سجن «إيفين».. مقبرة المعارضة في إيران

«الجناح 209» أشهر أجنحته.. ومساعد أحمدي نجاد الأول وابن رفسنجاني أبرز من اعتقلوا به

سجن «إيفين» في إيران
سجن «إيفين» في إيران
TT
20

سجن «إيفين».. مقبرة المعارضة في إيران

سجن «إيفين» في إيران
سجن «إيفين» في إيران

داخل جدرانه العالية مات مئات النشطاء نتيجة القهر والظلم، وهو ما جعله أشهر السجون في العالم؛ هو سجن «إيفين» شديد الحراسة في إيران. ويوصف السجن الذي يقبع فيه الآن الصحافي الأميركي - الإيراني جيسون رضائيان مراسل صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، بأنه مقبرة المعارضة الإيرانية.
الآلاف عانوا من قسوة الحياة داخل هذا السجن وبعضهم مات داخله من الظلم، ومن أبرز من سجنوا فيه محمدرضا رحيمي، المساعد الأول للرئيس الإيراني السابق، محمود احمدي نجاد ومهدي هاشمي نجل علي أكبر هاشمي رفسنجاني، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام.
والسجن تزيد مساحته على 43 هكتارا، وأنشئ عام 1962 في عهد شاه إيران محمد رضا بهلوي، وينقسم إلى أجنحة وأقسام أشهرها «جناح 209» الذي يدار من قبل المخابرات الإيرانية والحرس الثوري، و«جناح 350» الذي يدار من قبل السلطة القضائية ويسمى بالشعبة الثالثة.
ويعد سجن «إيفين» شديد الحراسة متعقلا للسجناء السياسيين في إيران، ويحظى السجن الواقع في منطقة سعادت آباد في العاصمة طهران، بصيت سيئ جراء الجرائم السياسية التي ترتكب فيه منذ عهد النظام البهلوي؛ إلا أن المعتقل زادت شهرته عقب الثورة الإيرانية عام 1979 وبعد تولي رجال الدين نظام الحكم، تم ارتكاب الكثير من المجازر والتعذيب بحق المعارضين، ما جعله واحدا من أشهر السجون في العالم.
يشار إلى أن إيران تنقل الكثير من معارضيها من سجناء الرأي والسياسيين إلى «إيفين» وكان آخرهم داود رضوي الناشط العمالي، الذي اتُهم بالإخلال بالنظام العام وذلك خلال مشاركته في تجمعات غير قانونية - بحسب نقابة عمال طهران - .
وبعد احتجاجات عام 2009 تم اعتقال مئات النشطاء التابعين للحركة الخضراء، وخرج رئيس هيئة السجون في العاصمة الإيرانية سهراب سليماني وقتها، وقال: «سجن إيفين يمثل الوجه الحضاري لنظام إيران من حيث الإجراءات والمعاملة الأمنية المتبعة»، معتبرا أن الإجراءات المتبعة داخل المعتقل «بمثابة الماء الذي كب على النار».
وارتبط اسم الكثير من السجناء في عهد الرئيس الحالي حسن روحاني بهذا المعتقل، أبرزهم مهندسة الديكور ريحانة جباري، التي تم إعدامها بعد دفاعها عن نفسها أمام محاولة اعتداء من قبل مسؤول إيراني سابق بالاستخبارات الإيرانية، وحارس مرمى نادي بيروزي الإيراني اللاعب سوشا مكاني، الذي أفرج عنه بكفالة قبل أيام.
وتوالى على رئاسة سجن «إيفين» الكثير من القيادات المتشددة، أبرزهم محمد كجويي، الذي نفذ سلسلة إعدامات طالت كبار الضباط والمسؤولين في عهد الشاه، وعلى رأسهم أشهر رئيس وزراء في ذلك العهد عباس كجويي، وبعد اغتيال كجويي عام 1981 أطلق اسمه على أحد السجون في مدينة كرج الواقعة شمال غربي العاصمة. كما تولى أسد الله لاجوردي رئاسة السجن، وارتبط اسمه بالمجزرة المعروفة إعلاميا باسم «تبييض السجون»، وهي العملية التي أمر بها المرجع الأعلى للشيعية روح الله الخميني عام 1988 عقب الحرب الإيرانية العراقية، وذلك تحت اسم تصفية من وصفوهم بالمرتدين والملحدين، وتم إعدام الآلاف، أغلبهم من أنصار مجاهدي خلق.
وفي الأجنحة 1 و2 و3 و4 توجد مبان تشبه بعضها البعض، جعل نظام الخميني غرفها مكانا لحجز سجناء ينتظرون تنفيذ حكمهم بالإعدام أو الذين خضعوا بشدة للتعذيب حيث لا يمكنهم تنفيذ أعمالهم الشخصية.
وبحسب ما نشرت منظمة «مجاهدين خلق» على موقعها الإلكتروني، فإنه خلال فترة حكم الخميني مع مطلع الثمانينات، كانت الغرفة التي تبلغ مساحتها 36 مترا مربعا تحتضن في بعض الأحيان أكثر من 120 سجينا.
ويقع التل المعروف بمكان إعدام السجناء خلف طريق الجناح الرابع الذي ينتهي إلى «حسينية إيفين»، وكان السجناء الموجودون في هذا الجناح يعدون عدد طلقات الرحمة أثناء تنفيذ الإعدامات ليلا في مكان إطلاق الرمي.
سجن «إيفين» في إيران



تأجيل محاكمة إمام أوغلو بقضيتَي «تهديد» و«فساد» يواجه فيهما الحظر السياسي

أنصار إمام أوغلو يرفعون صوره ويطالبون بإطلاق سراحه خلال محاكمته في قضية تهديد المدعي العام في إسطنبول التي نُظرت الجمعة في قاعة ملحقة بسجن سيليفري (أ.ب)
أنصار إمام أوغلو يرفعون صوره ويطالبون بإطلاق سراحه خلال محاكمته في قضية تهديد المدعي العام في إسطنبول التي نُظرت الجمعة في قاعة ملحقة بسجن سيليفري (أ.ب)
TT
20

تأجيل محاكمة إمام أوغلو بقضيتَي «تهديد» و«فساد» يواجه فيهما الحظر السياسي

أنصار إمام أوغلو يرفعون صوره ويطالبون بإطلاق سراحه خلال محاكمته في قضية تهديد المدعي العام في إسطنبول التي نُظرت الجمعة في قاعة ملحقة بسجن سيليفري (أ.ب)
أنصار إمام أوغلو يرفعون صوره ويطالبون بإطلاق سراحه خلال محاكمته في قضية تهديد المدعي العام في إسطنبول التي نُظرت الجمعة في قاعة ملحقة بسجن سيليفري (أ.ب)

أجّلت محكمتان تركيتان نظر قضيتين يُتهم فيهما رئيس بلدية إسطنبول المحبوس بالتهديد والفساد، ويواجه فيهما مطالبة بحظر نشاطه السياسي. وقررت محكمة عُقدت في قاعة بمؤسسة مرمرة العقابية المواجهة لسجن سيليفري الذي يقبع به إمام أوغلو منذ 23 مارس (آذار) الماضي، تأجيل قضية اتُّهم فيها بـ«إهانة مسؤول عام علناً بسبب واجبه» و«التهديد» و«استهداف الأشخاص الذين شاركوا في مكافحة الإرهاب»، إلى 16 يونيو (حزيران) المقبل.

وتتعلق القضية بتصريحات لإمام أوغلو في ندوة بإسطنبول في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، حوت تعليقات حول المدعي العام للمدينة، أكين جورليك، وطلب المدعي العام فيها الحبس لمدة تتراوح بين سنتين و8 أشهر و7 سنوات و4 أشهر، ومنعه من تولي المناصب العامة، وحرمانه من حقه في التصويت والترشح في الانتخابات. وأسقطت المحكمة من لائحة الاتهام تهمة «استهداف الأشخاص الذين شاركوا في مكافحة الإرهاب».

مرافعة إمام أوغلو

وقال إمام أوغلو في مرافعته إنه مثل أمام المحكمة في هذه القضية؛ فقط لأنه فاز بالانتخابات في إسطنبول لثلاث مرات، وأضاف: «أتوقع من القضاء التركي العظيم أن يتخذ القرارات الصائبة».

وتابع: «أنا هنا لأنني سأمثل أمام 86 مليون شخص كمرشح رئاسي، وأعبر عن رأيي أمامكم. من المحزن حقاً أن أُحاكم هنا في البيئة السياسية. لماذا أُستهدَف إلى هذا الحد؟! أنا في هذا الوضع لأنني أعمل من أجل إسطنبول، ولأنني عملت بجد لضمان حصول عشرات الآلاف من الناس على الطعام، وذهاب الأطفال إلى رياض الأطفال، واستخدام مترو الأنفاق؛ لهذا أنا في (سيليفري) اليوم. هذا لن يستمر طويلاً».

إمام أوغلو خلال مرافعته أمام المحكمة (إعلام تركي)
إمام أوغلو خلال مرافعته أمام المحكمة (إعلام تركي)

وعن مزاعم تهديده للمدعي العام في إسطنبول أكين جورليك، قال إمام أوغلو: «لست مقاتلاً، أنا صانع سلام، ولا يمكن لأحد أن يتهمني بالتهديد أو الإرهاب. تؤذيني محاولة ربطي بالإرهاب. لا يمكن لأحد أن يتهمني بذلك».

وأضاف: «سأضع يدي على جبين الرجل الذي يربطني بالإرهاب، وأقول له انظر إلى نفسك. من ينظر إليّ يرى العلم التركي، ويرى مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، ويرى الأمة التركية. لا ينبغي لأحد أن يخلط بيني وبين نفسه». وتم نقل مقر المحكمة من مجمع محاكم تشاغلايان إلى مؤسسة مرمرة العقابية بدعوى أن القاعة الأساسية لا تتسع للحضور.

تأييد واسع وتدابير مشددة

وعُقدت جلسة الاستماع الأولى وسط تدابير أمنية مشددة، وتجمع المئات في محيط سجن سيليفري خارج قاعة المحاكمة، رافعين صور إمام أوغلو وعلم تركيا، ومطالبين بإطلاق سراحه.

وامتلأت قاعة المحكمة بالحضور، وحضرت زوجة إمام أوغلو وابنه، ونواب حزب الشعب الجمهوري، ورؤساء فروع الحزب من مختلف الولايات، فضلاً عن مئات من المواطنين الذين جاءوا دعماً لرئيس بلدية إسطنبول المعتقل الذي يُنظر إليه على أنه المنافس الأبرز للرئيس رجب طيب إردوغان على رئاسة البلاد.

أنصار إمام أوغلو يرفعون صوره ويطالبون بإطلاق سراحه خلال محاكمته في قضية تهديد المدعي العام في إسطنبول التي نُظرت الجمعة في قاعة ملحقة بسجن سيليفري (أ.ب)
أنصار إمام أوغلو يرفعون صوره ويطالبون بإطلاق سراحه خلال محاكمته في قضية تهديد المدعي العام في إسطنبول التي نُظرت الجمعة في قاعة ملحقة بسجن سيليفري (أ.ب)

وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، في مقابلة تلفزيونية بالتزامن مع انعقاد جلسة المحاكمة في «سيليفري»، إن «إردوغان يقرر من يعتقل في تركيا، في حين يقرر زعماء آخرون في العالم من يطلق سراحهم».

ولفت إلى أن إردوغان أطلق سراح القس الأميركي أندرو برونسون في عام 2018، وأُعيد فجأة إلى بلده بعد اعتقاله بتهمة «ارتكاب جرائم نيابة عن منظمة إرهابية والتجسس»، في إشارة إلى دعم منظمة فتح الله غولن في محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، بمكالمة هاتفية من الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي هدد بتدمير اقتصاد تركيا إذا لم يُطلق سراحه ويُترك للعودة إلى أميركا. وتساءل أوزيل: «هل أخذنا فتح الله غولن وأعاده ترمب إلينا؟... بالطبع لا، وقد مات هناك».

وتابع أن الأمر نفسه تكرر مع صحافيين ألمان وفرنسيين احتجزتهم تركيا وتم الإفراج عنهم وإرسالهم إلى بلادهم بمكالمات هاتفية، متسائلاً: «من سيطلق سراح إمام أوغلو؟».

أوزغور أوزيل رئيس حزب الشعب الجمهوري (حساب الحزب في «إكس»)
أوزغور أوزيل رئيس حزب الشعب الجمهوري (حساب الحزب في «إكس»)

وقال: «لو لم يأذن ترمب لإردوغان لَما سُجن إمام أوغلو أصلاً. أحد الأمور التي ستُطلق سراحه هو أن يذكّر العالم وأصدقاؤنا الدوليون إردوغان بأن محاولة الانقلاب على الديمقراطية باعتقال إمام أوغلو في 19 مارس عزلت تركيا عن العالم الحديث، فلا مصلحة لتركيا في إبقاء أكرم إمام أوغلو في السجن، لكن أعداء تركيا لهم مصلحة في ذلك». وأكد أوزيل ثقته في نجاح الجهود المبذولة لإلغاء قرار جامعة إسطنبول إلغاء الشهادة الجامعية لإمام أوغلو، وإطلاق سراحه.

قضية ثانية

وفي وقت لاحق، الجمعة، حضر إمام أوغلو من محبسه في سجن سيليفري، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، جلسة الاستماع التاسعة في قضية أخرى تتعلق بأعمال فساد ومخالفات في مناقصات أثناء فترة رئاسته لبلدية «بيلك دوزو» في إسطنبول في الفترة بين عامَي 2014 و2019، والمتداولة منذ عام 2023، بموجب دعوى رُفعت على خلفية تحقيق لوزارة الداخلية.

ويطالب الادّعاء العام في هذه القضية بالحكم على إمام أوغلو بالحبس لمدة تتراوح بين 3 و7 سنوات، وحظر نشاطه السياسي لمدة مماثلة. وقررت المحكمة تأجيل نظر القضية إلى 11 يوليو (تموز) المقبل.

اعتقلت السلطات التركية أكثر من 300 طالب جامعي شاركوا في الاحتجاجات على اعتقال إمام أوغلو (رويترز)
اعتقلت السلطات التركية أكثر من 300 طالب جامعي شاركوا في الاحتجاجات على اعتقال إمام أوغلو (رويترز)

في غضون ذلك، أفرجت محكمة مناوبة في إسطنبول، ليل الخميس - الجمعة، عن الصحافيين الاستقصائيين البارزين، تيمور سويكان ومراد أغيريل، بشرط الخضوع للرقابة القضائية، وإلزامهما بالتوقيع في مركز الشرطة 3 مرات أسبوعياً.

وألقت قوات الأمن التركية، فجر الخميس، القبض على الصحافيين، سويكان وأغيريل، بتهمة «التهديد» و«الابتزاز» في إطار التحقيق في بيع قناة «فلاش خبر» التلفزيونية، بحسب ما ذكر مكتب المدعي العام في إسطنبول. لكن منظمة «مراسلون بلا حدود» المعنية بحرية الصحافة، أكدت أن اعتقالهما جاء بسبب حديثهما عن مخالفات في التحقيقات مع رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو.

كما قررت محكمة في إسطنبول، الجمعة، الإفراج المشروط عن 34 طالباً جامعياً اعتُقلوا بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات على احتجاز إمام أوغلو.