النفط دون 30 دولارًا لأول مرة منذ 12 عامًا ترقبًا لعودة إيران إلى السوق

تراجع 20 % منذ بداية 2016 * فنزويلا أول دولة في «أوبك» تعلن حالة طوارئ اقتصادية

النفط دون 30 دولارًا لأول مرة منذ 12 عامًا ترقبًا لعودة إيران إلى السوق
TT

النفط دون 30 دولارًا لأول مرة منذ 12 عامًا ترقبًا لعودة إيران إلى السوق

النفط دون 30 دولارًا لأول مرة منذ 12 عامًا ترقبًا لعودة إيران إلى السوق

صدقت توقعات مصارف وول ستريت الكبرى حول انخفاض النفط، وها هي ذي أسعاره تهبط دون 30 دولارًا، أمس، إلى أدنى مستوى في 12 عاما دافعة معها الأسهم الأوروبية للانخفاض، حيث ضغطت الأنباء برفع الحظر عن النفط الإيراني الأسبوع المقبل على الأسعار التي لم تستجب أمس للأنباء الصادرة من الولايات المتحدة بخفض منصات الحفر جراء تراجع الأسعار.
وشهد إعلان فنزويلا أمس عن حالة طوارئ اقتصادية لتكون بذلك البلد الأول في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) الذي يعلن عن مثل هذه الحالة، وخاصة أن أسعار النفط الحالية تحت مستوى تكلفة إنتاج النفط في الكثير من بلدان المنظمة. وأظهرت بيانات أن شركات الطاقة الأميركية خفضت عدد منصات الحفر النفطية قيد التشغيل إلى أدنى مستوى في نحو ست سنوات، مما يشير إلى أنها تحافظ على سيولة نقدية مع تقييمها خطط الإنفاق وسط هبوط أسعار الخام إلى أدنى مستوياتها في نحو 12 عامًا.
وقالت شركة «بيكر هيوز» للخدمات النفطية في تقريرها الذي يحظى بمتابعة وثيقة، إن شركات الحفر النفطي أزالت منصة حفر واحدة في الأسبوع المنتهي في 15 يناير (كانون الثاني) الحالي ليصل إجمالي عدد الحفارات النفطية قيد التشغيل إلى 515، وهو الأقل منذ أبريل (نيسان) 2010. وهبطت الأسهم الأوروبية أمس إلى أدنى مستوى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2014 بفعل خسائر لشركات السلع الأولية مع تراجع أسعار النفط عن مستوى 30 دولارًا للبرميل في الوقت الذي أعلنت فيه «بي إتش بي بيلتون» عن خفض كبير لقيمة الأصول نتيجة تراجع نشاط النفط الصخري مما جعل سهمها يخسر 6.8 في المائة ليأتي بين أكبر الخاسرين في مؤشر «يوروفرست 300» لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى.
وسجلت أسعار النفط هبوطا جديدا في العقود الآجلة أمس في الوقت الذي تترقب فيه الأسواق زيادة الصادرات الإيرانية مع احتمال رفع العقوبات المفروضة على طهران خلال أيام. واتجه مزيج برنت والخام الأميركي أمس نحو تحقيق ثالث خسارة أسبوعية على التوالي والهبوط نحو 20 في المائة عن أعلى مستوياتهما هذا العام.
وهبط الخام الأميركي في العقود الآجلة أكثر من أربعة في المائة إلى 75.‏29 دولار للبرميل بحلول الساعة 09:36 بتوقيت غرينتش أمس بعد تسجيل أول ارتفاع كبير في 2016 في الجلسة السابقة. وبلغت عقود الخام أدنى مستوى لها في 12 عاما عند 61.‏29 دولار للبرميل في وقت سابق من الجلسة. ونزل خام برنت في العقود الآجلة لمارس (آذار) 95 سنتا إلى 93.‏29 دولار للبرميل. وفي وقت سابق أمس الجمعة هبط الخام إلى أدنى مستوى له منذ فبراير (شباط) 2004 عند 73.‏29 دولار للبرميل. وأغلقت عقود فبراير التي انتهى تداولها أول من أمس الخميس على ارتفاع للمرة الأولى هذا العام عند 03.‏31 دولار للبرميل. وتتجه صادرات النفط الخام الإيرانية إلى الوصول لأعلى مستوياتها في تسعة أشهر في يناير (كانون الثاني) مع استعداد المشترين لرفع العقوبات المفروضة عن طهران خلال أيام.
وبحسب «رويترز» قال مصدر بالقطاع على دراية بمواعيد تحميل الناقلات في إيران بأنها تتجه لشحن 10.‏1 مليون برميل يوميا من الخام باستثناء المكثفات هذا الشهر.
وتنطوي هذه البيانات الأولية على زيادة نسبتها 21 في المائة مقارنة مع صادرات ديسمبر (كانون الأول) ومن المرجح أن تؤجج المخاوف من تخمة المعروض العالمي التي دفعت أسعار النفط للهبوط إلى أدنى مستوى لها في 12 عاما هذا الأسبوع. ومن المتوقع أن تستهدف طهران تصدير مئات الآلاف من براميل الخام إلى الهند - أسرع أسواق النفط الكبرى نموا في آسيا - وإلى شركائها القدامى في أوروبا. وقالت طهران مرارا بأنها ستزيد إنتاجها من النفط الخام بواقع 500 ألف برميل يوميا فور رفع العقوبات. وقال المصدر بأن إيران تخطط لتصدير 495 ألف برميل يوميا من الخام إلى الصين. وهذه هي أكبر كمية من نوعها منذ أغسطس (آب).
وأضاف أن إيران تستهدف شحن 168 ألف برميل يوميا هذا الشهر إلى المصافي الهندية انخفاضا من نحو 203 آلاف برميل يوميا في ديسمبر (كانون الأول).
ومن المتوقع أيضا تحميل 166 ألف برميل يوميا على السفن المتجهة إلى اليابان هذا الشهر وهي أكبر كمية من نوعها منذ فبراير بعد تحميل 132 ألف برميل يوميا في ديسمبر بحسب المصدر.
أما الشحنات المتجهة إلى كوريا الجنوبية فمن المتوقع أن تبلغ 161 ألف برميل يوميا دون تغيير عن ديسمبر.
وتوقع المصدر أن تبلغ صادرات النفط الإيراني إلى تايوان 65 ألف برميل يوميا وهي أولى شحنات من نوعها منذ سبتمبر (أيلول). وأشار إلى أن إيران ستصدر 106 آلاف برميل يوميا في يناير إلى تركيا دون تغيير عن ديسمبر.
علاوة على ذلك قال المصدر بأنه من المتوقع أن تخزن إيران أكثر من 60 ألف برميل يوميا من الخام في وحدات التخزين البحرية هذا الشهر.
ولا تشمل هذه الأرقام عمليات تحميل المكثفات وهي نوع من الخام الخفيف الفائق الجودة تصدره إيران أيضا.
ووفق بيتر بوليكان، محلل الطاقة في مؤسسة بلومبرغ فإن «السوق العالمية للنفط موسومة بالتراجع طويل المدى، وكانت تلك هي تعويذة أسواق النفط طيلة عام 2015»، حسب بوليكان، مضيفا: «ومع حلول عام 2016. تغيرت التعويذة لتصبح مزيدا من الانخفاض ولفترات أطول».
الأسباب العميقة والتفسيرات لما يحدث في الأسواق لم تتغير، فهناك الكثير من النفط المعروض في السوق، والتراجع في معدلات الإنتاج ليست بالقدر الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتجنب بخس السعر بمثل تلك المعدلات. قد يكون أهم أسباب تراجع انهيار الأسعار هو الخوف من تدني الطلب في الصين، غير أن عنصر العرض والطلب هو كلمة السر وراء تراجع أسعار النفط منذ عام 2014.
«كانت البداية مع زيادة الإنتاج في الأسواق العالمية والمعارك على الأسهم السوقية بين المصدرين»، وفق دانيل يرغن، خبير الطاقة ونائب رئيس شركة «إي إتش إس» للاستشارات في مجال الصناعة. أضاف: «غير أن أسعار النفط تستمر في التهاوي بسبب التنافس الجيوسياسي بين السعودية وإيران في الشرق الأوسط، والعودة السريعة للنفط الإيراني في ظل الاتفاق النووي، وفي نفس الوقت ازدياد المخاوف بشأن الاقتصاد الصيني».
وأفاد يرغين: «لو أننا عدنا ثمانية أعوام للوراء لكان هذا الأمر غير مقنع بالمرة»، مضيفا أنه بالإضافة للأسباب السابقة فإن النمو السريع لصناعة النفط الصخري الأميركي شكل عنصرا آخر لتغيير لعبة النفط.
وفى دراسة تحليلية عن مستقبل النفط صدرت الثلاثاء الماضي، تنبأت هيئة معلومات الطاقة الأميركية أن تلك الظروف ستمر في النهاية ولو بمعدل بسيط. وتوقعت أن أسعار مزيج برنت سوف تتراوح بين 40 دولارا للبرميل هذا العام و50 دولارا عام 2017. وبقاء أسعار نفط غرب تكساس في مستويات أقل بقليل. أشارت الهيئة كذلك إلى حالة من عدم اليقين بشأن مسألة الأسعار.
وحسب سين هانروث، مدير مؤسسة «إيه تي كيريني» الاستشارية العالمية، يعتقد المحللون أنه طالما استمر انخفاض الأسعار، سوف يستتبع ذلك تغييرا في الإنتاج وسياسات في الصناعة تعمل على تخفيض كمية المنتج. قد يكون سعر 30 دولارا للبرميل جزءا هاما من ذلك الإجراء.
أضاف هانروث: «بعد كل مرة يتراجع فيها سعر النفط تبدأ الشركات في النظر إلى عملياتها بشكل مختلف».
يتسبب تدهور أسعار النفط في تراجع أسعار الغازولين بشكل كبير، حيث يبلغ متوسط سعر لتر الغازولين في الولايات المتحدة 1.956 دولار، ويوم الثلاثاء تنبأت هيئة معلومات الطاقة أن متوسط سعر الغاز هذا العام سوف يبلغ 2.03 دولار. وبحسب وكالة بلومبرغ «بسبب التضخم تستطيع القول: إن أسعار الغازولين منخفضة في كل الأحوال».
لكن ما يعتبر مصدر سعادة بالنسبة لسائقي ومستهلكي الولايات المتحدة يعتبر في نفس الوقت تشنجا في صناعة النفط وفق ما تشير إليه أرقام تسريح العمالة وتراجع أعداد الحفارات التي قل عددها بواقع 1000 مقارنة بالعام الماضي، وفق هيئة أبحاث بيكر هاغز. وانخفضت أعداد الحفارات بمقدار 34 حسب البيانات الأسبوعية الأخيرة الصادرة في 8 يناير.
والثلاثاء الماضي أعلنت شركة بي بي خططها للاستغناء عن 4000 عامل في شركة واحدة بسبب ما وصفته بـ«أوضاع السوق الصعبة».
وعالميا شهدت الكثير من الدول التي تعتمد على البترول أزمات حادة في ميزانياتها، وتسبب استمرار تراجع أسعار النفط في المطالبة بعقد اجتماع طارئ لأعضاء منظمة الأوبك لإعادة النظر في السياسة الحالية لتثبيت معدلات الإنتاج، وإن كان هناك حالة من عدم اليقين ما إذا كان هذا الاجتماع سوف يسفر عن تغيير في السياسات المتبعة.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.