بن دغر لـ {الشرق الأوسط}: ما يحدث في اليمن لا يوفر مناخًا لمحادثات جديدة مع الانقلابيين

قال إن ولد الشيخ لم يتمكن من إقناع المتمردين بالعودة إلى طاولة المباحثات

د. أحمد بن دغر مستشار الرئيس اليمني
د. أحمد بن دغر مستشار الرئيس اليمني
TT

بن دغر لـ {الشرق الأوسط}: ما يحدث في اليمن لا يوفر مناخًا لمحادثات جديدة مع الانقلابيين

د. أحمد بن دغر مستشار الرئيس اليمني
د. أحمد بن دغر مستشار الرئيس اليمني

قال الدكتور أحمد بن دغر، مستشار الرئيس اليمني، بأن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المبعوث الأممي لدى اليمن، لم يتمكن حتى الآن، من إقناع طرف الانقلابيين، بالعودة فورًا إلى طاولة المباحثات مع وفد الشرعية اليمنية، ولم يتم حتى اليوم، تحديد مكان عقد اللقاء، مشيرًا إلى أن ما يحدث لا يوفر مناخًا أفضل للمباحثات المقبلة، ولا يتفق مع ما تم الاتفاق عليه مع الأمم المتحدة، وأن المتمردين لا يزالون حتى الآن، يتسلمون توجيهاتهم من طهران التي لا تريد الخير لنا، وهم كالإمعات ينفذون رغباتها.
وكان إسماعيل ولد الشيخ، المبعوث الأممي لدى اليمن، التقى أمس مع وفد الشرعية اليمنية بقيادة عبد الملك المخلافي، نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية اليمني، لبحث التطورات الجديدة للمباحثات المقبلة مع طرف الانقلابيين، برعاية أممية.
وأوضح أحمد بن دغر وهو أحد أعضاء وفد الشرعية اليمنية في المباحثات مع طرف الانقلابيين لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة اليمنية، رحبت بإطلاق سراح المعتقلين من اليمنيين والسعوديين، لكن للأسف يتعامل الحوثيون وصالح مع قضايا الوطن وآلام الناس بشيء من الإسفاف وعدم الشعور بالمسؤولية، ولن نخرج من الأزمة وعقلية كهذه – أي الحوثيين وصالح - تتحكم بمصير البلاد، حيث إن قضايا المعتقلين وفك الحصار عن مدينة تعز، ليست مما يمكن اعتبارها شروطًا لاستئناف الحوار، بل هي التزامات وإجراءات ملزمة لهم بموجب جدول الأعمال المتفق عليه، وبمنطوق ومضمون قرار مجلس الأمن.
وذكر مستشار الرئيس اليمني، أن طرف الانقلابيين لو أرادوا الإسراع والعودة إلى جولة جديدة ناجحة من المحادثات، لعمدوا فورًا إلى إطلاق سراح المعتقلين جميعًا دون استثناء، ولفعلنا نحن نفس الشيء، لماذا يحتفظون بمعتقلين إذا كان في نيتهم تحقيق السلام.
وأضاف: «للأسف ما زالوا يتسلمون توجيهاتهم من طهران، وطهران لا تريد الخير لنا ولا تريد السلام لبلدنا ولمحيطنا، وهم كالإمعات ينفذون رغباتها، ويدفعون بالكثير من الشباب محرقة لأهداف خاصة».
وقال الدكتور بن دغر، إن رحلة إسماعيل ولد الشيخ، إلى صنعاء، استغرقت خمسة أيام، وكانت نتيجتها بالمنظور العام، أن ما حدث لا يوفر مناخًا أفضل للمباحثات المقبلة، ولا يتفق مع ما اتفقنا عليه مع الأمم المتحدة، ووافقوا عليه قبل بدء الجولة الماضية من المباحثات جنيف2.
وأضاف: «شعبنا يريد من هؤلاء أن يشعروا بمعاناته، شعبنا يتألم بسبب العقلية التآمرية لصالح والحوثيين، والعقلية التي سببت واستدعت كل هذا الدمار وهذا النزف، وهؤلاء لا يخجلون، ولا يرحمون، ولا يتركون رحمة الله تنزل على عباده».
وأشار دغر إلى المباحثات الجديدة مع طرف الانقلابيين، إلى أنه مجرد النظر إلى كيفية التجاهل مع ما تم الاتفاق عليه بشأن فك الحصار عن تعز، حيث يتبين أن هناك حقدا وضغائن لا حدود لها، يتم التنفيس عنها بقتل المزيد من الأبرياء في المدينة نفسها، حيث إن تعز تنزف وعليهم أن يفهموا هم ومنظروهم ممن يدّعون حقًا إلهيًا أن طريق السلام يمر بتعز ويبدأ بها، وعليهم أيضًا أن يتوقفوا عن قتل أهلها، وأن يدركوا أنها مدينة عصية على الطغاة، ولديها من الصبر ما يكفي لقهرهم.
وذكر مستشار الرئيس اليمني، أن إسماعيل ولد الشيخ، نقل لنا طلبات الانقلابيين بأنهم يريدون وقف إطلاق النار، حيث إن وقف إطلاق النار يبدأ بالمعتدي، وقد بدأوا هم وليس غيرهم بهذا العدوان الهمجي على شعبنا، وتساءلنا لماذا أهدروا هدنتين ولم يحركوا ساكنًا تجاه ما هم ملتزمون به.
وقال بن دغر، إن الميليشيات الحوثية وصالح، تحركوا باتجاه العاصمة وتعز وعدن وعتق، في تواطؤ مشين مع علي عبد الله صالح، والقوات التي تأتمر بأمره، فأشعلوا الحرائق في كل مكان، لذلك على المعتدي أن يثوب إلى رشده بداية، فإن لم يفعل سيجبره شعبنا الذي يرفضه حاضرًا ومستقبلاً على الانصياع والعودة إلى جادة الصواب.
وأضاف: «ستدافع الجماهير عن خياراتها وأهدافها وتاريخها، ويجب أن يدرك الحوثيون وصالح أن اليمن، والوحدة، قيم ومبادئ وقناعات متجذرة لم يعد بإمكانهم اجتثاثها، أو تسويق ما يناقضها من قيم التخلف والعبودية تحول دون اليمني وحريته وكرامته، كما صورت لهم عقلياتهم المريضة».
وذكر مستشار الرئيس اليمني، أن وفد الشرعية اليمنية، طالب المبعوث الأممي لدى اليمن، بقول الحقيقة أمام المجتمعين المحلي والدولي، وقلنا له بأن أقصر الطرق لتحقيق الاستقرار ووقف الحرب في بلادنا هو في التزام الجميع بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216. وانسحاب الحوثيين وقوات صالح من المناطق التي احتلتها، وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ودون شروط مسبقة، والتعامل الإيجابي مع الشرعية التي اختارها الشعب اليمني، ويقف خلفها مساندًا وداعمًا ومؤازرًا، وهم قد رفضوا التعاطي مع هذه القضايا مع وضوحها، وعاد ولد الشيخ بخفي حنين، إلا مما يمكن اعتباره هروبًا مفضوحًا من التزامات مستحقة.
وأضاف: «نعرف المبعوث الأممي لدى اليمن، يبذل جهودًا طيبة يشكر عليها، إلا أنه لم يتمكن بعد من إقناع الانقلابيين بالعودة الفورية لطاولة الحوار، ولذلك لم يحدد مكان المحادثات حتى اليوم، ويبدو أنه ترك من يحاور الحوثيين وصالح، للوصول معهم إلى اتفاق، لكنه سيكتشف لاحقًا أنهم يماطلون ويراوغون».
وقال بن دغر، أبلغنا إسماعيل ولد الشيخ، أننا – الشرعية اليمنية - لا نقر معه حفلة التكريم، وكيف يستقيم أن للمتمردين حقًا كهذا، والمتمرد القاتل لشعبه يردع، ومن المؤكد أن شعبنا قد استفزته هذه الحركات للحوثيين، وربما بنصيحة من صالح، وبعض من حوله، لكننا نتفهم ظروف المبعوث الأممي، ونقر بجهوده الطيبة في تحقيق السلام.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.