ليبيا: «داعش» يحرق خزانات النفط في رأس لانوف مجددًا.. ويحاول استرداد معقله في درنة

بعثة الأمم المتحدة تسعى لهدنة عسكرية تمكن حكومة السراج من الانتقال للداخل

ليبيا: «داعش» يحرق خزانات النفط في رأس لانوف مجددًا.. ويحاول استرداد معقله في درنة
TT

ليبيا: «داعش» يحرق خزانات النفط في رأس لانوف مجددًا.. ويحاول استرداد معقله في درنة

ليبيا: «داعش» يحرق خزانات النفط في رأس لانوف مجددًا.. ويحاول استرداد معقله في درنة

أقدم تنظيم داعش الليبي، أمس، على حرق خزانات النفط في منطقة رأس لانوف مهددًا بكارثة بيئية، بالتزامن مع محاولته استرداد معقله المفقود في مدينة درنة شرق البلاد، بينما تسعى بعثة الأمم المتحدة لإقناع الفريق خليفة حفتر قائد الجيش الموالي للسلطات الشرعية بإبرام هدنة لوقف إطلاق النار في المعارك شبه اليومية، التي يخوضها الجيش الليبي ضد الجماعات المتطرفة منذ نحو عامين.
وتحدث سكان في مدينة رأس لانوف عن خطف 15 شخصًا، على أيدي عناصر «داعش» التي دخلت إلى المدينة السكنية، وأثارت الرعب في البيوت، قبل أن تقصف أنابيب الغاز بشركة البريقة وتشعل النار بخزانات النفط التابعة لشركة الهروج. ويصل إنتاج ليبيا من الخام حاليًا إلى 362 ألف برميل يوميًا، وهو يقل عن ربع ذروة مستواه في 2011 البالغ 1.6 مليون برميل يوميًا، علما بأن الإنتاج ظل مستقرًا نسبيًا في الأسابيع الأخيرة رغم هجمات مقاتلي تنظيم داعش على منشآت نفطية.
ودان الممثل الخاص للأمم المتحدة في ليبيا مارتن كوبلر الهجوم الإرهابي في رأس لانوف. وقال: «مرة أخرى مصادر رزق الليبيين تتعرض لهجوم إرهابي مدان في رأس لنوف»، معتبرًا أن «وتيرة العملية السياسية يحب أن تتماشى مع التطورات العسكرية على الأرض».
من جهته، قال مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا إن هجومًا يشتبه في أن وراءه تنظيم داعش تسبب في اندلاع حرائق في أربعة خزانات نفط في ميناء رأس لانوف المغلق منذ ديسمبر (كانون الأول) 2014.
ولفت إلى أن الميناء سيبقى مغلقًا لفترة طويلة بسبب الأضرار الناجمة عن هذا الهجوم وهجمات سابقة، مشيرًا إلى أن نحو مليون برميل نفط فقدت بسبب الحرائق الناجمة عن القتال قرب رأس لانوف في وقت سابق هذا الشهر.
واتهمت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، إبراهيم الجضران رئيس جهاز حرس المنشآت النفطية فرع الوسطى بالتورط في منعها من تجنب هذه الكارثة بعدما حال دون إتمام عملية تفريغ كانت تعتزم القيام بها.
وقالت المؤسسة في بيان لها إنها حاولت خلال الأسبوعين الماضيين تجنب هذه الكارثة أو التقليل من أخطارها بالقيام بعملية تفريغ للخزانات من النفط الخام وشحنها إلى مواقع بديلة أكثر أمنًا أو تصديرها، حيث قامت بإحضار نواقل إلى قبالة ميناء رأس لانوف، لكن تعنت ورفض الجضران حال دون ذلك.
وأوضحت أن الاشتباكات المسلحة تجددت فجر أمس بمنطقة رأس لانوف ونتج عنها إصابات مباشرة لحظيرة خزانات ميناء رأس لانوف النفطي واشتعال النيران بالخزانات المملوءة بالنفط الخام، ونتج عن ذلك تصاعد أعمدة وسحب الدخان التي غطت كامل المنطقة، كما انهارت أبراج وخطوط الكهرباء بالمنطقة.
ووصفت الوضع في منطقة رأس لانوف بالكارثي، محذرة من أن «هذه الكارثة البيئية وتصاعد الدخان الكثيف سوف يؤديان إلى حدوث اختناقات للموجودين بالمنطقة»، فضلاً عن إصابة السكان بالهلع والخوف وما يحدث من دمار.
ونفت مصادر مقربة من الجضران لـ«الشرق الأوسط» تعرضه لإصابة خلال المواجهات الحالية بين عناصر جهاز حرس المنشآت النفطية وتنظيم داعش، مشيرة إلى أنه يقود حاليًا قوة تطارد عناصر التنظيم الهاربة.
من جهة أخرى، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر في «مجلس شورى مجاهدي درنة» الذي يضم مزيجًا من الفصائل المسلحة، أن «ميليشيات التنظيم المدعومة بشباب الأحياء صدت هجومًا لتنظيم داعش أثناء محاولته دخول مدينة درنة عبر حي باب طبرق غرب المدينة في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس».
ويحاول تنظيم داعش الذي أعلن مسؤوليته عن اعتداءات دامية في ليبيا وقام بإعدام رهائن، الاستيلاء مجددًا على مدينة درنة التي تقع على بعد 1100 كيلومتر شرق طرابلس، بعدما طردته منها ميليشيات مجلس درنة في يوليو (تموز) الماضي.
في المقابل، اجتمع أمس الفريق خليفة حفتر قائد الجيش الوطني مع وفد يترأسه الجنرال باولو سيرا مستشار الشؤون الأمنية لبعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، بمقر الجيش الليبي في مدينة المرج بشرق البلاد.
ووصل سيرًا على رأس وفد إيطالي رفيع المستوى بشكل مفاجئ لم يسبق الإعلان عنه على متن طائرة خاصة إلى قاعدة الأبرق الجوية بشرق ليبيا، قبل أن يتجه برًا للقاء حفتر.
وقالت مصادر ليبية إن بعثة الأمم المتحدة تسعى لإقناع قوات الجيش الليبي بهدنة لوقف إطلاق النار مرتبطة على ما يبدو بتمكين حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها رجل الأعمال الليبي فائز السراج، من الانتقال من في تونس حيث تمارس عملها إلى داخل ليبيا.
وكان رئيس البعثة قد اقترح على اجتماع روما يوم الثلاثاء الماضي، الدعوة إلى وقف لإطلاق النار في ليبيا بصفة مؤقتة لدواع إنسانية.
وقال كوبلر لاحقا إن العملية السياسية ينبغي أن تسبق تلك العسكرية في توحيد البلاد، وقال للصحافيين أن «التشتت السياسي يصب في مصلحة (داعش) بالدرجة الأولى، حيث يستحوذ على مزيد من الأراضي كل يوم».
وأضاف بحسب وكالة «آكي» الإيطالية: «العامل الثاني هو الوضع الإنساني المدمر الذي يواجهه السكان»، لافتًا إلى أن 4.5 مليون نسمة، من بين 6 ملايين ممن يعيشون في البلاد يحتاجون إلى مساعدات إنسانية. وأضاف: «المستشفيات تفتقر إلى الأدوية والمعدات، كما أنه عفا عليها الزمن»، في حين «انخفض إنتاج النفط، وهاجر الأغنياء ليبقى الفقراء فقط في وضع لا يطاق، في ظل الحالة المالية المزرية للبلاد».
وتشهد ليبيا الغارقة في الفوضى وتنتشر فيها المجموعات المسلحة منذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011، صراعًا بين سلطتين متنافستين واحدة في الشرق معترف بها دوليًا والثانية في طرابلس.
وتشكلت حكومة وحدة وطنية يفترض أن يصادق عليها البرلمان المعترف به في الشرق حتى تبدأ عملها.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.