قصف للتحالف على مواقع في البيضاء يسفر عن مقتل الرجل الثاني للحوثيين

محافظ الضالع لـ «الشرق الأوسط»: 11 ألف مقاتل لتحرير دمت وجبن.. والميليشيات تفجر 20 منزلاً خلال 3 أيام

الجنود الموالون للشرعية خلال دورية لهم في مأرب (غيتي) - فضل محمد الجعدي
الجنود الموالون للشرعية خلال دورية لهم في مأرب (غيتي) - فضل محمد الجعدي
TT

قصف للتحالف على مواقع في البيضاء يسفر عن مقتل الرجل الثاني للحوثيين

الجنود الموالون للشرعية خلال دورية لهم في مأرب (غيتي) - فضل محمد الجعدي
الجنود الموالون للشرعية خلال دورية لهم في مأرب (غيتي) - فضل محمد الجعدي

أكدت مصادر في المقاومة الشعبية في محافظة البيضاء لـ«الشرق الأوسط» أمس أن القائد الحوثي الثاني للميليشيات المسلحة في البيضاء والذي يدعى علي أحمد العشة (أبو زيد) قتل إلى جانب نحو سبعة مسلحين كانوا على متن طقمين متجهين إلى جبهة في ذي ناعم، وفي الطريق الواقع في منطقة الحيكل تعرضوا لكمين نصبته لهم المقاومة أول من أمس السبت، ما أدى إلى مقتل ثمانية بينهم القائد الميداني، علاوة لجرح آخرين.
وأضافت أن رجال المقاومة وبمجرد وصول الطقمين إلى مكان الكمين وجهوا لهما نيرانا كثيفة، وأوضحت أن العشة يُصنف بأنه الرجل الثاني للحوثيين وكان يدير الأمن إبان سيطرة الجماعة على المحافظة أوائل العام المنصرم.
وبعد تعيين ما يُسمى اللجنة الثورية مديرًا جديدًا لأمن المحافظة قاد العشة الحوثيين في مكيراس الواقعة بين البيضاء وأبين الجنوبية، وبعد مقتل قائد الحوثيين في مديرية ذي ناعم المدعو «أبو أحمد»، حل العشة في محله بالإضافة إلى مهامه كالقائد الثاني لمسلحي الجماعة في محافظة البيضاء.
وفي سياق متصل قتل أمس قيادي حوثي ومسلحون آخرون في مدينة رداع جنوبي شرق ذمار، إثر غارة جوية نفذتها مقاتلات التحالف.
وقالت مصادر محلية في محافظة البيضاء المتاخمة لمدينتي دمت وجبن بمحافظة الضالع، لـ«الشرق الأوسط» إن مقاتلات التحالف أغارت على عدة مواقع تابعة لميليشيات الحوثي وقوات الرئيس المخلوع في جبل رابضة بمنطقة قيفة المجاورة لمدينة رداع.
وأضافت أن الغارة أسفرت عن سقوط العشرات من القتلى والجرحى، من بينهم القيادي صدام أحمد كديمه والمكنى بـ«أبي طه العنسي»، والذي يعد من القيادات الميدانية البارزة في المعارك الجارية في محافظة البيضاء.
وكان طيران التحالف شن مساء أول من أمس غارة مماثلة على مواقع لمسلحي جماعة الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع في مدينة البيضاء عاصمة المحافظة البيضاء وسط اليمن.
وقال سكان محليون إن الغارة الأولى استهدفت تجمعا للحوثيين في المجمع الحكومي بمبنى لجنة الانتخابات، فيما استهدفت الغارة الثانية معسكر قوات الأمن الخاصة «الأمن المركزي المنحل».
وأشارت إلى أن غارة ثالثة شنتها طائرات التحالف على جبل العريف بمديرية الطفة، تسببت بوقوع قتلى وجرحى بين مسلحي الحوثيين المرابطين في المكان الذي استهدفه الطيران.
وبمقتل القيادي علي أحمد العشة «أبو زيد» ومن ثم القيادي صدام أحمد كديمه «أبو طه العنسي»، تكون الميليشيات وقوات الرئيس المخلوع فقدت قياديين ميدانيين بارزين وفي ظرفية لا تتعدى اليومين.
إلى ذلك قصفت الميليشيات المتمركزة في أعلى جبال ثرة الواقعة بمدينة مكيراس المحاذية لمحافظة البيضاء شرقي محافظة أبين، أول من أمس قرى مديرية لودر.
وقال سكان محليون في مديرية لودر مسقط رأس الرئيس اليمني هادي لـ«الشرق الأوسط» إن صواريخ الكاتيوشا سقطت في قرى زارة والحصن، وأوقعت جرحى بين المدنيين في القريتين اللتين طالهما قصف مدفعية الميليشيات بينهم طفلة، مشيرة إلى أن المقاومة في المنطقة ردت بالمقابل بقصف مماثل على مواقع الميليشيات الواقعة في الجبال مستخدمة قذائف مدفعية الهاون.

من جهة ثانية قال محافظ الضالع فضل محمد الجعدي، إن مدينة دمت شمال شرقي الضالع سيتم تحريرها بعيد استيفاء كافة التحضيرات العسكرية الجارية والتي يعول عليها استعادة المدينة إلى أحضان السلطة الشرعية.
وأوضح المحافظ في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الترتيبات قائمة لعملية التحرير التي تشارك فيها قوة عسكرية مكونة من نحو 11 ألفا من رجال المقاومة وضباط وجنود الجيش الوطني. لافتا في الوقت ذاته أن مدينة دمت ستمثل منطلقا لقوات الجيش والمقاومة لتحرير بقية المحافظات الشمالية المتاخمة لمحافظة الضالع مثل إب والبيضاء شمال وشرق الضالع على التوالي.
وأشار إلى أن ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع باتت في الحاضر في وضعية حرجة، منوها إلى أن لجوءها مؤخرا إلى تفجير نحو 13 منزلا في مديرية دمت بينها منازل قادة مقاومة تؤكد أن الميليشيات الانقلابية استنفدت كافة أدواتها العسكرية والأخلاقية فلم يبق لديها غير تفجير المساكن وتشريد الأطفال والنساء والشيوخ، وهذه الأفعال عادة لا يلجأ لها سوى العصابات الإجرامية والهمجية.
وأضاف أن المقاومة بكل إمكانياتها وبدعم من قوات الجيش الوطني ستعمل على استعادة مدينتي دمت شمالا وجبن شرقا، مثمنا دور المقاومة الوطنية في منطقة مريس والتي مثلت دعما ومنطلقا لعمليات الثلاثة أشهر الماضية، مؤكدا أن مريس أيضا ما زالت مددا للمقاومة بالرجال والسلاح وهو ما جعلها عرضة لعدوان الميليشيات المسلحة وأعوانها من دعاة الخراب والدمار والموت.
وقال الجعدي إن الحرب التي شنها الحوثيون على محافظة الضالع خلفت نحو 400 قتيل وثلاثة آلاف جريح، إضافة إلى تدمير 24 مدرسة تدميرًا نهائيًا وجزئيًا، كما دمرت أربعة مساجد و100 منزل تدميرًا كليًا و400 منزل تدميرًا جزئيًا، كاشفا عن أن محافظة الضالع ما زال سكانها البالغ سكانها نحو 600 ألف نسمة بلا كهرباء وفي ظلام دامس منذ نهاية مارس (آذار) الفارط وحتى اللحظة التي تقوم به الفرق الهندسية بإصلاح وترميم أبراج وتوصيلات ومولدات التي دمرتها آلة الحرب.
وفي السياق ذاته، واصلت ميليشيات الحوثي والمخلوع في تفجيرها لمنازل قادة في المقاومة الشعبية وناشطين حقوقيين وسياسيين في مديرية دمت شمال شرقي محافظة الضالع.
وقال الناشط الحقوقي، منسق منظمة «وثاق» للحقوق والحريات، أحمد الضحياني لـ«الشرق الأوسط» إن ميليشيات الحوثي وصالح واصلت مسيرتها التفجيرية الانتقامية من أبناء مديرية دمت.
وكشف عن قيام ميليشيات الحوثي والمخلوع بتفجير منازل إضافية إلى ما أقدمت عليه خلال الأيام الماضية، إذ فجرت الجمعة منزل عضو اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان الناشط الحقوقي المحامي عبد الرحمن برمان في منطقة غور لهب بالرياشية في مديرية دمت، وكذا منزل أحمد بن أحمد حيدرة في دمت القديمة عصر الجمعة الماضي، علاوة لقيام الميليشيات باختطافه من أحد المستشفيات بدمت حيث يتلقى العلاج متأثرا من إصابته في أحد المعارك.
وذكر الضحياني أسماء 12 شخصا طال منازلهم التفجير، فضلا عن 7 مساكن مجاورة تعرضت لإضرار مختلفة بفعل التفجيرات التي استخدم فيها كميات شديدة الانفجار، مشيرا إلى أن أسماء القادة والناشطين الذين تعرضت منازلهم للتفجير، هم العقيد نصر الربية قائد المقاومة محور مريس دمت جبن، العقيد عبد الله علي القاضي بقرية خاب، والقيادي بالمقاومة الشيخ فتح القاضي، والمحامي عبد الرحمن برمان، والشهيد صالح قايد الصيادي أبو ملهم، والنشطاء هيثم قايد الصيادي، جمال برمان، أحمد حيدرة، محمد مسعد الحلك بقرية دمت القديمة، ومسعد العمري، أحمد مسعد الغزي. فيما المنازل المتضررة من هذه التفجيرات هي للنشطاء والمقاومين مانع القعر «الذي تعرض منزله لتدمير شبه كامل»، ومنازل كل من محسن الربية، وعبد الباري القعر، ومحسن محمد القعر، محمد أحمد الطيري، أحمد علي القرش، يحيى أحمد الطيري.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.