التوتر في القرم يشغل أوكرانيا عن ترتيب مرحلتها الانتقالية

رئيس الاستخبارات السابق لـ («الشرق الأوسط») : نريد وقف الاستفتاء ودفع بوتين للتفاوض

التوتر في القرم يشغل أوكرانيا عن ترتيب مرحلتها الانتقالية
TT

التوتر في القرم يشغل أوكرانيا عن ترتيب مرحلتها الانتقالية

التوتر في القرم يشغل أوكرانيا عن ترتيب مرحلتها الانتقالية

تسابق السلطات الأوكرانية الزمن لاتخاذ إجراءات بمفردها أو بمشاركة حلفائها الغربيين، أملا في وقف الاستفتاء المرتقب تنظيمه يوم الأحد المقبل في القرم حول بقاء هذه المنطقة ضمن السيادة الأوكرانية أو انضمامها إلى روسيا ومنع أي تصعيد عسكري هناك. وبينما كان الأوكرانيون منشغلين بترتيب مرحلتهم الانتقالية، جاءت أزمة القرم بشقيها، الدستوري والعسكري، لتخلط أوراق المسؤولين في كييف وإعدادهم للانتخابات الرئاسية المرتقبة في مايو (أيار)، وهو الاقتراع الذي تقرر بعد إطاحة نظام فيكتور يانوكوفيتش الشهر الماضي.
وتبدو السلطات الأوكرانية الجديدة كأنها تقاتل على عدة جبهات، أولها تلبية مطالب المجموعات المختلفة المكونة لثوار «ميدان الاستقلال»، والتحضير لانتخاب رئيس جديد للبلاد، ثم التفكير في استفتاء وطني لدستور جديد يتطرق أيضا لوضع شبه جزيرة القرم، والأهم والأخطر من ذلك كله التشاور مع الدول الغربية حول كيفية التعامل مع استفتاء القرم وربما كيفية مواجهة أي انزلاق عسكري مع القوات الروسية.
وقال ميكولا مالوموز، رئيس جهاز الاستخبارات الأوكراني السابق، لـ«الشرق الأوسط» على هامش ندوة فكرية في كييف أمس، إن السلطات الأوكرانية منخرطة الآن في مشاورات مع الأمم المتحدة والولايات المتحدة ومجموعة السبع (حرص بهذه التسمية على إبعاد روسيا من المنظمة) من أجل وقف انزلاق عسكري لأزمة القرم. إلا أن مالوموز، الذي شغل أيضا منصب رئيس أركان سابق للجيش، أقر بأن أي إجراء تتخذه أوكرانيا مع شركائها في الوقت الراهن سيكون متأخرا. وأوضح أن الأمر الملح الآن هو منع الانزلاق العسكري ووقف استفتاء الأحد، والعودة إلى البت في الوضع السياسي العام لأوكرانيا بما في ذلك وضع الحكم الذاتي للقرم. وتابع قائلا: «يجب أن نتحرك قبل الاستفتاء خلال أيام، لدينا الأربعاء والخميس والجمعة والسبت فقط».
وشدد على ضرورة أن تبقى قضية القرم سياسية ولا تتحول إلى نزاع عسكري، وأن يجري التوصل إلى حل بشأنها على مستوى محلي بين الحكومة المركزية والحكومة الإقليمية في القرم وليس على مستوى خارجي»، لكنه يتحدث في وقت لاحق، بأن «الوضعية في القرم تهم العالم الخارجي أيضا»، وذلك لإظهار أن الغرب معني بالدفاع عن أوكرانيا في إطار دفاعه عن مصالحه أيضا. وشدد مالوموز على امتلاك الاستخبارات الأوكرانية أدلة، عبر صور فيديو، تظهر التدفق الواسع للقوات الروسية بعضها بملابس مدنية إلى منطقة القرم. ويرى مالوموز أن موسكو خططت منذ مدة لتكرار سيناريو كوسوفو أو أبخازيا في القرم.
ولم يؤكد مالوموز أو ينفِ احتمال وجود اتصالات استخباراتية تحت الأرض في الوقت الراهن مع الضباط الروس لحل الأزمة، مشيرا إلى أن مثل هذه الجهود غير المرئية لعبت دورا في منع الانزلاق بين الجانبين خلال أزمة وقف تدفق الغاز في عام 2006، لكنه قال إنه لا يستطيع التعليق على أي جهود حالية محتملة.
وأبدى محللون آخرون ترجيحا أكبر باحتمال وقوع مواجهة في القرم بعد استفتاء الأحد المقبل. وقال فاليري شالي، مدير «مركز رازومكوف الأوكراني للدراسات السياسية والاقتصادية»، إن خطر وقوع مواجهة عسكرية في القرم موجود، و«أتوقع أننا بعد 16 مارس (آذار) الحالي (تاريخ الاستفتاء)، سنواجه تدخلا عسكريا روسيا وقتالا بين الجانبين». وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن القوات الروسية ستعمد إلى محاولة الضغط على القوات الأوكرانية حتى تغادر القرم. لكنه رغم ذلك فإنه يتوقع أن الغزو الروسي للقرم لن يدوم طويلا، لأن روسيا تعلم أن ضم القرم يتطلب منها تخصيص مبلغ خمسة مليارات يورو سنويا لهذه المنطقة، وهي (روسيا) لا تريد أن تتحمل هذه المسوؤلية لمدة طويلة. ويشير شالي إلى أن روسيا وحلفاءها في القرم أرادوا إثارة مسألة الاستفتاء كأسلوب للضغط على أوكرانيا بعد إطاحة نظام يانوكوفيتش. وكشف شالي، الذي شغل أيضا في وقت سابق منصب نائب وزير الخارجية، عن أن الحكومة المركزية في كييف باشرت بإرسال دعم مالي إلى القوات العسكرية الأوكرانية في القرم، رغم أن «هذه الخطوة جاءت متأخرة وكان المفروض أن نباشرها من قبل»، على حد قوله.
وأبرز شالي أن أوكرانيا تعول كثيرا على شركائها الغربيين لحل أزمة القرم، وقال إنه في حال لم يتحرك الغرب بقوة، فإن روسيا ستكرر مثل هذه الأزمة مع إستونيا دول البلطيق، وربما بولندا، وهي كلها دول تابعة للاتحاد الأوروبي. ولذلك يرى شالي أن حالة القرم لا تمثل مشكلة لأوكرانيا فقط وإنما لأمن أوروبا ككل.
وأمام هذا الوضع، سلك كل طرف في الأزمة استراتيجية التشكيك فيما يعد له الطرف الآخر، وخصوصا اقتراعي الاستفتاء والرئاسة. فالمسؤولون هنا في كييف يكررون بشكل يومي أن استفتاء القرم غير قانوني، وأن نتائجه لن تحظى بأي اعتراف دولي عدا الاعتراف الروسي، وفي الجهة المقابلة، خرج يانوكوفيتش مجددا أمس، وأعلن من روسيا التي لجأ إليها بعد إطاحته، أنه لا يزال الرئيس الشرعي لأوكرانيا، والقائد الأعلى للقوات المسلحة في البلاد، واصفا اقتراع 25 مايو المقبل بأنه غير قانوني. كما وعد بالعودة إلى كييف عندما تسمح الظروف.
ودفعت الثورة التي أطاحت بيانوكوفيتش إلى بروز أسماء كثيرة تريد خلافته في انتخابات 25 مايو. وقال شالي، أمس، إن عدد المتنافسين على منصب الرئاسة قد يتجاوز الثلاثين، لكن الرئيس في الأخير لن يخرج عن قائمة صغيرة تضم ثلاثة شخصيات هي رجل الأعمال بيترو باراشينكو والملاكم السابق زعيم حزب «الضربة» فيتالي كليتشكو ورئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو. وذكرت إيرينا بيكيشكينا، وهي عالمة اجتماع وتدير مؤسسة تعنى بالديمقراطية في كييف، خلال ندوة حضرتها «الشرق الأوسط»، أن مؤسستها أجرت استطلاعا للرأي خلص إلى أن باراشينكو يتقدم منافسيه بنسبة، يليه كليتشكو ثم تيموشينكو.
إلا أن التنافس على منصب الرئاسة قد لا يكون بنفس أهمية التنافس على الانتخابات التشريعية المقبلة، لأن البرلمان في أوج أزمة الاحتجاجات ضد يانوكوفيتش العودة للعمل بدستور 2004 الذي يحد من صلاحيات الرئيس، مما يعني أن رئيس الوزراء على المدى القريب في أوكرانيا سيكون صاحب السلطات الأكبر في البلاد.



واشنطن تقدم لكييف ضمانات «شبيهة بما يوفره الناتو»

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يغادران قصر بيلفيو في برلين أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يغادران قصر بيلفيو في برلين أمس (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تقدم لكييف ضمانات «شبيهة بما يوفره الناتو»

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يغادران قصر بيلفيو في برلين أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يغادران قصر بيلفيو في برلين أمس (إ.ب.أ)

أعلن مسؤولون أميركيون، أمس، أنَّ بلادهم عرضت على أوكرانيا ضمانات أمنية قوية أشبه بما يوفّره حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وأبدت ثقة بأنَّ روسيا ستقبل بذلك، فيما وصفته واشنطن بأنَّه اختراق على مسار إنهاء الحرب.

ووصف مسؤولون أميركيون المحادثات التي استمرت مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي في برلين، يومي الأحد والاثنين، بأنَّها إيجابية، مشيرين إلى أنَّه يتعيّن على أوكرانيا أيضاً القبول بالاتفاق الذي قالوا إنَّه سيوفّر ضمانات أمنية مماثلة للمادة الخامسة من معاهدة «الناتو» التي تنصُّ على أنَّ أي هجوم على أحد الحلفاء يُعد هجوماً على الجميع.

بدوره، قال زيلينسكي إثر اجتماع بين مفاوضين أوكرانيين وأميركيين في برلين: «هناك قضايا معقدة، وخصوصاً تلك المتصلة بالأراضي (...) فلنقل بصراحة إنَّ مواقفنا لا تزال مختلفة».


أوكرانيا ستطلب من واشنطن أسلحة بعيدة المدى إذا رفضت روسيا جهود السلام

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن (أرشيفية - إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

أوكرانيا ستطلب من واشنطن أسلحة بعيدة المدى إذا رفضت روسيا جهود السلام

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن (أرشيفية - إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن (أرشيفية - إ.ب.أ)

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الاثنين إن أوكرانيا ستطلب من الولايات المتحدة فرض المزيد من العقوبات على روسيا وتزويدها بمزيد من الأسلحة، بما فيها أسلحة بعيدة المدى، إذا رفضت موسكو الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب.

وأضاف زيلينسكي للصحفيين على تطبيق «واتساب» أن كييف تؤيد فكرة وقف إطلاق النار، لا سيما فيما يتعلق بالهجمات على الطاقة، خلال فترة عيد الميلاد.


أوروبا ترفض تنازل أوكرانيا عن أراضٍ من دون «ضمانات أمنية قوية»

صورة جماعية للقادة الأوروبيين المجتمعين في برلين لإجراء محادثات حول كيفية إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة جماعية للقادة الأوروبيين المجتمعين في برلين لإجراء محادثات حول كيفية إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية (أ.ف.ب)
TT

أوروبا ترفض تنازل أوكرانيا عن أراضٍ من دون «ضمانات أمنية قوية»

صورة جماعية للقادة الأوروبيين المجتمعين في برلين لإجراء محادثات حول كيفية إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة جماعية للقادة الأوروبيين المجتمعين في برلين لإجراء محادثات حول كيفية إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية (أ.ف.ب)

قال القادة الأوروبيون، في بيان مشترك بعد اجتماعهم في محادثات سلام في برلين، الاثنين، إن القرارات بشأن احتمال تقديم تنازلات بشأن الأرض لا يمكن أن يتخذها سوى شعب أوكرانيا وبعد ضمانات أمنية قوية.

وذكر البيان، الذي نقلته وكالة «رويترز» للأنباء، أن من الضمانات الأمنية التي تم الاتفاق عليها اليوم وجود قوة بقيادة أوروبية تسهم فيها الدول الراغبة في ذلك، والتي ستساعد «في تأمين سماء أوكرانيا، وفي تعزيز الأمن في البحار، بما في ذلك من خلال العمل داخل أوكرانيا».

واقترح قادة الدول الأوروبية الكبرى والاتحاد الأوروبي نشر «قوة متعددة الجنسيات» في أوكرانيا بقيادة أوروبية ودعم الجيش الأوكراني «بشكل مستدام»، على أن يُحدَّد عديده بـ800 ألف عنصر.

وأشار القادة الأوروبيون إلى أن هذه القوة ستكون «مؤلفة من مساهمات دول متطوّعة، ومدعومة من الولايات المتحدة».

ووفق البيان الذي وقّعه قادة ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والدنمارك وهولندا وفنلندا والنرويج وإيطاليا وبولندا والسويد والاتحاد الأوروبي، اتفق الموقعون مع الولايات المتحدة على «العمل معاً لتوفير ضمانات أمنية صلبة لأوكرانيا وتدابير دعم للإنعاش الاقتصادي في إطار اتفاق يرمي إلى وضع حد للحرب».

ويشمل ذلك «دعم أوكرانيا في بناء قواتها المسلّحة التي يُفترض أن يبقى عديدها عند مستوى 800 ألف جندي في زمن السلم».

ويتطرّق البيان إلى «آلية لمراقبة وقف إطلاق النار والتحقّق منه تديرها الولايات المتحدة».

ويشدّد على أنه «يعود لروسيا أن تظهر رغبتها في العمل من أجل سلام دائم عبر قبول خطة السلام التي طرحها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب».

وبحسب البيان، يتعيّن على موسكو أن «تُظهر التزامها بوضع حد للمعارك عبر قبولها بوقف لإطلاق النار».