أثار مقطع الفيديو الذي أصدره تنظيم داعش الإرهابي الأسبوع الماضي، والذي وجه فيه رجلا ملثما تهديدا مباشرا لبريطانيا، جدلا واسعا في الأوساط السياسية والأمنية، ذلك بعد أن تبين أن المشتبه به الرئيسي في المقطع لندني كانت ميوله المتشددة معروفة لدى أجهزة الأمن.
وكشفت مصادر مطلعة لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن ملثم مقطع «داعش» الذي أظهره، وآخرين، وهم يعدمون 5 أسرى بتهمة التجسس لصالح بريطانيا، هو بريطاني من لندن يدعى سيدارتا دار (أبو رميثة)، وهو هندوسي اعتنق الإسلام قبل عدة سنوات. وانهالت الانتقادات والتساؤلات على وزارة الداخلية و«سكوتلاند يارد» خلال الأيام القليلة الماضية حول كيفية «هرب» دار (32 عاما) بعد أن اعتقل 6 مرات مختلفة على خلفية التطرّف والإرهاب.
وأفرج عن دار بكفالة في سبتمبر (أيلول) 2014، وأعطته السلطات مهلة لتسليم جواز سفره، إلا أنه استغل الفرصة لمغادرة البلد برفقة زوجته الحامل وأطفاله الأربعة. وانتقد نواب بريطانيون، وفي مقدمتهم أندي بورنهام وزير الداخلية في حكومة الظل، فشل الجهات الأمنية المختصة في منع دار من السفر وفي تأمين حدود البلاد، إذ أفادت تقارير أنه وعائلته استقلوا حافلة باتجاه فرنسا، بعد إطلاق سراحه بكفالة و6 أسابيع قبل انتهاء المهلة التي حددتها الشرطة لتسليمه جواز سفره.
وفي رد على موجة الانتقادات الحادة التي وجهت لها، وصفت تيريزا ماي، وزيرة الداخلية البريطانية، المقطع المصور بـ«الوحشي»، رافضة التعليق على قرار الإفراج عن دار باعتباره جزءا من «تحقيق لا يزال جاريا».
وازدادت حدة الضغوط على الحكومة، أمس، بعد أن تناقلت وسائل إعلام محلية أنباء حول مغادرة 5 عناصر متطرفة، كانت على علاقة بدار، للانضمام إلى «داعش» خلال العشرين شهرا الماضية، رغم كونهم موقوفين سابقين أو على لوائح المراقبة الأمنية أو سحبت السلطات جوازات سفرهم. وقال كيث فاز، رئيس لجنة الشؤون الداخلية الخاصة في البرلمان، إن «الفشل الأمني هنا واضح»، في إشارة إلى «العدد المذهل من المتطرفين المعروفين لدى السلطات الذين تمكنوا من المغادرة إلى سوريا»، على حد قوله. وأضاف فاز متعهدا بإثارة القضية مع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، أنه «لا جدوى من احتفاء الحكومة بسياسة مراقبة 100 في المائة من الأشخاص الذين يغادرون البلاد، إن كان المشتبهون بهم قادرين على الرحيل بسهولة (رغم التدابير الأمنية)».
وظهر بريطانيان اثنان على الأقل من الذين ينتمون إلى جماعة «المهاجرون» المحظورة، التي ينتمي إليها «أبو رميثة»، في صور تداولتها حسابات تنظيم داعش على وسائل التواصل الاجتماعي. ومن بين هؤلاء، عزيز أبو راهين من مدينة لوتن شمال لندن، الذي ظهر إلى جانب حطام طائرة على صورة رافقتها رسالة تهديد بقطع رؤوس طيارين بريطانيين. ونقلت صحيفة «الإندبندنت» عن مصادر أن 3 آخرين من الجماعة نفسها تمكنوا من الانضمام إلى «داعش»، فضلا عن بريطانيين آخرين هما سايمون كيلر وتريفير بروكس اللذان انتهت رحلتهما باتجاه سوريا في هنغاريا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2014.
في سياق متصل، تداولت تقارير إخبارية أن «داعش» يستعين بعلماء وخبراء أسلحة من الغرب في تخطيطه لمعاودة شن هجمات إرهابية داخل أوروبا. وذكرت «سكاي نيوز» أنها حصلت على صور حصرية تظهر تطوير التنظيم المتطرف لنظام قادر على استهداف ركاب الطائرات المدنية، وذلك اعتمادا على «بطارية حرارية» طورها خبراء في معقل التنظيم بالرقة. وأضافت القناة أن البطارية تستخدم في تشغيل صواريخ أرض - جو.
وفيما حذرت جهات من التهديد الذي يمثله اكتساب «داعش» لأسلحة تمكن من استهداف طائرات مدنية بدقة، إلا أن رافاييلو بانتوتشي، رئيس قسم دراسات الأمن الدولي في المعهد الملكي لدراسات الأمن والدفاع، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك مستبعد، واعتبره «غير وارد، ويدخل على الأغلب في إطار دعاية التنظيم»، مشيرا إلى المستوى التقني العالي الذي يتطلبه تطوير هذه الأسلحة، وغياب بنية عسكرية في المناطق التي يسيطر عليها بسوريا.
ارتفاع الضغوط على حكومة كاميرون إثر استمرار تدفق المتشددين البريطانيين إلى سوريا
رغم تدابير أمنية مشددة على الحدود وسحب جوازات سفر بعضهم
ارتفاع الضغوط على حكومة كاميرون إثر استمرار تدفق المتشددين البريطانيين إلى سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة