نتنياهو: وثائق واعترافات البحارة تثبت تورط طهران في سفينة الأسلحة

قال إن العالم الذي لا ينتقد إيران «منافق ومتلون»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعالون يتفقدان في إيلات، أمس، الأسلحة التي أكدا أنها إيرانية وسورية (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعالون يتفقدان في إيلات، أمس، الأسلحة التي أكدا أنها إيرانية وسورية (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو: وثائق واعترافات البحارة تثبت تورط طهران في سفينة الأسلحة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعالون يتفقدان في إيلات، أمس، الأسلحة التي أكدا أنها إيرانية وسورية (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعالون يتفقدان في إيلات، أمس، الأسلحة التي أكدا أنها إيرانية وسورية (أ.ف.ب)

في ميناء القاعدة العسكرية لسلاح البحرية الإسرائيلي في إيلات، عرضت، أمس، كمية كبيرة من السلاح والذخيرة التي سيطر عليها الجيش الإسرائيلي الأربعاء الماضي على ظهر السفينة «كلوس سي» قرب السودان.
شاهد مئات من الصحافيين والدبلوماسيين والمُلحَقين العسكريين عشرات الصواريخ من نوع «m-302»، ومئات القاذفات وعشرات آلاف الذخائر في مكان العرض الذي وصله «بشكل استعراضي» رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في محاولة «لكشف وجه إيران الحقيقي»، كما دأب على القول خلال الأيام القليلة الماضية.
وقال نتنياهو على خلفية مشهد الصواريخ والقذائف التي عرضت على مساحة واسعة «أود أن أهنئ الجيش الإسرائيلي لعمله العظيم، وأود أن أهنئ الموساد كذلك على إيقاف السفينة مع كل هذه الأسلحة التي كانت تحملها». وأضاف «لو كانت هذه الأسلحة وصلت إلى المنظمات الإرهابية في قطاع غزة لكانت أدت إلى عدد كبير من الضحايا بين مواطنينا. هذه الأسلحة كان من الممكن أن تصل إلى القدس وتل أبيب وحتى حيفا».
وحمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بشدة على المجتمع الدولي، قائلا «هناك جهات لا ترغب في أن ترى ما يحدث حقا في إيران، ولا تريد لنا كشف وجهها الحقيقي وراء البسمات المزيفة، بل هي تسعى إلى تشجيع الوهم وكأن إيران غيرت من سياستها». وأضاف «هناك في المجتمع الدولي أشخاص يفضلون أن لا نقف هنا ونظهر الواقع، لا يريدون أن يعترفوا بان النظام الإيراني عنيف وتعسفي ولم يتخل عن جهوده لدعم الإرهاب». وتابع نتنياهو قائلا «المجتمع الدولي يحاول أن يزيح نظره عن العمليات الإجرامية التي تمارسها إيران؛ المذابح التي تتسبب بها في سوريا، وإرسال إرهابيين للقارات الخمس، ودعمها لمنظمات إرهابية في قطاع غزة، ناهيك عن اغتيالها مواطنين ومعارضين إيرانيين». وأكد «المجتمع الدولي يريد تجاهل الحقيقة.. رأينا ابتسامات عديدة وأيدي لمسؤولين ممثلين لهذا المجتمع (في إشارة إلى مسؤولية السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون) تصافح النظام ومسؤولين إيرانيين، في نفس اللحظة التي كنا نبحر فيها في هذه الأسلحة ونحتجزها هنا في إيلات».
وعد نتنياهو موقف المجتمع الدولي إزاء إيران بـ«النفاق الخطير»، وقال «إذا بنينا شرفة في القدس فإن هذا يعرضنا إلى انتقاد شديد، وهذا ليس فقط نفاقا.. هذا نفاق خطير لأن المجتمع الدولي لا يزال يوهم نفسه بأن إيران تخلت عن مشروعها النووي، بينما هي تواصل عملية تمويه كبيرة في صفقات الأسلحة كما جرى في تلك السفينة». وأضاف «هنا توجد صواريخ بعيدة المدى، وفي المرة القادمة قد نشهد تهريب أسلحة نووية قد تطال كل موانئ العالم». وأردف «لا يمكن أن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي».
وأكد نتنياهو أن وثائق الشحن «المزورة» على متن السفينة واعترافات بعض البحارة، بتحميل الأسلحة من ميناء بندر عباس الإيراني، يثبت تورط طهران بسفينة الأسلحة. وقال «عندما رأينا وثائق الشحن الأصلية والزائفة، تبين لنا كيف تحاول إيران إخفاء شحن هذه الأسلحة من أراضيها». وأَضاف «كما أن عددا من العمال على ظهر السفينة اعترفوا بأنهم حملوا هذه الأسلحة من ميناء بندر عباس الإيراني».
وتابع نتنياهو «لكن كما جرت العادة ينفي المسؤولون الإيرانيون ذلك، ويقف وزير الخارجية الإيراني (محمد جواد ظريف) ويقول إن هذه أكاذيب وتلفيقات». وأكد «إيران هي التي تكذب. أجهزة استخباراتنا درست مسار السفينة والطريقة التي حاولت فيها إيران إخفاء هذا المسار وطبيعة الشحنة، وكان هناك تعاون وطيد مع الأجهزة الاستخبارية الأميركية وجرى التأكد من كل هذا». وقال نتنياهو إن «الحاكم الحقيقي لإيران ليس الرئيس المبتسم (حسن) روحاني وإنما (المرشد الأعلى علي) خامنئي هو الزعيم الحقيقي والذي يسعى لتدمير إسرائيل».
وبدأ الجيش الإسرائيلي في عرض مجموعة الأسلحة التي ضبطت على ظهر السفينة «كلوس سي» في وقت مبكر لوسائل الإعلام، قبل أن يصل نتنياهو إلى المكان ويتفقد الأسلحة ويستمع إلى شرح عنها برفقة وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون، ونائب رئيس هيئة الأركان غادي ايزنكوت وقائد سلاح البحرية الميجور جنرال رام روتبيرغ.
وعرض الجيش الإسرائيلي 40 صاروخا من نوع «m 302» ويصل مداها من 90 إلى 160 كيلومتر، إضافة إلى 181 قذيفة هاون، و400 ألف رصاصة عيار 7.62 ملم.
وقدم ضابط إسرائيلي رفيع توضيحات حول الأسلحة ورسومات عرضت في المكان لخط سير وضبط السفينة والوثائق التي عثر عليها داخلها. وشرح ضابط إسرائيلي للحضور «الصواريخ من صناعة سورية، ومقدار حجم الأضرار الذي يمكن أن تخلفه مشابه للأضرار التي خلفتها صواريخ (فجر 5) التي أطلقت باتجاه إسرائيل خلال عملية (عمود السحاب)، لكن عمليات الدمار هنا ستكون أعنف وأكبر». وأَضاف «بعض الأسلحة والقذائف المنتشرة هنا هي من صناعة إيرانية، وهي تحمل علامات خاصة إيرانية، وهذا أفضل دليل على علاقة هذا السلاح بإيران».
واتهم يعالون إيران بأنها «أكبر مصدر للإرهاب في العالم، وأنها تؤجج نار النزاعات في كل أنحاء الشرق الأوسط». وأَضاف «النشاط الإرهابي الإيراني لا يقتصر على الشرق الأوسط فحسب، إذ إنها تستخدم السفن والبريد الدبلوماسي وطرق أخرى لنقل المتفجرات إلى دول أخرى، منتهكة بذلك القانون والأعراف الدولية».



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».