الغموض يلف هويات المعتقلات المفرج عنهن ضمن صفقة راهبات معلولا

تسع على الأقل عرفت أسماؤهن.. واستياء علوي

الغموض يلف هويات المعتقلات  المفرج عنهن ضمن صفقة راهبات معلولا
TT

الغموض يلف هويات المعتقلات المفرج عنهن ضمن صفقة راهبات معلولا

الغموض يلف هويات المعتقلات  المفرج عنهن ضمن صفقة راهبات معلولا

لم يعرف من المعتقلات السوريات الـ152 اللواتي أطلق سراحهن في صفقة مقابل الإفراج عن راهبات دير معلولا أول من أمس، سوى تسع فقط، أفرج عنهن من سجن عدرا في العاصمة دمشق بعد أن أحلن على محكمة الإرهاب. وفي حين برز اسم زوجة أحد قياديي تنظيم «جبهة النصرة» كواحدة من المعتقلات المفرج عنهن مع أولادها الأربعة، ظلت أسماء البقية مجهولة.
وعلى الرغم من أن «جبهة النصرة» التي احتجزت الراهبات لمدة ثلاثة أشهر قدمت قائمة بأسماء ما يقارب 1000 امرأة معتقلة في السجون النظامية لتبادلهن مع راهبات دير معلولا ضمن الصفقة التي جرت بوساطة لبنانية - قطرية، إلا أن «السلطات الرسمية في دمشق لم توافق على الإفراج سوى على 152 سجينة»، بحسب ما أكد رئيس «الرابطة السورية لحقوق الإنسان»، عبد الكريم ريحاوي لـ«الشرق الأوسط»، موضحا أن «النظام السوري نفى وجود بعض الأسماء في سجونه، ما يعني أن هؤلاء قد تعرضن للموت تحت التعذيب». وأشار الريحاوي إلى «وجود شهادات موثقة تؤكد موت أكثر من 10 سجينات بشكل يومي في سجن الفرع 215 في دمشق، نتيجة التعذيب وسوء الأوضاع الإنسانية».
ولفت الحقوقي السوري إلى «صعوبة الحصول على معلومات حول هوية المعتقلات المفرج عنهن ضمن صفقة التبادل مع الراهبات في الوقت الحالي بسبب عدم وجود ممثل عن المعارضة يمكن التواصل معه». وأشار في الوقت نفسه إلى توثيق أسماء تسع معتقلات أفرج عنهن أول من أمس، من سجن عدرا في دمشق، هن رويدة كنعان وقمر الخطيب ورندا الحاج عواد وزاهية عبد النبي وياسمين البلشي ودلال الكردي وحورية عياش وهنادي الحسين ومجدولين الباير. ورجح الريحاوي أن «تكون معظم المعتقلات المفرج عنهن قد خرجن من الفروع الأمنية الموجودة في العاصمة دمشق».
وكانت وكالة الأنباء الألمانية نقلت عن مصدر حقوقي أمس تأكيده إطلاق سراح معتقلات من سجون النظام السوري.
وأوضح المصدر وهو محام وناشط في حقوق الإنسان، فضل عدم الكشف عن اسمه، أنه أطلق «سراح الكثير من المعتقلات اللواتي تتم محاكمتهن أمام محكمة الإرهاب في إطار عملية تبادل». ولفت إلى أن «المعتقلات اللواتي أفرج عنهن في محكمة الإرهاب لسن الوحيدات ضمن المفرج عنهن بإطار الصفقة».
ونشر الناشط الإعلامي، هادي العبد الله الذي واكب عملية التبادل صورة على صفحته على «فيسبوك» قال إنها تعود لبعض المعتقلات المفرج عنهن. كما نشر صورة ثانية لطفلة تدعى هاجر (7 سنوات) قال إنها كانت محتجزة في السجون النظامية منذ ستة أشهر وأطلق سراحها ضمن الصفقة، ما يثبت أن من بين المفرج عنهن عددا من الأطفال.
ويحتجز النظام السوري في سجونه، بحسب تقارير حقوقية أكثر من سبعة آلاف امرأة بتهم تتعلق بمشاركتهن بنشاطات لدعم المعارضة. وبث ناشطون مقطعا مصورا على موقع «يوتيوب» يظهر جانبا من عملية تبادل الراهبات مع الأمن اللبناني في منطقة عرسال شرق لبنان، وتسلم عدد من المعتقلات من قبل مقاتلي المعارضة.
وبحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفرج عن امرأة وأبنائها الأربعة كانوا معتقلين لدى النظام ووصلوا إلى يبرود، واصفا الإفراج عن هؤلاء الخمسة بأنه كان «عربون حسن نية» من جانب السلطات السورية، في حين أشارت تقارير إعلامية إلى أن هذه «المرأة هي زوجة قيادي في جبهة النصرة». وأوضح المرصد أن «أربع حافلات تقل 150 معتقلة وصلت الحدود اللبنانية – السورية في إطار صفقة التبادل».
وفي سياق متصل، ظهر استياء شديد داخل أوساط الطائفة العلوية التي تدعم النظام السوري ويتحدر منها الرئيس بشار الأسد بعد عملية التبادل التي أفضت إلى الإفراج عن راهبات معلولا، بسبب موافقة النظام على عمليات تبادل مختطفين إيرانيين أو لبنانيين، مقابل الإفراج عن معتقلين ومعتقلات في سجونه، ورفضه عمليات تبادل مختطفين مدنيين من أبناء الطائفة العلوية، بحسب ما أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، ناقلا عن أحد أهالي الأسرى العلويين قوله: «على ما يبدو أن حزب الله والإيرانيين، هم أهم من أبنائنا لدى النظام».
وتحتفظ كتائب المعارضة لا سيما الإسلامية منها بعدد كبير من الأسرى العلويين الذي كانوا يقاتلون ضمن الجيش النظامي أو قوات الدفاع الوطني الموالي له، إلا أن بعض الأسرى هم من المدنيين العلويين احتجزتهم كتائب المعارضة خلال معاركها مع القوات النظامية في مناطق عدرا العمالية بريف دمشق وقرى ريف اللاذقية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.