استقال عدد من قادة حزب نداء تونس الحاكم أمس، ضمن موجة جديدة من الاستقالات التي تضرب حزب الرئيس الباجي قائد السبسي، الذي خسر هذا الأسبوع المركز الأول في البرلمان لصالح خصمه حركة النهضة، الذي أصبح أكبر حزب في البرلمان، مستفيدا من استقالة 22 نائبا رسميا من «نداء تونس»، احتجاجًا على تزايد نفوذ نجل الرئيس في الحزب، وضد ما قالوا إنه سعي للتوريث. ونتيجة لذلك أصبحت حركة النهضة تملك أكبر كتلة في البرلمان بعدد 69 نائبا، مقابل 64 لنداء تونس.
ومن المتوقع ارتفاع عدد المستقيلين من نواب «نداء تونس» إلى 28، بعد أن أعلن ستة نواب آخرين على الأقل عزمهم الاستقالة من الكتلة البرلمانية للحزب. لكن استقالة مزيد من القياديين في الحزب أمس ستعمق الأزمة في «نداء تونس». كما تأتي هذه الاستقالات في وقت حساس تسعى فيه الحكومة لبدء إصلاحات لإنعاش الاقتصاد المعتل واحتواء خطر الجماعات المتطرفة.
من جهة ثانية، تستعد خمسة أحزاب سياسية تونسية، منسوبة إلى التيار اليساري، للإعلان عن تأسيس «اتحاد القوى الوطنية والتقدمية»، وهو ائتلاف سياسي يتمسك بالنظام الجمهوري، وسيادة الدستور ومدنية الدولة، غير أنه يعمل على تحقيق المطالب التي رفعها الشعب إبان ثورة 2011، ويعد عشية احتفال التونسيين بالذكرى الخامسة للثورة أن معظم تلك المطالب لم يتحقق بعد. ويقود هذا الائتلاف السياسي حزب العمل الوطني الديمقراطي، جنبا إلى جنب مع الحزب الاشتراكي، وحزب الغد، وحزب الثوابت، وحزب الطريق، وكلها أحزاب ذات توجه يساري.
وخلال الفترة الماضية، ناقشت القيادات السياسية لهذه الأحزاب الأرضية الفكرية التي تجمع بين أحزابهم، وشخصت الوضع الأمني والسياسي والاجتماعي للبلاد، كما وقفت على المخاطر التي تواجهها، وفي مقدمتها الإرهاب، والتهديد بتراجع الحريات، والأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها معظم الفئات الاجتماعية.
وفي هذا الشأن، قال عبد الرزاق الهمامي، رئيس حزب العمل الوطني الديمقراطي، إن الأحزاب الخمسة المكونة للائتلاف السياسي الجديد ستنظم احتفالا مشتركا، بعد المصادقة على الأرضية الفكرية، وعلى وثيقة هيكلة اتحاد القوى الوطنية الديمقراطية.
وعن مدى وجود ضرورة لظهور مثل هذا الائتلاف السياسي، خصوصًا في ظل وجود نحو مائتي حزب سياسي في البلاد، أوضح الهمامي أن الساحة السياسية مبنية حاليا على ظاهرة الاستقطاب الثنائي بين حركة نداء تونس وحركة النهضة، وأنه من حق بقية الأحزاب أن تعبر عن آرائها بطرق مختلفة، ومن بينها تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين، ومحاولة كسر الطوق المضروب على معظم الأحزاب اليسارية التي أعلنت صراحة عن مناهضتها التوجه الليبرالي، الذي تنتهجه أحزاب الائتلاف الرباعي الحاكم حاليا في تونس. أما بخصوص مدى نجاح هذا الائتلاف، فقال الهمامي إن القيادات السياسية للأحزاب الخمسة ناقشت طويلا ما يجمع بينها من أفكار، وقد تبنت أرضية فكرية متفقا عليها، وهي من بين الضمانات المهمة للنجاح مستقبلا، على حد تعبيره.
يذكر أن الساحة السياسية التونسية عرفت مجموعة من تجارب الائتلاف السياسي، إلا أنها كانت مؤقتة ومحدودة الفعالية والتأثير على الخريطة السياسية، ففي سنة 2014 قاد حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، الذي يتزعمه مصطفى بن جعفر (الرئيس السابق للبرلمان)، تحالفا سياسيا بمعية حزب التيار الديمقراطي وحزب العمل التونسي، وعلى الرغم من التقارب السياسي فيما بينها فقد منيت التجربة بالفشل، وتفككت قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أجريت نهاية سنة 2014.
على صعيد آخر، أعلنت زهرة إدريس، القيادية في حزب نداء تونس وصاحبة الفندق الذي تعرض لهجوم إرهابي في مدينة سوسة الصيف الماضي، انسحابها من المكتب السياسي للنداء، وقالت أمس في تصريح إذاعي: «أجدد وفائي المطلق للباجي قائد السبسي وتقديري وإكباري للدور الذي لعبه في (نداء تونس)»، مؤكدة بقاءها ضمن الكتلة البرلمانية للنداء، وانسحابها من المكتب السياسي الذي انبثق عن المؤتمر التأسيسي لحزب النداء المنعقد في سوسة يومي 9 و10 يناير (كانون الثاني) الحالي.
في غضون ذلك، أصدر الرئيس التونسي عفوًا خاصًا عن ألف و178 سجينا، من بينهم 885 مسجونا على خلفية استهلاك المخدرات، وذلك بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخامسة للثورة، وهو أكبر عدد من المساجين الذين يتم العفو عنهم دفعة واحدة في صفوف متعاطي المخدرات.
تونس: موجة جديدة من الاستقالات تضرب الحزب الحاكم
ائتلاف من 5 أحزاب يسارية يعزز المشهد السياسي في البلاد
تونس: موجة جديدة من الاستقالات تضرب الحزب الحاكم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة