعزي الملك سلمان بن عبد العزيز برحيل أخيه الملك عبد الله، بل إننا نسمع من هذا المسؤول وذاك شتائم ضد السعودية مع أن الرياض التزمت بواجبها العربي وعينت سفيرا لها في بغداد وهو موجود الآن. الحكومة العراقية يجب أن تعطي اهتماما للعالم العربي وأن تنفتح عليه. أما داخليا فنحن لا نعرف ما هي سياسة الحكومة مع أكراد العراق. يوم تطلب مني الحكومة أن أفاتح الأخ مسعود بارزاني لفتح أنابيب تصدير النفط العراقي، وبالفعل ذهبت إلى أربيل واستجاب بارزاني لما طلب منه، في اليوم الثاني يشتم مسؤولون في الحكومة رئيس إقليم كردستان (بارزاني)! أنا لا أستطيع أن أفهم ما نوع هذه السياسة.
* كيف تنظر للتحالف الإسلامي بقيادة الرياض؟
- التحالف الأخير الذي أعلنت عنه السعودية وبقيادتها له أنا أسميه بتحالف المعتدلين، أو تحالف قوى الاعتدال، وأنا منذ زمن أدعو إلى مثل هذا التحالف، ومؤمن به، وعندما كنت رئيسا للوزراء دعوت لتحالف قوى الاعتدال وأن يضم السعودية ومصر والعراق وجميع دول مجلس التعاون الخليجي وباكستان، والحمد لله أن تأسس هذا التحالف، وعلى العراق أن يبحث وبشكل واضح موضوع انضمامه لهذا التحالف وأن يطلب من السعودية بأن نكون جزءا منه، مثل هذه الأمور يجب عدم إهمالها، وتركها يخلق مناخات سلبية، والإخوة في السعودية من حقهم أن يقولوا «إذا العراق لا يريد أن يتعاون معنا فلماذا نطلب منه الانضمام للتحالف». وأنا أعتقد أن جزءا كبيرا من فشل السياسة الخارجية هو عدم تقييم العراق لعلاقاته الخارجية بما يتعلق بموقع العراق من العالم، هل هو عربي، هل هو إسلامي، هل هو تركي، هل هو إيراني، ما هو العراق؟ وعلى ضوء تعريف الهوية العراقية يصير التحرك لتدعيم علاقاته الخارجية، ثم أننا كمسؤولين عن شعب وبلد وتاريخ لا يمكن أن ننطلق من عقد شخصية واعتقادات ذاتية ونقول هذا نحبه وهذا نكرهه، وذاك يتآمر علينا، نحن نريد بناء بلد يليق بالعراقيين أولا وأساسا وثانيا أن يكون عمقه عربيا وإسلاميا، وأنا أقول لكم، ونحن نتحدث لصحيفة معروفة ومحترمة، تعرفون أنه حتى دول العالم الكبرى، أن صح التعبير، لا يعرفون إلى أين تتجه السياسة العراقية وأين تصب، العراق أصبح اليوم لغزا، نحن والعالم مثلا نعرف إلى أين تتجه السعودية أو مصر أو تركيا أو غيرها من الدول لكننا لا نعرف إلى أين تتجه الحكومة العراقية، بلد منكفئ على نفسه ونحن نعيش نتيجة هذا الانكفاء، ولا أدري هل هي مشكلة قيادة أو مشكلة اقتدار أم مشكلة فهم أو مشكلة رؤيا أم مشكلة محاصصة؟ أنا تمت دعوتي لحضور قمة البرلمان الإسلامي واعتذرت، قلت لهم ماذا سأقول أو أتحدث، هل أكون شاهد زور؟ ثم إن ثلث المدعوين لهذا المؤتمر قد حضروا، ومع احترامي لهذا الثلث وللثلثين الذين لم يحضروا، ما هو تمثيلي رسميا في المؤتمر؟ أنا لا علاقة لي بالحكم ولا بالعملية السياسية، أنا وصلت إلى حد الابتعاد عن العملية السياسية وأدعو إلى تغييرها سلميا.
* هذا يقودنا إلى سؤال حول دوركم في العراق اليوم؟
- أنا كسياسي عراقي مؤمن بهذا البلد وعمقه التاريخي وأتحمل مسؤولية ما وصلنا إليه كوني أول من تسلم السلطة بعد تغيير النظام وأول من دعا للانتخابات التشريعية وسلمت السلطة بطريقة سلمية وأول من أسس مجلس النواب ودشنت العملية السياسية، لكنني بدأتها بحسابات أخرى غير الحسابات الحالية وأعدت بناء الجيش والشرطة دون أن أبحث في الملفات من هو الشيعي والسني والكردي والعربي والتركماني، فعلت ذلك لأنني مؤمن بأن الشعب العراقي يجب أن يعيش مرفوع الرأس وليس خانعا وذليلا لا سمح الله مثلما كان في الأنظمة السابقة والحالية للأسف، لهذا فإن الدور الذي رسمته لنفسي حاليا هو العمل على بناء عملية سياسية صحيحة وشاملة تقوم على أنقاض هذه العملية المتهرئة، ونعمل على بناء دولة حقيقية ديمقراطية اتحادية في ظل عدل ومساواة كاملة وسيادة قانون ووحدة مجتمعية متكاملة، هذا ما أريد أن أحققه.
* هل وصلت إلى مرحلة اليأس من الوضع العراقي أم ما زلت متفائلا؟
- لا.. لا لن أصل مرحلة اليأس، أنا في أحلك الظروف لن أصل مرحلة اليأس، عندي ثقة بالشعب العراقي وبالماضي وبالمستقبل، واليوم الكيانات السياسية التي بنيت على أسس طائفية بدأت تتآكل من الداخل لأنهم أدركوا أن هذه الجهوية والحزبية الضيقة لم تعد تعمل ولهذا نرى أن المظاهرات العفوية لشعبنا الكريم وفي جميع المحافظات هم ضد الطائفية السياسية ويهاجموها ويهاجمون تسييس الدين والمذهب ويدعون إلى مصالحة وطنية وإلى دولة مدنية، حتى المرجعية الدينية للشيعة وبقية المراجع الكرام في النجف وفي بغداد وبقية رجال الدين من كل المذاهب والأديان كلهم يتوجهون إلى هذه الدعوة، المصالحة الوطنية وبناء دولة مدنية. إذن لماذا لا نحقق الدولة المدنية؟ لماذا هذا الإصرار على قيام سلطة، كون ليس هناك دولة، على الانتقام والمحاصصة وعلى التمييز والتهميش والإقصاء والكبت والتجويع وهذا يحدث من قبل الجميع سنة وشيعة، وقسم من السنة يتحججون للأسف بأنه لم يعد هناك خيار لهم سوى هذا التوجه، مثلما قالوا لكم في أحد الحوارات بأن «مشروع علاوي غير واقعي»، في إشارة لحوارنا مع أسامة النجيفي الذي نشر سابقا في «الشرق الأوسط»، وأقول، أنا واقعي والمظاهرات المليونية التي خرجت وما زالت في المحافظات الجنوبية وبغداد كلهم ينددون بالطائفية مع أن غالبيتهم من الشيعة، وكذلك السنة وأنا ألتقي باستمرار مع القادة غير السياسيين أو التقليديين للسنة ومنهم الوقف السني، كلهم يتحدثون عن وحدة المجتمع بعيدا عن الطائفية. وكلنا نعرف أن أي عشيرة اليوم في العراق فيها سنة وشيعة، بل في أي بيت تقريبا نجد أن العائلة تتكون من زوج سني وزوجة شيعية والعكس صحيح، وهذا لم يشكل عقدة في المجتمع العراقي، المؤسسات والدولة لا تبنى وفق الجهوية، والجهوية اليوم اختصرت بالنطاق الحزبي الضيق وصارت عشائرية وقبلية والتي ستضيف خطورة جديدة مثلما حدث من اقتتال بين عشيرتين في البصرة، وهذا النهج لن يقود إلا إلى التشرذم والانقسام وسوف ينزل إلى الشوارع وهذه هي الخطورة بعينها وبصراحة كل هذا يجري والحكومة عاجزة عن اتخاذ أي إجراء وهناك وزراء غير راضين عما يجري، ولا أحد يعرف نهائيا من الذي يحكم العراق والفوضى تسود كل المجالات، وصلت الأوضاع إلى حالة مخيفة يصعب توصيفها وإذا استمرت سوف تؤدي إلى دمار العراق بالكامل لا سمح الله. لكني مع ذلك لن أفقد الأمل في بناء العراق الجديد خاصة أنا ومن يتحمل مسؤولية ما حصل بعد تغيير نظام صدام حسين.
* هل أنت نادم على تغيير نظام صدام حسين؟
- لا.. الموضوع لا يتعلق بالندم لكنني نادم على ما حصل بعد تغيير النظام، نادم لما قامت به واشنطن التي كنا في المعارضة نلح عليها بدعم قوى الداخل لإسقاط النظام لكنها جاءت ولم تسقط النظام وحسب بل فككت دولة بكاملها وحولت العراق إلى كيانات طائفية وقومية وهذا لم يكن الاتفاق مع الولايات المتحدة بل أن يتم تشكيل حكومة وطنية مباشرة بعد تغيير النظام وليس بعد سنة ونصف السنة لكن هذا لم يحدث بل الذي حدث أن القوات الأميركية جلست وقالت نحن محتلون الآن للعراق وخربوا كل شيء، واليوم الناس صارت تترحم على أيام صدام حسين بسبب أدائنا وبسبب السياسات التي جاءت بعد 2003 وعدم وفاء المحتلين بوعودهم، نحن وقفنا ضد صدام، وأنا حياتي تعرضت لخطر الموت عبر محاولات اغتيالي من قبل مخابرات صدام، حتى نبني دولة واعدة للعراقيين ومستقبلا زاهرا، لكننا جئنا وأحرقنا العراقيين بجحيم الطائفية والمحاصصات والاجتثاث، نحن ليس مع عودة حزب البعث ومن المستحيل عودته لكن يجب محاسبة كل من أساء للشعب وارتكب الجرائم وليس محاربة الناس بأرزاقهم وقطع رواتبهم وحرمان عوائلهم من لقمة العيش، هذا يدفع بكل إنسان لأن يتحالف مع الشيطان من أجل لقمة وحياة أبنائه وعائلته، ونحن أكدنا وما زلنا بأن موضوع الاجتثاث يجب أن يحال للقضاء النزيه.
* بمناسبة تطرقكم لموضوع محاولات اغتيالكم من قبل النظام السابق، تردد أنكم تعرضتم لمحاولة اغتيال مؤخرا، ما حقيقة هذا الخبر؟
- لم تكن محاولة اغتيال بل خطة لاغتيالي واغتيال شخصيات قيادية عربية في المنطقة وهذه الخطط والمحاولات تتكرر بين فترة وأخرى فهناك الكثير ممن لا يتحملون نهجنا المعتدل سواء داخل العراق وخارجه، ثلاث مرات تم تنفيذ هذه المحاولات في العراق ولم ينجحوا والحمد لله، خطة الاغتيال كشفت من قبل مخابرات دولة شقيقة لا أريد أن أسميها ومعلومات محلية من قبل أشخاص موثوقين، الخطة لا تضم اسمي فقط وإنما هناك شخصيات عربية أخرى مستهدفة في المنطقة ما تزال تلعب أدوارا سياسية في بلدانها، وبالنسبة لي تم تشكيل وحدة لجمع المعلومات حول تحركاتي وحمايتي وسفري والدول التي أسافر إليها أو أتواجد فيها خاصة الدول التي لا تمتلك القدرات الأمنية الكافية لحمايتي أو حماية غيري مثل لبنان، وهناك وحدات مكلفة بالتنفيذ وقد بلغت الإخوة في الأجهزة الأمنية العراقية التي أثق بها هنا في بغداد بهذه التفاصيل التي لا مجال لنشرها الآن، علما بأن هذه التحركات وكشف المعلومات جاءت بعد أن تم تخفيض قوة الحماية لي إلى درجة كبيرة وبعد أن تم إبعادي عن منصب نائب رئيس الجمهورية وبقينا مكشوفين حقيقة، مع أن هذه الحمايات لم يتم تخفيضها للجميع بل لأشخاص محددين للغاية وأنا ليس ورائي دولة تدعمني ولا عندي ميليشيا ولا أي جهة خارجية وهناك عشائر وقوى سياسية ومنهم حركة الوفاق الوطني قابلوني وكتبوا لي طالبين التطوع لحمايتي وقلت لهم المشكلة ليست في عدد الأشخاص ولكن في كيفية استحصال ترخيص تسليح المتطوعين ومن يسلحهم، أنا اليوم لا أستطيع الحصول على تراخيص تسليح بعض الحمايات المخصصة لي، هذا مع أني لاعب أساسي في العملية السياسية ورئيس وزراء سابق وحاربت الإرهاب والميليشيات كما أني متصدٍ لأمن المنطقة واستقرارها وعندي علاقات مع الكثير من الإخوة قادة الدول الشقيقة وهذا ما يجعلني هدفا للإرهابيين لتعقيد المشهد الأمني عراقيا وعربيا، ونحن نرى ما جرى في لبنان بعد اغتيال الأخ الحريري.
* ألا تعتقدون أن قيام حكومة إنقاذ وطني في العراق سينقذ ما يمكن إنقاذه في الأوضاع المتأزمة؟
- العراق بحاجة لمن يستطيع مسك الأوضاع ضمن عملية سياسية صحيحة، الحكومات المتعاقبة للأسف شرذمت وشتت الأمور بدلا من أن تمسك بها، لهذا يجب التفكير بأن تأتي حكومة قوية وواضحة تجمد الدستور وتهدئ الأزمات وتشرع ببناء مؤسسات الدولة وأن تهيئ لانتخابات نزيهة بعد عام أو أكثر بإشراف الأمم المتحدة لتتشكل حكومة منتخبة وأن يتم الاعتماد على حكماء لتعديل ما يجب تعديله في الدستور وأهمية تنفيذه لتجري الأمور بسياقاتها الصحيحة وأن يتم تحديد هوية الحكم في العراق وما هي كيفية الحكم، فيدرالي أو كونفدرالي أو مركزي وما هو وضع المحافظات؟ هذا إذا لم يحدث فإنه ليس من السهولة إدارة البلد. الموضوع ليس وزارة ومن يترأس الوزارة بل يجب التفكير في عموم العملية السياسية. نحن أحلنا موضوع اجتثاث البعث للقضاء ولم نميز بين سني وشيعي وكردي وعربي ولم تثر أي مسألة طائفية وعينت 100 شخص في مجلس النواب وكنت أسبوعيا أجتمع معهم لنتعلم أسلوب الحياة الديمقراطية، اليوم الأوضاع في انفلات كبير وتقرير الأمم المتحدة الأخير (يونامي) يؤكد فقدان العراق 18 ألف مواطن خلال 18 شهر أي بواقع ألف عراقي ضحية في كل شهر وهذه الأرقام ليست دقيقة إذ أن هناك المفقودين والذين تم قتلهم ودفنهم ولم يعلن عنهم وهذا باستثناء الجرحى والمعوقين وعوائل الضحايا الذين تحولوا إلى ضحايا هم الآخرون.
* العراقيون قلقون حول معيشتهم بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، هل تعتقدون أن هناك حلولا لهذه الأزمة؟
- فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي فحدث ولا حرج، نعيش انهيارا كاملا في هذا الجانب، العراق يبيع برميل النفط بسعر 22 دولارا، والخزينة فارغة والفقر وصل إلى مستويات متدنية وهناك أعداد خيالية من العاطلين عن العمل رغم استمرار وجود الفساد والإنفاق الحكومي الذي لا معنى له، وأسوق مثلا بسيطا تأكيدا لذلك وهو مشاركة 85، وهناك من قال 100 شخص، ضمن الوفد العراقي في قمة مؤتمر المناخ بباريس (عدد المدعوين رسميا من قبل الحكومة الفرنسية 5 أشخاص)، وأتساءل هل الأهم سفر كل هذا العدد إلى باريس ويتحمل المال العام نفقاتهم أم الناس التي بحاجة لهذه الأموال، واليوم أنفقوا أكثر من ستة ملايين دولار للمؤتمر البرلماني للدول الإسلامية مع أن ثلثي الدول لم تحضر المؤتمر، أليس الشعب العراقي أكثر حاجة لهذه الأموال؟
وهنا دعني أن أذكر مقاربة في هذا الموضوع ولنأخذ وضع لبنان الذي ليست له موارد اقتصادية سوى السياحة، والسياحة للأسف تراجعت مؤخرا هناك، لكن اقتصاد البلد يسير لأن الطواقم المسؤولة عن الاقتصاد اللبناني لا أحد يقترب منها سياسيا، سواء محافظ البنك المركزي أو المؤسسات المصرفية والمالية لذلك نجد أنه ورغم وجود التوتر فالحياة تمضي في لبنان حيث العمران والبناء والاستثمار يسير على قدم وساق رغم وجود ضعف اقتصادي. لكن العراق يمتلك قدرات وموارد اقتصادية أضخم وأوسع بكثير من لبنان وغيره لكننا بحاجة إلى طواقم متخصصة، وذات مرة اقترحت على رئيس مجلس الوزراء وقلت له بأن هناك عراقيين متخصصين في القطاع المصرفي والاقتصادي والنفطي ولا علاقة لهم بالسياسة ويريدون خدمة البلد دون مقابل كمتطوعين كونهم متمكنين ماديا وهم مستعدون للمجيء للعراق وتقديم رؤيتهم وأفكارهم مجانا لتطوير اقتصاد البلد، وقسم منهم أصدقائي شخصيا مثل كاظم العيد وحميد جعفر، ولم تتم الاستجابة لهذا المقترح وبدلا من ذلك يأتون بأشخاص أميين ويسلمونهم مسؤوليات ضخمة بحيث نحن لا نعرف اليوم ما هو نظامنا المصرفي ولا مسار البلد اقتصاديا. في حكومتي أسسنا مجلس الإعمار ومجلس السياسات النفطية العليا وهيئة الخصخصة التي تكونت من سبعة أعضاء من الحكومة وسبعة من القطاع الخاص لكنهم حلوا هذه الهيئة دون العودة للبرلمان مع أنها مؤسسة بتشريع برلماني إذ كانت لي سلطات تشريعية وتنفيذية كما تم حل مجلس الإعمار دون أن نعرف السبب، واليوم يفكرون بالعودة لتشكيل هذه المؤسسات وعلى إثر ذلك انتشر الفساد المالي والإداري بشكل فظيع وفضائحه صارت تزكم الأنوف.
* ما هي علاقتكم اليوم بتحالف القوى الذي يتزعمه أسامة النجيفي، حليفكم السابق في ائتلاف العراقية؟
- علاقتنا مع تحالف القوى هي مثل علاقتنا بالتحالف الوطني، هناك مواقف تنسيق وأخرى نختلف بها معهم، لكن بشكل عام نحن ضد التقوقع المذهبي السياسي سواء كان سنيا أو شيعيا.
* وماذا عن تكتلكم السياسي الجديد في الأنبار؟
- نحن على وشك الانتصار في الرمادي، إن شاء الله، لهذا قررنا استنهاض القوى الوطنية هناك التي لا تؤمن بمشروع طائفي سياسي وتعمل على تهيئة الأجواء لما بعد التحرير حيث اخترنا 12 من الإخوة لتشكل هذا التكتل حتى لا تكون هناك جهوية في إدارة محافظة الأنبار فأنا دائما أقول: إن الانتصار الحقيقي هو انتصار سياسي مع أهمية الانتصار العسكري، والانتصار السياسي يكمن بوحدة المجتمع وعدم سيطرة جهة على أخرى، وسيكون مثل هذا التكتل في محافظات أخرى مثل نينوى بعد تحرير الموصل من سيطرة تنظيم داعش، وفي البصرة وديالى وبغداد لتوحيد المحافظات.
* باعتقادكم، هل سيتم تقسيم العراق؟
- إذا استمرت الأوضاع على هذه الشاكلة فإن كل الاحتمالات ممكنة ومنها تقسيم العراق. كلنا سمعنا تصريحات الأخ مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان حول الدولة الكردية، وأنا أعرف بارزاني جيدا وهو لا يريد الانفصال أو تقسيم العراق وهذا ما أبلغني به لكن من شدة الضغوط والنكران لدورهم من قبل بغداد يدفعهم للتفكير بالانفصال.
* ما هو دور إيران في كل ما يحدث بالعرق؟
- إيران يجب أن يتم احتواؤها وأن تجري معها حوارات جادة. مثلما هو معروف أن إيران وقفت ضدي وضد النهج الذي أمثله خاصة بعد فوزنا في انتخابات 2010 ومع ذلك لا يمكن أن نقول: إن العراق غير مجاور لإيران أو لتركيا، وهذه هي الأهمية الجيوسياسية للعراق بأن عمقه عربي ويطل على دولتين إسلاميتين وفيه فسيفساء قومية ودينية متنوعة وفي مقدمتهم الأكراد، منذ عام وأنا أدعو لعقد مؤتمر أمني إقليمي بشدة وعندما صار الاتفاق النووي مع إيران قلت هذا موضوع جيد للحد من الأسلحة النووية في المنطقة لكن الغائب الأكبر هو الأمن الإقليمي وتحركت وكتبت والتقيت مع قادة عرب وغربيين وإقليميين من أجل هذا الموضوع وبرزت عقبة مهمة وهي أن السعوديين والإيرانيين لا يجلسون على طاولة حوار مشتركة، وبعد جهود وعتاب مع الإيرانيين، مع محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني الذي كنت قد التقيته في مثل هذا الوقت قبل عام في مؤتمر دافوس بسويسرا وقلت له ليس من الصحيح أن تصدر عن مسؤوليكم تصريحات مثل أن بغداد عاصمة الإمبراطورية الفارسية وأن إيران تحكم اليوم خمس عواصم عربية وهي على مقربة من البحر المتوسط، هذا استفزاز، لماذا لا تجلسون مع الآخرين وتتحاورون فقال: إن السعوديين لا يتحاورون معنا، قلت له لكن الإخوة السعوديين كانوا قد جلسوا معكم في مؤتمر شرم الشيخ عام 2005 والذي كنت أنا قد دعوت له، واعترف ظريف بأنه كان واحدا من أنجح المؤتمرات لكن لم تحصل متابعات لمثل نتائج هذه المؤتمرات.



«أسبيدس» تعزز وجودها في البحر الأحمر بفرقاطة بلجيكية

انضمام الفرقاطة البلجيكية إلى مهمة «أسبيدس» الأوروبية بالبحر الأحمر للمشاركة في حماية الملاحة (إكس)
انضمام الفرقاطة البلجيكية إلى مهمة «أسبيدس» الأوروبية بالبحر الأحمر للمشاركة في حماية الملاحة (إكس)
TT

«أسبيدس» تعزز وجودها في البحر الأحمر بفرقاطة بلجيكية

انضمام الفرقاطة البلجيكية إلى مهمة «أسبيدس» الأوروبية بالبحر الأحمر للمشاركة في حماية الملاحة (إكس)
انضمام الفرقاطة البلجيكية إلى مهمة «أسبيدس» الأوروبية بالبحر الأحمر للمشاركة في حماية الملاحة (إكس)

غداة تهديد الحوثيين بتوسيع هجماتهم ضد السفن إلى البحر الأبيض المتوسط، أعلنت مهمة «أسبيدس» التابعة للاتحاد الأوروبي تعزيز وجودها العسكري في البحر الأحمر بفرقاطة بلجيكية للمساهمة في حماية الملاحة إلى جانب القوات الأميركية والبريطانية.

وتهاجم الجماعة الحوثية المدعومة من إيران السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومحاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

وأبدت المهمة الأوروبية في تغريدة على منصة «إكس» حماسها للترحيب بالفرقاطة البلجيكية «لويز ماري»، وقالت إن انضمامها بخبراتها ومهاراتها «لا تقدر بثمن حيث سنتعامل مع التحديات التشغيلية معاً».

وتشارك في مهمة الاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر دول فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليونان، وبلجيكا، إلى جانب فرقاطة دنماركية عادت من المهمة إلى قاعدتها؛ إثر تعرضها لعطل في نظام الأسلحة إثر هجوم حوثي. كما عادت فرقاطة ألمانية إلى قواعدها في انتظار إرسال أخرى بديلة.

وبحسب بيانات جيوش الاتحاد الأوروبي، شاركت هذه السفن العسكرية في التصدي لكثير من الهجمات الحوثية، بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والقوارب المفخخة غير المأهولة، لكنها لا تقوم بتوجيه ضربات مباشرة على الأرض ضد الحوثيين، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.

وكانت الجماعة الحوثية أعلنت الجمعة، أنَّها ستبدأ استهداف السفن في البحر الأبيض المتوسط، ضمن ما سمَّته المرحلة الرابعة من التصعيد، تنفيذاً لتوجيهات زعيمها عبد الملك الحوثي.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع، في بيان، إنَّ الحوثيين سيستهدفون كل السفن المرتبطة بإسرائيل والمتجهة إلى الموانئ في البحر الأبيض المتوسط.

مهمة الاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر تقتصر على الدور الدفاعي لحماية السفن (إكس)

وتعني الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، بالمرحلة الرابعة من التصعيد مهاجمة السفن في البحر المتوسط، بعد مهاجمتها في البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن والمحيط الهندي.

وهدَّد المتحدث الحوثي بأنَّ قوات جماعته ستقوم، في حال اقتحام إسرائيل مدينة رفح، بمهاجمة جميع السفن التي لها علاقة بالإمدادات للدولة العبرية، وتلك التي تحاول الدخول إلى موانئ تل أبيب، من أي جنسية كانت، في تلويح واضح بتصعيد ما يوصف بـ«حرب السفن».

452 غارة

كان زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي أقر في خطبة الخميس الماضي، بتلقي 452 غارة أميركية وبريطانية منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، كما أقر بمقتل 40 من مسلحيه وإصابة 35 آخرين في هذه الضربات.

وتبنَّى الحوثي مهاجمة 107 سفن منذ بدء التصعيد البحري، وزعم أنَّ هناك 10 قطع بحرية حربية أميركية وأوروبية انسحبت من البحر الأحمر في ظل «الشعور باليأس والإخفاق» في منع عمليات جماعته أو الحد منها، على حد وصفه.

وتقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة إيران في المنطقة وتسعى للهروب من استحقاقات السلام، وتتخذ من غزة ذريعة للمزايدة السياسية، كما ترى الحكومة اليمنية أن الحل ليس في الضربات الغربية لوقف هجمات الحوثيين، ولكن في دعم قواتها المسلحة لاستعادة الأراضي كافة من قبضة الجماعة، بما فيها الحديدة وموانئها.

وأثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر، ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

عناصر من الحوثيين خلال حشد في صنعاء دعا له زعيم الجماعة لتأييد الهجمات البحرية (أ.ف.ب)

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية، في 18 فبراير (شباط) الماضي، بغرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس». وفي مقابل ذلك، أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من مسلحيها جراء الضربات الأميركية والبريطانية.

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض، حيث شاركتها بريطانيا في 4 مناسبات.

وتسبب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.


مفاوضات القاهرة تنشد «صيغة نهائية» لـ«هدنة غزة»

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)
TT

مفاوضات القاهرة تنشد «صيغة نهائية» لـ«هدنة غزة»

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)

استضافت مصر، السبت، جولة جديدة من المفاوضات الرامية إلى «هدنة» في قطاع غزة، يجري خلالها تبادل المحتجزين بين إسرائيل وحركة «حماس». ووسط «أجواء إيجابية»، وحديث عن «تقدم ملحوظ» في المباحثات، تنشد القاهرة «صيغة نهائية» لاتفاق طال انتظاره.

وبدأ وفد من حركة «حماس» مباحثاته مع المسؤولين المصريين في القاهرة، السبت. وقال مصدر مصري، إن «هناك تقدماً ملحوظاً في المفاوضات». وأضاف المصدر الذي وصفته قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية بـ«رفيع المستوى»، أن «الوفد الأمني المصري وصل إلى صيغة توافقية حول كثير من نقاط الخلاف». ووفق «رويترز»، يشارك مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، في المحادثات غير المباشرة في القاهرة.

وكانت «حماس» قد أكدت في بيان صحافي، الجمعة، أنها «تعاملت بروح إيجابية مع مقترح الهدنة»، مشددة على «عزمها إنضاج الاتفاق بما يحقق وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وانسحاب قوات الاحتلال، وعودة النازحين إلى شمال القطاع، وإنجاز صفقة تبادل جادة». وأكد مسؤول في حركة «حماس»، السبت، أن «الجولة الأولى من المفاوضات ستكون بحضور وفود قطر، ومصر، وأميركا»، مضيفاً: «إذا تطورت الأمور فسيجري إحضار الوفد الإسرائيلي في قاعة منفصلة لمحاولة إنجاز الاتفاق»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال المسؤول الذي لم تكشف الوكالة عن اسمه، إن «(حماس) تنظر بعقل منفتح للتغيرات في موقف الاحتلال والموقف الأميركي؛ لكنْ هناك أمور يجب أن يجري إحكامها».

وهو ما أكده مصدر عربي مطّلع على المفاوضات قال لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، السبت، إن الاتفاق «بات وشيكاً» مع حدوث «تطورات جوهرية» في الساعات الماضية. وأضاف المصدر أن «(حماس) تعاملت بإيجابية مع المقترح المصري، وأن مناقشات (السبت) تعلقت بتفاصيل إضافية يجري النقاش بشأنها مع الجانب المصري على أمل وضع مزيد من اللمسات النهائية على الاتفاق».

مسعفون فلسطينيون يضعون الجثث داخل سيارة إسعاف بعد غارة جوية على منزل بمخيم المغازي في وقت سابق (رويترز)

وبينما ذكر مصدر أمني مصري لـ«رويترز»، السبت، أن نتائج هذه الجولة من المفاوضات «ستكون مختلفة عن كل مرة، حيث جرى التوصل إلى توافق في كثير من النقاط، وتتبقى نقاط قليلة»، أبدى مسؤول فلسطيني مطّلع على جهود الوساطة «تفاؤلاً حذراً». وقال لـ«رويترز» إن «الأمور تبدو أفضل هذه المرة؛ لكن اتفاقاً قريباً يعتمد على إقدام إسرائيل على تنفيذ ما هو مطلوب لتحقيق ذلك».

ولم ترسل تل أبيب وفداً إلى القاهرة. ونقلت «القناة 11» التلفزيونية الإسرائيلية عن مسؤول قوله، السبت، إن «إسرائيل لن ترسل وفدها إلى القاهرة؛ إلا بعد تسلم رد (حماس) على مقترح الهدنة». وأضاف المسؤول الإسرائيلي: «لن نقدم أي التزام؛ إلا إذا وجدنا مرونة في رد (حماس)».

وتنتظر دول الوساطة منذ نحو أسبوع رداً من «حماس» على مقترح نقلته القاهرة إلى وفد من الحركة خلال جولة مباحثات سابقة، وهو نفس المقترح الذي ناقشته مصر مع مسؤولين إسرائيليين خلال زيارة قام بها وفد أمني مصري إلى تل أبيب أخيراً.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية بمصر وجامعة القاهرة، المتخصص في الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية، الدكتور طارق فهمي، أن «المفاوضات تمضي بصورة جيدة، وهناك شواهد كثيرة على ذلك»، مشيراً إلى أن «المباحثات الآن تتعلق باستيضاحات من قبل الطرفين وليس من قبل (حماس) فقط». وقال فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «وصول رئيس الاستخبارات الأميركية وفريقه، أحد الأدلة على أن الأمور تسير بشكل جيد»، موضحاً أن «الإدارة الأميركية تعمل على إتمام ما بدأته منذ (باريس 2) وهناك تنسيق واضح ولافت بين مصر وأميركاً مع عودة القطريين للوساطة». وأضاف أن «هناك مؤشرات إيجابية لالتفاف كل الأطراف الوسيطة، مصر وقطر والولايات المتحدثة، حول الاتفاق».

وكان موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي، قد قال إن رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه»، ويليام بيرنز، وصل مساء الجمعة إلى القاهرة، ما قد «يؤشر إلى أن ساعة القرارات الأساسية قد تكون حانت».

دخان تصاعد في وقت سابق بعد الغارات الإسرائيلية على رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

عودة إلى المتخصص في الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية، الدكتور طارق فهمي، الذي أكد أنه «لا توجد خلافات الآن، وأن الحديث عن تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه من قبل»، مشيراً إلى أن «القاهرة نقلت ببراعة ما جرى عرضه في أطر الاتفاق، وما يتعلق بالنقاط الرئيسية الخاصة بعودة النازحين وإجراءات تلك العودة، إضافة إلى إعادة تموضع القوات الإسرائيلية وانتشارها».

ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي، يسعى الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة إلى إنجاز هدنة في غزة، لكن جولات المفاوضات الماراثونية الصعبة لم تسفر عن اتفاق حتى الآن بسبب تمسك كل من إسرائيل وحركة «حماس»، بمطالبهما.

وذكر طارق فهمي أن «المفاوضات وصلت إلى نقطة مهمة توافقية وليست خلافية، ومن الواضح حرص الطرفين على التوصل لاتفاق مدعومين بحركة الوسطاء».

أفراد عائلة نازحة يجلسون بجوار خيام في مخيم بالقرب من مستشفى ناصر بخان يونس (إ.ب.أ)

وتطالب واشنطن بالضغط على «حماس» للقبول بالمقترح الذي تعده «سخياً جداً». وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مساء الجمعة، إن «الواقع في هذه اللحظة أن العقبة الوحيدة بين شعب غزة ووقف إطلاق نار، هي (حماس)». في حين ترفض إسرائيل إلى الآن، مطالب «حماس» بوقف دائم لإطلاق النار في غزة.

وبشأن الموقف الإسرائيلي، قال المتخصص في الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية، إن «القاهرة والوسطاء يترقبون السلوك الإسرائيلي جيداً»، مشيراً إلى أنه «من الواضح وجود توافق في الموقف الإسرائيلي، وبالتالي لن تكون هناك خلافات حول ما هو مقبول وما هو محل اعتراض أو تحفظ كما اتضح من اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلي، الخميس الماضي»، مؤكداً أن «المفاوضات انتقلت من مرحلة الأطر العامة إلى أجزاء خاصة بما سيحدث في مراحل التنفيذ»، مضيفاً أن «القاهرة تعمل على تحسين الاتفاق ليس في المرحلة الأولى فقط، ولكن في إلزام الطرفين مع توفير الضمانات لاستكمال هذه الخطوة، لا سيما مع وجود قوى متربصة من الجانبين تسعى لإفشال الاتفاق». وأشار إلى أن «دخول الولايات المتحدة يقوي حدود الوساطة، ويؤكدها ويعمل على إنجاحها»، معرباً عن اعتقاده أن «فرص النجاح والوصول إلى اتفاق باتت أكبر من نقاط الخلاف بين الطرفين».


سيول في المهرة تخلف أضراراً في البنى التحتية والممتلكات

السيول خلّفت دماراً واسعاً في الطرقات بمحافظة المهرة اليمنية (إكس)
السيول خلّفت دماراً واسعاً في الطرقات بمحافظة المهرة اليمنية (إكس)
TT

سيول في المهرة تخلف أضراراً في البنى التحتية والممتلكات

السيول خلّفت دماراً واسعاً في الطرقات بمحافظة المهرة اليمنية (إكس)
السيول خلّفت دماراً واسعاً في الطرقات بمحافظة المهرة اليمنية (إكس)

خلَّفت السيول الجارفة الناجمة عن مياه الأمطار في محافظة المهرة اليمنية أضراراً واسعة في البنى التحتية والطرقات والممتلكات الخاصة والعامة، وسط تدخل سعودي إغاثي وتوجيه رئاسي للحكومة بسرعة مساندة السلطات المحلية.

وشهدت المحافظة التي تقع في أقصى شرق اليمن منذ أيام منخفضاً جوياً أدى إلى هطول أمطار شديدة نجم عنها سيول ضربت الطرقات والمزارع والبنى التحتية وسط مساندة من قوات الجيش للسلطات المحلية في الإنقاذ.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

ونقل الإعلام الرسمي أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي أجرى اتصالاً هاتفياً بمحافظ المهرة محمد علي ياسر، وذلك للاطمئنان على الأوضاع في المحافظة التي تشهد أمطاراً غزيرة، وسيولاً جارفة، بسبب المنخفض الجوي وحالة الطقس غير المستقرة.

وذكرت وكالة «سبأ» أن العليمي استمع من محافظ المهرة، إلى إيجاز أولي بشأن الأضرار التي خلفتها السيول والأمطار الغزيرة في الممتلكات العامة والخاصة، والحيازات الزراعية والطرقات والبنى التحتية، والخدمات الأساسية في مدينة الغيضة وأنحاء متفرقة من المحافظة.

كما استمع رئيس مجلس الحكم في اليمن إلى إحاطة حول الجهود المنسقة مع الجهات المعنية والمنظمات الإقليمية والدولية، وفي المقدمة تدخلات مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، للحد من تداعيات المنخفض الجوي، وتقديم العون، وعمليات الإنقاذ والمساعدة للمتضررين والعائلات المنكوبة.

وفي حين أشاد العليمي بجهود قيادة السلطة المحلية، والمكاتب التنفيذية في محافظة المهرة، وما اتُخذ من إجراءات وتدابير للحد من آثار الكارثة الطبيعية، أصدر توجيهات لرئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك، بتكليف وزارة الأشغال العامة والمؤسسات التابعة لها والجهات المعنية بالتدخل العاجل لفتح الطرق الداخلية والدولية، واستئناف تشغيل الخدمات الأساسية، والشروع في إعادة تأهيل البنى التحتية المدمرة.

السلطات المحلية في محافظة المهرة اليمنية تكافح لتجاوز آثار السيول (إكس)

وفي وقت سابق، أفادت السلطات المحلية في المهرة بأن قوات الجيش بمحور الغيضة تجري عملية إنقاذ ونقل السكان المحاصرة بيوتهم بالسيول ومن هم على الخطوط العامة إلى مراكز الإيواء.

وطلبت السلطة المحلية ولجنة الطوارئ من جميع الساكنين بمحاذاة الأودية ومجاري السيول مغادرة منازلهم والنزوح إلى أماكن آمنة، حيث يتوقع قدوم سيول كبيرة.

كما نبهت السلطات إلى ضرورة الابتعاد عن مجاري السيول وبطون الأودية والشعاب حرصاً على سلامتهم، وحذرت من خطورة الاقتراب من الكابلات والمحولات الكهربائية وخطوط الضغط العالي أثناء وبعد هطول الأمطار.

مساعدات سعودية

على وقع الأضرار التي ضربت محافظة المهرة اليمنية جراء السيول دشن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، توزيع المساعدات الإيوائية الطارئة للمتضررين في مديرية المسيلة.

وأشاد مدير مكتب مدير عام مديرية المسيلة محمد بن حويل، بتدخلات مركز الملك سلمان للإغاثة في مساعدة الأسر المتضررة جراء السيول والأمطار كأول جهة داعمة تتدخل لمساعدة الأهالي في المديرية.

من جهته، أوضح مدير مكتب ائتلاف الخير للإغاثة الإنسانية بمحافظة المهرة الشريك المنفذ للمشروع أيمن مزيون، أن التدخل يتضمن توزيع 121 خيمة و165 حقيبة إيوائية يستفيد منها نحو 1155 فرداً من المتضررين من السيول والأمطار في مديرية المسيلة.

ووفق الإعلام الرسمي اليمني حضر التدشين رئيس لجنة التخطيط والتنمية بمديرية المسيلة سالم مولى الدويلة، والمساعد اللوجيستي طلال ناصر بن حريز، ومساعد المتابعة والتقييم المهندس عوض سعيد كعيتي، وممثل الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مديرية المسيلة يونس باعباد.

وكان المركز قد وزع مساعدات إيوائية طارئة لمتضرري السيول والأمطار في عددٍ من المديريات بمحافظة حضرموت المجاورة، بسبب المنخفض الجوي الذي ضربها أخيراً، شملت 276 خيمة و1000 حقيبة إيوائية.

وأثنى وكيل محافظة حضرموت عمرو بن حبريش، بتدخلات مركز الملك سلمان للإغاثة، وتقديمه المساعدات الطارئة لمتضرري السيول، مشيراً إلى أن هذه المساعدات ستسهم في تخفيف معاناة الأسر المتضررة.

وتأتي تلك المساعدات في إطار الجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية عبر ذراعها الإنسانية مركز الملك سلمان للإغاثة، لتخفيف معاناة اليمنيين جراء الأزمة الإنسانية التي تعصف بهم.


صندوق النقد يحذر من آثار سلبية على اليمن جراء التصعيد البحري

ممثلو صندوق النقد الدولي مع المسؤولين اليمنيين في ختام اجتماعاتهم في عمان (إعلام حكومي)
ممثلو صندوق النقد الدولي مع المسؤولين اليمنيين في ختام اجتماعاتهم في عمان (إعلام حكومي)
TT

صندوق النقد يحذر من آثار سلبية على اليمن جراء التصعيد البحري

ممثلو صندوق النقد الدولي مع المسؤولين اليمنيين في ختام اجتماعاتهم في عمان (إعلام حكومي)
ممثلو صندوق النقد الدولي مع المسؤولين اليمنيين في ختام اجتماعاتهم في عمان (إعلام حكومي)

حذر صندوق النقد الدولي من آثار سلبية على اليمن بسبب التصعيد في البحر الأحمر، وأكد أن توقف صادرات النفط منذ هجوم الحوثيين على موانئ تصديره في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 حرم الحكومة من نصف عائداتها.

وذكر الصندوق أن التقديرات تشير إلى أن النمو في اليمن تقلص بنسبة 2 في المائة خلال العام الماضي، في حين بقي معدل التضخم مرتفعاً على الرغم من تراجع أسعار الأغذية عالمياً.

صندوق النقد الدولي حض الحكومة اليمنية على تسريع الإصلاحات المالية (إعلام حكومي)

وفي ختام اللقاء التشاوري السنوي بين السلطات اليمنية وصندوق النقد الدولي الذي استضافته العاصمة الأردنية عمّان، ومثَّل الجانب الحكومي فيه محافظ البنك المركزي أحمد غالب وسالم بن بريك وزير المالية، أكدت جويس وونج، رئيسة بعثة الصندوق أن النقاشات تناولت آخر المستجدات الاقتصادية والسياسية والنظرة المستقبلية والتقدم الذي حققته الإصلاحات الرئيسية.

وأوضحت وونج في بيان أن التقديرات تشير إلى أن الخسارة في الصادرات النفطية اليمنية، التي مثلت أكثر من نصف الإيرادات الحكومية (ما يعادل 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي)، قد عملت على اتساع العجز في المالية العامة إلى نسبة 4.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، «الأمر الذي فرض ضغوطات على الاحتياطات الأجنبية وعلى سعر الصرف».

وضع صعب

بيان بعثة صندوق النقد الدولي أكد أن الوضع الإنساني في اليمن يظل صعباً، مع وجود 17 مليون شخص يواجهون حالة انعدام الأمن الغذائي، وأشار إلى أن الدفعات المنصرفة من حزمة الدعم من بلدان مجلس التعاون الخليجي، واستقرار تحويلات المغتربين لا تزال تعد عوامل تسهم في تخفيف حدة الأوضاع، لكن البعثة نبهت إلى أنه في العام الحالي، قد يتفاقم الوضع الهش بفعل التوترات الإقليمية.

وقال الصندوق إن تصعيد التوتر في البحر الأحمر يمكن أن يؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي من خلال قنوات التجارة والقنوات المالية، إلى جانب تأثيره على انخفاض الدعم الخارجي، الذي يشمل المساعدات الإنسانية.

مسؤولون يمنيون ناقشوا مع صندوق النقد الدولي التحديات الاقتصادية والنقدية (إعلام حكومي)

ومع ذلك، بينت بعثة الصندوق أنه على الرغم من وضع اليمن الذي تكتنفه التحديات، فإن السلطات تبقى ملتزمة التزاماً ثابتاً بإجراء الإصلاحات، ومنها الاستمرار في القضاء على تعددية أسعار الصرف في تنفيذ المعاملات الحكومية، وتيسير نظام مزادات العملات الأجنبية. وذكر البيان أن السلطات اليمنية قامت بتعزيز إدارة السيولة النقدية مع ضبط الإنفاق، وترتيب الأولويات بطريقة أفضل.

ووفق ما جاء في بيان بعثة صندوق النقد الدولي، فقد أسهمت التدابير التي اتخذتها الحكومة اليمنية في الحد من العجز في الموازنة، واللجوء إلى التمويل النقدي، والضغوط التضخمية المصاحبة لها.

تسريع الإصلاحات

في خضم هذه الحال من ارتفاع مستوى انعدام اليقين، حث صندوق النقد الحكومة اليمنية على الاستمرار في تسريع الإصلاحات في المالية العامة، بما في ذلك، تحسين إدارة الإيرادات، والعمل في الوقت نفسه على تعزيز إعادة ترتيب أولويات الإنفاق والرقابة عليه.

ووفق بعثة الصندوق الدولي فإن ضمان اتساق مزادات العملات الأجنبية في اليمن، وقابلية التنبؤ بها سوف يساعد البنك المركزي اليمني على المحافظة على مصداقيته التي حققها بشق الأنفس في خضم موارد العملات الأجنبية المقيدة. وقالت إن تعزيز وظيفة الحوكمة لدى البنك المركزي اليمني، مع العمل في الوقت نفسه على تحسين عملية جمع البيانات، سوف يعزز الشفافية والمساءلة.

وشدد صندوق النقد على أهمية الاستمرار في المحافظة على استقرار القطاع المالي في اليمن، وتعزيز الامتثال مع المعايير الدولية ومنها معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتشريعات المحلية، والتي من شأنها تيسير ممارسة التجارة وحوالات المغتربين، وكلاهما يمثل شرايين الحياة الرئيسية للشعب اليمني.

تصعيد الحوثيين البحري يهدد بحدوث آثار سلبية على الاقتصاد اليمني والوضع الإنساني (إ.ب.أ)

وجزمت بعثة الصندوق أن الدعم المالي الخارجي سيظل عاملاً بالغ الأهمية في المساعدة على تخفيف شدة الضغوط المالية، والحد من التمويل النقدي، والمحافظة على استقرار الأسعار. وقالت إن التفاعل النشط مع المانحين لأجل تلبية الاحتياجات القائمة، مع تحسين توافر التمويل، والمحافظة على استمراره، تعد عوامل حاسمة في تحقيق تلك الغاية.

وفي حين تعهد صندوق النقد الدولي بأن يستمر في تقديم المساعدات الفنية الشاملة لليمن لكي يواصل عمليات تعزيز قدراته المؤسسية، قامت بعثته بعقد مباحثات مع الشركاء وأصحاب المصلحة الرئيسيين لتعزيز أوجه التعاون، وتحسين مستوى تنسيق المساعدات الخارجية.

وأعرب الصندوق عن تقديره العميق للسلطات اليمنية وللخبراء الفنيين ولجميع النظراء على ما أبدوه من التعاون الممتاز والمباحثات الصريحة، وتطلع إلى مزيد من التواصل الوثيق والمستمر.


تهكّم يمني من دعوة الحوثيين الطلبة الأميركيين للدراسة في صنعاء

المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)
المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)
TT

تهكّم يمني من دعوة الحوثيين الطلبة الأميركيين للدراسة في صنعاء

المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)
المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)

وسط موجة تهكّم يمنية من دعوة الجماعة الحوثية لطلبة الجامعات الأميركية للدراسة في جامعة صنعاء، أفادت مصادر أكاديمية باتساع الفساد المالي والإداري في الجامعة التي تتعرض مبانيها ومرافقها للإهمال والتهالك.

وكشفت مصادر في جامعة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن وقائع فساد مالي وإداري تتمثل باختفاء مبالغ كبيرة من النفقات التشغيلية لعدد من الكليات، مع زيادة في مصروفات القادة الحوثيين المعينين في مناصب عليا في الجامعة، في حين يتم تهديد الموظفين الإداريين بالفصل بسبب مطالبتهم بصرف مستحقاتهم المالية المتوقفة.

الجماعة الحوثية استخدمت جامعة صنعاء لاستقطاب وتجنيد المقاتلين بذريعة نصرة غزة (إعلام حوثي)

وذكرت المصادر أن القاسم محمد عباس، المُعيّن من قِبل الجماعة رئيساً للجامعة، خصص لنفسه ما يقارب ألفي دولار (مليون ريال شهرياً، والدولار يساوي 530 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة) كبدل مواصلات شهرياً، ومنح ما يقارب ثلث هذا المبلغ (600 دولار) لكل قيادي من المعيّنين عمداء لكليات الجامعة، وما يقارب 300 دولار لكل رئيس قسم.

ويتقاضى هؤلاء هذه المبالغ كبدل مواصلات، على الرغم من أنه يجري تعبئة سياراتهم بكميات متفاوتة من الوقود عبر محطة تعاقدت معها رئاسة الجامعة المُعيّنة من قِبل القيادي الحوثي أحمد حامد لتزويد مركبات الجامعة ومعداتها بالوقود.

وبحسب المصادر، فإنه لم يعرف مصير أكثر من 15 ألف دولار من النفقة التشغيلية لكلية الطب، مرجّحة وجود تواطؤ بين من ينتحلون صفات عميد الكلية وأمينها العام ومديرها المالي في إخفاء هذا المبلغ، خصوصاً مع رفضهم الرد على تساؤلات عدد من طاقم الكلية حول مصير هذا المبلغ، وتهديد الموظفين بإجراءات عقابية حال تداول معلومات أو وثائق حوله.

وأوضحت المصادر أن منتحل صفة المدير المالي للكلية يلزم الموظفين بإضافة ما يساوي 20 في المائة من ثمن المشتريات، ويعمل على استقطاعها من دون سندات لصالحه، في ظل صمت منتحلي صفتي العميد والأمين العام، وتجاهل الشكاوى التي تقدم بها عدد من موظفي وطاقم إدارة الكلية وأساتذتها، ورفض مناقشتها حتى داخل الاجتماعات.

إهمال وتَرَدٍ

إلى جانب كل ذلك، تعتزم الجماعة الحوثية رفع رسوم الخدمات في جامعة صنعاء، وتحويل إيرادات الكليات إلى حساب رئاسة الجامعة ونيابة شؤون الطلاب، والتحكم بجميع مصروفات الكليات والمراكز والرقابة عليها مركزياً، في حين يشكو أكاديميو وموظفو وطلاب الجامعة من تدهور المرافق وتردي الخدمات وعدم توفير الصيانة لها.

جانب من عرض في ساحات جامعة صنعاء للمقاتلين الذين جنّدهم الحوثيون (إعلام حوثي)

وأخيراً ،تعرضت أجزاء كبيرة من سور كلية الطب للانهيار جراء الأمطار والسيول الغزيرة، دون أن تجري الجماعة الحوثية أي جهود لتدارك الأمر، خصوصاً وأن الانهيار ألحق أضراراً بممتلكات السكان قرب الكلية، أو لمنع باقي أجزاء السور من الانهيار، رغم شكاوى السكان ومخاوفهم.

وأغرقت السيول فناءات كليات الجامعة ومبانيها، وتسببت بانتشار المستنقعات وتوسعها دون أن تبذل أي جهود لإصلاح الأضرار، في ظل اتهامات للجماعة الحوثية بإهمال جميع مرافق الجامعة.

وطال الإهمال المرافق الداخلية للجامعة وكلياتها، حيث يشتكي الأكاديميون من إهمال النظافة في عدد من المرافق، وحصرها على تلك التي يستخدمها عمداء الكليات.

ولفت أحد الأكاديميين لـ«الشرق الأوسط» أنه ينتقل غالباً من إحدى الكليات التي يدرس فيها إلى كلية مجاورة لاستخدام دورات المياه؛ بسبب عدم قدرته على احتمال الروائح التي تنبعث من دورات مياه كليته، رغم الشكاوى والمطالب بإصلاحها والاهتمام بها.

وأوضح الأكاديمي الذي طلب التحفظ على بياناته أن غالبية عمداء الكليات يعمدون إلى حصر النظافة على دورات المياه التي تتبع مكاتبهم، ويغلقونها أمام أي أكاديمي يحاول استخدامها، ويلزمون عمال النظافة بتنظيف مكاتبهم فقط، في حين يرفض غالبية العمال تنظيف باقي المرافق نظراً لعدم دفع مستحقاتهم.

الطلاب الأميركيون في صنعاء

أثار موقف الجماعة الحوثية بشأن مظاهرات طلاب الجامعات الأميركية المناهضة للحرب على غزة، سخرية وتهكّماً واسعين، بعد إعلان الجماعة عن فتح أبواب جامعة صنعاء للطلاب الأميركيين الذين تعرّضوا للفصل والقمع بسبب تلك المظاهرات.

وكان القيادي القاسم عباس أصدر إعلاناً باستعداده لاستقبال الطلاب والأكاديميين الأميركيين الذين تعرّضوا للفصل، واستيعابهم في جامعة صنعاء وفي جميع التخصصات، ونشر في إعلانه بريداً إلكترونياً لاستقبال طلبات الانضمام للجامعة.

بيان صادر عن الجماعة الحوثية بفتح أبواب جامعة صنعاء لاستقبال الطلاب المفصولين من الجامعات الأميركية (إكس)

وتنوعت مواقف اليمنيين الساخرة من الإعلان ما بين التساؤل عن مرتبات الأكاديميين اليمنيين التي أوقفتها الجماعة الحوثية منذ قرابة العقد، والتذكير بالتردي الذي أصاب الدراسة في جامعة صنعاء بسبب ممارسات الجماعة وإدخال أدبياتها الطائفية ضمن المقررات المفروضة على الطلاب، وإلزام الأكاديميين بتدريس تلك المضامين.

وتساءل عدد من رواد مواقع التواصل عمّا إذا كانت الجماعة ستتمكن من فتح تخصصات في الفيزياء النووية أو علوم الفضاء، وهل ستجبر الطلاب الأميركيين على دراسة ما يعرف بملازم حسين الحوثي مؤسس الجماعة، والاستماع إلى خطابات شقيقه الذي يتزعمها حالياً.

وذهبت التساؤلات إلى إمكانية سماح الجماعة الحوثية للطلاب والطالبات الأميركيين بالاختلاط داخل جامعة صنعاء، وهي التي أقرّت الفصل بين الجنسين داخل الجامعة، واتخذت عدداً من الإجراءات لذلك، وصلت حد بناء جدران داخل القاعات الدراسية للفصل بينهما، إلى جانب الملاحقة الأمنية والإجراءات التعسفية بحق الطلاب والطالبات لمجرد إجراء محادثات عابرة بينهم في أفنية الجامعة.

ومن بين الذين تهكّموا على القرار القيادي في الجماعة نائف القانص الذي سبق وجرى تعيينه سفيراً لها في دمشق، قبل أن تقوم السلطات السورية أخيراً بطرده مع طاقمه، وإعادة السفارة إلى الحكومة اليمنية.

وطالب القانص بنقل من كتب البيان إلى مستشفى الأمراض النفسية، منتقداً الوضع المعيشي والاقتصادي الذي يعيشه السكان في مناطق سيطرة الجماعة بسبب ممارساتها وفسادها.

من جهتها، ذكّرت منصة «واعي» الاجتماعية بنادي الخريجين الذي أنشأته الجماعة الحوثية للسيطرة على الأنشطة والفعاليات الطلابية، وإجبار الطلاب والطالبات على الالتزام بالضوابط والمعايير الأخلاقية التي أقرتها، ومارست تعسفاً بحقهم.

وعلى سبيل السخرية، أنذرت المنصة الطلاب الأميركيين بمواجهات إجراءات قاسية من قِبل هذا النادي، كما دعت الجماعة إلى ترجمة ملازم حسين الحوثي إلى الإنجليزية وضمّها إلى المناهج التي ستقدم لهؤلاء الطلاب.


نقاش يمني – غربي لدعم الاقتصاد والإصلاحات المالية والمصرفية

اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية بين اليمن وصندوق النقد الدولي (سبأ)
اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية بين اليمن وصندوق النقد الدولي (سبأ)
TT

نقاش يمني – غربي لدعم الاقتصاد والإصلاحات المالية والمصرفية

اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية بين اليمن وصندوق النقد الدولي (سبأ)
اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية بين اليمن وصندوق النقد الدولي (سبأ)

عقد مسؤولون يمنيون لقاءات في العاصمة الأردنية عمّان مع سفراء غربيين عقب اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية مع صندوق النقد الدولي؛ وذلك سعياً لدعم الاقتصاد اليمني والإصلاحات المالية والمصرفية.

وكانت الاجتماعات مع مسؤولي صندوق الدولي في العاصمة الأردنية عمّان استمرت خمسة أيام بمشاركة وزير المالية اليمني سالم بن بريك ومحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي، حيث تطرقت إلى التحديات التي يواجهها الاقتصاد اليمني في ظل الهجمات الحوثية وتوقف تصدير النفط.

محافظ البنك المركزي اليمني أجرى لقاءات مع سفراء غربيين في عمّان (سبأ)

وذكر الإعلام الرسمي أن محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب عقد لقاءات منفصلة مع سفراء الولايات المتحدة ستيفن فاجن، والمملكة المتحدة عبدة شريف، وفرنسا كاترين قرم كمون، وهولندا جانيت سيبن؛ وذلك لمناقشة آخر المستجدات الاقتصادية على الساحة اليمنية.

ونقلت وكالة «سبأ» أن اللقاءات تطرقت إلى التطورات في المجال المالي والمصرفي، والدعم المقدم للبنك المركزي في مجال بناء القدرات، وتعزيز الرقابة، والإشراف على القطاع المصرفي، والإجراءات الاحترازية المتخذة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

من جهته، ناقش وزير المالية اليمني سالم بن بريك، مع سفيرة المملكة المتحدة عبدة شريف، والسفير الأميركي ستيفن فاجن في لقاءين منفصلين التطورات الاقتصادية والمالية في بلاده، والجهود الحكومية للتعامل مع الأوضاع الصعبة الراهنة، وتنفيذ الإصلاحات الشاملة في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية بدعم إقليمي ودولي، من أجل تحسين الأوضاع العامة وتخفيف المعاناة الإنسانية.

وأورد الإعلام الرسمي أن اللقاءين تطرقا إلى مدى تفاقم معاناة اليمنيين والأوضاع الاقتصادية والخدمية والمعيشية، في ظل استمرار حرب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران على اليمن واليمنيين، ومواصلة تصعيد حربها الاقتصادية، والتصعيد في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن تكريسها الانقسام المالي، واستغلالها الموارد المالية بمناطق سيطرتها لدعم ما يُسمى «المجهود الحربي».

مسؤولون يمنيون مجتمعون في عمّان مع السفيرة البريطانية (سبأ)

كما تناول النقاش جهود المجتمعَين الإقليمي والدولي والأمم المتحدة لتحقيق السلام في اليمن، وسُبل تعزيز التعاون في الجوانب المالية والاقتصادية، وما تقدمه بريطانيا وواشنطن من دعم فني في مجالات بناء القدرات لتعزيز جهود وزارة المالية والمصالح التابعة لها.

واستعرض الوزير اليمني التحديات الكبيرة التي تواجه المالية العامة في بلاده، وجهود الحكومة في سبيل تنفيذ الإصلاحات الشاملة ومحاربة الفساد المالي والإداري، وتحقيق استقرار وتحسن الاقتصاد الوطني، بما يساهم في تمكين الحكومة من مواجهة التحديات والإيفاء بالتزاماتها الحتمية.

وأشار وزير المالية اليمني إلى انعكاسات التطورات الاقتصادية والمالية بشكل سلبي على الأوضاع في مختلف قطاعات ومجالات الحياة ومعيشة مواطنيه، وجهود الحكومة وخياراتها للتعامل مع الظروف الصعبة الراهنة، وبمقدمها الحرص على تعزيز موارد الدولة، وخصوصاً الموارد غير النفطية في المحافظات المحررة، والجهود الحكومية لتنفيذ حزمة الإصلاحات الشاملة ومحاربة الفساد.

وأكد بن بريك، أهمية مواصلة المانحين تقديم الدعم للإسهام بإسناد جهود الحكومة في مواجهة الظروف الصعبة للحرب الحوثية التي ألقت بظلالها السلبية القاتمة على مجمل الأوضاع اليمنية، مشيداً بالدعم الإقليمي والدولي، وخصوصاً من السعودية والإمارات.

تحديات نقدية

أفاد الإعلام الرسمي اليمني بأن نقاش الجانب الحكومي مع خبراء صندوق النقد الدولي برئاسة جويس وونغ، تناول مجمل الأوضاع والتحديات في القطاعات الاقتصادية والمالية والنقدية في ظل استمرار حرب الحوثيين المدعومين من إيران.

وطبقاً لوكالة «سبأ»، ناقشت الاجتماعات على مدى خمسة أيام، بمشاركة ممثلين عن وزارتَي المالية والنفط والمعادن، والبنك المركزي، والبنك الدولي وخبراء اقتصاديين، حزمة من القضايا المرتبطة بتفاقم الأوضاع العامة والخدمية والمعيشية للمواطنين بسبب مواصلة الحوثيين تصعيد حربهم الاقتصادية، وكذا التصعيد الحوثي في البحر الأحمر وخليج عدن.

مسؤولون يمنيون ناقشوا مع صندوق النقد الدولي التحديات الاقتصادية بسبب تصعيد الحوثيين (سبأ)

وشملت النقاشات - بحسب الوكالة - السياسات الحكومية اليمنية في الجوانب المالية والنقدية، ومستوى سير تنفيذ الإصلاحات في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية بدعم من شركاء الحكومة اليمنية، وجهود الأخيرة في سبيل تعزيز موارد الدولة لتحسين الأوضاع العامة وتخفيف المعاناة الإنسانية، والاحتياج من الدعم المالي والفني لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنهوض بمستوى العمل وبناء القدرات بالقطاعين المالي والنقدي.

وأكدت الاجتماعات اليمنية مع خبراء صندوق النقد الدولي أن توقف صادرات النفط مستمر في التأثير على النشاط الاقتصادي، وتقييد موازنة الحكومة والاحتياطيات الأجنبية، وذكرت أن سبب توقف تصدير النفط الخام الذي يشكّل ما نسبته 65 إلى 70 في المائة من إجمالي الموارد العامة للدولة، منذ نحو عام ونصف العام يعود، إلى إقدام ميليشيا الحوثي على استهداف المنشآت الحيوية لتصدير النفط.

إلى ذلك، أكدت الاجتماعات، أن تحسن الآفاق الاقتصادية مرتبط بالتقدم الإيجابي على صعيد محادثات السلام، واستمرار الالتزام بإجراء الإصلاحات الشاملة، وشددت على ضرورة استقرار القطاع المالي والالتزام بمعايير الدولة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكذا تواصل التمويل الخارجي من أجل الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وتمويل الاحتياجات الإنسانية، واستقرار الأسعار، ودعم عملية الإصلاح.

وأشارت الاجتماعات اليمنية مع صندوق النقد الدولي إلى صعوبة الوضع الإنساني، خصوصاً وأن نحو 17 مليون يمني يواجهون حالة انعدام الأمن الغذائي.


تقرير أممي: 30 % من مخيمات النازحين اليمنيين عُرضة للسيول

منذ سنوات تتكرر معاناة النازحين في اليمن جراء الفيضانات (إعلام حكومي)
منذ سنوات تتكرر معاناة النازحين في اليمن جراء الفيضانات (إعلام حكومي)
TT

تقرير أممي: 30 % من مخيمات النازحين اليمنيين عُرضة للسيول

منذ سنوات تتكرر معاناة النازحين في اليمن جراء الفيضانات (إعلام حكومي)
منذ سنوات تتكرر معاناة النازحين في اليمن جراء الفيضانات (إعلام حكومي)

في الوقت الذي أكد فيه تقرير أممي أن 30 في المائة من مخيمات النزوح في اليمن معرَّضة لخطر الفيضانات، انتقد مسؤول حكومي أداء المنظمات الإغاثية، وقال إنه من المعيب أن يتم الحديث بعد ثمانية أعوام عن المخاطر التي تواجه هذه المخيمات بدلاً من وضع حلول ومعالجات. ورأى في ذلك دليلاً على فشل الأداء الإغاثي.

وعبَّر نجيب السعدي رئيس الوحدة الحكومية لإدارة مخيمات النازحين في اليمن عن أسفه جراء مخاطر السيول والأمطار التي تهدد مخيمات النازحين، مع إن كان من المفترض أن يكون قد تم إيجاد حلول وبدائل فعَّالة وتمَّت معالجة المشكلة من جذرها خلال السنوات السابقة.

مسؤول يمني ينتقد أداء المنظمات الإغاثية في بلاده (إعلام حكومي)

ورأى السعدي في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن ذلك يمكن عدّه أحد الإخفاقات للمنظمات الدولية التي تقود العمل الإنساني، وأعاد المطالبة بالتفكير في حلول جذرية لهذه المشكلة وللنزوح بشكل عام، ومن ضمن ذلك التحول نحو الحلول الدائمة.

وقال إن هذا التوجه تم البدء به خلال العام الحالي، متمنياً أن يتم تلافي الأخطاء السابقة التي تسببت في تفاقم الأزمة الإنسانية.

وحسب المسؤول عن مخيمات النزوح في اليمن فإن أخطاء المنظمات تكمن في أنها تعمل بدلاً عن الدولة، وطالب بأن تقود مؤسسات الدولة العمل لمعالجة النزوح والمشكلات المرتبطة به، ويبدأ ذلك من تقديم الدعم الفني وبناء القدرات للجهات الحكومية لتصبح قادرة على أداء دورها في معالجة الأزمة الإنسانية.

وشدد السعدي على وجوب أن تقود مؤسسة الدولة العملية الإنسانية في جميع مراحلها من التخطيط وتحديد الأولويات والتنفيذ وتقييم التدخلات. وقال إنه من دون ذلك ستستمر الأزمة الإنسانية في التفاقم، كما في خطر السيول على المخيمات.

وبيَّن المسؤول اليمني أنه حتى لا تصبح البلاد ثقباً أسود يلتهم كل المساعدات الإنسانية، فإنه يدعو المجتمع الدولي لمساعدة المؤسسات الحكومية لتؤدي دورها وأن يكون دور المنظمات هو مساعدة الحكومة على ذلك وفق الأولويات التي تحددها. كما دعا إلى ضرورة تقديم مزيد من التمويلات كون نسبة التمويل انخفضت بشكل كبير خلال هذا العام.

السيول في اليمن تتسبب موسمياً في أضرار مادية وبيئية (إ.ب.أ)

وأعاد السعدي التذكير بأن كثيراً من المخيمات أنشأها النازحون بأنفسهم بشكل عشوائي، خصوصاً ما قبل 2019، ولهذا أُقيمت على مجاري السيول، وذلك أصبح تحدياً كبيراً يتطلب البحث عن مناطق بديلة، لكنَّ ذلك يواجه انعدام التمويل لنقل المخيمات إلى جانب رفض النازحين الانتقال إلى مكان آخر لارتباطهم بمصالح مثل مكان العمل وكسب العيش.

ويشير المسؤول اليمني إلى جانب آخر، وهو أن معظم المخيمات لها بين ثماني وخمس سنوات منذ إقامتها، وأصبحت مهترئة وغير قادرة على مقاومة أي أمطار، وهذا ما ضاعف من الكارثة.

مخاطر عالية

كانت مجموعة إدارة وتنسيق المخيمات ومنظمة الهجرة الدولية ومبادرة «ريتش» ذكرت في تقرير مشترك عن مخاطر الفيضانات على مواقع النازحين في اليمن أن 672 موقعاً تستضيف ما مجموعة 747.143 ألف نازح في 17 محافظة ذات درجة «حرجة» أو «عالية» في التعرض لخطر الفيضانات خلال العام الجاري 2024.

ووفق ما أورده التقرير فإن 20 موقعاً تضم 11.778 ألف نازح صُنفت في مستوى «مخاطر حرجة»، و652 موقعاً يقيم فيها 735.365 ألف نازح تقع في مستوى «مخاطر عالية» لتأثيرات الفيضانات المدمّرة، فيما أن 318 موقعاً ذات مخاطر متوسطة، و840 موقعاً ذات خطر منخفض، بينما 455 موقعاً آخر لا تتوافر أي معلومات أو بيانات عنها.

وأكد التقرير أن مواقع النازحين المعرَّضة لمخاطر عالية للفيضانات خلال هذا العام تمثل نسبة 30 في المائة من إجمالي مواقع النزوح البالغ عددها 2285 موقعاً، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 5 في المائة مقارنةً بالعام الماضي، الذي كانت فيه نسبة المواقع المعرَّضة لخطر الفيضانات لا تزيد على 25 في المائة.

النازحون اليمنيون بنوا مخيماتهم بعد أن فروا من قمع الحوثيين (إعلام حكومي)

وحسب نتائج التقرير، فقد تصدرت محافظة شبوة قائمة 17 محافظة في عدد المواقع التي تواجه مخاطر عالية من الفيضانات، وبنسبة 82 في المائة من إجمالي المواقع الموجودة فيها، تليها محافظة إب (62 في المائة)، ثم الضالع (53 في المائة)، وذمار (47 في المائة)، وتعز (38 في المائة)، وأبين (36 في المائة)، ومأرب (34 في المائة)، وصنعاء وحضرموت (32 في المائة في كل منهما)، ولحج (31 في المائة)، وحجة (27 في المائة)، والحديدة (26 في المائة)، والجوف وصعدة (23 في المائة في كل منهما)، والبيضاء (22 في المائة)، وعمران (15 في المائة)، فيما كانت عدن أقل المحافظات خطراً على النازحين بنسبة 10 في المائة.

وطالب التقرير بإجراء مزيد من التحليل للمواقع المصنَّفة «حرجة» أو «عالية» لتحديد الأولويات للأنشطة المطلوبة والاستعدادات لمواجهة الفيضانات والإجراءات الاستباقية اللازمة لذلك، بسبب القيود على التمويل في هذا العام، مع توفير الإغاثة قصيرة المدى حالة الاستجابة للفيضانات الكبرى المفاجئة وغير المتوقَّعة.


ضربات غربية في الحديدة... والحوثيون تبنّوا هجمات ضد 107 سفن

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

ضربات غربية في الحديدة... والحوثيون تبنّوا هجمات ضد 107 سفن

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

خلال الشهر السادس من الهجمات الحوثية البحرية والضربات الغربية الدفاعية والاستباقية للحد من الهجمات، أقرّت الجماعة بتلقي خمس غارات في مطار الحديدة جنوب المدينة، الخميس، في حين تبنى زعيمها عبد الملك الحوثي مهاجمة 107 سفن منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشنّ هجماتها نصرةً للفلسطينيين في غزة، عبر منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة إيران في المنطقة وتسعى للهروب من استحقاقات السلام.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر جراء هجوم حوثي (رويترز)

إعلام الحوثيين أقرّ بخمس غارات قال إنها استهدفت مطار الحديدة وهو مطار خارج عن الخدمة، من دون إيراد تفاصيل حول نتائج الضربات التي وصفها بأنها «أميركية وبريطانية».

ولم يتبنّ الجيش الأميركي الغارات فوراً، لكنه أفاد بتدمير زورق حوثي مسيّر، وهي الضربة التي اعترفت الجماعة الحوثية بحدوثها في منطقة «رأس عيسى» شمال الحديدة على البحر الأحمر.

ومع حديث الجماعة عن تحليق مكثف للطيران الحربي والاستطلاعي في أجواء محافظة الحديدة التي تتخذها منطلقاً لشنّ الهجمات في البحر الأحمر، تبنى زعيمها عبد الملك الحوثي مهاجمة 107 سفن في أحدث خطبة له الخميس.

وزعم الحوثي في خطبته التي بثتها قناة «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة بأن هناك 10 قطع بحرية حربية أميركية وأوروبية انسحبت من البحر الأحمر في ظل «الشعور باليأس والإخفاق» في منع عمليات جماعته أو الحد منها على حد وصفه.

وتبنى زعيم الجماعة إطلاق 111 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، و606 صواريخ باليستية، ومجنحة وطائرات مسيّرة ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي. كما ادعى تنفيذ ثماني عمليات خلال أسبوع واحد ضد السفن، استخدمت خلالها 33 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة.

طائرة من دون طيار أطلقها الحوثيون من مكان غير معروف لمهاجمة السفن (رويترز)

وتقول الحكومة اليمنية إن الحل ليس في الضربات الغربية لوقف هجمات الحوثيين، ولكن في دعم قواتها المسلحة لاستعادة الأراضي كافة من قبضة الجماعة، بما فيها الحديدة وموانئها.

ومنذ بدء التصعيد الحوثي تعرضت 107 سفن للهجمات وأصيب 17 منها بأضرار، وغرقت إحداها، وفي مقابل ذلك أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من عناصرها خلال الضربات الغربية التي تقودها أميركا.

مصالح 55 دولة

أثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر، ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس». وفي مقابل ذلك، أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من مسلحيها جراء الضربات الأميركية والبريطانية.

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس».

ونفذت الولايات المتحدة منذ تدخلها عسكرياً، أكثر 400 غارة على الأرض ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

وتسبب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في مأرب قرب خطوط التماس مع الحوثيين (سبأ)

وفي أحدث تصريحات رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، التي أطلقها من مدينة مأرب هاجم الجماعة وتوعد بفرض السلام، كما ظهر على خطوط التماس في إحدى الجبهات المحيطة بالمدينة.

وشدّد رئيس مجلس الحكم اليمني على مضاعفة الجهود لتطوير القطاعات العسكرية كافة، وقال: «إن الميليشيا الحوثية أثبتت أنها ليست شريكاً جاداً لصنع السلام، وإنما تتخذ من الحديث عن السلام نوعاً من الخداع والتحضير لحروب جديدة؛ وهو ما يحتم العمل بكل جهد واستعداد لفرض السلام المنشود».

وخلال اجتماع آخر مع قيادة السلطة المحلية في مأرب خاطب العليمي الحاضرين بالقول: «نؤكد لكم أننا سننطلق من هنا ومن كل المحافظات لتحرير المناطق التي ما زالت تحت سيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وسيتحقق النصر من خلال القوات المسلحة بتشكيلاتها كافة، والمقاومة الشعبية المساندة لها».


القاهرة وأنقرة تتطلعان إلى تعزيز التعاون العسكري

محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)
محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)
TT

القاهرة وأنقرة تتطلعان إلى تعزيز التعاون العسكري

محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)
محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)

تتطلع مصر وتركيا إلى زيادة أوجه التعاون العسكري بين البلدين خلال المرحلة المقبلة؛ وهو ما عدّه مصدر مصري «خطوة على طريق استعادة العلاقات وتطبيعها» بين البلدين، بعد سنوات من القطيعة.

وأنهى الفريق أسامة عسكر، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، زيارة رسمية إلى أنقرة، استمرت أياماً عدة، بدعوة من الجنرال متين غوراق، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية.

ووفق بيان للمتحدث العسكري المصري، الخميس، عقد الفريق عسكر جلسة مباحثات موسّعة مع رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية تناولت «علاقات التعاون العسكرية والأزمات الإقليمية والدولية المؤثرة على الأمن القومي لكلا البلدين، وتوافق الرؤى ووجهات النظر تجاهها»، وأكد الجانبان «تطلعهما إلى زيادة أوجه التعاون العسكري بين البلدين في الكثير من المجالات خلال المرحلة المقبلة».

التقى رئيس الأركان المصري، خلال الزيارة، يشار غولر، وزير الدفاع التركي، ونقل البيان المصري عن الوزير التركي «إشادته بتوافق الرؤى بين البلدين فيما يتعلق بتطوير التعاون العسكري المصري - التركي، وثمّن الدور المصري المؤثر والفاعل بمنطقة الشرق الأوسط». كما التقى رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية، واستمع إلى عرض تقديمي لمجموعة من الشركات المتخصصة في الصناعات الدفاعية، وقام بجولة تفقدية شملت عدداً من الشركات، منها شركة «بايكار» للطائرات، وكذا زيارة مقرّ القوات الخاصة التابعة للقوات المسلحة التركية.

وأنهت مصر وتركيا التوتر الدبلوماسي، بسبب دعم أنقرة تنظيم «الإخوان» المحظور في مصر، عقب ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، بشكل كامل في الأشهر الأخيرة، في حين صدرت تصريحات إيجابية مشتركة حول ملفات عدة كانت مثار خلاف بين البلدين.

وتعد زيارة رئيس الأركان المصري، التي بدأت الاثنين الماضي، أرفع زيارة لمسؤول عسكري مصري إلى تركيا منذ ما يزيد على عقد.

وبينما تحدثت تقارير إعلامية عن تحركات لتعزيز مسارات التعاون العسكري بين القاهرة وأنقرة. قال مصدر مصري لـ«الشرق الأوسط»: «إن التعاون العسكري بين البلدين ليس نقلة استراتيجية كبيرة، وإنما مجرد خطوة على طريق استعادة العلاقات وتطبيعها».

وفي فبراير (شباط) الماضي، أعلن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الموافقة على «تزويد مصر بالطائرات التركية المسيّرة التي تحظى بشعبية متزايدة»، مؤكداً «ضرورة أن ترتبط بلاده بعلاقات جدية مع مصر من أجل الأمن في البحر الأبيض المتوسط».

وتستبق المباحثاتُ العسكرية الأخيرة، زيارةً مرتقبةً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا، الشهر الحالي، وفق مصادر تركية؛ تلبيةً لدعوة الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي زار مصر في فبراير الماضي.

وكانت من بين الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال زيارة الرئيس التركي لمصر إعادة تشكيل اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين بعد توقف دام لنحو 11 عاماً.


ارتفاع البطالة في اليمن إلى 3 أضعاف ما قبل الانقلاب

عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)
عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

ارتفاع البطالة في اليمن إلى 3 أضعاف ما قبل الانقلاب

عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)
عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)

يتجمع مئات من العمال عند تقاطعات شوارع في صنعاء صباح كل يوم تقريباً، أملاً في الحصول على ساعات من العمل تمكّنهم من تغطية احتياجاتهم لعدة أيام إلى حين الحصول على فرصة عمل أخرى؛ إذ فقد مئات الآلاف أعمالهم وارتفعت البطالة إلى ثلاثة أضعاف ما قبل الانقلاب الحوثي أواخر 2014.

يقول عبد الله ناجي، وهو عامل بالأجر اليومي، إنه وغيره يدورون على تقاطعات الشوارع كل يوم على أمل الحصول على فرصة عمل، لكنهم في الغالب لا يجدون.

الجبايات الحوثية تلاحق أصحاب كل المهن بمن فيهم الحرفيون (إعلام محلي)

«الناس تبحث عن لقمة العيش، ومجموعة بسيطة من المشرفين الحوثيين هم من يبنون عمارات شاهقة»، يذكر عبد الله ناجي أنه يجد فرصة عمل ليوم واحد ويظل ثلاثة أيام أخرى ينتظر فرصة مماثلة، وينفق ما كسبه في ذلك اليوم على متطلبات معيشته.

ومع انقضاء تسعة أعوام على الحرب التي فجرها الحوثيون، يتذكر العمال في اليمن المأساة التي يعيشونها جراء تلك المغامرة، حيث إن مئات الآلاف من الموظفين دون مرتبات، فيما فقد العاملون في القطاع الخاص وعمال اليومية مصادر أرزاقهم بسبب إيقاف كل المشاريع والتدمير الذي تعرض له القطاع التجاري.

وبحسب أحمد يحيى، وهو موظف حكومي في مناطق سيطرة الحوثيين، فإنه وغيره من العمال والموظفين لم يهتموا بعيد العمال لأنهم يعملون دون رواتب ويُهدَّدون من الحوثيين بالفصل من وظائفهم إذا انقطعوا عن العمل. وذكر لـ«الشرق الأوسط» أنه يعمل في إحدى ورش الزجاج في فترة المساء لتوفير الاحتياجات أسرته المكونة من خمسة أشخاص.

غير أن ناصر محمود، وهو عامل في أحد المطاعم، يرد ساخراً عند سؤاله عما يمثله عيد العمال له، ويقول إنه وزملاءه يعملون كل يوم حتى في هذا اليوم، ولا يعرفون شيئاً عن هذا العيد إلا في وسائل الإعلام، ويرى أنهم في وضع أفضل من الموظف الحكومي؛ لأنهم يحصلون على راتب نهاية كل شهر إلى جانب وجبات الطعام المجانية.

تقلص الفرص

بينت مصادر في الغرفة التجارية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن البطالة تضاعفت ثلاث مرات عما كانت عليه قبل الحرب خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، وأكدت أن مضاعفة الجماعة الجبايات على التجار والباعة اضطر الكثيرين إلى خفض عدد العمال، كما خفض الكثيرون منهم مبالغ المساعدات التي كانت توزع على الأسر الفقيرة؛ لأن عائداتهم أصبحت متدنية جداً، وبعضهم أعلن إفلاسه.

وذكرت المصادر أن قرار الحوثيين السيطرة على أرباح البنوك التجارية والديون المحلية بحجة مكافحة الربا ومنع الأنشطة المصرفية أدى إلى إصابة القطاع المصرفي بالشلل، وتوقف أي أنشطة للقطاع التجاري الذي كان يحصل على تسهيلات بنكية يعكسها في مشاريع تستوعب جزءاً كبيراً من العمالة، وتوفر أيضاً أرباحاً للمودعين.

ملايين اليمنيين يفتقدون للخدمات ويعيشون تحت طائلة الفقر ونقص الغذاء (إ.ب.أ)

هذه الأوضاع تأتي متزامنة مع تأكيد تقارير رسمية حديثة وأخرى تابعة للأمم المتحدة، أن الأزمة الاقتصادية الخانقة الناتجة عن الحرب، تسببت في ارتفاع معدل التضخم إلى نحو 40 في المائة، وارتفاع نسبة البطالة إلى 35 في المائة من 14 في المائة قبل الحرب.

كما توضح هذه البيانات أن الفقر ازداد إلى نحو 78 في المائة ليجد الشبان الذين يشكلون 70 في المائة من إجمالي السكان، البالغ عددهم 32.6 مليون، أنفسهم أمام طريق مسدود.

أرقام مأساوية

بحسب بيانات وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، فإن نسبة الفقر في البلاد، ارتفعت إلى 80 في المائة، كما انكمش الاقتصاد بنسبة 50 في المائة، في ظل الصراع الذي يشهده اليمن منذ 9 سنوات.

وتشير البيانات إلى أن اليمن يواجه أزمة متفاقمة في مختلف المجالات، حيث وصلت نسبة انعدام الأمن الغذائي إلى 60 في المائة بين السكان، وهناك 80 في المائة يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، فضلاً عن نزوح نحو 4.3 مليون إنسان، وهؤلاء يفتقرون إلى الخدمات الأساسية.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن المديونية الخارجية ارتفعت، وانكمش الاقتصاد بأكثر من 50 في المائة من الناتج المحلي، وتراجعت الإيرادات العامة، كما ارتفعت نسبة الفقر إلى نحو 80 في المائة.

وزاد من تفاقم الوضع المالي للحكومة استهداف الحوثيين موانئ تصدير النفط بالطيران المسير، ما أدى إلى تضرر الموانئ وتوقف تصدير النفط الذي يمثل ما نسبته 65 في المائة من الإيرادات العامة.