مصادر لـ {الشرق الأوسط}: زعامات قبلية تعرض التخلي عن المتمردين

قوات مشتركة تتوغل قرب صنعاء.. ونفي وجود مفاوضات لتسلمها دون قتال

ممثل اليونيسيف جوليان هارنيس خلال مؤتمر صحافي له في صنعاء (أ.ف.ب)
ممثل اليونيسيف جوليان هارنيس خلال مؤتمر صحافي له في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

مصادر لـ {الشرق الأوسط}: زعامات قبلية تعرض التخلي عن المتمردين

ممثل اليونيسيف جوليان هارنيس خلال مؤتمر صحافي له في صنعاء (أ.ف.ب)
ممثل اليونيسيف جوليان هارنيس خلال مؤتمر صحافي له في صنعاء (أ.ف.ب)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تغييرات كبيرة جرت على خطة تطهير المناطق المتاخمة بالعاصمة صنعاء، وسعي قبائل ووجاهات تحيط بالعاصمة إلى الانضمام إلى صفوف الشرعية. إذ تشهد مناطق شمال وشرق اليمن عمليات عسكرية موسعة وتحركات للقيادات المحلية الموالية للشرعية باتجاه تطهير ما تبقى من تلك المناطق من الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، وتظهر هذه التحركات تفكيكا لجبهات المتمردين الحوثيين في مأرب ومحافظة صنعاء، وتشير إلى تطورات كبيرة في سير المعارك بتلك المناطق.
وتجري معارك عنيفة في الجدعان وصرواح في محافظة مأرب، وسط تقدم كبير لقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية. وقال الشيخ أحمد الباشا بن زبع، عضو المجلس المحلي (البلدي) لمحافظة مأرب، أحد قادة المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات تمنى، يوميا، بخسائر فادحة وإن التقدم كبير في على مختلف الجبهات، مشيرا إلى الترابط الكبير بين جبهات القتال في مأرب وفي محافظة صنعاء المجاورة. وأرجع بن زبع البطء في التقدم إلى حرص الجيش الوطني والمقاومة على حياة وسلامة المواطنين الأبرياء. وقال: «لولا حرصنا الشديد على المدنيين، لكنا قد طهرنا هذه المناطق بشكل كامل، لكننا نسير وفق خطة تعمل على تجنيب المدنيين أي أضرار مادية أو بشرية».
وكشف الباشا عن توغل قوات من التحالف وقوات الجيش الوطني والمقاومة إلى مناطق في عمق محافظة صنعاء وبالقرب من العاصمة، وتحفظ عن ذكر تفاصيل عملية التوغل والهدف منها، وذلك حرصا على نجاح العمليات العسكرية وأن تمضي بشكل غير معلن، مؤكدا أن وجود الميليشيات الحوثية في بعض مناطق مأرب وفي مديرية نهم بمحافظة صنعاء والطرق التي تربط مأرب - الجوف بصنعاء، بات محدودا «بعد أن تعرضوا لضربات قوية على يد المقاومة ومن قبل طيران التحالف».
وأشار بن زبع، وهو أحد كبار مشايخ الجدعان بمأرب، إلى تعاون كبير تقدمه القبائل في شمال البلاد مع المقاومة وقوات التحالف، وإلى أن أي تقصير من قبل بعض القبائل يرجع إلى حسابات خاصة، وإلى أن «بعض التقصير يرتبط بعدم وجود الإمكانيات اللازمة لدى تلك القبائل لمواجهة الميليشيات، غير أننا نقدر تلك الظروف ونعمل على دعمهم بكل الطرق».
من جهته، قال الدكتور شادي خصروف، نائب رئيس مجلس المقاومة في محافظة صنعاء إن ما بين 50 إلى 60 في المائة من مناطق جبل هيلان في مديرية نهم، جرى تطهيرها وطرد الميليشيات الحوثية منها، وإن هجمات المقاومة، المدعومة بطيران التحالف، تتواصل لتطهير بقية المناطق، مشيرا إلى تطهير مناطق جبال وتران كافة وحتى قرية آل عامر (محافظة صنعاء)، وإلى أن اشتباكات عنيفة تجري في المناطق المجاورة.
وذكر خصروف أن الهدف الاستراتيجي للمعارك التي تدور في المناطق والجبال المحيطة بصنعاء، هو الزحف إلى العاصمة وإسقاط الانقلاب الذي قاده الحوثيون والرئيس السابق علي عبد الله صالح على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي. وقال خصروف لـ«الشرق الأوسط»: «في ما يتعلق بهدفنا الاستراتيجي وهو إسقاط الانقلاب وتحرير صنعاء، نؤكد أنه لن تتمكن قوة من الوقوف أمام زحف شعبنا لتحرير عاصمته من رجس قوى التخلف والدم والعنصرية والفساد». وأردف الدكتور خصروف أن «المقاومة تسير بخطى ثابتة وفق خطط مدروسة ومزمنة ومدروسة بعناية»، وأن «معركة تحرير صنعاء تجري، بالفعل، على الأرض منذ دخول المقاومة وقوات الجيش الوطني إلى مديرية نهم، قبل أسابيع».
ونفى نائب رئيس مجلس مقاومة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» الأنباء التي ترددت عن مفاوضات تجري لتسليم العاصمة صنعاء من دون قتال، وقال خصروف إن «هذا الكلام ليس له أساس من الصحة»، وأضاف: «طبعا، نحن نتمنى أن تسلم صنعاء سلميا اليوم قبل الغد، كما نتمنى أن نحقن كل قطرة دم يمنية وأن تكف قوى الانقلاب عن المقامرة والمكابرة والتغرير بالشباب صغار السن والدفع بهم إلى مهالك حروبهم العبثية». وأشار القيادي خصروف أنه «لا توجد أي اتصالات أو مفاوضات رسمية من قبل المقاومة مع قوى الانقلاب، التي ثبت، بالدليل القاطع، أنهم لا يعرفون معنى التفاهم أو الوفاء بالعهود، بدليل أن الزنازين والسجون ما زالت تعج بالآلاف من النشطاء والمعارضين والصحافيين». لكنه أكد وجود اتصالات «فردية مع قبل شخصيات ووجاهات قبلية تريد أن تتخلى عن الانقلابيين تماما والدخول في السلم، وهذا ما نراهن عليه بعد الله توفيق الله وجهود مقاومتنا الباسلة».
على صعيد آخر، تواصل الميليشيات الحوثية تفجير المنازل في مديريتي دمت بمحافظة الضالع، والرياشية في محافظة البيضاء، وقال الناشط محمد العمدة لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات فجرت 24 منزلا في دمت، خلال الاثنين والسبعين ساعة الماضية، مؤكدا اعتقال الميليشيات لعشرات النشطاء الحقوقيين والإعلاميين ورجال الأعمال والتجار في الضالع والبيضاء، ونهب محتويات أكثر من 50 منزلا، في وقت كشفت المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن أن الميليشيات الحوثية ومنذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، قامت بتفجير نحو 420 منزلا في عدد من المحافظات اليمنية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».